من هو أمجد يوسف ولماذا يتم ملاحقته دولياً

جزّار التضامن، والمجرم الذي أحدث ثورة عاصفة في قلوب الشعب السوري بعد الكشف عن كَم المجازر التي أحدثها، أمجد يوسف المجرم السفّاح.

من هو أمجد يوسف؟

أمجد يوسف هو ضابط في الفرع 227 التابع لشعبة المخابرات العسكرية السورية، وقد برز اسمه بقوة في الآونة الأخيرة كـ (جزّار التضامن) وذلك بعدما تم الكشف عن مجموعة فيديوهات تم تسريبها من قبل كمبيوترات شعبة المخابرات العسكرية والتي تضم مجزرة مهوّلة شنّها هذا المفترس على أفراد عُزّل ضمن حي التضامن في جنوب العاصمة السورية دمشق.

الإنسان هو أشرس كائن على وجه الأرض، وقد خاب من قال أن الحيوان يلاحق فريسته وينهش جسدها فيجعله خاوٍ من الروح.

لأن أمثال أمجد يوسف قد اثبتوا بجدارة أن الإنسان هو أكثر وحشية وافتراساً من الحيوان، لكونه تجرّد من كل معاني الإنسانية بعدما تم الكشف عن مجموعة فيديوهات تبيّن قيامه بمجزرة مدمية للقلب في حي التضامن ذهب ضحيتها 41 شخصاً مدنياً.

مذبحة حي التضامن

في عام 2019 وبينما كان أحد الجنود السوريين يمارس عمله ضمن شعبة المخابرات العسكرية، وقعت عينيه على مجموعة فيديوهات ضمن جهاز الكمبيوتر المحمول الذي يخص أحد أكثر أجنحة الأمن سرية.

ومن المعلوم أن مثل هذا التجسس قد يودي بصاحبه ليختفي وراء الشمس ويقع عليه حكم الجلّاد سبق لنا أن عرفناها بعدما تم الكشف عن فظائع وأهوال سجن صيدنايا إلا أن هذا الفضول كان أقوى على ما يبدو.

عندما تم فتح الفيديوهات توضحت صورة أمجد يوسف وهو واقفاً مع مجموعة من ميلشيات الأسد، مرتدياً قبعة صيد وزياً عسكرياً.

وممسكاً لمجموعة أشخاص عُزّل معصوبي العينين، إلى أن بدأت المشاهد تصبح أكثر رعباً، عندما كان أمجد يوسف يقتاد كل مدني معصوب العينين إلى حفرة تجتمع فيها جثث الأشخاص الذي سبق له أن اقتادهم إليها.

بدأ أمجد بإطلاق الأوامر على المدني الأعزل بأن يتوجه إلى الأمام بعد العد إلى ثلاثة.

واحد اثنان ثلاثة، فيمشي المسكين دون أن يرى ما هو أمامه وقبل سقوطه في الحفرة كان أمجد الوحشي يطلق الرصاص عليه حتى يسقط جثة هامدة خاوية من أي نفس!!.

واحداً تلو الآخر، هكذا استمر أمجد الجزّار بفعلته الشنيعة تلك إلى أن عمل على تطبيق إعدام ميداني ترتجف له القلوب عند مشاهدته، فكان يأتي بالأشخاص ويعيد تكرار ذات الأمر عليهم إلى أن تجمعت أكوام المدنيين الأموات داخل تلك الحفرة!.

حفرة الموت، لم تكن فقط هي المآل الأخير لأولئك المساكين، بل سبقها سيل الإهانات التي كانت تقع على مسامعهم من هذا الضابط المفترس، فكان كل واحد منهم لا يُدرك أن مصيره سيكون بأن يقع بجسدٍ متخبط ومدمى فوق أكوامٍ من الجثث.

حدثت هذه المجزرة في حي التضامن، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 41 شخصاً وتاريخ الفيديو الذي كشف عن هَول الفظائع التي ارتكبها بعض ميليشيات الأسد وتابعيه هو 16 أبريل/نيسان عام 2013م.

جزار التضامن
جزار التضامن

سبب ملاحقته دولياً

تم تسريب هذا الفيديو إلى ناشط معارض في فرنسا ثم إلى مجموعة باحثين ومنهم (أنصار شحود) و(أوغور أو ميت أونغور) وهو أستاذ جامعي متخصص في مركز الهولوكوست والإبادة الجماعية في جامعة أمستردام والذي بيّن أن مثل هذه الأفعال لا يمكن السكوت عنها وتوجب التحقيق فيها، مما جعل المحاولات جميعها تسعى نحو الإمساك به والوصول إليه بأي شكل.

