الجيش السوري درع بشري بـ اسم الوطن والصمود

هيكلة الجيش السوري في أيام النظام الأخيرة، إشارة كانت إلى محاولة الأسد لتغيير دماء جيشه، جميع تلك الأمور تضعنا أمام تحليل لاستخدامه لفقراء الجيش كـ درع بشري.

الجيش السوري درع بشري لصالح الحاكم البعثي!!

منذ بزوغ فجر الحرية سنة 2011م، وزعزعة الأمور التي آلت إلى إقامة الحد بين الشعب السوري لتقسيمه إلى جزأين، أحدهما ينادي بالحرية ويقاتل من أجلها، والآخر يرفضها إما لمصالح سياسة واقتصادية له، أو بسبب اقتناعه التام بالوطنية وبأن صوت الحرية يُخفي وراءه نزعات ورغبات أخرى غايتها تقسيم سوريا والتآمر عليها، فـ إلى أين آلت الأمور؟.

منذ أن اندلعت الثورة السورية، لم يكن للأسد سبيلاً سوى استخدام الطائفية للبقاء على الكرسي ومن ثم عمل على نشر الترهات الوطنية التي صدقها الكثير من الشعب الفقير آنذاك، وآمن بفكرة أن من طالب بالحرية لم يكن صوته أعزلاً إنما طلبها بقوة السلاح وهذا يُشير أولاً وأخيراً على أن أهدافه ليست حقيقية!!.

لذا كان الكثير من الجيش السوري يؤمن بأنه يُقاتل من أجل حماية الأرض، متناسياً بهذا فكرة أن الجيش السوري الحر في المقابل يُقاتل من أجل حرية الأرض والشعب أيضاً!!.

ولكن كلّاً منهم لم يتلاقوا في نقطة، لأن الأسد كان يحول بينهما، ويقنع الجيش السوري بأن ما يحدث هو مؤامرة كونية ليس هدفها الإطاحة به فحسب، إنما الإطاحة بالأرض وتقديمها لقمة سائغة للأطماع!!.

ولا يمكن التغافل عن فكرة أن الجيش السوري أيضاً ينقسم إلى قسمين، أحدهم يؤمن بفكرة حماية الأرض، والآخر يستخدم أولئك الضعفاء في القسم الأول لتحقيق غاياته وسيادته ومكاسبه الباطنية من تلك القوى العسكرية التي تناضل بحق.

ولكي أكُن أكثر وضوحاً، سنبدأ بترتيب الهيكيلية التي يتألف منها النظام ككل وهي كالتالي: الأسد وميليشياته وهم المندفعين لمصالحهم الشخصية في السيادة والسيطرة المالية، يليهم القيادات الكبرى والمستفيدين الأكبر أيضاً من كل شيء وأصحاب الشعارات الوطنية الذين يحرصون على تعزيز معنويات الجيش والشعب للمواظبة على اندفاعه ودافعيته.

ثم ننتقل للجيش الذي ينقسم أيضاً إلى فئات، منهم من لا يمتلك ذرة إنسانية ولا يهمه وطنية أو غيرها إنما يهمه فقط تقديس “بشار الأسد” والقتل بـ اسمه، والآخرين هم الضعفاء أولئك الذين آمنوا بفكرة الأرض وحمايتها ورغم هذا لم يُقدموا على رفع السلاح في وجيه أخيهم السوري، ووجدوا أن للأرض حقٌ عليهم لحمايتها.

مفاتيح السياسة بتكنيك اغتصاب العقل!!

هل سبق لك أن سمعت بمفهوم اغتصاب العقل؟ هذا المفهوم يوضح أسلوب التحكم بالعقل والتلاعب بالمعتقدات والسلوكيات البشرية بهدف التأثير بالفرد وتوجيهه حسب المصالح السياسية أو الاقتصادية أو الأيدولوجية أو أياً كان، ويكون هذا التحكم بطريقة غير مباشرة حيث لا يشعر الفرد بما يتم إسقاطه عليه.

غسيل الدماغ هذا، تتبعه الدول الكبرى في سياساتها عندما ترغب في ميل كفة الميزان لصالحها، حيث بيّن لنا المؤلف (جورج أوريل) في كتابه واسمه (1984) أن الحكومات والمؤسسات تقوم بدور غسيل الدماغ للمواطنين وفق سياساتها وأفكارها، وهذا العمل أحدث ضجة بين الأوساط وأصاب الناس بالهلع والذعر مما عرفوه!!.

لأن الكاتب وصف أولئك الناس بأن من يحكمهم هو (الأخ الأكبر) وهو الذي تُنشر صوره في كل مكان، بما يُنبه العقل بأن ذلك الأخ الأكبر يراقبك دائماً.

ويمكنك أيضاً الاستشهاد بكتاب (اغتصاب العقل) للكاتب (جوست إبراهام موريتز ميرلو) والذي يوضح تماماً مفهوم تلك السياسة التي تقوم على مبدأ الضغط على نقاط ضعف الشخص بهدف تحويله إلى خائن، سواء كان خائناً ظاهرياً أم دون أن يشعر حتى!!.

وهذا يجعلنا نقف لبرهة، ونعي الأمور بالنظر إليها بفكر تحليلي نقدي، ليزدحم في رأسنا سؤال مفاده: (ألا تجد أن تلك السياسة استخدمها بشار على شعبه وجيشه بالاخص؟).

