الفرق بين الهو والانا والأنا الأعلى ومعلومات شاملة عنهم

دوافع ورغبات يتغيب عنها المنطق والعقل يتبعها محاولة الوقوف كحد السيف لجعل الدوافع تظهر بمظهر حسن، ثم تأتيك المحاسبة لكل فعلٍ خاطئ، إنهم الأنا الأعلى والهو والأنا.

ما هي الأنا الأعلى؟

الأنا العليا هي المكّون الأخلاقي الخاص بكل فرد، إنها ضميرك اليَقظ وتتبع للعقل الواعي، والتي توفّر جميع المعايير الأخلاقية للأنا التي تسبقها، أي أنها تُمثّل دور الأب النَصوح الذي يعمل على توجيه الانتقادات وملء حياة الشخص بالقوانين والمحظورات لكي يَمشي على الطريق القويم.

إذ أن الضمير الذي يُقيم على الشخص محاكمة ذاتية ويفرض عليه جميع المحظورات ويضعها على الطاولة من أجل الارتقاء بالشخص أكثر، يكون بمثابة المنارة التي يستضيء بها كل فرد فضلاً عن أن الضمير الذي يبحث عن المعايير المثالية، يحوّل الأنا العليا، للأنا العليا المثالية والتي تبحث عن صورة الذات المثالية.

ولكن كيف تبدأ رحلة الأنا الأعلى بالنضوج؟

تختلف أصالة الأشخاص بين بعضهم البعض، ورُغم أنّ الفلاسفة لم يَحسموا أمر أصالة الخير والشر في النفس البشرية، إلا أنه بالإمكان أن نضع أمام أعيننا أن الأنا الأعلى أو الضمير يمكن لنا أن يُسقط الضوء على نوع المحاكمة الذاتية للأفعال، فهل هي تمرُّ مرور الكرام دون أدنى شعور بـ “عذاب الضمير”؟

أم أنها تُلاقي الكثير من الجَلد بعد القيام بفعلٍ خاطئ؟، ولكن للعودة لهذا السؤال، علينا العودة قليلاً إلى الأيادي التي تَصقل هذه الأنا الأعلى!!.

يبدأ الأمر في السنوات الخمس الأولى من حياة الشخص، حيث تتبلور النفس البشرية منذ البداية عبر الاستجابة للعقاب والموافقة من قِبل الوالدين، وهنا يبدأ الطفل بنسج الأفكار والروابط والمعتقدات والمعايير الأخلاقية التي يُوجهها إليه والديه.

وهذا الأمر يدفع بالأنا الأعلى للتماهي مع تلك المعايير التي فُرضت من الوالدين، وتُقيم لنفسها خطًّ تُحدد بها جميع المحظورات من أجل تحويل الطفل لكائن ذو ضمير يَقظ يندمج مع المجتمع بالطريقة التي حُيكت به شخصيته من قبل والديه.

وبعد أن تُنسج خيوط الأنا العليا بما تبرمجت عليه من قبل الوالدين والبيئة، تبدأ ببث شعور عدم الرضا عندما لا يَعمل الشخص بتوجيهاتها التي أرادت له أن يفعلها بما تناولته من المعايير وتبنته.

وتتطور الأنا العليا شيئاً فشيئاً وتبدأ بالتقلّب بين ما يعترض الشخص من قواعد أكبر لأنظمة مجتمع أوسع وتُعيد توسيع نطاق معاييرها بما يتناسب أيضاً مع معايير المجتمع.

وهنا نكون قد فَهمنا الآلية التي تَعمل بها الأنا العليا، وكيف بدأت مسيرة تشكّلها من خلال الوالدين منذ طفولة الشخص إلى البيئة والمجتمع وتماهيها معهم.

ما هي الأنا والهو؟

بينما عَلمنا أن الأنا العليا هي الضمير وتقع في العقل الواعي الذي يُحكّم الشخص ويوجهه ليتكيف مع جميع المعايير الأخلاقية، نجد أن الأنا التي تسبقها تقف في منتصف الشعور وتحول بين العقل الواعي (الأنا العليا) والعقل اللاواعي (الهو).

مما يعني أن الأنا هي جزء من الشخصية الإنسانية والتي يتم اختيارها باعتبارها الذات، حيث تكون على اتصال بالعالم الخارجي من خلال الإدراك أي الجزء الذي يُخطط ويتذكر ويستجيب للعالم المادي.

أما عن دور الأنا، فإنها تتوسط بين العالم الخارجي والداخلي وتعمل كمدمج لهما، حيث أنها تحاول أن تُعطي الاتساق للسلوك والاستمرارية عبر توفير نقطة مرجعية تقوم بربط أحداث الماضي بالأفعال الحاضرة والمستقبلية.

أي أنها منذ نشأتها في الحياة المبكرة للشخص، تبدأ بالنضوج نتيجة تفاعل الطفل مع المحفّزات، ورغم أنه لا يستطيع مقاومتها أو توقعها، إلا أنه يحاوّل التكيف ويطوّر آليات معينة للسيطرة على التوتر، وهذا يدفع بالأنا للنضوج أكثر ومعرفة الأمور والمحفّزات التي من شأنها أن تعكس استجابة معينة قد تؤدي لأن يتعرض الفرد للتوتر.

