أجمل قصائد و أشعار محمود درويش
أعذبُ الكلمات وأروعُ الأبيات، تلك التي دوّنها شاعر المقاومة الفلسطينية، إنها أشعار محمود درويش التي تملأ القلب والروح بفيض من المشاعر الجياشة.
أجمل أشعار محمود درويش
هُناك العديد من أشعار محمود درويش عن الأمل، عن الحب، وعن الحياة، فما ترك محمود درويش باباً إلا وطرقه من خلال أشعاره، لتكون خالدة لسنوات طوال بعد موته، تتناقلها الأجيال فيما بينها ونستمتع بالتعرف عليها، لذا لنتناول أبيات قصيدة من روائع أشعار درويش، والتي تحمل عنوان (إدمان الوحيد) حيث تحدثت عن أم كلثوم، لذلك هيا بنا نرى كوكب الشرق في عينيّ وأشعار درويش إذ قال عنها:
أستمع إلى أم كلثوم كل ليلة منذ،
كان الخميس جوهرتها النادرة، وسائر الأيام،
كالعقد الفريد، هي إدمان الوحيد،
وإيقاظ البعيد على صهيل فرس لا تروض،
بسرج ولجام نسمعها معا فنطرب واقفين،
وعلى حدة فنظل واقفين … إلى أن تومئ،
لنا الملكة بالجلوس فنجلس على متر من،
ريح، تقطعنا مقطعاً مقطعاً بوتر سحري،
لا يحتاج إلى عود وكمان، ففي حنجرتها،
جوقة إنشاد وأوركسترا كاملة، وسر،
من أسرار الله، هي سماء تزورنا في،
غير أوقات الصلاة، فنصلي على طريقتها،
الخاصة في التجلي، وهي أرض خفيفة،
كفراشة لا نعرف إن كانت تحضر أم،
تغيب في قطرة ضوء أو في تلويحة،
يد حبيب، لآهتها المتلألئة كماسة،
مكسورة أن تقود جيشا إلى المعركة،
ولصرختها أن تعيدنا من التهلكة سالمين،
ولهمستها أن تمهل الليل فلا يتعجل قبل،
أن تفتح هي أولا باب الفجر، لذلك،
لا تغمض عينيها حين تغني لئلا ينعس،
الليل، هي الخمرة التي تسكرنا ولا تنفذ،
الوحيدة الوحيدة سعيدة في مملكتها،
الليلية،،، تجنبنا الشقاء بالغناء، وتحبّبنا،
إلى إحدى حفيدات فرعون، وتقربنا من،
أبدية اللحظة التي تحفرها على جدار معبد،
ينصاع فيه الهباء إلى شيء ملموس، هي،
في ليلنا مشاع اللا أحد، منديلها،
ضابط إيقاعها، بيرق لفيلق من عشاق،
يتنافسون على حب من لا يعرفون،
أما قلبها، فلا شأن لنا به،،، من،
فرط ما هو قاس ومغلق كحبة جوز يابسة!.
