قصة أبي هريرة رضي الله عنه كاملة وكيف أسلم
لا يزال يتردد اسمه على مسامعنا ليومنا هذا ويعلو ذكره في الخطب واللقاءات الدينية، وكان من أقرب الناس لرسول الله، تعرف معنا على سيرة أبي هريرة.
ما هو اسم أبي هريرة رضي الله عنه؟
اسمه في الجاهلية والإسلام: اختلُِف في اسمه وشاع له أسماء عدة منها: عبد شمس وابن غنم وعامر وعمرو وسعيد، وما يشيع منها على الأرجح هو عبد شمس وتم تغييره في الإسلام إلى عبدالرحمن بن صخر الدوسي اليماني، ابن قبيلة دوس التي كانت تقطن في الأجزاء الجنوبية من المملكة العربية السعودية آنذاك.
كنيته: وفيما يُروَى عن كنيته أنه كان يُكنَى بأبي هريرة في الجاهلية والإسلام، وسبب ذلك أنه حين كان يرعى الأغنام لأهل بيته رأى أبناء هرة صغار فأخذهم معه إلى البيت ورآه أهله وكنوه بذلك، وكان الرسول فقط يكنيه بأبي هر وبقية أصحابه وعشيرته ينادونه بأبي هريرة، وكانت كنية رسول الله أقرب لقلبه.
كيف أسلم أبو هريرة رضي الله عنه، وما موقف أمه من الإسلام؟
إسلام أبي هريرة: ولد أبو هريرة في قرى بعيدة عن مكة في (قبيلة دوس)، وقدم سيدهم المدينة المنورة ويدعى (الطفيل بن عمرو الدوسي) فخوَّفته قريش من أن يسمع لمحمد، فوضع قطنًا في أذنيه خشية أن يسمع منه، ولما لقي رسول الله أزال القطن وسمع منه فاستمع إلى القرآن وأسلم، فلما رجع إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام وقد عرف عنه الغلظة في الحديث والطبع ولم يستجيبوا له، فرجع إلى النبي وطلب منه أن يدعو على (أهل قبيلة دوس) فدعا لهم الرسول بالهداية، وأمره أن يَرفِق بهم ويلين معهم في الحديث، فرجع إلى قومه ودعاهم وعاد بعد شهر إلى المدينة ومعه ما يقرب الثلاثين شخصاً من رؤساء قومه ومنهم (أبي هريرة وأمه).
إسلام أمه: وفيما روي عن إسلام أم أبي هريرة أنها كانت تأبى الخضوع لحديثه عن الإسلام إلى أن حدثها في يوم فما كان منها إلا أن قامت بسبّ وشتم رسول الله، فذهب أبو هريرة إلى النبي وطلب منه الدعاء لها بالهداية ففعل، وعاد للدار ملتمسًا ومستبشراً بدعاء النبي فما إن هم بالدخول عليها حتى شهدها تغتسل وتنطق الشهادة على مرأى عينيه، ورجع إلى الرسول باكياً فرحًا وطلب منه الدعاء له بأن يحببه وأمه عند الناس ففعل النبي وبقيت دعوته ليومنا هذا.
لماذا يعد أبو هريرة أكثر رواة الحديث؟
يقال بأن أبا هريرة قد رَوى عن النبي والصحابة ما يتعدى الألف حديث، ويقال بأنه قد تخطى الـ 5000 حديث برغم قصر المدة التي قضاها مع الرسول والتي لا تتعدى الـ 5 سنوات، وهذا لتلك الأسباب:
- أنه كان ملازماً للنبي منذ إسلامه في عام خيبر عند قدومه للمدينة وحتى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
- وقد قال في ذلك أنه حين كان ينشغل إخوانه في المدينة في الذهاب للأسواق، كان يجلس هو مع النبي يسمع منه ويحفظ.
- وعندما زاد الحفظ عليه اشتكى لرسول الله النسيان، فأتى به النبي وجعله يبسط رداءه ثم دعا له، ويقول في ذلك أبو هريرة أنه منذ ذلك اليوم لم ينس شيئاً سمعه منه عن النبي صلي الله عليه وسلم.
- يقول أبو هريرة في حق نفسه أنه من أكثر رواة الحديث عن رسول الله إلا من عبدالله بن عمرو بن العاص، فإن عبدالله كان يكتب ما يسمع وأبو هريرة فلا يكتب وكان يعتمد على الحفظ والذاكرة.
