ما هي اقدم مدينة في سوريا ومعلومات شاملة عنها
سوريا ليست مجرد بلد بل هي ملحمة إنسانية تعكس قوّة الإرادة، هي أرض الشموخ وموطن الحضارات القديمة، سأذهب معك اليوم في رحلة إلى اقدم مدينة في سوريا.
ما هي اقدم مدينة في سوريا
تُعتبر مدينة (دمشق) هي اقدم مدينة في سوريا، و تُعرف بأنها واحدة من أقدم المدن المأهولة بالسكان في العالم، حيث يعود تاريخ الاستيطان البشري فيها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وقد لعبت دمشق دوراً مهماً عبر العصور في التاريخ والسياسة والثقافة، وكانت المدينة مركزاً حضارياً على مر التاريخ لأنها نقطة التقاء لكثير من الحضارات مثل الرومانية واليونانية، و احتوت على العديد من الثقافات والأديان وكان للإسلام دوراً بارزاً في تشكيل هويتها، ويتجلّى هذا التأثير بوضوح في (المسجد الأموي)، و تميّزت مدينة دمشق بطابعها المعماري وأسواقها القديمة ومعالمها التاريخية، و يرجع اسم دمشق في الأصل إلى كلمة “ديماشكا”، التي تعود بأصولها إلى اللغات قبل السامية، وتُعرف دمشق أيضاً باسم (الشام) وهو مصطلح شعبي يُستخدم للإشارة إلى منطقة سوريا ككل، و يُعتقد أن معنى الاسم هو جهة اليسار أو الشمال، وذلك بسبب موقع سوريا بالنسبة لشبه الجزيرة العربية.
تاريخ أقدم مدينة في سوريا
تُعتبر دمشق أحد المراكز الثقافية والتاريخية الهامة في الشرق الأوسط، إليك لمحة عن تاريخها بحسب موقع Britannica:
دمشق قبل الإسلام
لقد أدت الحفريات في المسجد الأموي إلى كشف النقاب عن آثار تعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، حيث ذُكِر اسم دمشق في سجلات إيبلا، وقد وُجدت إشارات لها على الألواح المُكتشفة في ماري التي يعود تاريخها إلى عام 2500 قبل الميلاد، كما تُبرز النقوش الهيروغليفية المُكتشفة في مصر الدلائل على أن دمشق كانت مدينة تخضع للغزو المصري في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، خضعت المدينة لفترات مختلفة من السيطرة، فقد كانت تتبع الهيمنة اليونانية حتى سقطت في أيدي الأنباط في عام 85 قبل الميلاد، و بعد 21 عاماً من الحكم الأنباطي دخل الرومان المدينة التي أصبحت لاحقاً مركزاً عسكرياً هاماً للجيوش التي كانت تحارب الفرس، و في القرن الثاني الميلادي أعلن الإمبراطور (هادريان) دمشق عاصمة للولاية، وفي فترة حكم (سيفيروس ألكسندر) أصبحت المدينة تحتفظ بلقب المستعمرة الرومانية.
دمشق بعد الإسلام
تبوأت دمشق مكانة بارزة مع قدوم الإسلام، حيث أصبحت العاصمة للخلافة الأموية خلال الفترة من 661م إلى 750م، وعندما تولى العباسيون الحكم تم نقل مركز الخلافة إلى بغداد، وفي عام 1076م وقعَت دمشق تحت سيطرة الأتراك السلاجقة الذين واجهوا محاولات الصليبيين للسيطرة على المدينة، لكن تلك المحاولات باءت بالفشل، و في عام 1260م، انتقلت عاصمة المدينة إلى المماليك المصريين الذين أبدعوا في تسويق المنتجات الدمشقية وأسهموا في جعلها وجهة تجارية مرموقة تجذب التجار من أوروبا، ومع ازدهار التجارة باتت دمشق هدفاً للمغول الذين غزوا المدينة وأخذوا الحرفيين والعلماء إلى (سمَرْقَند)، ولكن سرعان ما استعاد المماليك السيطرة على المدينة وعملوا جاهدين على إعادة إعمارها، واجهت دمشق كارثتين كبيرتين في العصر المملوكي، الأولى هي الطاعون الذي في عام 1348م، والثانية نهب المدينة عام 1401م، ليكون لهذه الكوارث أثر سلبي على اقتصاد المدينة و بنيتها.
الفتح العثماني
مع بداية هذه المرحلة خسرت دمشق مكانتها السياسية ولكنها احتفظت بأهميتها من الناحية التجارية، وكان أكثر ما يدعم اقتصاد المدينة حينها هو موسم الحج، فقد كان العثمانيون الذين نالوا لقب (حماة المدينتين المقدستين) يقومون بتنظيم الحج، فقد أدى هذا النشاط إلى تطوّر المدينة وازدهارها بسبب مركزها الحضري على الطريق بين الأناضول ومكة، و بلغ التطوّر العمراني ذروته بعد بنائهم خانين ضخمين جنوب المسجد الكبير، وتم إنشاء سكة حديد (دمشق _ المدينة المنوّرة) مما زاد من أهمية مكانة دمشق.
الحرب العالمية الأولى
عُدّت مدينة دمشق مركزاً استراتيجياً هاماً للقوات التركية والألمانية خلال أحداث الحرب العالمية الأولى، فقد استخدموها كقاعدة لقواتهم طوال فترة الحرب، و لتدخل بعد ذلك في مرحلة جديدة من تاريخها عندما احتلها الفرنسيون في عام 1920م، و استمر حكمهم حتى عام 1945، وعلى مدى تلك السنوات خاض أهل دمشق العديد من المقاومات ضد الاستعمار الفرنسي وشهدت المدينة العديد من الأنشطة السياسية كان أهمها تأسيس (حزب البعث) الذي كان يعمل لهدف أساسي هو إقامة دولة عربية واحدة ومستقلة، ومع تراجع القوات الفرنسية والبريطانية عن الأراضي السورية، تحقق الحلم الوطني عام 1946 حينما نالت البلاد استقلالها الكامل، لتُعلن دمشق رسمياً عاصمة لسوريا الحرة والمستقلة.
