ماهي أرض كنعان وأين تقع ومعلومات عن تاريخها
أرض كنعان من الأراضي المقدسة التي ذُكرت في التاريخ والكتاب المقدس وتمت الإشارة إليها في القرآن الكريم، لذلك فهي من أكثر الأراضي شأناً ومطمع للكثيرين.
ما هي أرض كنعان؟
هي الأرض التي وعد الله نبيه إبراهيم أن يعطيها لنسله، وفي الكتاب المقدس وُصف الكنعانيون بأنهم شعب عنيف وعدده كبير ولا يمكن هزيمته بسهولة، ولذلك كان الإسرائيليين في أمس الحاجة إلى المعونة الإلهية ليستطيعوا هزيمتهم ولكي يستولوا على أرضهم، وهذه المعونة التي وعد الله بها أنبيائه موسى ويشوع، ويتحدث سكان أرض كنعان باللغة السامية، ويعتقد الباحثون أنهم استمدوا هذه اللغة ممن سبقوهم في نفس المنطقة، كما عثر الباحثون على مواقع أثرية يرجع أصلها لفترة الكنعانيين، كما اكتشفوا وجود أسماء كنعانية لها أصول مستمدة من “اللغة الحورو-أوراتية” وهي كانت موجودة لدى القوقازيين، بالإضافة إلى ذلك قام الكنعانيون في الفترة الزمنية من القرن السابع قبل الميلاد حتى القرن الرابع قبل الميلاد.
موقع أرض كنعان
قد كان يعتقد معظم الأشخاص أن أرض كنعان هي فلسطين فقط، ولكن الحقيقة أنها تشمل حالياً فلسطين ولبنان مع إسرائيل مضافاً إليهم بعض الأجزاء من سوريا والأردن، وتقع على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وتمتد من لبنان حتى وادي مصر في الجنوب وإلى وادي نهر الأردن في الشرق، وتُسمى هذه المنطقة في الكتاب المقدس بأرض كنعان، وقد كانت كنعان من المناطق السياسية ذات الأهمية العالية في فترة العصر البرونزي المتأخر، وهذا أيضاً في حقبة العمارنة، أي في الفترة التي كان بها خلاف على هذه المنطقة من الإمبراطورية الرومانية.
ما سبب تسمية الكنعانيون بهذا الاسم؟
إن الكنعانيين من أقدم من هاجروا إلى بلاد السام تقريباً عام 2800 قبل الميلاد من شبه الجزيرة العربية، حتى قاموا بتأسيس بعض المدن في جنوب فلسطين، وبدأوا بعد ذلك أن ينتشروا في سوريا ولبنان، وقد اختلف الباحثون حول سبب تسمية الكنعانيين بهذا الاسم ومنهم من يرى أن سبب تسميتهم يرجع إلى نسبهم مع كنعان بن حام بن نوح عليه السلام، ومنهم من يرى أن سبب التسمية يرجع إلى كلمة كنع التي تعني في اللغة العبرية الأرض المنخفضة، كما يَعتقد البعض أن اسم كنعان مشتق من كلمة تدل على اللون الأرجواني الأحمر باللغة السامية وهو يكون لون الصبغة التي يُعرف أنها تُنتَج في هذه المنطقة.
من هم الكنعانيون؟ وما نسَبَهم؟
اختلف الباحثون أيضاً في نسب الكنعانيون حيث كان يوجد عدة أراء ومنها ما يلي:
- أنهم ينتسبون إلى كنعان بن حام بن نوح عليه السلام كما أطلق عليهم الحامية.
- أنهم ينتسبون إلى الساميين الذين قدموا من وسط الجزيرة العربية ومن أفريقيا بعد مرورهم على مصر، وهذا ضمن الهجرات المتوالية التي حدثت وقاموا بالعيش في بلاد الشام.
- أعتقد “استرابون الجغرافي الشهير” أن أصولهم تعود إلى الخليج العربي، وهذا بسبب وجود معابد ومدن في الخليج العربي يطلق عليها نفس الأسماء الموجودة داخل المدن الكنعانية المعروفة.
