معلومات إسلامية

ما هي قصة أصحاب الكهف الحقيقية وما هي أسمائهم

لجأ (مكسلمين)، (سَازَمونس)، (أمليخا)، (مَرَطونس)، (ينيونس)، (كشفِــيــطط)، (ذوانوانس) وكلبهم إلى كهف هرباً من الظلم، وناموا لقرون، فما قصة أصحاب الكهف؟

ما هي قصة أصحاب الكهف؟

في مدينة (إفسوس) القديمة، خلال حكم الإمبراطور (دقيانوس)، حيث كان الاضطهاد ضد من يرفضون عبادة الأوثان شديداً عاش مجموعة من الشبان الأبطال، فعلى الرغم من صغر سنهم كانوا مليئين بالإيمان، وتحدوا الملك الظالم الذي كان يقتل كل من يرفض عبادة الأصنام، وعرضوا عليه النصيحة بأن الأصنام لا تضر ولا تنفع، لكنه رفض نصيحتهم وأعطاهم فرصة أخيرة للتخلي عن إيمانهم، وإلا سيواجهون الموت، وبما أن هؤلاء الشبان كانوا يعلمون أن إعلان إيمانهم في ذلك المجتمع القاسي سيكون مستحيلاً، اتخذوا قراراً جريئاً حيث اجتمعوا سراً وقرروا الهرب إلى كهف بعيد، طالبين من الله الحماية، فاستجاب الله لدعائهم، وقادهم إلى كهف واسع ومظلم لا تدخل الشمس إليه إلا قليلاً ليكون ملاذاً آمناً لهم، كما ذُكر في القرآن: ﴿إِذْ أَوَى الفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾، وهناك، أصابهم نوم عميق ولم يشعروا بمرور ثلاثمائة وتسع سنوات، وذلك طبقاً لما ورد بموقع هدى القرآن.

حين أفاق أصحاب الكهف من سُباتهم، لم يدركوا كم مر عليهم من الزمن، فظنوا أنهم ناموا يوماً أو بعض يوم، وبدأوا يتساءلون عن مدة غيابهم، لكن الجوع كان أقوى من فضولهم، فأرسلوا أحدهم إلى المدينة ليجلب لهم الطعام مُحذرينه من أن يُظهر أمرهم، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَكَذلِكَ بَعَثناهُم لِيَتَساءَلوا بَينَهُم قالَ قائِلٌ مِنهُم كَم لَبِثتُم قالوا لَبِثنا يَومًا أَو بَعضَ يَومٍ قالوا رَبُّكُم أَعلَمُ بِما لَبِثتُم فَابعَثوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُم هذِهِ إِلَى المَدينَةِ فَليَنظُر أَيُّها أَزكى طَعامًا فَليَأتِكُم بِرِزقٍ مِنهُ وَليَتَلَطَّف وَلا يُشعِرَنَّ بِكُم أَحَدًا﴾، لكن الله شاء أن يُظهر أمرهم للعالم، فعندما دخل الفتى المدينة فوجئ بتغير كل شيء حوله؛ المباني، الناس، وحتى العملات التي يحملها أصبحت أثراً من الماضي، وأذهلت نقوده البائعين الذين قادوه إلى الحاكم، حيث اكتشفوا جميعاً أن هؤلاء الفتية كانوا شاهدين على معجزة إلهية، عاد الفتية إلى كهفهم بعد لقاء الحاكم وهناك اختتموا حياتهم معاً تاركين وراءهم قصة خالدة عن الإيمان والصمود.

كم كان عدد أصحاب الكهف؟

في حكاية أهل الكهف الغامضة، كان الناس يتجادلون حول عدد هؤلاء الفتية الذين ناموا في كهفهم، وكما ورد في قوله تعالى (سَيَقولونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُم كَلبُهُم وَيَقولونَ خَمسَةٌ سادِسُهُم كَلبُهُم رَجمًا بِالغَيبِ وَيَقولونَ سَبعَةٌ وَثامِنُهُم كَلبُهُم قُل رَبّي أَعلَمُ بِعِدَّتِهِم ما يَعلَمُهُم إِلّا قَليلٌ فَلا تُمارِ فيهِم إِلّا مِراءً ظاهِرًا وَلا تَستَفتِ فيهِم مِنهُم أَحَدًا)، فالبعض قال إنهم كانوا ثلاثة ورابعهم كلبهم، وآخرون قالوا خمسة وسادسهم كلبهم، لكن كل هذه الأقوال كانت تخمينات غير مؤكدة، ولكن عندما جاء القول بأنهم كانوا سبعة وثامنهم كلبهم أعطى إشارة قوية إلى أنه الأقرب إلى الحقيقة، ويعد (ابن عباس) أحد العلماء القلائل الذين أشار الله إليهم بأنهم يعرفون الحقيقة حيث أكد أن العدد الصحيح هو سبعة، ولم تكن هذه المعرفة محض تخمين بل استندت إلى أدلة تُثبت صحتها.