أروع أشعار محمود درويش عن الحب
على الرغم من أن محمود درويش كان وطنياً بصورة كبيرة، لكن لم يشغله حب الوطن عن أن يكون رومانسياً يغرق في أروع قصص الحب فيكتب لنا أعذب الأبيات، لذا لنستمتع بالتعرُّف على قصيدة من أجمل أشعار محمود درويش التي تتحدث عن فراق الأحبة، والتي تحمل عنوان (في الرحيل أحبك أكثر):
في الرَّحيل الْكبير أُحبك أَكْثَرَ، عَمّا قَليلْ،
تُقْفلين الْمدينة، لا قلب لي في يديْك، وَلَا،
دَرْب يَحْمِلُني، في الرَّحيل الْكبير، أَحبك أَكْثرْ،
لا حليب لرُمّان شُرْفَتنا بعد صَدْرِكِ، خفَّ النَّخيلْ،
خَفَّ وَزْنُ التَّلال، وخَفّتْ شوارِعُنا في الأَصيلْ،
خَفتَّ الأَرْضُ إِذْ وَدَّعَتْ أَرْضها، خَفَّت الْكَلِمَاتْ،
والْحِكاياتُ خفَّت على دَرَج اللَّيْلِ، لكنَّ قلْبي ثقيلْ،
فاتْرُكيهِ هُنا حوْل بيْتك يعوي وَيَبْكي الزَّمان الْجميلْ،
ليْس لي وَطنٌ غَيْرُهُ، في الرَّحيل أُحبُّك أُكْثَرْ،
أفْرغُ الرّوح منْ آخِر الْكلمات: أُحبُّك أَكْثَر،
في الرحيل تَقودُ الفراشات أَرْواحَنا، في الرَّحيلْ،
نتذكَّرُ زر الْقميص الَّذي ضاع منّا، ونَنْسى،
تاجَ أَيّامنا، نتذكَّرُ رائحة الْعرق الْمِشْمَشِيِّ، ونَنْسَى،
رقْصة الْخيْل في ليْل أَعْراسِنا، في الرَّحيلْ،
نتساوى مع الَّطيْرِ، نَرْحَمْ أَيّامنا، نكْتفي بالْقَليلْ،
أَكْتَفي منْك بالْخَنْجَر الذَّهبيِّ، يُرَقِّص قَلْبِي الْقتيلْ،
فاقْتُليني، على مَهَلِ، كَيْ أُقول أُحبُّك أُكْثَرَ ممّا،
قُلْتُ قبل الرحيل الْكبير، أُحبُّك، لا شَيْءَ يوجِعُنِي،
لا الْهواء، ولا الْماءُ،، ولا حَبَقٌ في صباحكِ، لَا،
زنْبقٌ في مَسائك يُوجِعُنِي بَعْدَ هذا الرَّحِيلْ.
أشعار محمود درويش عن الوطن
لأن محمود درويش كان يحب وطنه حباً جماً، يفرح لانتصاره ويحزن لنشوب الحروب به، لم يتوانى في أن يذكره في أجمل أشعاره، فها هي قصيدة (يوميات جرح فلسطيني) تُحدثنا عما كان يشعر به محمود درويش تجاه ما يحدث بوطنه، فهي من أجمل وأعذب أشعار محمود درويش.
نحن في حلِّ من التذكار،
فالكرمل فينا،
وعلى أهدابنا عشب الجليلِ،
لا تقولي: ليتنا نركض كالنهر إليها،
لا تقولي!،
نحن في لحم بلادي،، وَهْيَ فينا!،
لم نكن قبلَ حزيرانَ كأفراخ الحمام،
ولذا، لم يتفتَّتْ حبنا بين السلاسلْ،
نحن يا أُختاه، من عشرين عام،
نحن لا نكتب أشعاراً،
ولكنا نقاتل،
ذلك الظل الذي يسقط في عينيك،
شيطان إله،
جاء من شهر حزيران،
لكي يعصب بالشمس الجباهْ،
إنه لون شهيد،
إنه طعم صلاهْ،
إنه يقتل أو يحيي،
وفي الحالين! آه!،
أوَّلُ الليل على عينيك، كان،
في فؤادي، قطرةً من آخر الليل الطويل،
والذي يجمعنا، الساعة في هذا المكان،
شارعُ العودة،
من عصر الذبول،
صوتك الليلةَ،
سكينٌ وجرحٌ وضمادُ،
ونعاس جاء من صمت الضحايا،
أين أهلي؟،
خرجوا من خيمة المنفى، وعادوا،
مرة أُخرى سبايا،
كلمات لم تصدأ، ولكن الحبيبْ،
واقعٌ في الأسر – يا حبي الذي حمَّلني،
شرفاتٍ خلعتها الريحُ،
أعتابَ بيوت،
وذنوب،
لم يسع قلبي سوى عينيك،
في يوم من الأيام،
والآن اغتنى بالوطنِ!،
وعرفنا ما الذي يجعل صوت القُبَّرهْ،