الكشف عن المتهمين بواسطة آنا ش (Anna Sh)

عندما تتساءل عن كيفية تسريب تلك الفيديوهات والتأكد من صحتها وعلى الأفراد المجرمين المتهمين بتلك المجازر، فإن القصة يقف ورائها الباحثة (أنصار شحود).

كانت أنصار ممن ينتقد النظام السوري ويرفضه إلى حد النبذ، لذا ما كان منها سوى الانتقال إلى بيروت سنة 2013م، ثم التقت بالأستاذ الجامعي أوغور، وبعد فترة من الزمن قررا الكشف عن مجموعة الإبادات الجماعية التي كانت تحدث في سوريا في ظل التعتيم الإعلامي.

لذا استمعا إلى قصص الناجين، ثم قصص الجناة أنفسهم، ولكن قانون (أوميرتا) قد جعل الأمور متشابكة حيث ينص على أن كل من يَشي بمعلومات سرية للشرطة عن مافيا ما أو عصابات معينة تُعرض الناس للتعنيف فإن مصيره التعذيب وهذا ما تراه آنا في النظام السوري الذي تجده أشبه بالمافيا التي ستحاسب كل من يُخبر عنها شيء ويفضّح المستور، مما جعل فكرة كسر القانون ومقابلة أولئك الناس أمراً شبه مستحيل.

ولكن أنصار بحنكتها وذكائها قررت اللجوء إلى حل آخر، وهو الإنترنت، فبدأت بالبحث عن الأشخاص المتورطين بالجرائم مدّعية بهذا بأنها من المعجبين بقضيتهم وشجاعتهم ومقاومتهم.

فعملت على استعمال اسم مستعار (Anna Sh) والتقطت صورة جذابة لنفسها ووضعتها على حساب الفيسبوك الذي سبق لها أن قامت بإنشائه، ثم بدأت بوضع منشورات خاصة بها عن تكريم متوهج للأسد.

ثم على مدار عامين ظلت تتصفح الفيسبوك بحثاً عن المشتبه بهم إلى أن وصلت إلى أحد الأشخاص وأخبرته أنها تدرس النظام السوري بغية أطروحتها الجديدة.

وتمكنت من توطيد العلاقة معه وابتكار النكات والمزاح لجذبه أكثر حتى أن بعض الأشخاص تقربوا منها للدرجة التي جعلتهم يتصلون بها ليلاً.

فكانت أشبه بالكتف الذي يتكئ عليه الشخص الواحد منهم واستمعت لقصصهم الخاصة بهم وليس فقط تلك التي توضح جرائمهم.

وفي تلك الفترة وقعت آنا في منتصف النيران عندما بدأت تنفصل عن شخصيتها الأساسية في محاولة للولوج إلى حياة أولئك الأشخاص وسعياً منها على تحقيق العدالة في الكشف عن المسلّح الجزّار الذي ارتكب مجزرة حي التضامن.

في آذار 2021، بلغ عدد أصدقاء آنا على الفيسبوك نحو 500 شخص من الأشخاص المهمين بالدولة أو النظام الأمني التابع لها، ووصلت إلى شخص يضع صورة له وملامحه تتميز بوجود ندبة وشعر في الوجه وشامة على الخد، وكان هذا الشاب يشبه المسلّح إلى حدٍ كبير.

بعدما علمت آنا أن الشخص المسؤول عن الجريمة هو رائد في شعبة المخابرات العسكرية التابعة لفرع 227، وجدت أن صاحب الصورة واسمه (أمجد يوسف) يحمل مفتاح كل شيء.

بعد الضغط على زر إرسال طلب صداقة، كان هناك نوع من التوجس والخوف لدى أمجد يوسف خاصةً وأنه في وضع لا يسمح له بتجاوز الحدود بما يخالف الشرف المهني السري الذي اعتاد عليه وقد حدث هذا جراء شكوكه من شخصية آنا.

ولكنه سرعان ما أصبح فريسة سهلة لآنا وبعد مرور ثلاثة أشهر على التواصل، اتصل أمجد بـ آنا مكالمة فيديو فـ عملت آنا على تسجيلها والرد على المكالمة.