ما هي أسماء أصحاب الكهف؟

وفقاً لما ذكر الشيخ إحسان عصفور أهل الكهف كانوا محوراً للعديد من القصص والأساطير، ولكن الحقائق الثابتة عنهم محدودة، فالقرآن الكريم لم يعتنِ بتفاصيل أسمائهم أو عددهم بدقة، بل ركز على الرسالة الأخلاقية والإيمانية التي تحملها قصتهم، كما لم ترد في السنة النبوية الصحيحة أي تفاصيل عن أسماء هؤلاء الفتية، مما يُشير إلى أنها تفاصيل لا تحمل أهمية علمية أو فائدة مُباشرة لذا تُركت للخيال والتأمل، ومع ذلك، تجد بعض المُفسرين مثل (الطبري) رحمه الله قد نقلوا أسماءً لأصحاب الكهف من كتب (أهل الكتاب)، وهذه الأسماء هي (مُكَسلَمين)، (سَازَمونس)، (ينيونس)، (كشفِــيــطط)، (ذوانوانس)، (مَرَطونس)، و(أمليخا)، أما فيما يتعلق باسم كلبهم، فقد وردت عدة أسماء له في الروايات المختلفة، من بينها (قمطير) و (حمران) و (ريان)، فبالرغم من أن هذه الأسماء لا تُستند إلى دليل شرعي قوي، إلا أنها ارتبطت في بعض الثقافات بمظاهر من التبرك والأساطير، حيث ذكر البعض أن كتابة أسماء هؤلاء الفتية يمكن أن تكون لها تأثيرات وفوائد مثل إخماد النار، وشفاء الحمى، وتهدئة البحر، وحفظ المال، وغير ذلك.

لكن هذه المعتقدات ليست سوى انعكاس للتقاليد الشعبية ولم تُبنَ على أساس ديني صلب، ومن العلماء الذين أشاروا إلى التبرك بأسماء أصحاب الكهف المؤرخ (ابن طولون الحنفي) في كتابه (ذخائر القصر) ومع ذلك، يظل الأفضل في الدين أن يُؤخذ بما هو ثابت وصحيح، وأن يُترك ما ليس له أساس قوي من الكتاب والسنة.

ما هي المعجزات الإلهية التي حدثت لأصحاب الكهف؟

كانت الأجساد النائمة للفتية تبدو وكأنها مُستيقظة، فعيونهم المفتوحة كانت تخدع الناظرين، ومع ذلك لم يكن أحد منهم قد استيقظ فقد كانوا غارقين في نوم عميق بفضل حماية الله، كذلك لم يترك الله أجسادهم لتأكلها الأرض، بل كان يقلبهم برفق تارة نحو اليمين وتارة نحو اليسار، ليحافظ على سلامتهم، وبجانبهم كان كلبهم الأوفى جالساً بهدوء على عتبة الكهف، ذراعيه ممدودتين وكأنه يشاركهم نومهم، وفي الوقت نفسه انتشرت هالة من الرعب حول أصحاب الكهف كأنها درع من الخوف، فكل من اقترب من الكهف وشاهدهم كان يتجمد في مكانه ثم يفر هارباً.

ما هي نهاية أصحاب الكهف؟

تختلف الروايات حول مصير أصحاب الكهف بعد استيقاظهم، فبعضها يروي أنهم لم يعودوا إلى النوم فحسب، بينما تشير روايات أخرى إلى أنهم فارقوا الحياة بعد أن كشف الملك عن قصتهم، وتذكر إحدى الروايات المنقولة عن تفسير (علي بن إبراهيم) أن الفتية، بعد أن أدركوا أن الله جعلهم معجزة، بكوا وسألوا اللهَ أن يُعيدَهم إلى مضاجعهم نائمين، وفي رواية أخرى من (الدرّ المنثور) عن (ابن عباس)، يُذكر أنه خلال غزوة مضيق الروم طلب (معاوية) أن يُكشف عن أهل الكهف ليراهم، ولكن (ابن عباس) أوقفه قائلاً: “قد منع الله ذلك عمّن هو خير منك”، واستشهد بقوله تعالي{لَوِ اطَّلَعْتَ علیهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} والتي تُبين كيف أن مجرد النظر إليهم كان يُثير الرعب، ويضيف (ابن عباس) في (الدرّ المنثور) أن الملك والناس الذين رافقوه إلى الكهف وجدوا أجساداً لم يطرأ عليها التغيير سوى عدم وجود الأرواح فيها، فقال الملك حينها: “هذه آية بعثها الله لكم”.

عندما عُثر على أصحاب الكهف بعد مرور زمن طويل، وُجدوا في حالة سُبات، فبمجرد كشف أمرهم قذف الله على آذانهم الموت الحقيقي في لمح البصر، بناءً على ذلك، قرر الملك بناء مكان مقدس على الكهف، ليكون مزاراً للمؤمنين ومكاناً للعبادة، وقال الله -تعالى- في كتابه الكريم موضحاً هذه الأحداث: ﴿كَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِم لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ [سورة الكهف: 21].