خنجراً يلمع في وجه الغزاة،
وعرفنا ما الذي يجعل صمت المقبرهْ،
مهرجاناً،،، وبساتين حياة!،
عندما كنت تغنين، رأيت الشرفات،
تهجر الجدران،
والساحة تمتد إلى خصر الجبلْ،
لم نكن نسمع لون الكلمات،
كان في الغرفة مليون بطل،
في دمي، من وجهه، صيفٌ،
ونبض مستعارُ،
عدتُ خجلان إلى البيت،
فقد خرَّ على جرحي،،، شهيدا،
كان مأوى ليلة الميلاد،
كان الانتظار،
وأنا أقطف من ذكراه،،، عيدا!،
الندى والنار عيناه،
إذا ازددت اقتراباً منه غنىَّ،
وتبخرت على ساعده لحظة صمت، وصلاة،
آه سميه كما شئت شهيدا،
غادر الكوخ فتى،
ثم أتى، لما أتى،
وجه إله!،
هذه الأرض التي تمتصُّ جلد الشهداءْ،
تَعِدُ الصيف بقمح وكواكبْ،
فاعبديها!،
نحن في أحشائها ملح وماء،
وعلى أحضانها جرح،،، يحارب،
دمعتي في الحلق، يا أخت،
وفي عينيَّ نار،
وتحررت من الشكوى على باب الخليفة،
كل من ماتوا،
ومن سوف يموتون على باب النهار،
عانقوني، صنعوا مني،،، قذيفة!،
منزل الأحباب مهجور،
ويافا تُرجمتْ حتى النخاع،
والتي تبحث عني،
لم تجد مني سوى جبهتها،
أُتركي لي كل هذا الضياع،
فأنا أضفره نجماً على نكبتها،
آه يا جرحي المكابر،
وطني ليس حقيبهْ،
وأنا لست مسافر،
إنني العاشق، والأرض حبيبهْ!،
وإذا استرسلت في الذكرى!،
نما في جبهتي عشب الندمْ،
وتحسرت على شيء بعيدْ،
وإذا استسلمت للشوق،
تَبَنَّيْتُ أساطير العبيد،
وأنا آثرت أن أجعل من صوتي حصاة،
ومن الصخر نغم!،
جبهتي لا تحمل الظل،
وظلي لا أراه،
وأنا أبصق في الجرح الذي،
لا يشعل الليل جباه!،
خبئي الدمعة للعيد،
فلن نبكي سوى من فرح،
وَلْنُسَمِّ الموت في الساحة،
عرساً،، وحياه!،
وترعرعتُ على الجرح، وما قلت لأمي،
ما الذي يجعلها في الليل خيمة،
أنا ما ضيَّعتُ ينبوعي وعنوانيَ واسمي،
ولذا أبصرت في أسمالها،
مليون نجمة!،
رايتى سوداءُ،
والميناء تابوتٌ،
وظهري قنطرة،
يا خريف العالم المنهار فينا،
يا ربيع العالم المولود فينا،
زهرتي حمراءُ،
والميناء مفتوح،
وقلبي شجرة!،
لغتي صوت خرير الماء،
في نهر الزوابعْ،
ومرايا الشمس والحنطة،
في ساحة حربِ،
ربما أخطأت في التعبير أحياناً،
ولكنْ كنت – لا أخجل – رائع،
عندما استبدلت بالقاموس قلبي!،
كان لا بد من الأعداء،
كي نعرف أنا توأمان!،
كان لا بد من الريح،
لكي نسكن جذع السنديان!،
ولو أن السيد المصلوب لم يكبر على عرش الصليب،
ظل طفلاً ضائع الجرح،،، جبان،
لك عندي كلمة،
لم أقلها بعد،
فالظل على الشرفة يحتل القمرْ،
وبلادي ملحمة،
كنت فيها عازفا،،، صرت وترْ!،
عالِمُ الآثار مشغول بتحليل الحجارة،
إنه يبحث عن عينيه في ردم الأساطير،
لكي يثبت أني:،
عابر في الدرب لا عينين لي!،
لا حرف في سفر الحضارة،
وأنا أزرع أشجاري، على مهلي،
وعن حبي أغني!،
غيمة الصيف التي.. يحملها ظهر الهزيمة،
عَلَّقَتْ نسل السلاطين،
على حبل السراب،
وأنا المقتول والمولود في ليل الجريمهْ،
ها أنا ازددت التصاقاً،،، بالتراب!،
آن لي أن أبدل اللفظة بالفعل، وآنْ،
ليَ أن أثبت حبي للثرى والقُبَّرة،
فالعصا تفترس القيثار في هذا الزمان،
وأنا أصفَرُّ في المرآة،
مذ لاحت ورائي شجرة!.
