أين تقع تدمر مدينة زنوبيا الشهيرة وأبرز المعلومات عنها
لؤلؤة الصحراء وأحد أهم المواقع الأثرية في العالم، مدينة زنوبيا الشهيرة، تعرّف الآن أين تقع تدمر ومعلومات متنوعة حول حضارتها وتاريخها الحافل.
أين تقع تدمر؟
تقع مدينة تدمر في جنوب وسط سوريا، على بُعد يعادل الـ (210) كم، شمال/شرق دمشق، وهي تتواجد على واحة تقع في المنتصف ما بين البحر المتوسط غرباً ونهر الفرات شرقاً وهو ما ساعد في جعلها منطقة وصل للعالم الروماني مع بلاد الشرق وبلاد ما بين النهرين.
أول ذكر كان مسجّل لتدمر، يعود لعهد (سرجون) الكبير (2334-2279) ق.م، حيث كشف عن أن تدمر كانت سابقاً قرية صغيرة تقع بجوار نبع (إقفا) وتُعرف المدينة أيضاً بـ اسم (بالمير).
ولكن سرعان ما تحولت من قرية إلى مدينة في عهد (السلوقيين).
وقد تمت تسميتها بـ اسم تدمر بسبب الحكّام الرومان في القرن الأول الميلادي، والتي تعني (أشجار النخيل) وذلك لكون المنطقة المحيطة بها غنية بأشجار النخيل ولُقّبت حديثاً بـ (عروس البادية) وتُعرف أيضاً بلقب (لؤلؤة الصحراء).
ما جعل تدمر أكثر شهرة، هو طريقها الذي أصبح من الطرق الرئيسية للتجارة ما بين الغرب والشرق وهذا تحديداً كان في القرن الثالث قبل الميلاد.
حيث خضعت تدمر للسيطرة الرومانية في عهدة الإمبراطور (تيبيريوس) إلى أن نالت استقلالها من روما.
تاريخ مدينة تدمر
بحسب موقع “Britannica” (المختص بالتاريخ والطبيعة والجغرافيا) فقد تبين أنه وتحديداً في القرنين الثاني والثالث الميلادي بدأت تدمر تزدهر رويداً رويداً، وبدأ نشاطها التجاري بالتوسع أكثر، ولكن مع الوقت وتحديداً عندما حلّ (الساسانيين محل البارثيين) في جنوب بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس، قد أثّر على التجارة الخاصة بتدمر بسبب إغلاق طريق الخليج الفارسي أمام قوافلها التجارية وحركتها الاقتصادية.
أدى هذا الأمر لأن يبدأ الرومان بإقامة حكم شخصي لعائلة (سيبتيموس أذينة الثاني) وهو مواطن روماني وأحد أعضاء العائلة الحاكمة.
حيث قام الإمبراطور (فاليريان) بعدما وقع في قبضة الملك الساساني (شابور الأول)، بتعيين سيبتيموس أذينة الثاني، حاكم لتدمر بعدما أثبت جدارته في محاولة حماية المدينة من شر وقوعها بين أيدي الساسانيين.
وترجح الإشارة إلى أن ابن الإمبراطور (فاليريان) قد منح سيبتيموس لقب المصحح، وقال أن سيبتيموس هو (حاكم كل الشرق) و(ملك الملوك).
ولكن فيما بعد، وبحسب السجلات الرومانية فقد بيّنت أنه قد تم اغتيال أذينة الثاني وابنه الأكبر (حيران) (وهو الوريث) الخاص للعرش، من قبل أوامر وصلت لاغتيالهم عبر زوجة أذينة الثاني الثانية واسمها (زنوبيا) وذلك لرغبتها في أن تنقل الحكم لابنها (وهب اللات).
بعدما نفذت زنوبيا مخططها في اغتيال زوجها وابنه الأكبر، استطاعت أن تعلن استقلال تدمر عن الرومان بعدما غزت جيوشها الأناضول (آسيا الصغرى)، ولكن لم يستمر الحال هكذا إذ قام الإمبراطور الروماني (أوريليان) باستعادة تدمر وتدميرها بتاريخ 272.
وأصبحت المدينة آنذاك مدينة مسيحية، فيما بعد استولى (خالد بن الوليد) على تدمر عام 634م، ولكنها في تلك الفترة فقدت أهميتها كمركز تجاري مهم، وفيما بعد قام الـ (التيموريون) بتدمير ما تبقى منها في أوائل القرن الرابع عشر.
