قصة أصحاب الأخدود الصحيحة بشكل مختصر
قصص القرآن الكريم مليئة بالعبرة لقوماً يفقهون، وقصتنا اليوم تحكي صمود المؤمنين أمام القوم الظالمين، فمن هم أصحاب الأخدود؟ وما كان دينهم؟
من هم أصحاب الأخدود؟
هم مجموعة من المؤمنين الموحدين بالله سبحانه يقال إنهم من أهل اليمن، حفر لهم الملك الظالم (ذو نواس) اخدوداً ليلقيهم فيه بسبب إيمانهم بالله و رفضهم للكفر والشرك، فقال الكلبي: (إن أصحاب الأخدود هم نصارى نجران، أخذوا بها قوماً مؤمنين، فخدوا لهم سبعة أخاديد، طول كل أخدود أربعون ذراعاً، وعرضه اثنا عشر ذراعاً) وكان جزاء الموحدين احراقهم في النار، لذا توعد الله لمن قاموا بتلك المحرقة ولم يتوبوا لله، بإحراقهم في نار جهنم يوم القيامة.
ما معنى أصحاب الأخدود ولماذا سموا بهذا الاسم؟
الأخدود معناه (الحفرة العميقة) داخل الأرض وهو جمع لكلمة (أخاديدُ وخُدَد)، أما عن سبب تسميتهم بهذا الاسم، فـ ذلك نسبة لـ الأخدود الذي اشتغل فيه النار و تم إلقاء المؤمنين فيه.
ما هي قصة أصحاب الأخدود؟
ذكر الفقهاء أن أحد ملوك اليمن كان يدعي الألوهية، وكان يخدمه في دعواه ساحر كبير يقوم بخداع الناس ليظهر لهم خوارق الملك و يمثله لهم كأنه إله والعياذ بالله، وفي يوماً من الأيام قال الساحر للملك إني كبرت، فاختر لي غلاماً ذكياً لكي أعلمه السحر ليقوم مقامي في خدمتك، فاختار الملك غلاماً بارعاً الذكاء و قدمه إلى الساحر، و بالفعل بدأ الساحر تعليم الغلام للسحر وفي أحد الأيام خرج الغلام إلى أطراف البلدة فوجد فيها كهفاً فدفعه فضوله إلى دخول الكهف، وهناك سمع صوتاً يناجي ويتعبد الله الواحد الأحد بكلمات لفتت انتباه الغلام، فاقترب أكثر، فإذا رجل مهيب جالس يتلو بعض الأدعية، فاقترب منه الغلام وسأله: (مَن تُناجي؟ فقال العابد، إني أٌناجي الله الواحد خالق هذا الكون وخالق الناس، فقال له الغلام وماذا عن الملك! فقال العابد إنه مخلوق مثلي ومثلك، كلنا من خلق الله الواحد وما الملك إلا مخلوق يكبر و يشيخ ويموت)، فَرح الغلام بكلام العابد وطلب منه أن يتلوا عليه المزيد ويتعلم من علمه، فطلب العابد من الغلام أن يأتي له ليتعلم متى شاء ولكن بشرط أن لا يخبر أحدا ًعنه، حتى لا يتعرض للموت على يد الملك الظالم.
تَعلُم الغلام لاسم الله الأعظم وقتله للأفعى
استمر الغلام في زيارة العابد بشكل مستمر ولم يُعلم أحداً عن السر كما طلب منه العابد حتى تعلم من العابد اسم الله الأعظم الذي إذا دَعى به استجاب دعائه، وفي يوماً رأى الغلام الناس متجمعين في الطريق و يظهر عليهم علامات الخوف و القلق، فلما سأل الناس عن السبب؟ قالوا له أن هناك أفعى كبيرة مخيفة قد اعترضت الطريق فمنعت الناس من العبور، فتقدم إليها الغلام وقال: (الآن أختبر الأفضل لي الساحر أم العابد؟) فقال: (اللهم إن كان العابد على حق فاقتل هذه الأفعى)، ثم رماها بحجر فقتلها وفرح الناس، وقالوا هذا الغلام أنقذنا من الأفعى، وعندما عاد الغلام إلى العابد وقص عليه ما حدث قال له العابد: (بني أنت أفضل مني، وإنك ستبتلى فاصبِرْ).
قصة الغلام و الملك
بعدما ذاع صيت الغلام في أرجاء القرية ذهب إلى ديوان الملك لقضاء حاجة له، فـ قابله هناك جليس الملك وكان أعمى، وقال له: (لقد بلغ من علمك أنك قتلتَ الأفعى، فهل لعيني من شفاء عندك) فقال له الغلام نعم إذا آمنت بالله دعوته ورجوته شفائك، فقال له جليس الملك أفَعل إذا شُفيت، فـ دَعى الغلام باسم الله الأعظم فـ شُفي جليس الملك وأبصر، ولما علم الملك بـ إيمان جليسه الذي كفر بـ ألوهيته أمر بعذابه إلى أن أعترف بأن الغلام هو من جعله يؤمن بالله، ولذلك أحضر الملك الغُلام وحاول أن يتخلص منه وفي كل مرة كان يفشل لأن الغلام كان يدعي الله و يّنجيه، ويرجع للملك يطلب منه الإيمان بالله، وترك ما هو فيه من الباطل، لكن الملك كان يصر على الكفر، وطلب من جنوده إلقاء الغلام في البحر ليموت غرقاً، ولكن نجى الله الغلام من الغرق، فعاد إلى الملك مرة أخرى وقال له: (لن تستطيع قتلي إلا إذا عملت بما أقوله لك)، فقال له الملك و ماذا تريدني أن أفعل؟ وهنا طلب منه الغلام أن يجمع أهل القرية في ساحة عامة ويصلبه ثم يأخذ سهماً و يصوبه نحوه بعد أن يقول: (باسم الله رب الغلام).
إيمان القرية بـ الله رب الغلام
فرح الملك الطاغية باقتراح الغلام، ونفذ ما طلب منه و جمع حشد من الناس، ومن ثم أخذ سهماً من كنانة الغلام، وقال: (باسم الله رب الغلام)، فجاء السهم في الغلام ومات شهيداً لكنه ترك خلفه قوماً مؤمنين قالوا بصوت واحد: (آمنا برب هذا الغلام)، وعلموا أن الملك الذي استعان برب الغلام لم يكن إلهاً من الأساس، و من هنا حدثت ثورة ضد الطاغية، فما كان من الملك إلا أن أمر بحفر خندقاً وملأه ناراً، يُلقى فيها كل من يؤمن بالله، ولذا وعد الله الملك ومن ساعده في حفر الخندق بعذابٍ أليم يوم القيامة.
ما هي ايه الاخدود في القرآن الكريم؟
ورد ذكر قصة أصحاب الأخدود بـ (سورة البروج) في القرآن الكريم، فـ قص لنا الله سبحانه ما فُعل بالقوم الموحدين، و كيف سيكون جزاء الكافرين الذين لم يتوبوا عما فعلوا يوم القيامة فقال تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ).
هل أصحاب الأخدود مسلمين؟
ذكر ابن إسحاق عن ابن عباس رضي الله عنه، أن أصحاب الأخدود كانوا يدينون بـ الديانة المسيحية، وحدثت قصتهم قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ أربعون عاماً.