الثورة السورية بين نبل الهدف وأطماع الطوائف

لم تقم الثورة السورية حبّاً بالتخريب، ولا سعياً للتفرقة، بل خرجت لتنفض عن هذا الشعب المظلوم غبار العبودية الذي طال عقوداً في عهد الأسدين المجرمين.

الثورة السورية ومكر الحاقدين

الثورة السورية أقيمت لأهداف سامية، فهذه الثورة أقيمت لرفع الظلم عن شعب عانى الويلات، عن شعب عانى الكثير من الظلم في عهد الأسدَين الأب ملعون الروح حافظ الأسد والابن المجرم بشار الأسد أبداً ما قامت هذه الثورة بغية تقسيم سوريا، بل إن الشعب السوري قام بهذه الثورة التي فُرضت عليه.

التضحيات والمآسي التي مر بها الشعب السوري

اليوم نرى الكثير من شركائنا في الوطن الذين لديهم نوايا خبيثة والذين لم يكونوا عوناً لنا إطلاقاً طوال 14 عاماً من الظلم والقتل، فكنا نقتل بشتى أنواع الأسلحة وكانت تغتصب نساؤنا، وكل العالم يعرف كم خسرت سوريا وكم استشهد من الشعب السوري طوال 14 عاماً، دمرت مدن بأكملها، قُصِفت المساجد، دُمرت المشافي والمدارس، أكثر من مليون شهيد، وأكثر من نصف مليون معتقل بين مغيب ومفقود، 15 مليون لاجئ سوري في بلاد الغربة.

وحين انتصر الشعب السوري وأتت دولة حرة من جلد الشعب، لم يعجب ذلك شركاء الوطن، والذين هم بعض الدروز وبعض العلويين وبعض الشيعة والأخوة الأكراد وقلة قليلة من المسيحيين، فاليوم الدروز مقسومون إلى نصفين؛ نصف يريد حكماً ذاتياً ويريد تقسيماً ويريد إسرائيل، وقسم آخر يريد أن يلتحق بالدولة الجديدة، والآخر لا يعرف ماذا يريد.

أما العلويون الذين كانوا يعرفون بأنهم أنصار الأسد فلا يعجبهم الوضع إطلاقاً، ولا يمكننا أن ننكر أنهم كانوا من المستفيدين من نظام بشار الأسد، ففي سوريا عندما كان الحكم لآل الأسد، كان لهم الكثير من الامتيازات حيث كان أصغر مجند علوي قادراً على إهانة أكبر ضابط في جيش الأسد وكان لهم سلطة كبيرة أكثر مما تتصورون.

طبعاً لا يعجبهم الوضع الآن إلا قلة قليلة منهم، فيحيرون اليوم ماذا يريدون أن يفعلوا، هناك اختلاق للأكاذيب وتضليل للحقائق ومظلوميات كاذبة، إلى آخره،

أما الشيعة فلهم حجج كثيرة منها مرقد زينب عليها السلام، ومنها أن الدولة السورية بقيادة أحمد الشرع إرهابية وداعشية، إلى آخره، أما الأكراد أصحاب حلم كردستان فهم يحلمون اليوم بدولة خاصة بهم، التي بزعمهم سُلبت منهم منذ الأزل.

نحن ليس لدينا أي مشكلة معهم، فهم فعلاً شركاؤنا في الوطن، ووطننا هو وطنهم، ولكن فئة كبيرة منهم لا تفهم ذلك وتريد دولة وتريد أن تأخذ أراضي غيرهم من الشعب السوري، ويريدون نصف النفط الخاص بسوريا ونصف الخيرات ونصف سوريا لهم، أما المسيحيون فقلة قليلة منهم يتشائمون ولا يعجبهم الوضع ولكن الحق يقال لانرى منهم مانراه من بقية الطوائف الأخرى.