ما هي ديانة أصحاب الكهف؟

تروي التفسيرات المختلفة لقصة أهل الكهف أن الفتية كانوا متمسكين بدين عيسى بن مريم عليه السلام، وفي ذلك الوقت كان ملك المدينة وثني يُحارب هذا الدين بشدة، ويضطهد كل من يعتنقه، مما جعل الفتية يبحثون عن ملاذ بعيداً عن ظلم الملك.

في زمن أي نبي كانوا أصحاب الكهف؟

تنوعت الروايات حول زمن أصحاب الكهف، وخلق كل مؤرخ سطراً جديداً في هذه القصة الخيالية، فقيل إن هؤلاء الفتية كانوا من الروم، آمنوا بالله في زمن لم يُعرف فيه المسيح بعد، ففروا إلى الكهف هروباً من ملك يدعو إلى عبادة المجوسية ويفرضها بالقوة، وبمجرد أن انسحب الملك دقيانوس من عرش الحكم، اختفوا عن الأنظار تاركين خلفهم لغزاً لم يُحل إلا بعد قرون، وعندما أفاقوا وجدوا أنفسهم في عصر جديد تحت حكم ملك موحد يدعى بيدوسيس، لكن الروايات لا تتوقف هنا حيث يروي البعض أن الفتية عاشوا في فترة النبي موسى عليه السلام، ودخلوا الكهف قبل ميلاد المسيح، بعد ذلك، استيقظوا بعد بعثة المسيح، بينما يذهب آخرون إلى أن الفتية دخلوا الكهف بعد عصر موسى وقبل ميلاد المسيح، وفي الرواية الأكثر شيوعاً، يُقال إن الفتية دخلوا الكهف في زمن الإمبراطور (دقيانوس) في القرن الثالث الميلادي، واستمروا في سُباتهم الطويل حتى استفاقوا قبل ظهور النبي (محمد صلى الله عليه وسلم)، وهذا ما ذكره المطهر بن طاهر المقدسي في البدء والتاريخ، صفحة 128.

ما هو مكان أهل الكهف؟

تختلف الروايات حول مكان كهف أصحاب الكهف المذكور في القرآن الكريم، فقد قيل إنه في سوريا أو تركيا أو اليمن، لكن الدراسات الحديثة تُشير إلى أن الكهف يقع في المملكة الأردنية الهاشمية، وتحديداً في قرية (الرجيب) القريبة من العاصمة عمان، على بعد سبعة كيلومترات إلى الشرق، حيث يُعتقد أن هذه القرية كانت تُعرف قديماً باسم (الرقيم)، الذي ورد ذكره في القرآن الكريم، وفي عام 1963، اكتشف العلماء الكهف في قرية الرجيب ووجدوا آثاراً تعود إلى زمن الفتية، بالإضافة إلى آثار قد تكون مرتبطة بالكلب الذي كان معهم، ومن الجدير بالذكر أن هذه الاكتشافات دعمت الفرضية بأن هذا الكهف هو مكان أهل الكهف، أما اليوم، الكهف في قرية الرجيب مفتوح للزوار ويعتبر من المعالم السياحية والدينية البارزة في الأردن طبقاً لما ورد في كتاب أطلس مدن الأردن، ويحتوي الكهف على مسجد، وتحرص الحكومة الأردنية على الحفاظ عليه وترويجه سياحياً، ليُمثل معلم سياحي هام يأتي إليه الزوار من مُختلف أنحاء العالم، كما ورد في المصدر ilmGate.

ما هو سبب نزول سورة الكهف؟

نزلت سورة الكهف لتثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتؤكد رسالته، فقد أرسل كفار قريش (النضر بن الحارث) و(عقبة بن أبي معيط) إلى اليهود ليتحققوا من نبوته، وعاد (النضر) و (عقبة) ومعهم ثلاثة أسئلة من اليهود: الأول عن فتية أهل الكهف، الثاني عن الرجل الطواف، والثالث عن الروح، تأخر الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم خمسة أيام، ثم نزلت سورة الكهف التي أجابت عن الأسئلة وذكرت قصص أصحاب الكهف وذي القرنين، وجاءت الآية التي تقول: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ).

في ختام مقالنا الشيق يُمكننا القول أن قصة أصحاب الكهف تُذكرنا بمعجزة الإيمان والثبات، حيث حمى الله الفتية من بطش الظالمين، وخلد قصتهم عبر الزمن، لتبقى عبرة للأجيال في صبرهم وإيمانهم.

رانيا علاء الدين حسن

كاتبة محتوى متخصصة في الإبداع والتواصل، تعيش تحديات الحياة بحب وشغف، رانيا علاء الدين من مصر.
زر الذهاب إلى الأعلى