معلومات شاملة عن دمشق
لا بُد أن نتعرف أكثر على كل المعلومات التي تَخُص اقدم مدينة في سوريا، إليك أهم المعلومات عن مدينة دمشق:
الموقع
تقع دمشق عاصمة سوريا في جنوب غرب البلاد أسفل جبال لبنان الشرقية وعلى ضفاف نهر بردى، و تمتد على نحو 41 ميلاً مربعاً، و تُعد دمشق ثاني أكبر مدينة في البلاد من حيث المساحة.
المناخ
مناخ اقدم مدينة في سوريا يتميز بأنه مناخ شبه جاف، فهو حار جاف في الصيف وبارد نسبياً في الشتاء، والخريف والربيع تُعتبرا فترتين معتدلتين.
الاقتصاد
يعتمد اقتصاد مدينة دمشق بشكل كبير على الحركة الحكومية، إذ تُعتبر مركزاً للسياسة والإدارة الوطنية التي تضم مجموعة من المؤسسات العسكرية وخدمات استخباراتية، و تاريخ المدينة الغني على مر العصور ساهم في استقطاب صناعات جديدة، لاسيما قطاع النسيج، وفي مطلع التسعينات بدأ اقتصاد دمشق في التوسّع ليشمل مجالات متنوعة مثل النسيج والصناعات الكيميائية والغذائية، بالإضافة إلى مصانع الإسمنت والحرف التقليدية كفن النقش على النحاس، والأعمال الخشبية المُرصّعة بالصدف، كما أنها وجهة سياحية رائعة يأتي إليها الزوار من جميع أنحاء العالم.
السكان
تُشير الإحصائيات بحسب موقع Worldatlas إلى أن عدد سكان مدينة دمشق يبلغ حوالي 1.7 مليون نسمة، وأغلبية سكان مدينة دمشق ينحدرون من أصول عربية، أمّا الأقلّية فهم الأكراد الذين يبلغ عددهم حوالي 300 ألف فرد، و تضم المدينة مجموعة متنوعة من المجموعات الدينية، ويُشكّل المسلمون الأكثرية العُظمى في المدينة بينما يُشكّل المسيحيون حوالي 15 أو 20 بالمئة من إجمالي عدد السكان في المدينة.
التعليم
اللغة الرسمية لمدينة دمشق هي اللغة العربية، ويتمتع سكان مدينة دمشق بمستوى عالي من التعليم والأغلبية من السكان يعرفون قواعد القراءة والكتابة فبحسب ما ذكر موقع Britannica أن أكثر من تسعة أعشار الذكور وحوالي ثلاثة أرباع الإناث متعلمون، فالتعليم في سوريا مجاني، مما أدى إلى انخفاض نسبة الأميّة بشكل كبير في البلد.
أبرز المواقع الأثرية في دمشق
مدينة دمشق التي تُعدّ اقدم مدينة في سوريا هي من المدن الغنيّة بالمواقع الأثرية والتاريخية الهامة، إليك أبرز هذه المواقع الأثرية:
المسجد الأموي
يُعتبر المسجد الأموي من أروع المعالم الإسلامية في دمشق، وقد تم بناؤه في القرن الثامن الميلادي، و يتميز بعمارة فريدة وزخارف معمارية رائعة، وفيه مقام النبي (يحيى بن زكريا) ومقام رأس القدّيس (يوحنا المعمدان).
البيمارستان النوري
وهو من أهم المعالم الأثرية في دمشق وقد أصبح اليوم مقر متحف الطب والعلوم عند العرب.
التكية السليمانية
هي معمار تاريخي يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر، وكانت تُستخدم لإطعام الفقراء والمحتاجين، والآن فيها المتحف الحربي السوري وسوق المهن اليدوية.
قصر العظم
بناه والي دمشق الوزير(أسعد العظم )عام 1947م، وهو نموذج رائع للفن المعماري الإسلامي الذي يتميّز بالزخارف الجميلة، وقد تم تحويله إلى متحف يعرض الفنون والآثار السورية والتقاليد الشعبية.
قلعة دمشق
تقع القلعة في قلب المدينة القديمة وتعود تاريخها إلى العصور القديمة، فهي نموذج للفن المعماري العسكري الإسلامي في سوريا خلال العصر الأيوبي، فقد استُخدمت كحصن للدفاع عن المدينة على مر العصور، وتحتوي على معالم أثرية تعود لفترات مختلفة.
سوق الحميدية
سوق قديم يعود تاريخه إلى عام 1780م حيث قام السلطان (عبد الحميد الأول) بتشييده ولهذا سُميّ بسوق الحميدية، وهو من أشهر الأسواق التراثية في العالم، ويُعتبر مكاناً حيوياً للتسوق والسياحة حيث يضم مجموعة متنوعة من المتاجر والمطاعم.
مقام السيدة زينب
يُعتبر مزاراً مهماً للمسلمين، فهو يحتوي على ضريح (السيدة زينب) ابنة الإمام علي عليه السلام، و يأتي إليه الزوار من مختلف أنحاء العالم.
باب شرقي
يقع عند مدخل المدينة القديمة الشرقي، ويحافظ هذا الباب على طراز عمارته الروماني.