مما يعني أنها تحاول الفصل بين التحفيز والاستجابة وتأخيرها بعد فترة من النضوج، حتى تستطيع أن تُساعد نفسها على تأخير الاستجابة ومحاولة الاستعانة بالتخيّل والتفكير الذي من شأنه أن يُبين لها عواقب أمر ما نتيجة التعلّم من المحفزات الأولية والسلوكيات التي حدثت في الطفولة.

هذا يُشير إلى أن الأنا تحاول أن تقف حائل بين الرغبات والدوافع وخروجها على العالم الخارجي، من خلال تأخيرها إلى أن تستطيع تنشيط التخيّل أكثر للتحقق من عواقب السلوك إن خرج، وكل هذا نتيجة تراكم ذكريات الماضي فيها التي تساعد على التفكير وتوسيع نطاقه أكثر.

وبعد النضوج أكثر، تكون الأنا عبارة عن آلية دفاعية بين الهو والأنا الأعلى، حيث تُدرك أكثر العالم الخارجي وتعلم تماماً ما ترغب به الذات (البصيرة) فتعمل على تنظيم الأنشطة وتأخيرها لكي تحافظ على الجداول والخطط.

وتتيح الفرصة أكثر لمتابعة القرارات والاختيار بين البدائل الأخرى.

أما بالنسبة للهو فإنه يُمثّل الجزء الذي يهتم بالغرائز والدوافع اللاواعية، مثل الجنس والعدوان، بالإضافة إلى جميع المواد النفسية الموروثة، إذ يمكن اعتبار الهو أنه الغافل عن العالم الخارجي ولا يهمه سوى التصرّف بعكس المنطق والعقل، أو بمعنى أصح، أن يُطالب بكل شيء يخالفه العقل والمنطق.

لأنه يندفع في نطاق العقل اللاواعي ويعمل على إيواء الدوافع المتضاربة والمتناقضة، على مبدأ المتعة والألم فيندفع للمطالبة بدوافع بغية تحقيق الاكتفاء أو الرضا أكثر.

ويمكن تحليله وفهم دوافعه وما يُبطنه عن طريق تحليل الأحلام.

الفرق بين الانا والانا الاعلى والهو؟

بما أننا فَهمنا أن الهو يُمثل الدوافع والرغبات ويبتعد كل البعد عن المنطق والتفكير ويندرج في قسم العقل اللاواعي، وأن الأنا تتوسط بينه وبين الأنا الأعلى وتحاول أن تمنح بعض الوقت للتخيل والتفكير وتذكر الماضي من أجل توقّع ما يمكن أن يحدث وتُجنب الفرد شعور التوتر إزاء الاندفاع نحو متطلبات الهو.

والأنا العليا تُمثّل الضمير الذي يعمل على توجيه الأنا أكثر والقبض على يدها وتحكيمها فهذا يدلّنا على الفروق فيما بين الأجزاء الثلاثة للنفس البشرية بحسب “نظرية فرويد” ببساطة.

وتجدر الإشارة إلى أن اللاواعي يمثّل الجزء الأكبر من العقل، بينما الواعي يمثّل نسبة 10% فقط من العقل، إذ أن اللاواعي يندفع لتحقيق الرغبات دون تفكير في المستقبل أو خواطر الفعل، بينما الأنا تحاول أن تحقق التوازن بطريقة أكثر تحضّراً مما يندفع بها الهو.

ولتمثيل الموضوع، يمكن لك أن تتخيل أنك عندما تَشعر بالجوع، فإن الهو سيحاول تعزيز اندفاعك بأن تبحث عن الطعام أو تسرقه او تأكله حتى وإن كان نيئاً وذلك بحسب الغريزة الحيوانية داخل كل شخص ودون أن يُفكّر في عواقب الأمر، بينما الأنا تُقنعك بأنه يمكنك تناول طعام عبر شراؤه أو تنتظر حتى تعود للمنزل وهكذا ستقدم لك حلولاً تتوافق مع معايير المجتمع وتُجنبك الوقوع في شيء قد يجعلك في حالة توتر وحزن.

وأما الأنا العليا فإنها المحكمة التي تقوم بجَلدك في حال كانت مبرمجة على النهج الصحيح الذي يتوافق مع المعايير الأخلاقية وانت أخطأت واندفعت نحو رغبات الهو دون أن تُحكّم الأنا في فعلك هذا، لذا تبدأ الأنا العليا بمحاسبتك ومحاولة إيقاظك لما تفعل.

المصدر: Britannica + Verywell Mind + Simply Psychology.

هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكراً لملاحظاتك.

فريال محمود لولك

الكتابة هي السبيل للنجاة من عالمٍ يسوده الظلام، ننقل بها سيل المعلومات لتوسيع مدارك القارئ المعرفية، أنا فريال محمود لولك، من سوريا، خريجة كلية التربية اختصاص معلم صف، وكاتبة منذ نعومة أظفاري، من وحي المعاناة وجدت في الكتابة خلاصي، ورأيت بها نور الله الآمر بالعلم والمعرفة، فاقرأ باسم ربك الذي خلق. فإن القراءة هي الطهارة لعقلك من كل جهل.
زر الذهاب إلى الأعلى