- وقام المؤرخ اليوناني “هيرودوت” بالشك أن أصولهم تعود للساحل الإريتري وهذا يعني البحر الأحمر.
- قام المؤرخ “فيلون الحبيلي” باعتقاد أن أصل الكنعانيون يعود للساحل السوري.
- وأيضًا يعتقد “ابن حيان” أن الكنعانيون أصولهم من منطقة حران وملوكهم يكونوا النماردة.
كما كان يوجد صراعات وحملات بين المدن الكنعانية والمدن المصرية ولكن بسبب تقاطع الطريق التجاري بينهم قاموا بالتخفيف من وتيرة هذه الحملات إلى أن قام الكنعانيون بالاستيلاء على الدلتا في مصر وقاموا بتأسيس سلالة تُدعى باسم سلالة الهكسوس (أو ملوك الرعاة) مما أفاد ذلك في جعل المنطقة غنية بالمعلومات والآثار التاريخية والفنية، كما قاموا بتطوير النظام الأبجدي الذي تناقلته بعد ذلك المدن الفينيقية، وكانت اللغة الأساسية لدى الكنعانيين هي اللغة العبرية.
العصور التي مرت على أرض كنعان
توالت العصور على أرض كنعان وتركت آثارها وبصماتها ومنها:
العصر الحجري
وهو العصر الذي تم فيه اكتشاف الكثير من الحفريات والآثار التي تدل على التجمعات السكنية فيه، وكذلك كان يوجد به آثار للحياة الزراعية في مدينة أريحا في حوالي العام 8000 قبل الميلاد.
العصر الحجري الحديث
شهد هذا العصر انتشاراً للكنعانيين في القرى والمدن، وهذا في الفترة من 7000 عام قبل الميلاد حتى عام 4000 قبل الميلاد، وفي الفترة التي تليها أي من عام 4000 قبل الميلاد حتى عام 3000 قبل الميلاد قاموا باستخدام النحاس، الفخار والخزف، كما كانوا يعيشون في منازل من الحجارة غير المصقولة، والجدران المصنوعة من الطين.
العصر البرونزي
بدأت فيه الشعوب السامية في الظهور لأول مرة في أرض كنعان، وهذا خلال الفترة من عام 3000 قبل الميلاد حتى عام 2000 قبل الميلاد.
العصر البرونزي الأوسط
وهذا العصر استمر في الفترة من عام 2000 قبل الميلاد حتى 1550 قبل الميلاد، وقد أصبح فيه العموريون الساميون القادمون إلى أرض كنعان من الشمال الشرقي هم العنصر الأكثر والسائد فيها.
العصر البرونزي المتأخر
وفي هذا العصر كانت السلطة بيد المصريين، وبعد ذلك في عام 1250 قبل الميلاد قام الإسرائيليون بالدخول إلى أرض كنعان وقاموا باحتلالها.
الديانة في أرض كنعان
لم يكن هناك ديانة واحدة وذلك لأنهم لم يكونوا ينتمون إلى مجموعة عرقية واحدة، ولذلك كانوا يعبدون مجموعة متنوعة من الآلهة ومنهم:
- الآلهة إيل.
- الآلهة أشيرا.
- الآلهة بعل.
- الآلهة يهوه الذي يعد إله المعادن الكنعانية.
- الآلهة أوتو شمش وهو من الآلهة السومرية.
وكان لديهم بعض الطقوس الدينية الغريبة ومنها التضحية بالبشر وبشكل خاص التضحية بالأطفال، وهذا لاعتقادهم أن الآلهة قد منحوا البشر أفضل ما لديهم، ولهذا يريدون إهداء الآلهة بأفضل ما لديهم أيضًا، ومن الطقوس الدينية التي يقومون بها أيضاً ما يلي:
الاغتسال والتطهر
كانوا يقومون بعملية الاغتسال من خلال أربعة أشياء وهي:
- الماء، حيث يجب الاغتسال يومياً وخاصةً بعد الحرب.
- الزيت، وغالباً ما يقوم الملك بالاغتسال به قبل استلامه للحكم.