ألا تجد أن فكرة الكثير من الشعب عندما عارض مطالب الحرية واقتنع بشكل تام بأنهم مجرد أشخاص يرغبون في أن يثيروا الفوضى، لم يكونوا سوى أداة تحكم للأنظمة الشمولية؟

والتي تسعى لأن تحول الفرد من شخص يُفكر ويحلل وينتقد، إلى شخص مُسيّر مع التخلي التام عن الهوية الذاتية وحرية التعبير؟.

كيف تمت السيطرة عليه بحكم تلك السياسة والتي أخضعته تحت أحكام التفكير في الأشياء التي تبقيه حياً بدلاً من التفكير في الأمور السياسية بسبب الضغط الاجتماعي والخوف الذي سلّطه الحاكم وأنظمته عليه؟.

هذا بالضبط ما كان يحدث في سوريا، إنها حالة الترهيب، والخوف من الجدران تلك التي تسمع، ومع تغلغل الخوف في النفوس، يصبح الإنسان عبداً للحرية الفردية دوناً عن الكل، الحرية التي تضمن له حق العيش.

ويصبح أكبر دوافعه هو البحث عن لقمة العيش، كما أن التلاهي في تلك الأمور سيجعل فكره يغفل عن التفكير في حقيقة الأمور لأنه فقد استقلالية التفكير وأصبح مُسيّر إما بالعاطفة أو بالوطنية أو وضعه الاجتماعي.

سيجعله مقيد غير قادر على تحليل أن أهداف الثورة كانت حقيقية، وأنها تضم ثواراً سوريين لا يهمهم سوى التخلص من حكمٍ عمل على استبداد واستغلال الأرض والشعب لأكثر من نصف قرن.

سيفقد القدرة على التفكير بهم وفيما عايشوه، سيُفكر فقط كيف أنه يشعر بالسخط من وضع الكهرباء، والماء، والرواتب التي لا تكفيه لأيامٍ معدودة وسيخشى على نفسه وأولاده من البوح بكلمة الحق حتى لا يكون خائناً أو منصاعاً للمؤامرة الكونية التي أقنعوه بها!.

كان هذا الاغتصاب العقلي أيضاً نقطة إضافية لصالح الحاكم البعثي، حيث استطاع أن يوجه تفكير الفرد نحو مصالحه الشخصية التي تضمن له السيادة، فلا يمكن أن يخطر على بال ذاك الشعب الفقير لأن يُفكر في شيء آخر.

واستخدم بهذا جيشه كـ درع بشري ليحفظ له سيادته، فمنهم من سعى لأن يدافع من أجل الأسد حقاً، ومنهم من لم يكترث لأمره إنما أمر الأرض واستقلاليتها فحسب!!.

وأما عما حدث في الأونة الأخير وتحديداً بتاريخ 27/نوفمبر عام 2024م، فقد توجهت عملية ردع العدوان للتوغل داخل الأراضي السورية بعد أن عزمت الأمر على تحقيق المطلب السوري الأكبر، وهو إسقاط الحكم.

وتبين حينها، أن سياسة الأسد في غسيل دماغ الشعوب، والتجويع من أجل التطويع، والطائفية لزرع الخوف في النفوس، لم تتمكن من أن تُضيف إلى حربه الأخيرة تلك ولا حتى نقطة واحدة لصالحه.

لأن معنويات جيشه كانت محطمة، وسبق لهم أن فقدوا رغبتهم في حماية الأرض أو حماية سيادته، لأنهم أيقنوا أن بقاؤه على الكرسي سيحكم عليهم للأبد لأن يعيشوا تحت أحكام قانون قيصر والحظر، سيحكم عليهم أن يُزهق دمهم دائماً لكونه جالساً على هذا الكرسي.

علاوة على ذلك، فإن تلك (البطاطا) و(البيض) التي غرقت بطونهم بها، كانت كفيلة لأن تجعل رؤيتهم للأمور أوضح، بأنهم ليسوا سوى درعاً لا يُكلف الحاكم نفسه حتى أن يُشبعه ليُبقي على عزيمته!!.

فآن لك أن تتخيل، مدى خيبة الشعب من كلا الأطراف؟ كيف لهم أن يعيشوا طوال عمرهم وهم يشعرون بالذنب جراء تصديقهم لكل ما كانت أفواه القيادات ترميه عليهم من ترهات؟.

كيف يمكن للشعب السوري أن يعود يدً واحدة بعدما فُرّقت الأيادي وتلطخت بالدماء؟ ولم يكن الضحية سوى الشعب نفسه وسوريا الحبيبة، وهنا ينتهي الحديث فلا كلمات تُسعف أو تعبر عما يُقاسيه الشعب منذ الأزل!!.

هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكراً لملاحظاتك.

فريال محمود لولك

الكتابة هي السبيل للنجاة من عالمٍ يسوده الظلام، ننقل بها سيل المعلومات لتوسيع مدارك القارئ المعرفية، أنا فريال محمود لولك، من سوريا، خريجة كلية التربية اختصاص معلم صف، وكاتبة منذ نعومة أظفاري، من وحي المعاناة وجدت في الكتابة خلاصي، ورأيت بها نور الله الآمر بالعلم والمعرفة، فاقرأ باسم ربك الذي خلق. فإن القراءة هي الطهارة لعقلك من كل جهل.
زر الذهاب إلى الأعلى