أروع أشعار محمود درويش
لأن الشاعر العظيم محمود درويش يعلم أن للقدس المكانة العالية حيث المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، فكان لابد من أن يذكر القدس في رائعة من روائع أشعار محمود دوريش، والتي تحمل عنوان (في القدس):
في القدس، أَعني داخلَ السُّور القديمِ،
أَسيرُ من زَمَنٍ إلى زَمَنٍ بلا ذكرى،
تُصوِّبُني، فإن الأنبياءَ هناك يقتسمون،
تاريخَ المقدَّس،،، يصعدون إلى السماء،
ويرجعون أَقلَّ إحباطاً وحزناً، فالمحبَّةُ،
والسلام مُقَدَّسَان وقادمان إلى المدينة،
كنت أَمشي فوق مُنْحَدَرٍ وأَهْجِسُ: كيف،
يختلف الرُّواةُ على كلام الضوء في حَجَرٍ؟،
أَمِنْ حَجَر ٍشحيحِ الضوء تندلعُ الحروبُ؟،
أسير في نومي، أَحملق في منامي، لا،
أرى أحداً ورائي، لا أرى أَحداً أمامي،
كُلُّ هذا الضوءِ لي، أَمشي، أخفُّ، أطيرُ،
ثم أَصير غيري في التَّجَلِّي، تنبُتُ،
الكلماتُ كالأعشاب من فم أشعيا،
النِّبَويِّ: (إنْ لم تُؤْمنوا لن تَأْمَنُوا)،
أَمشي كأنِّي واحدٌ غيْري، وجُرْحي وَرْدَةٌ،
بيضاءُ إنجيليَّةٌ، ويدايَ مثل حمامتَيْنِ،
على الصليب تُحلِّقان وتحملان الأرضَ،
لا أمشي، أَطيرُ، أَصيرُ غَيْري في،
التجلِّي، لا مكانَ و لا زمان، فمن أَنا؟،
أَنا لا أنا في حضرة المعراج، لكنِّي،
أُفكِّرُ: وَحْدَهُ، كان النبيّ محمِّدٌ،
يتكلِّمُ العربيَّةَ الفُصْحَى، (وماذا بعد؟)،
ماذا بعد؟ صاحت فجأة جنديّةٌ:،
هُوَ أَنتَ ثانيةً؟ أَلم أَقتلْكَ؟،
قلت: قَتَلْتني،،، ونسيتُ، مثلك، أن أَموت.
أشعار محمود درويش عن الأمل
ذكر أيضاً محمود درويش الأمل في أشعاره، حيث قدم لنا قصيدة مميزة تحمل بين طياتها الكثير من المعاني التي نفتقدها في عصرنا هذا، فما رأيك بالعودة إلى كلمات اللغة العربية التي لا تُضاهى من خلال أشعار محمود درويش، وقصيدته المميزة التي تحمل عنوان (موهبة الأمل).
كلما فكَّر بالأمل أنهكه التعب والملل،
واخترع سراباً، وقال: بأيّ ميزانٍ أَزِنُ،
سرابي؟ بحث في أدراجه عمَّن كأنه،
قبل هذا السؤال، فلم يعثر على مُسَوَّداتٍ،
كان فيها القلبُ سريعَ العطب والطيش،
ولم يعثر على وثيقة تثبت أنه وقف،
تحت المطر بلا سبب، وكلما فكَّر بالأمل،
اتسعت المسافة بين جسد لم يعد،
خفيفاً وقلب بالحكمة، ولم يكرِّر،
السؤال: مَنْ أنا؟ من فرط ما هو،
مُجَافٍ لرائحة الزنبق وموسيقى الجيران العالية،
فتح النافذة على ما تبقّى من أفق، فرأى،
قطَّتين تمازحان جَرْواً على الشارع الضيِّق،
وحمامةً تبني عشاً في مدخنة، وقال:،
ليس الأمل نقيض اليأس، ربما هو الإيمان،
الناجم عن لا مبالاة آلهةٍ بنا،،، تركتنا،
نعتمد على مواهبنا الخاصة في تفسير،
الضباب وقال: ليس الأمل مادَّةً ولا،
فكرة، إنه موهبة، تناول قرصاً مضاداً،
لارتفاع ضغط الدم، ونسي سؤال الأمل،
وأَحسَّ بفرج ما،،، غامض المصدر!.