- النار، وهي تعتبر من الوسائل العظيمة للتطهر لدى الكنعانيين وقد استعملوها أيضاً في تطهير الذبائح.
- الصلاة.
الأعياد
وقد كان لديهم مجموعة من الأعياد ومنها:
- عيد الأدونيات.
- عيد الهفريس.
- أعياد الرشف.
- أعياد ياشمون.
دق الطبول
وقد كان طقس تطهيري يستخدمونه من أجل طرد الأرواح الشريرة.
نظام الحكم في أرض كنعان
قد كان نظام الحكم يعتمد على نظام الوراثة من حاكم لأخر، ويقوم الحاكم بالاهتمام بإدارة المدينة ونفوذ الحياة بشكل عام وغالباً ما يكون كاهن، كما يقوم بمساعدته كبار رجال المدينة والأثرياء ممن يُطلق عليهم مجلس الشيوخ وهو مجلس له السلطة في اتخاذ القرارات عند غياب الملك عن البلاد، كما أن كنعان كانت مطمع لدول عظمى كثيرة بالرغم من عدم اهتمامهم بالتوسعات أو السيطرة العسكرية على البلاد، بالإضافة إلى ذلك قام الكنعانيون ببناء مستعمرات تجارية غير معادية في بعض المناطق القريبة ومنها “قبرص” وهذا بسبب ضيق المساحة داخل أراضيهم.
غزو مصر على أرض كنعان
قامت مصر بالغزو على بلاد كنعان في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وهذا في فترة حكم الأسرة السادسة عشر المصرية، وقامت مصر بالانتصار واستعمرت البلاد الكنعانية لمدة تصل إلى حوالي اثني عشر قرنًا تحت إشراف القائد “وني” الذي يُقال أن جيشه كان يصل إلى عشرات الألوف في هذه الفترة، وقد كان سبب الغزو هو لتهديد مصالح مصر التجارية في المنطقة التابعة للشام، وقاموا بالهجوم على كنعان عام 1468 قبل الميلاد في معركة مجدو بقيادة تحتمس الثالث، وتعتبر هذه المعركة من أولى الحملات الحربية لتحتمس في مقابل مواجهة جيش الكنعانيون المكون من 350 دويلة كنعانية بالإضافة إلى أمير الحلف الذي قام بتجميعهم وهو الأمير “على العاصي” المعروف بأمير قادش، وقد استسلم جيش الكنعانيون بعد حصار المصريين لهم ولمدينة مجدو لمدة سبعة أشهر متتالية.
الوظائف التي عمل بها الكنعانيون
كان الكنعانيون قد أظهروا براعتهم في التجارة البحرية، وكان نشاطهم التجاري يمتد لجميع المناطق المطلة على البحر المتوسط من كافة الجهات، ولذلك كانوا في فترة من الزمن يُطلق عليهم بأنهم محتكرين التجارة وأنهم من سادات البحر الأبيض المتوسط، وذلك مع زيادة قدراتهم الملاحية ومغامراتهم الكثيرة التي قامت بشمول مضيق جبل طارق.
كما كان يعمل الكنعانيون بالزراعة وبشكل خاص في بلدة تُدعى “أريحا” وهذا حوالي في 8000 عام قبل الميلاد وهذه المدينة تُعد أقدم مدينة في التاريخ، وبعد ذلك انتشرت الزراعة في المدن والقرى وخاصةً في الفترة النيلية من كل حقبة، وتم تعريف هذا بالعصر الكلداني الذي كان يتميز بشكل كبير بمجموعة من المصنوعات مثل الفخار، النحاس والمنازل المبنية من الحجارة والطوب الطيني.
وأيضاً كانت مدينة “جبيل” تُصنع ورق البردي وتعطيه للمدن المجاورة وكانت أيضاً تنتج الملابس الملونة وخاصةً باللون الأرجواني، ومع تطورهم في مجال التجارة وتحقيقهم لجودة أعلى في المنتجات فأصبحوا يحتكرون تجارة المنسوجات في هذه الفترة.