أين كانت إنسانيتكم؟ – شركاء الوطن وشركاء الجريمة
أين كانت إنسانيتكم؟ في لحظات الشدائد التي كان فيها الشعب يدفع ثمن مقاومته، هل كان لديكم الشجاعة لتقفوا بجانب الحق أم اخترتم عبادة الطغاة؟
أين كانت إنسانيتكم؟
عندما كانت مدننا تُدمَّر واحدة تلو الأخرى، أين كانت أصواتكم؟ كنتم صامتين خانعين خاضعين لا تنبسون بكلمة، بل كنتم عبيداً لنظام الأسد، تبررون جرائمه، وتصطفون خلفه، تاركين أبناء وطنكم يُذبحون على الهوية، وتُغتصب نساؤهم، وتُقتل أطفالهم بلا رحمة ولا شفقة.
شركاء في الجريمة
لم يكن ما جرى خلال أربعة عشر عاماً مجرد صراع، بل كان جريمة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، وكنتم شركاء فيها، سواءً بصمتكم أو بمواقفكم المتخاذلة، كنتم تتحدثون عن الوطن، بينما كنتم شركاء في خيانته، وعن الإنسانية بينما كنتم تغضون الطرف عن أبشع الجرائم التي ارتُكبت بحق أهلكم.
اليوم أصبحتم أحراراً؟
أين كانت إنسانيتكم عندما كان أبناؤكم يقتلوننا، وعندما كانت دماؤنا تسيل على أرصفة الوطن؟ اليوم، بعد أن زالت هيمنة الأسد، وبعد أن عاد الوطن لأبنائه الحقيقيين، تأتون لتتحدثوا عن الإنسانية والحقوق، لتبكوا على الذين دافعتم عنهم يوماً، على مجرمين ساندتموهم بدم بارد؟
أين كانت إنسانيتكم يوم كنا نحترق بنيرانهم، ويوم كنا نموت جوعاً وحصاراً؟ هل أصبحتم أحراراً الآن فقط لأنكم استطعتم أن تتحدثوا دون خوف؟ أين كنتم عندما كانت صرخاتنا تُغرقها أصوات المدافع، وعندما كانت دموعنا تُجفّفها رياح الحرب؟ اليوم، بعد أن انكشفت الحقيقة، وبعد أن سقطت الأقنعة، تأتون لتتحدثوا عن العدالة، وكأنكم لم تكونوا شركاء في الجريمة؟
أين كانت إنسانيتكم عندما كان الوطن يُذبح أمام أعينكم، وعندما كان المستقبل يُدفن تحت أنقاض البيوت؟ هل أصبحتم أحراراً الآن فقط لأنكم استطعتم أن تتنفسوا هواء الحرية الذي كنا ندفع ثمنه بأرواحنا؟ نعم، اليوم أصبحتم أحراراً، ولكن تذكروا أن حريتكم هذه بُنيَت على جماجمنا، على دموعنا، على آلامنا، فهل تستحقونها؟
والله لو كنتم تملكون ذرة شرف وكرامة، لدفنتم رؤوسكم في التراب خجلاً من دماء الشهداء، خجلاً من خيانتكم، خجلاً من سنوات من الظلم كنتم فيها صامتين أو مشاركين، أما اليوم فلا تطلبوا تعاطفاً فلا عزاء لكم، ومن كان ينصر الظالم، فلا ينتظر من المظلوم أن يغفر له أو يعطف عليه، سبحان من أعز المظلومين وأذل الظالمين وعبيدهم.