اشهر اشعار محمود درويش
عُرف محمود درويش بأن له القدرة الخارقة على وصف كافة مشاعر الحب وتجسيدها بشكل مميز، مما يجعل أشعار محمود درويش عن الحب لها مكانتها الخاصة بين عشاق الشعر العربي، لذلك هيا بنا نغرق في أجمل أبيات عن آلام الحب وأوجاعه من خلال قصيدة (عاشق من فلسطين):
عيونِك شوكةٌ في القلبِ،
توجعني،،، وأعبدُها،
وأحميها من الريحِ،
وأُغمدها وراء الليل والأوجاع،،، أُغمدها،
فيشعل جُرحُها ضوءَ المصابيحِ،
ويجعل حاضري غدُها،
أعزَّ عليَّ من روحي،
وأنسى، بعد حينٍ، في لقاء العين بالعينِ،
بأنّا مرة كنّا، وراءَ الباب، اثنين!،
كلامُكِ،،، كان أغنيهْ،
وكنت أُحاول الإنشاد،
ولكنَّ الشقاء أحاط بالشفة الربيعيَّة،
كلامك، كالسنونو، طار من بيتي،
فهاجر باب منزلنا، وعتبتنا الخريفيَّة،
ورائك، حيث شاء الشوقُ،
وانكسرت مرايانا،
فصار الحزن ألفينِ،
ولملمنا شظايا الصوت،
لم نتقن سوى مرثيَّة الوطنِ!،
سنزرعها معاً في صدر جيتارِ،
وفق سطوح نكبتنا، سنعرفها،
لأقمارٍ مشوَّهةٍ،،، وأحجارِ،
ولكنّي نسيتُ،،، نسيتُ،،، يا مجهولةَ الصوتِ:،
رحيلك أصدأ الجيتار،،، أم صمتي؟!،
رأيتُك أمسِ في الميناءْ،
مسافرة بلا أهل،،، بلا زادِ،
ركضتُ إليكِ كالأيتامُ،
أسأل حكمة الأجداد:،
لماذا تُسحبُ البيَّارة الخضراءْ،
إلى سجن، إلى منفى، إلى ميناءْ،
وتبقى، رغم رحلتها،
ورغم روائح الأملاح والأشواق،
تبقى دائماً خضراء؟،
وأكتب في مفكرتي:،
أُحبُّ البرتقال، وأكرهُ الميناء،
وأَردف في مفكرتي:،
على الميناء،
وقفتُ، وكانت الدنيا عيونَ شتاءْ،
وقشر البرتقال لنا، وخلفي كانت الصحراء!،
رأيتُكِ في جبال الشوك،
راعيةً بلا أغنام،
مطارَدةً، وفي الأطلال،
وكنت حديقتي، وأنا غريب الدّار،
أدقُّ الباب يا قلبي،
على قلبي،
يقرم الباب والشبّاك والإسمنت والأحجار!،
رأيتكِ في خوابي الماء والقمحِ،
محطَّمةً، رأيتك في مقاهي الليل خادمةً،
رأيتك في شعاع الدمع والجرحِ،
وأنتِ الرئة الأخرى بصدري،
أنتِ أنتِ الصوتُ في شفتي،
وأنتِ الماء، أنتِ النار!،
رأيتكِ عند باب الكهف،،، عند النار،
مُعَلَّقَةً على حبل الغسيل ثيابَ أيتامك،
رأيتك في المواقد،،، في الشوارع،
في الزرائب،،، في دمِ الشمسِ،
رأيتك في أغاني اليُتم والبؤسِ!،
رأيتك ملء ملح البحر والرملِ،
وكنتِ جميلة كالأرض،،، كالأطفال،،، كالفلِّ،
وأُقسم:،
من رموش العين سوف أُخيط منديلا،
وأنقش فوقه شعراً لعينيكِ،
وإسما حين أسقيه فؤاداً ذاب ترتيلا،
يمدُّ عرائش الأيكِ،
سأكتب جملة أغلى من الشُهَدَاء والقُبَلِ:،
“!فلسطينيةً كانتِ، ولم تزلِ”،
فتحتُ الباب والشباك في ليل الأعاصيرِ،
على قمرٍ تصلَّب في ليالينا،
وقلتُ لليلتي: دوري!،
وراء الليل والسورِ،
فلي وعد مع الكلمات والنورِ،
وأنتِ حديقتي العذراءُ،
ما دامت أغانينا،
سيوفاً حين نشرعها،
وأنتِ وفيَّة كالقمح،
