ما هو إيذاء النفس وحكمه في الإسلام
هل قابلت شخصاً يتعمد إيذاء جسده بالجرح أو الحرق لتفريغ المشاعر المكبوتة داخله؟ هذا الشخص مصاب بمرض إيذاء النفس، تعرف معنا عليه وعلى أسبابه، وحكمه في الإسلام.
ما هو إيذاء النفس؟
إيذاء النفس أو جرح النفس (Self Harm) هو اضطراب يتعمد فيه الشخص إيذاء جسده بطرق مختلفة، لتفريغ المشاعر المكبوتة داخله، أو للتأقلم مع مشاعر الألم العاطفي أو الحزن أو التوتر أو القلق، ليشعر بعدها بالراحة، ولا يتعمد المصاب قتل نفسه أو إنهاء حياته، وتشيع الإصابة بجرح النفس بين صغار العمر بين عمر 12-14 عاماً، وتعد الإناث أكثر عرضة للإصابة به مقارنةً بالذكور.
حكم إيذاء النفس في الإسلام؟
يحرم الإسلام إيذاء النفس بأي شكل بإجماع أهل العلم، والدلائل على حرمته كثيرة في الكتاب والسنة كما في:
- قول الله تعالى “ولا تُلقوا بِأيديكُم إلى التَّهْلكة”.
- قول الله تعالى “ولا تَقْتلوا أَنْفُسكم إنَّ اللهَ كان بِكم رحيماً”.
- قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا ضرر ولا ضرار”.
كما أن دين الإسلام يضع أولوية لحماية النفس على قضاء فروض الله، فسمح الله تعالى للصائم المريض أو الذي يخشى على نفسه هلاكاً أن يفطر حفاظاً على نفسه.
أشكال إيذاء النفس
أشكال إيذاء الجسد كثيرة؛ ويقوم بها المصاب عادةً عندما يكون بمفرده، وتكون بالأسلوب ذاته في كل مرة، وفيما يلي أشهر تلك الأشكال:
- خدش أو قطع الجلد.
- طعن الجسم بأجسام حادة.
- حرق الجلد بالسجائر أو أعواد الثقاب، أو بتسخين بعض الأدوات مثل السكين.
- حفر كلمات أو رموز على الجلد.
- لكم النفس، أو العض.
- هز الرأس بعنف.
- إدخال أدوات حادة أسفل الجلد.
وبحسب موقع مايو كلينك الطبي؛ الأماكن الشائعة التي يستهدفها المصاب بالإيذاء هي الذراعين، والساقين، والصدر، والبطن، لكنه قد يؤذي أي مكان آخر بجسمه، والجدير بالذكر أن جرح النفس قد يكون اضطراباً مؤقتاً أو قد يتحول إلى عادة دائمة تتطلب التدخل العلاجي.
والجدير بالذكر أن المصاب بجرح النفس يظل بدائرة مغلقة من المشاعر التي قد تجبره على العودة لإيذاء نفسه من جديد، فطبقاً لموقع “MentalHealth” المتخصص في الاضطرابات العقلية؛ يشعر المصاب بضغط نفسي شديد لا يستطيع التأقلم عليه، فيلجأ إلى إيذاء نفسه، ثم يشعر براحة لكن مؤقتة، يتبعها شعور بالخجل والندم والخزي، فيعاود إيذاء نفسه مجدداً لأن سبب الضغط النفسي الذي مر به ما زال قائماً ولم يجد له حلاً.
أعراض إيذاء النفس
يظهر على المصاب بجرح النفس جروح أو حروق أو آثار لأي منهما، تكون في شكل نمطي متكرر، ويتعمد المصاب تخبئتها فتجده يرتدي ملابس ساترة ذات أكمام طويلة حتى في الأجواء الحارة، وتجده يختلق قصصاً وأعذاراً لهذه الجروح، كما تظهر عليه أعراض أخرى مثل:
- الميل إلى العزلة، والابتعاد عن التجمعات بالبيت أو العمل أو مع الأصدقاء.
- تجنب أي نشاط قد يضطره إلى كشف جسمه مثل الحفلات أو السباحة.
- تراجع أداؤه في المدرسة أو العمل.
- تغييرات في نظام نومه وأكله.
- تغييرات مزاجية حادة.
- تخبئة أجسام حادة عن عيون الناس.
ما الأسباب التي تدعو الشخص لإيذاء نفسه؟
يصعب تحديد سبب جرح النفس، فهو نتيجة عدة أسباب معقدة، أهمها هو:
- مشكلة بالتأقلم مع المشاعر بطريقة صحيحة.
- صعوبة فهم المشاعر والتعبير عنها.
- إثبات القدرة على تحمل الألم.
- الرغبة في جلب الشعور بالراحة عند التعرض لقلق شديد أو توتر.
- معاقبة النفس.
- تفريغ الغضب.
- الإلهاء عن المشاعر أو المشاكل العاطفية بالألم الجسدي.