وللأسف فإنها اليوم وبعدما كانت أحد أهم المدن التجارية المركزية، قد أصبحت مجرد إرث تاريخي حوّلها إلى قرية سورية عادية فضلاً عن تعرضها لانتهاكات مختلفة من قبل (داعش) في فترة تصاعد الأزمة السورية عام 2015م، أدى لتدمير الكثير من معالمها وخاصةً التماثيل التي تشير إلى تعدد الآلهة.
الجانب الزراعي في مملكة تدمر
اعتاد سكان تدمر منذ القدم لأن يعملوا بالزراعة وخاصة زراعة أشجار النخيل كما أنهم عملوا على تطوير أساليب الري وتنظيم قنواتها.
واهتم الكثير منهم بحفر الآبار والخزانات الخاصة بالرّي والأحواض وغيرها، فضلاً عن شهرة المدينة بالتجارة والفلاحة والصناعة وتربية الماشية.
لغة مدينة زنوبيا عبر التاريخ
كانت لغة تدمر سوريا سابقاً هي اللغة الآرامية، حيث تبين النقوش (الثنائية) التي تم كشفها عن طبيعة التجارة التي كانت قائمة في تدمر وتبادلها للبضائع مع الهند عن طريق الخليج الفارسي.
حضارة تدمر ومعالمها
رغم أن تدمر عاشت قروناً طويلة تحت حكم الإمبراطورية اليوناني الروماني وغيرهم إلا أنها تميزت بحضارة جعلت كل من يدخلها يدرك على الفور أنه دخل عالماً مختلفاً.
إذ تعتبر من أكثر المواقع الأثرية شهرة في العالم كما أن الوافدين إليها عبر التاريخ سابقاً كانوا بمجرد دخولهم يجدون أن السكان المحليين في تدمر يتحدثون بلغة جديدة مختلفة عما سبق لهم أن سمعوه، وهي اللغة الآرامية ولكن لم يكن الأمر يشكل قلقاً بالنسبة للوافدين فقد كان أثرياء تدمر يتحدثون اللغة اليونانية أيضاً (اللغة الإنجليزية الحالية).
كما أن لباس السكان المحليين تميز عن غيرهم لكونه كان محاكاً ومخيطاً مثل ملابسنا الحديثة، حيث أن الرجال في تدمر كانوا يرتدون سراويل واسعة، وفرسان تدمر كانوا أسياداً في الاستيراد والتصدير.
وضمّت تدمر معبداً سبق له أن كان للإله (بل) وهو إله بلاد ما بين النهرين، ومعبد (بعل) شمين، وأما عن تصميم المعبد فقد كان فريداً من نوعه لدرجة التعجب من شكله.
فضلاً عن وجود أعمدة ضخمة ذات إنشاء حضاري رائع، وآثار جنائزية، حيث أن تلك الأعمدة تمتد على طول شارع رئيسي يصل طوله لـ 1100 متر، علاوة على ذلك فإن المدينة تضم شوارع فرعية أخرى متمثلة بمباني تجمع بين تقنيات رومانية ويونانية وتأثيرات آرامية وفارسية وعربية.
علاوة على ذلك فقد ضمت المدينة متحف كبير تم إنشاؤه حديثاً ويضم الكثير من الآثار التي يتجاوز عمرها 30 قرناً، وأقدم نقوشها يعود إلى عام 44 ق.م، وأحدثها لعام 274م.
مدينة زنوبيا مركز آثري واضح
تم إدراج مدينة تدمر ضمن لائحة التراث العالمي من قبل اليونسكو واعتبرتها من أقدم المدن التاريخية، وكان من أشهر ملوكها العرب عبر التاريخ هم (أذينة الأول) و(زنوبيا) و(أذينة الثاني) و(حيران).
وقد أحدثت زنوبيا نقلة نوعية في تدمر مما جعل اسمها يرتبط باسم المدينة لكونها ساهمت بشكل كبير في التطور العمراني الذي نشهده الآن للمدينة وأمرت بتحصين المدينة بالعديد من القلاع مثل قلعة (حلبية) و(زلبية).
المصدر: History + Smart History.