ما دامت أغانينا،
سماداً حين نزرعها،
وأنت كنخلة في البال،
ما انكسرتْ لعاصفةٍ وحطّابِ،
وما جزَّت ضفائرَها،
وحوشُ البيد والغابِ،
ولكني أنا المنفيُّ خلف السور والبابِ،
خُذينيَ تحت عينيكِ،
خذيني، أينما كنتِ،
خذيني، كيفما كنتِ،
أردِّ إليَّ لون الوجه والبدنِ،
وضوء القلب والعينِ،
وملح الخبز واللحنِ،
وطعم الأرض والوطنِ!،
خُذيني تحت عينيكِ،
خذيني لوحة زيتيَّةً في كوخ حسراتِ،
خذيني آيةً من سفر مأساتي،
خذيني لعبة،،، حجراً من البيت،
ليذكر جيلُنا الآتي،
مساربه إلى البيتِ!،
فلسطينيةَ العينين والوشمِ،
فلسطينية الاسم،
فلسطينية الأحلام والهمِّ،
فلسطينية المنديل والقدمَين والجسمِ،
فلسطينية الكلمات والصمتِ،
فلسطينية الصوتِ،
فلسطينية الميلاد والموتِ،
حملتُك في دفاتريَ القديمةِ،
نار أشعاري،
حملتُك زادَ أسفاري،
وباسمك، صحتُ في الوديانْ:،
خيولُ الروم !،،، أعرفها،
وإن يتبدَّل الميدان!،
خُذُوا حَذَراً،
من البرق الذي صكَّته أُغنيتي على الصوَّانْ،
أنا زينُ الشباب، وفارس الفرسانْ،
أنا، ومحطِّم الأوثانْ،
حدود الشام أزرعها،
قصائد تطلق العقبان،
وباسمك، صحت بالأعداءْ:،
كلي لحمي إذا نمت يا ديدانْ،
فبيض النمل لا يلد النسورَ،
وبيضةُ الأفعى،
يخبئ قشرُها ثعبانْ!،
خيول الروم،،، أعرفها،
وأعرف قبلها أني،
أنا زينُ الشباب، وفارس الفرسان!.
افضل اشعار محمود درويش
من خلال أجمل أشعار محمود درويش يمكننا أن نتعلم الكثير، فنحن في صدد التعرُّف على قصيدة (فكاهة الخلود) التي تحمل بين أبياتها الحقيقة التي نتغافل عنها طوال الحياة وهي الموت، ساعين إلى أهداف دنيوية، تاركين الحياة الأبدية التي تنتظرنا بعد انتهاء أعمارنا، لذلك فإنها من أروع واهم اشعار محمود درويش، لنتطرق إلى أبياتها عبر ما يلي:
للمقابر هيبة الهواء وسطوة الهباء، تشيع،
صديقك ممدوح، وتنتظر دورك،
تنقلك روائح الزهور الذابلة وحفيف الأشجار،
إلى البعيد،،، إلى ما وراء الشيء،،، إلى عنوانك،
الأخير في ناحية من نواحي العدم، لكنك،
تفكر في ما هو أبسط: القبور مراتب،
فمنها ما يبدو لك أنه راحة النائم، ومنها،
ما يحرم النائم من التطلع إلى سمائه،
المدفونة، ومنها، كالمحاذية لساحة التروكاديرو،
في باريس، ما يجعل النائم جزءً من وتيرة،
الحياة، فهو قريب من المقاهي والمتاحف،
ومواعيد الأحياء، الحياة في متناول قبره،
الرخامي، وحوله من تنوع الزهر والشجر،
والطير والبشر ما يغنيه عن الخروج إلى،
نزهة، بعدما أنفق مدخراته لامتلاك،
خصوصية هذا العنوان الدائم، ومن القبور،
ما يجعل العدم مادة مرئية، كتلك،
القبور المرمية في الصحراء بعيداً عن،
الشجر والماء، لا أنيس للنائم الذي،
يحترق في حرّ الصيف ويتجمد من البرد،
في الشتاء، كأنه يواصل الموت بلا،
نهاية، حيث يخلو الموت من استعارة النوم،
لكن الذين يشرفون على تشييد قبورهم،