أطياف الشعب السوري على السوشيال ميديا

وأنا أتحدث عن هذه الأمور من خلال رؤيتي لجميع أطياف الشعب على السوشيال ميديا، وجميع هؤلاء الذين ذكرتهم من طوائف يطالبوننا نحن السنة بعدم الطائفية وعدم الانحياز، ولكن عندما تراهم على السوشيال ميديا وترى تعليقاتهم ومنشوراتهم، فإنك ستشعر بالقرف لأنهم يسبون ديننا ويسبون سيدتنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها، ومنهم من يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسبون بني أمية، وأيضاً يقومون بمتابعة الصهاينة والإسرائيليين والشد على يديهم ضدنا نحن السنة.

منذ متى كان الشعب السوري هكذا؟ أنا لا أتحدث عن عبث، يمكن لأي شخص أن يذهب إلى تويتر أو تيك توك أو فيسبوك ويرى اللايفات التي يخرجون بها ويرى تعليقاتهم عند الصهيوني أيدي كوهين وغيره من الصهاينة، وعدا عن ذلك فإنهم يقومون بتضخيم الأمور فاليوم وكل يوم لديهم ترندات جديدة مثل الخطف والقتل وما شابه ذلك، علماً أن هذه الأمور تحصل منذ زمن النظام السوري المجرم، نظام بشار الأسد، وإلى الآن هي تحصل.

الانتقادات الموجهة ضد الشعب السوري السني

نعم تحصل بعض الانتهاكات من الشعب السوري السني، ولكن قلة قليلة، ولم يحصل بهم مثل ما حصل على مدى 14 عاماً، فهذا شيء طبيعي؛ بلد خرج من 14 عاماً من القتل والدمار والذبح باسم الطوائف، شيء طبيعي أن يخرج من أبناء السنة بعض الأشخاص المجرمين وضعاف النفوس.

ولكن شركائنا في الوطن لا يعجبهم أي شيء إطلاقاً، وأي مشكلة أو جريمة يرتكبها أحد، فوراً يصبونها بحقد علينا وعلى الثورة السورية، ومنهم من لا يعجبه الكهرباء ولا الماء ولا الإنترنت ولا المعيشة ولا أي شيء، يجعلونك تشعر أنهم كانوا في زمن بشار الأسد يعيشون برفاهية وكالملوك.

اليوم المعيشة في سوريا أصبحت أفضل من قبل؛ لأن هناك حكومة تعمل ليلاً نهاراً لكي يستريح شعبها من الحروب والقتل والدماء والفقر، ونفس هؤلاء شركاؤنا في الوطن كانوا يروننا نُذبح وصمتوا وأغلبهم كانوا يهللون ويطبلون للجلاد.

فمن الطبيعي ألا يعجبهم الوضع؛ لأنهم وبكل صراحة وببساطة لا يريدون حكماً سنياً ولا يريدون أن أبناء الشعب السوري السني أن يعيشوا، يريدوننا دائماً أن نكون تحت وطأة الظلم، وأن يظل بشار الأسد وأعوانه يقتلون فينا إلى يوم القيامة.

وأنا لا أتحدث عن فراغ يمكن لأي شخص أن يذهب إلى السوشيال ميديا ويراهم ويرى أفعالهم وشتائمهم وطعنهم بعرض الشعب السني، تخيل أنهم حتى علم سوريا الجديد لا يرفعونه ولايعترفون به، لأن العلم الجديد هو علم الثورة، هم يريدون علم النظام المجرم.

ومع ذلك، ورغم الحقد والمكائد ومحاولات تشويه الثورة وإعادة عجلة الزمن إلى الوراء، ستظل سوريا شامخة كجبل قاسيون، عصية على الانكسار،تكتب تاريخها بمداد من صبر وشجاعة، وستزدهر بعون الله ثم بعزيمة شعبها الأبي، وستبقى أرض الشام منارةً للأحرار مهما اشتدت العواصف.

هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكراً لملاحظاتك.

حسيب أورفه لي

مؤسس ومدير المحتوى النصي والمرئي في موقع برو عرب وخبير في مجال الويب وساهمت في تطوير وتنمية العديد من المواقع الإلكترونية وأعمل بجد لتقديم محتوى ذو جودة عالية ومعلومات قيمة للقارئ العربي.
زر الذهاب إلى الأعلى