- الشعور بالسيطرة على الجسم أو المشاعر.
- التعرض للإهمال أو الإيذاء الجنسي.
- التعرض للتنمر.
- مشاكل في تحديد الهوية الجنسية.
- مصادقة أشخاص يؤذون أنفسهم.
وذُكر في موقع “Cleveland Clinic” الطبي؛ أن هناك بعض الاضطرابات النفسية التي ترتبط بإيذاء النفس مثل:
- اضطراب القلق.
- التوحد.
- الاكتئاب.
- الاضطرابات الانفصامية.
- اضطراب ثنائي القطب.
- اضطراب الشخصية الحدية.
- اضطرابات الطعام.
- اضطراب النوم.
- اضطراب الوسواس القهري.
- اضطراب ما بعد الصدمة.
- إدمان الكحول أو المواد المخدرة مثل الحشيش.
علاج إيذاء النفس
لعلاج المُصاب بجرح النفس يقيم الطبيب الحالة، ويحاول تحديد السبب وراء هذا السلوك، وإن كان السبب أحد الاضطرابات النفسية أو العقلية المذكورة سابقاً؛ يضع الطبيب خطة لعلاجه بالإضافة إلى علاج سلوك إيذاء النفس نفسه عن طريق العلاج النفسي لتحديد العوامل المحفزة لهذا السلوك، وتعلم بعض المهارات مثل:
- مهارات التأقلم مع المشاعر والمشاكل العاطفية والنفسية.
- مهارات حل المشكلات بطريقة صحية.
- مهارات التحكم في الانفعالات الحادة.
- مهارات وطرق تعزيز الثقة بالنفس.
- المهارات الاجتماعية وتحسين العلاقات.
ويكون العلاج النفسي بجلسات فردية من العلاج المعرفي السلوكي، وجلسات من العلاج السلوكي الجدلي، والعلاجات المبينة على اليقظة الذهنية، والجدير بالذكر أنه لا توجد أدوية لعلاج جرح النفس، لكن قد يصف الطبيب دواء لعلاج الاضطراب المسبب لإيذاء النفس مثل الاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة وغيرها.
طرق تلهيك عن إيذاء النفس
من الأمور الهامة التي يجب أن يتعلمها مريض جرح النفس هي إيجاد طرق تلهيه عن إيذاء جسده عند التعرض للمواقف التي تدفعه لذلك، لذا جمعنا لكم أفضل هذه الطرق وأكثرها فعالية:
- اكتب المشاعر والضغوط التي تعاني منها على ورقة، ثم مزقها وارميها بعيداً كوسيلة للتخلص من هذه المشاعر.
- الكم وسادة لتفريغ مشاعر الغضب.
- خربش على ورقة باللون الأحمر.
- العب بمعجون الأطفال بتمديده والضغط عليه.
- تنفس ببطء ومارس بعض تمارين الاسترخاء والتأمل.
- أصرخ لتفريغ مشاعرك.
- ارتدي سواراً مطاطاً حول معصمك، وقم بشده وتركه ليسبب لك ألم طفيف يلهيك عن فكرة إيذاء نفسك، واستمر حتى تتخلص من مشاعرك السلبية.
- امسك مكعب ثلج بيدك، أو ضعه بفمك.
- اخرج لمكان عام، وقم بالتمشية قليلاً لتجنب الوجود بمفردك.
- قم بإحداث دوشة أو صوت عال بالعزف على أي آلة موسيقية أو النقر على أواني المطبخ.
- تواصل مع أحد أصدقائك أو مع فرد من عائلتك للتحدث معه، وليس من الضروري أن يكون على علم بإيذائك لنفسك.
- إلهي نفسك بسماع الموسيقى أو مشاهدة فيلم.
- مارس أي رياضة.
أسئلة شائعة
هل يقدم الشخص الذي يؤذي نفسه على الانتحار؟
لا يمتلك الشخص الذي يؤذي نفسه ميولاً انتحارية، فهو يسعى إلى إيذاء نفسه فقط دون إنهاء حياته، لكن قد تتطور حالته وتُخلق لديه ميول انتحارية، لذا ننصح بعدم إهمال الحالة ومراجعة الطبيب للحصول على العلاج المناسب.
هل هدف إيذاء النفس هو جذب الانتباه؟
لا، فلا يتعمد الشخص الذي يؤذي نفسه إلى جذب انتباه من حوله، بل على العكس فهو يخفي هذا السلوك عن الناس، مما قد يصعب اكتشاف إصابته بهذا الاضطراب.
هل يمكن الوقاية من جرح النفس؟
لا توجد وسيلة مؤكدة للوقاية من اتباع طريقة إيذاء النفس لتفريغ المشاعر، لكن يُمكن تقليل فرص الإصابة به بخلق بيئة اجتماعية صحية للطفل، وبيئة عائلية محبة، وتشجيعه على طلب المساعدة، وتطوير مهاراته المختلفة.