كان يتمتم كثيراً لكون الشكوك لا تزال تراوده، ولكن تمثيل آنا المبهر وإعطاؤه انطباع الخجل والحياء تارة والضحك والتبسم بخفية تارةً أخرى، جعل هذا الجسد الوحشي يسترخي أكثر ويخفف من سيل الأسئلة التي أمطرها عليها.

ولاختصار تتمة القصة، فإن أمجد قد تحفّظ بدرجة كبيرة بالبوح الكبير عن أفعاله لذا حاولت آنا أن تتملص وتحاول أن تدخل إليه من باب موارب آخر، خاصةً بعد رؤيتها لمنشور عن أخيه المتوفي.

لذا وبعد أن اتصل بها أمجد ذات مرة، بدأت بسؤاله عن أخيه، فبكى أمجد وأخبرها بكل ما يخص حبه لأخيه وخوفه على والدته من أن تخسره هو الآخر.

ولكنه مرغماً على البقاء في قوى الأمن للانتقام، وهنا كانت الكارثة عندما اعترف بأنه أقدم على قتل الكثير من الناس لكي يبرد شيئاً من نيران روحه جراء وفاة أخيه.

وبعد فترة وجيزة من الزمن عزمت آنا على التخلص من هذه الشخصية والعودة إلى أنصار خاصةً وأنها بدأت تتعاطف مع الجناة لذا أرسلت إليه باسمها الحقيقي مقطع الفيديو وأخبرته أن هذا الفيديو يخصه فقال بتحدٍ أنه هو حقاً ولم يندم على فعلته!!.

ولكنه اتهم قوات الدفاع الوطني التي سربت الفيديو بأنهم مجموعة قتلة وخونة، وهنا هدد أنصار وحظرها على مواقع التواصل الاجتماعي وتم فقدان التواصل معه منذ ذاك اليوم.

مجازر أخرى ارتكبها أمجد يوسف

لم يكن الأمر يقف عند هذا الحد، فقد وصل لأنصار خبر أن هناك فتاة ترغب بمقابلتها وتدّعي أن أمجد قام بالاعتداء عليها واغتصاب عدد من النسوة هو وجماعته كما قالت، وهذا الأمر أصاب آنا باليأس فلم تبحث حوله أكثر.

ولكن الأمر سرعان ما تأكد بعدما وضحّت صحيفة “الغارديان البريطانية” أن زميل أمجد يوسف قد أكّد أن أمجد قد قام بعملية حرق للنساء بعد قتلهم!!.

حيث كان يختطفهم من على طابور الخبز مثلما كان يأخذ الرجال الذين قضوا نحبهم في تلك الحفرة على ما يبدو، ثم يغتصبهم ويطلق عليهم النيران ويحرقهم ضمن حفرة النار الأخرى بدلاً من حفرة تكديس ونقل الأرواح نحو بارئها.

ثم يقوم بإغلاق تلك الحفر بواسطة الجرافة في محاولة منه لإخفاء الأدلة حول أفعالهم الشنيعة تلك، وبحسب أقوال سكان حي التضامن وتأكيد زميل أمجد يوسف على هذا القول فقد تبين أن هناك أكثر من 12 مجزرة قد حدثت في حي التضامن وأن هذا الفيديو المسرب هو واحد من 27 فيديو آخر يبين مجازر أودت بحياة أكثر من 280 سوري على يد ميلشيات النظام السوري.

لا يزال إلى الآن أمجد يوسف ملاحق دولياً مع عرض مكافأة بآلاف الدولارات لمن يعطي أي معلومة عنه أو عن مكانه.

المصدر: الجزيرة + الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

فريال محمود لولك

الكتابة هي السبيل للنجاة من عالمٍ يسوده الظلام، ننقل بها سيل المعلومات لتوسيع مدارك القارئ المعرفية، أنا فريال محمود لولك، من سوريا، خريجة كلية التربية اختصاص معلم صف، وكاتبة منذ نعومة أظفاري، من وحي المعاناة وجدت في الكتابة خلاصي، ورأيت بها نور الله الآمر بالعلم والمعرفة، فاقرأ باسم ربك الذي خلق. فإن القراءة هي الطهارة لعقلك من كل جهل.
زر الذهاب إلى الأعلى