ما هو مفهوم التنمية البشرية وأهدافها
إن تأمين سبل الحياة الصحية والمعيشية، يساعد في دفع عجلة التقدم للفرد والمجتمع، وهذا في المقام الأول هو وظيفة وهدف التنمية البشرية، تعرف عليها الآن.
تعريف التنمية البشرية
الإنسان بطبعه اجتماعياً ويبحث عن سبل تجعله يوطد العلاقات الاجتماعية القائمة وكيفية الاندماج في المجتمع ومواكبة تطوراته بحيث يحقق الاندماج بما يلبي رغباته ويرضي حاجته الفطرية التي نشأ عليها، وعليه فإن التنمية البشرية هي التي تعمل كصلة وصل تحقق للفرد تنمية لقدراته حتى يستطيع الاندماج وممارسة أنشطته بما يتكافأ مع متطلبات المجتمع والحياة الاقتصادية والسياسية وغيرها، لذا فإن المفهوم الأساسي الذي تقوم عليه هذه التنمية هي فكرة التطور الاجتماعي لأن العنصر الأساسي للحياة الاجتماعية هو الإنسان ويلزمنا توطيد علاقته مع نفسه ومع الآخرين بما يجعله يتماشى مع سيرورة الحياة والمجتمع ومتطلبات التطور بحيث يتم العمل على تلبية حاجة الإنسان المادية والتي تعنى بالخبرات المهنية التي يحتاجها كل فرد لممارسة نشاطه بحنكة وأيضاً حاجة الإنسان الروحية المتمثلة بالوصول إلى القيم العليا والأخلاقية بما يحقق التوازن النفسي وهذا ما تعمل عليه التنمية والتي تحرص على توطيد العلاقة القائمة بين المادة والروح وتيسير السبل للوصول إليهما.
مما يعني أن التنمية البشرية تسعى لتحقيق الحرية الفردية والفرص المعيشية الطبيعية وذلك من خلال تحسين قدرات الناس لتحقيق الرخاء لأنفسهم بأنفسهم بعد محاولة دفعهم للأمام، إذ نصت الأمم المتحدة في مؤشر التنمية البشرية إلى أن التنمية تتألف من ثلاثة أبعاد رئيسية وهي تحقيق حياة صحية للأفراد وحق امتلاك المعرفة والتمتع بمستوى معيشي لائق، لذا كان هذا من الأهداف الرئيسية التي ينتج عنها عند توفيرها فرداً متزناً قادراً على عيش حياته الاجتماعية بشكلٍ صحيح ومجتهد لتحقيق التقدم في حياته ومجتمعه.
أهداف التنمية البشرية
بما أن الركيزة الأساسية التي تقوم عليها مبادئ التنمية هي الفرد وكيفية تحسين قدراته من أجل بناء الحرية الفردية فإن هذا يوضح لنا أن أهدافها تسعى إلى:
- تنمية المعارف والمهارات للأفراد وذلك لأن هذا يحقق لهم القدرة على الاندماج في الواقع الاقتصادي والمهني والعملي وذلك من خلال دعم الأنظمة التعليمية بما يحقق لهم بناء قاعدة علمية قوية تسمح لهم بدخول سوق العمل والاندماج.
- تأمين سبل للعيش في بيئة صحية، وذلك يتم من خلال تقديم خدمات صحية وتعزيز المرافق الصحية الخاصة بالرعاية الطبية.
- تأمين مستوى معيشي لائق بكل فرد وذلك من خلال تلبية حاجاته الاجتماعية وتأمين حياته وتقديم الإعانات الإغاثية للفقراء بغية تحقيق التوازن الطبقي وتقليل الفوارق الطبقية.
- محاربة العنف والابتزاز التي يتعرض لها الأفراد وفرض القوانين التي تعمل على حماية حقوق الإنسان وحقه في العيش بأمان.
- العمل على تجنب حوادث العمل التي بإمكانها إحباط الأفراد وعدم إنتاجيتهم وبالتالي ضعف المؤسسات التي يعملون بها وعدم تحقيق الإنتاج والتطوير اللازم.
- الاهتمام بالجانب المعنوي للأفراد والتنبه إلى أهمية تعزيز معنوياتهم لأن العمل على تحقيق الرخاء النفسي لهم يؤدي إلى رفع الكفاءة الإنتاجية في العمل وتحقيق التطور المطلوب وإضافة قيمة للعمل أكثر.
- معالجة البطالة وتحقيق فرص العمل للأفراد بما يضمن لهم الاندماج الاجتماعي والمهني معاً.
فوائد التنمية البشرية
إن تحقيق التوازن النفسي للأفراد وتأمين مستوى معيشي وصحي لائق بهم يدفع بهم إلى تجاوز التحديات التي تعمل على إحباط عزيمتهم في تطوير أنفسهم، لأن البيئة المريحة والتي تتوفر بها جميع سبل الحياة الطبيعية والتي تشجع على التعزيز المعنوي والنفسي تساعد في المقام الأول على إرضاء الذات وشغلها في بناء وتطوير النفس بدلاً من التفكير في الظروف المعيشية السيئة أو إشغال الفرد بالمؤثرات السلبية والصحية والتعليمية التي لا تساعده على تطوير نفسه، مما يعني أن فائدتها تكمن في تحقيق النجاح على المستوى الشخصي للفرد في المقام الأول وتحقيق النجاح على المستوى الاجتماعي وبناء وتطور المجتمع وتحقيق التطور في عجلة الحياة الاقتصادية والإنتاجية لأن كل شخص يحيا في بيئة مريحة سيكون قادراً على تحقيق الإنجازات والسعي المستمر لتطوير نفسه ومجتمعه خاصةً بعد تعزيز الثقة بنفس كل فرد بما يجعله يسعى لإظهار ابداعاته على مختلف المستويات بما يحقق التطور المجتمعي والذاتي.
مفهوم التنمية والموارد البشرية
يعتقد الغالبية أن هناك ارتباط وثيق بين مجال التنمية البشرية وتنمية الموارد البشرية، ورغم أنهما وجهان لعملة واحدة ويعملان على تحقيق الحرية الفردية وتطوير الأفراد وتحسين قدراتهم إلا أن الاختلافات بينهما ترتكز بشكل رئيسي على الأهداف الرئيسية التي يقوم عليها كل مفهوم منهما، والتي تتمثل في:
- تسعى تنمية الموارد البشرية على تحسين الكفاءة الخاصة للعاملين في المؤسسات الحكومية والخاصة بيد أن الأخرى تسعى إلى تحسين قدرات الأفراد عامةً بغية دخولهم في سوق العمل.
- تسعى تنمية الموارد على تحسين بيئة العمل وإرضاء العاملين ضمن مؤسساتها وتحقيق التعاون بين فريق عملها، ولكن الأخرى تسعى إلى تحسين الوضع المعيشي بالعموم والبيئة المعيشية للأفراد عامةً بغض النظر إن كانوا مندمجين في الحياة المهنية أم لا، بناءً على حقهم الذاتي في العيش في بيئة معيشية مريحة.
- تنمية الموارد تسعى لتطوير العاملين ضمن مؤسساتها إلا أن التنمية البشرية تسعى لتطوير الأفراد ككل.
- وهذا يبين لنا أن تنمية الموارد البشرية هي جزء من التنمية وهي تختص ضمن بيئة معينة ولكن التنمية البشرية هي أكثر عمومة وشمولاً بحيث تشمل جميع الناس بمختلف أطيافهم وأعراقهم وأعمالهم وأوضاعهم.