تعرف على أنواع النفس البشرية السبعة
إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ، ولهذا وجب تزكية النفس بما يرضي الله وعليه سنتعرف على أنواع النفس وموضع ذكرها في القرآن.
أنواع النفس البشرية
تعرف النفس البشرية بأنها الشخصية الفردية التي يتميز بها كل شخص عن غيره كما أنها منفصلة تماماً عن الجسد والعقل والتي يُنظر إليها بأنها مشابهة للروح وفي العموم فإن النفس إن صلحت فقد صلح حال الفرد وذلك لأن الفرد موجه لتكون سلوكياته أغلبها نابعة من النفس وما تأمره وبما أن النفس آمارة بالسوء فإن مهمة الشخص تكون في ترويض نفسه وتوجيهها لتتسم بالأخلاق السامية وتبتعد عن كل هفوات الحب والشهوة وغيرها، ودائماً ما يقع الخلاف حول تعريف النفس ومدى ارتباطها في الروح لأنهما وجهان لعملة واحدة بيد أن أحدهما لا سلطان لك عليه وهو الروح والآخر بإمكانك تغييره آلا وهو النفس، كما أن أنواع النفس عديدة ويصل عددها إلى سبعة ولكل منها توجهاً ومقصد تحاول به أن توجه أفعال الشخص وعليه فإن أنواع الأنفس هي:
1- النفس الامارة بالسوء
وهي المشابهة للنفس الحيوانية نظراً لكونها توجه الفرد بكل ما يرضي النزعة الشهوانية و تتغذى كلما رأت الإنسان غارقاً في المعاصي فيعد هذا حالة الإشباع لديها وتبدأ في توجيه الشخص أكثر نحو أي فعل يرضي النزعة الفردية وخاصةً في أيامنا هذه التي تجد بها الكثير من المغريات المعروضة أمام النوع الأول من الأنفس وهي الآمارة بالسوء فتبدأ بمحاولاتها لدفع الفرد لإشباعها وإشباع غريزته الحيوانية مستدلة بالكثير من المبررات التي تطرحها على الشخص ولهذا نجد الكثير من الناس في هذه الأيام مندفعين لممارسة أفعالهم وهم موجهين بتدفقات رغبات النفس وما تفعله لتحرض الحيوان الذي بداخلهم وذلك بسبب البعد عن الله وفرائضه التي تعمل على غسل الروح والنفس وتوجيهها بالشكل الصحيح لذا يتوجب على كل من يبحث عن نفسٍ بعيدة غير مندفعة بوساوس الشيطان على أن يروضها ويحفزها لتمشي على النحو المستقيم من خلال التقرب من الله والالتزام بعبادته لتنقية النفس من جميع الشوائب والتأرجح الذي بها.
2- النفس اللوامة
وهي أعلى مرتبة من أنواع النفس الخاصة في الفرد أي أنها تعلو النفس الآمارة بالسوء والتي تمثل الضمير الإنساني وهي نوع من المحاسبة الذاتية والتي يكون بها عقل الإنسان قد بدأ بالنضوج وبالفهم العميق للأمور التي تجعله يدرك الصواب من الخطأ فينتج عنه نوع من المحاسبة الذاتية للنفس ولومها وجلدها نتيجة أي فعل سوء وهذا بالنسبة للنفس الخيرة التي جاهدت لتكون خيرة أما بالنسبة للنفس التي غلب عليها شيطان الأمر بالسوء فإنها ملامتها ستكون على هيئة مغايرة تماماً، ولكن اللوم هنا يكون بسيطاً فلا يوجه إلا من هو ذا إيمانٍ قوي فتكون النفس بهذا مشابهة للروح الملكوتية التي تدعو الفرد لأن يوجه نفسه على الطريق المستقيم ويكسب الفضائل.
3- النفس الناطقة المتفكرة
في هذه المرحلة تبدأ معالم النضوج العقلي في الظهور ومدى تأثيره على النفس ووظيفتها وعليه تكون قدرات النفس في هذه المرحلة رهن جهود الفرد في ترتيب وتهذيب نفسه ونمو عقله بما يوجه نفسه في الطريق السليم، وهذا يجعل المراحل الثلاث الأولى التي ذكرناها بمثابة اللبنة الأساسية التي عليها يتم توجيه الفرد على قدر اجتهاده لأن يعمل على ترويض كل شعور ورغبة وكبحها بغية الالتزام بشريعة الله وما أمرنا به.
4- النفس العاقلة
أو النفس الملهمة والتي يصل بها العقل إلى النتاج الأخير من التعقل، وعليه يكون العقل هو الموجه الأساسي للإنسان وليس نفسه أي أن المرء يكون في هذه المرحلة من مراحل أنواع النفس الفردية قد وصل للإلهام الرباني الذي أضاء مسلكه، دون إنكار فكرة أنه في هذه المرحلة التي عمل بها على تزكية نفسه وترويضها بشكل يجعلها موجهة بحكم العقل والمنطق إلى أنه سيتعرض إلى ضربات وطوفانات قوية تحاول أن تجعل إيمانه متأرجحاً وتحاول أن تصرفه عن الطريق المستقيم الذي يسلكه بغية الإشباع الذي توسوس به النفس، وهنا تظهر قوة النفس العاقلة الملهمة بنور الله فتغلب القوى القاهرة العلوية تلك القوى السفلية الحيوانية والآجال والرغبات النفسانية.