وتأثيثها بصورهم، لا يفكرون براحة النوم،
قريباً من صداقة الأحياء، إنما يفكرون،
بتدريب التاريخ على القراءة، ويفكرون،
بما هو أصعب: برشوة الخلود، دون،
أن يعلموا أن الخلود لا يزور القبور،
وأنه يحب الفكاهة!،
من هو محمود درويش؟
بعد أن تعرفنا على الكثير من أشعار محمود درويش، عليك أن تعرف أن ذلك الشاعر المُبجّل هو من قام بتطوير مجال الشعر بأكمله من خلال استخدام الرموز، الاستعارات، الإشارات التاريخية، وأيضاً الأسطورية والدينية، لذا تجد أن أشعار محمود درويش لها الطابع الخاص الذي يجعلها منفردة بذاتها، إذ أنها تدل على مستوى الثقافة الشاسع الذي ينعم به الشاعر.
فقد تعرض شعبه الفلسطيني إلى الاحتلال، وقد ذكر ذلك من خلال أجمل وأروع أشعار محمود درويش، وأيضاً تناول من خلال أشعاره العديد من القضايا العربية، ولذلك لا نزال نستشهد بأبيات منها حتى الآن، فقد قضى محمود درويش من عمره ما يتجاوز الأربعين عاماً في المجال الشعري، نتج عنها كتابته لما يفوق عن ثلاثين ديواناً نثرياً وشعرياً، كما أنه ألّف خلال تلك الفترة الزمنية العديد من الكُتب، ولعظم أشعار محمود درويش وكتاباته، فإن تلك الكُتب تمت ترجمتها إلى عدة لغات.
أهم تفاصيل حياة محمود درويش
لابد وأنه هُناك الكثير من التفاصيل في حياة محمود درويش أدت إلى أن يكون بين يدينا الآن أجمل أشعاره التي لا تُقارن، فهو الذي وُلد في فلسطين في عام 1941 في الثالث عشر من شهر مارس، وكان من النازحين إلى لبنان في عام 1948 بعد نكبة فلسطين في العام ذاته.
وبعد أن استقرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، عاد محمود درويش إلى موطنه وأتم مراحل تعليمه، ثم عمل محرراً ومترجماً بصحيفة الاتحاد، كما أنه كان مشرف على تحرير مجلة الجديد، ولأن أشعار محمود درويش كانت تحمل موقفه مما يحدث في بلده، فإنه أُعتقل عدة مرات، وعندما فُك أسره، سافر إلى موسكو، ثم إلى القاهرة، ثم إلى لبنان، وشغل العديد من المناصب رفيعة المستوى.
وفي عام 1988 تم انتخاب محمود درويش ليكون أحد أعضاء اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك لأنه كان أحد المقربين من الرئيس الراحل ياسر عرفات، فقد كان مستشاره آنذاك، ولشهرته الواسعة وحبه الجمّ لفلسطين، فإنه هو من كتب إعلان استقلالها الذي أُذيع في الجزائر عام 1988.
قدم محمود درويش استقالته من منظمة التحرير الفلسطينية وذلك لاعتراضه على توقيع اتفاقية أوسلو، وعاد الشاعر العظيم إلى رام الله حاملاً معه أشعار محمود درويش العظيمة، وقد دُفن في قصر رام الله الثقافي بعد أن تُوفي في عام 2008 بالولايات المتحدة الأمريكية عقب خضوعه لعملية جراحية في القلب.
رحم الله الشاعر المغوار، ذلك الذي ترك من خلفه أعظم ثروة على الإطلاق، إنها أشعار محمود درويش الخالدة.