هل كان للشيطان دور في تعليم أبي هريرة؟
في يوم من الأيام قام الناس بجمع الزكاة وأعطوها للنبي، فسأل النبي أصحابه أن يبقوها عند أحد منهم فأخذها أبو هريرة ومضى بها إلى بيته، وبينما هو نائم إذ به يسمع صوت تقليب في النقود فإذا هو بسارق ينوي سرقتها، فهمّ أبو هريرة بالإمساك به لعرضه على النبي، فترجاه ووعده بألا يعود مرة أخرى، وعند صلاة الفجر سأله النبي عن السارق فأخبره بأنه قد خلّى سبيله ووعده بأنه لن يعود مرة أخرى فأخبره النبي بأنه كاذب، وجاءت الليلة الثانية، وقد ترصد له أبو هريرة، وعندما جاء تكرر ما حدث فوعده وخلّى سبيله، وعندما التقى بالنبي في صلاة الفجر تكرر بينهما الحديث مرة أخرى وأخبره النبي بأنه كاذب وسيعود، وفي الليلة الثالثة جاء وعندما همَّ أبو هريرة بالإمساك به لعرضه على رسول الله عرض عليه بأن يعلمه كلمات ينفعه الله بهن، وكانت: (إذا أخذت مضجعك فاقرأ آية الكرسي فإنه لا يزال عليك من الله حافظ حتى تصبح)، وعندما لقي النبي في صلاة الفجر أخبره بما حدث فما كان من جواب الرسول له إلا أن قال: (صدقك وهو كذوب)، وأخبره بأنه كان ذلك الشيطان.
حيلة ودهاء من أبي هريرة للتغلب على جوعه
عرف عن أبي هريرة اليتم مع الفقر الشديد، وكان يوماً ما جائعاً وليس هناك ما يسد جوعه، فجلس على باب المسجد وما إن خرج عمر فسأله عن معنى آية في القرآن (وهو يعلمها)، وما كان يقصد بهذا الفعل إلا اصطحاب عمر له للبيت وتقديم شيء من الطعام له، ففسر له عمر الآية ولم يأخذه معه، وخرج أبو بكر فكرر نفس الفعل ولم يصحبه أيضًا، وعندما خرج رسول الله ذهب معه، وأثناء جلوسهما معاً في بيت الرسول إذ بالجيران يأتون بقدح من لبن فسُرَّ أبو هريرة وسرعان ما تحولت مشاعره عندما أخبره الرسول بأن يأت بأهل الصُّفَّة وكانوا قوماً يسكنون قُرْب المسجد وعرف عنهم الفقر الشديد، فأتى بهم إلى النبي فأمره بأن يمرر عليهم القدح حتى يرتووا، فشربوا جميعًا وبعدما فرغوا أمره الرسول بأن يشرب فشرب، فأمره بأن يشرب مرة أخرى، وتكرر هذا الأمر منه حتى اشتكى إلى الرسول امتلاء بطنه، فأخذ الرسول القدح وشرب ما تبقى.
هل قام عمر بن الخطاب بضرب أبي هريرة؟
ذات يوم بَعَث النبي أبا هريرة بنعليه ليبشِّر بالجنة كل من لقيه يشهد أن لا إله إلا الله، فكان أول من رأى عمر بن الخطاب فأخبره بما قال النبي فما كان منه إلا أن أخذ النعلين وضربه بهما على صدره مستنكراً منه ما يبلِّغ به، وعندما عاد أبو هريرة إلى النبي يشكي له تصرف عمر جاهشًا بالبكاء، فسأل النبي عمر فما كان منه إلا أن بَّرر بأنه خائف على أمة الإسلام من الضياع وعلى أن يركنوا إلى نطق الشهادتين دون العمل بما جاء في الكتاب والسنة، وكان معروفاً هذا التصرف بين الصحابة إلا أنه كان جديداً على أبي هريرة واستنكره من عمر.
ما قيل في خُلُق أبي هريرة رضي الله عنه
شاع عن أبي هريرة الكثير من الصفات الخُلُقية والتي تميز بها معظم الصحابة والتابعين، ومن هذه الصفات:
- التواضع الشديد.
- الورع والخوف من الله عز وجل، وكذلك التقوى.
- كثرة العبادة لله من صلاة وصوم وزكاة وغير ذلك من العبادات.
- تَوَقُّد الذهن وشدة الاستيعاب، وظهر ذلك جلياً في روايته للأحاديث.
- كريماً للضيف، طيب الأخلاق مع أهله ومع الناس.
وفاة أبي هريرة
ذكر أنه تولى ولاية البحرين في عهد عمر بن الخطاب، وكذلك سُنِدت إليه إمارة المدينة المنورة التي بقي فيها لسنوات يحدِّث عن رسول الله، وتعددت تواريخ وفاته فقيل بأنه توفي في وقت بين عامي 57 و 59 للهجرة في وادي العقيق ثم تمَّ حمله إلى المدينة المنورة، وصلى عليه أميرها الوليد بن عتبة وتم تشعييه من قبل الكثير من الصحابة منهم عبدالله بن عمر وأبي سعيد الخدري، وتم دفنه في البقيع بعد أن أوصى صحابته بعدم النياح عليه، وبعد أن تصدق بداره في ذي الحليفة على الموالي.
وفي نهاية حديثنا عن هذه الشخصية الجليلة نود التنويه عن تكريم الخليفة معاوية بن أبي سفيان حين بلغه الوليد بن عتبة بوفاة أبي هريرة فأمره بإحصاء ورثته وإعطاء كل منهم 10 آلاف درهم مع حسن جوارهم، فرضي الله عن أبي هريرة وجزاه عن أمة الإسلام خير الجزاء.
بقلم: شيماء طلخان.