5- النفس المطمئنة
من الواضح أننا لا نزال في المراحل التي تحاول صقل الرغبات وكبتها في حروبٍ شرسة تشنها على العقل الذي يحاول أن يوجه الفرد لتهذيب وتزكية النفس بالتقرب الديني الإيماني، إلا أن تلك الحرب لم تنتهي بعد والذنوب لم تنتهي أيضاً أي أن النفس لا زالت في تأرجح بين الممنوع والمرغوب بين الرجوع والنزوع وعليه يحاول المرء أن يرتب تأرجحات نفسه ويتفرغ للعبادة أكثر بغية الوصول إلى مرحلة النفس الهادئة المطمئنة حتى يطهّر قلبه من كل صدأ لهوى النفس.
6- النفس الراضية
في هذه المرحلة ستبدأ النفس بالكشف عن مدى ضعفها وهشاشتها أو قوتها بعد المحاولات الكبيرة لضبطها ومنع الهفوات من أن تجرف الشخص نحو حالة الإشباع الذاتي المخالف لأوامر الله والشريعة التي أمرنا الإسلام بها، وعليه ستتعرض النفس للامتحان الآخير وفي هذه المرحلة سيتبين مدى تهذيب تلك النفس وصفاءها لتثبت بهذا مدى كفاءة الفرد في ترويضها وتوجيهها بالشكل السليم.
7- النفس المرضية
وهي أسمى مراتب كمال النفس البشرية وأعلى مراحل أنواع النفس وهي مقام الوصل وتودد النفس الناطقة بالروح الملكوتية وبه تصل النفس للاطمئنان القلبي بعد انتهاء جميع الصراعات بين ميولها ورغباتها ومنافستها لكبح ذاتها بالتهذيب الإيماني والتعقل بغية مرضاة الله وتوجيه السلوك نحو الطريق الصحيح وتنتهي بهذا جميع الصراعات وتصل النفس إلى الدرجة السامية من عدم التأرجح بل فقط الرضا التام والخضوع لأوامر الله والبعد عن مغريات الدنيا وهفواتها.
ما هي انواع النفس بالقرآن؟
جميع أنواع الأنفس التي ذكرناها سابقاً كانت قد ذُكرت في القرآن الكريم وذلك لأن النفس هي البوصلة التي تبني ركيزة الفرد وتغلبه على سلطان الشيطان وإن هذا لا يتم إلا بتزكيتها بعد التعرف على أنواعها المختلفة في نفس كل فرد على حدى ومن الآيات التي تذكر صفة كل نوع من أنواع النفس نجد:
- النفس الامارة بالسوء: والتي ذُكرت في سورة يوسف: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
- النفس اللوامة: والتي ذكرت في سورة القيامة: {ولا أقسم بالنفس اللوامة}.
- النفس الناطقة الملهمة: والتي ذكرت في سورة العنكبوت: {وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ}.
- النفس العاقلة: والتي ذكرت في سورة الشمس وذلك في قوله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}.
- النفس المطمئنة: والتي ذكرت في سورة الفجر: {يا أيتها النفس المطمئنة}.
- النفس الراضية والنفس المرضية: أيضاً ذكرتا في سورة الفجر في قوله تعالى: {«يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً}.
ماهو الفرق بين النفس والروح؟
إن النفس قريبة للروح ولكن في حال اتصلت بالبدن فإنها تسمى نفساً، وإن الروح هي التي نفخها الله في العبد ولا حكم أو يد للفرد بها وإن خرجت من البدن فإنه يراد تسميتها روحاً فقط دون تسميتها نفساً أما إن اجتمعت في البدن فقد ينسب إليها اسم النفس، ولكن الفارق يكمن في أن الروح خلق عليها الإنسان ولا سلطة له عليها أما النفس فهي ما تكون في الإنسان وتعمل على توجيه سلوكياته وفي المقابل بإمكانه هو التحكم بها و تغييرها وتزكيتها عندما يحاول أن يجاهد نفسه على الابتعاد عن المغريات واتباع طريق نور الله ابتغاءً لمرضاته بما يجعل نفسه تعلو في جهادها لتصل إلى المرحلة التي ترضى بها وتطمئن بها بعدما عمل الفرد على تنقيتها من كل شائبة أو انجراف نحو الطريق الخاطئ.
ما هو فضل مجاهدة النفس عن الشهوات؟
في قوله تعالى :{إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، نجد أن الإنسان معرضٌ لأن يبقى دون مرشد دون نوراً في بصيرته ودون تغيير فيما يتعرض له وذلك لكونه لم يجاهد نفسه على أن يزكيها أو يغيرها مما عرّضه لأن يبقى تحت حكم نفسه وانجرافها نحو المذبذبات التي تؤرجح رضاه في الحياة فيصبح طماعاً شهوانياً لا يشبعه شيء نظراً لكونه ترك نفسه لنفسه وبقي دون مرشد لأنه لم يعمل على إصلاحها، مما يبين لنا أن فضل مجاهدة النفس قائماً في كونه يجعلك مع الله دائماً وفي حمايته وإيمانك العميق يجعلك كمن يمسك جمرةً يقذف بها نحو أي شيطان نفسٍ يحاول أن يغزوك ولهذا فإن فضل جهاد النفس يتجلى في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} أي أنك ستكسب فلاحك في الدنيا والآخرة، كما أنه فضل الجهاد في سبيل تزكية النفس يتمحور أيضاً حول الفوز برضوان الله وذلك نلتمسه في قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}.