آخر المستجدات فيما يخص الحرب الروسية الأوكرانية
بينما كان العالم على وشك أن يدخل حرب عالمية ثالثة بعد تصعيد موقف الحرب الروسية الأوكرانية، كان للشرق حديثٌ آخر غيّر اتجاه الدفة، أو هذا ما نعتقده على الأقل!.
الحرب الروسية الاوكرانية
في فبراير عام 2014، شنّت القوات الروسية المتخفية هجوماً سريّاً لجمهورية أوكرانيا المستقلة، واستطاعت أن تستولي بالوكالة على أراضٍ في منطقة (دونباس) الأوكرانية، مما رفع من وتيرة الصراع بين روسيا وأوكرانيا وبقي على شدّته بين هدوءٍ تارة وهجمات مضادة تارةً أخرى بين الطرفين.
ولكن (فيكتور يانوكوفيتش) وهو رئيس أوكرانيا قد أظهر ميوله لروسيا في عام 2010، وذلك عندما أبرم صفقة مع الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) مفادها أن يتم تمديد عقد إيجار ميناء (فيسفاستوبول) لروسيا حيث ترتكز قاعدتها (أسطول البحر الأسود) على هذا الميناء.
وكان هذا الاتفاق هدفه هو تمديد عقد الإيجار لروسيا في مقابل تزويد روسيا لـ أوكرانيا بالغاز الطبيعي مع التعهد بتخفيض سعره.
ولكن الاتفاق دخل في سياق المشاجرات بين أعضاء البرلمان وزاد من حنقة معارضي يانوكوفيتش، وقبل توقيع المعاهدة بأيام، قرر يانوكوفيتش أن ينسحب من الصفقة، مما أشعل موجة من الاحتجاجات في (كييف) وهنا كان الرئيس بوتين يستعرض دعمه أمام العامة باندفاع لتقديم مساعدات مالية في حال استمرار الاحتجاجات في (كييف) ضد يانوكوفيتش.
أدى هذا لتعرض يانوكوفيتش لضغط كبير خاصةً بعد خسارته للدعم المتبقي من قبل شعبه وتحديداً بعدما قُتل متظاهرين اثنين في الاشتباكات التي حدثت مع الشرطة، بالإضافة إلى خسارته أيضاً لدعم البرلمان الذي صوّت لعزله من منصبه، والذي اعتبره يانوكوفيتش انقلاباً واضح المعالم وهذا ما دفعه للفرار من العاصمة.
ولكن عاد يانوكوفيتش فجأة في (روستوف نا دون) في روسيا!!، رغم أن هناك مذكرة اعتقال بحقه تُفيد بارتكابه العديد من الجرائم!!.
واعتبر أن أعضاء البرلمان فاشيين وأنه لا يزال رئيساً لأوكرانيا وأن رئيس الوزراء قد اختلس الكثير من المال من خزينة الدولة وحوّلها إلى بنوك خارجية أجنبية!!.
ولكن فيما بعد تمكنت القوات الروسية من السيطرة على منطقة (القرم) الأوكرانية، بحجة حماية المواطنين الروس المتواجدين في شبه جزيرة القرم، هذا عَمل على رفع حدة الصراع المسلح بين الطرفين خاصةً بعد ضم روسيا لشبه الجزيرة بشكل كامل ورسمي.
هذا الأمر زاد من الانقسامات العرقية بين سكّان شبه الجزيرة لذا اندفع الموالون لروسيا لعقد استفتاء في منطقة (دونيتسك ولوغانسك) من أجل الاستقلال.
كل هذا أحدث فجوة كبيرة بين الأطراف المتنازعة ليصلوا إلى القتال المسلّح بين القوات المدعومة من قبل روسيا والجيش الأوكراني، ورغم أن روسيا حشدت قواتها بالقرب من دونيتسك وقصفت بالطيران الروسي المناطق، إلا أنها نفت هذا مما حوّل الحرب إلى طريق مسدود نشط.
واستمر الصراع لثمانية أعوام بين صراعات بحرية وحرب إلكترونية بين مد وجزر دائمين.
بالمختصر، فإن أمر غزو أوكرانيا من قبل روسيا، سببه واحد يعود إلى زمن الحرب الباردة، والتي حددت ملامح العصر الحديث أحادي القطب، وهذا القطب اعتمد سياسة ليبرالية كان الاتحاد السوفيتي ناقماً عليها ورافضاً لها.
وبما أن حلف الشمال الأطلسي يعتمد سياسة أن كل دولة تجاوره يمكن لها أن تنضم له ماعدا روسيا فإن هذا الأمر سبباً كافياً لأن تقول روسيا (لا للشمال الأطلسي في أوكرانيا) وليس (لا لأوكرانيا في حلف الشمال الأطلسي).
ولكن ذكرى الحروب السابقة وما أحدثته من قتل لآلاف الأشخاص والذي وصل إلى ثلثي المشاركين في تلك الحروب، يُعاد اليوم ويقف على المحك!!.
إذ أن المواجهة بين دولتين (روسيا) و(الولايات المتحدة) وخاصةً بعد تقديم يد العون من قبل الولايات المتحدة لأوكرانيا، يضعنا أمام أبواباً نخشى أن تُفتح، خاصةً وأن تلك الدولتين تمتلكان 90% من الأسلحة النووية!!.
فما بالك لو وضعت الأيادي الروسية مع الأيادي الإيرانية؟.
المستجدات في الحرب الروسية الأوكرانية منذ عام 2022 حتى الآن
في فبراير 2022 حدثت أكبر حرب برية أوروبية بين عشرات من الدول الأوروبية بطريقة مباشرة وغير مباشرة!!.
حيث شنّت موسكو هجوماً على أوكرانيا معتبرةً هذا خطوة دفاعية ضد حلف الشمال الأطلسي لذا اندفعت لغزو أوكرانيا في هجوم يعد الأكبر من نوعه منذ أن بدأ هذا الصراع وشكّل أزمة جيوسياسية معقدة للغاية.
وعقب هذا الغزو إعلان جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك في منطقة دونباس مستقلتين عن أوكرانيا.
ورغم أن موسكو منذ بداية الصراع في عام 2014 سحقت جميع المفاهيم التي تُفيد بأن العدو الذي ينتظر أن يقتص من فريسته، يترك الأمر بهدوء حتى يجد حجةً تعزز موقفه وتدفعه لأن يدّعي الدفاع عن نفسه!.
بينما موسكو دخلت بهجومها السري لأوكرانيا وبدأت تتخفى بالذرائع التي تُفيد بأن أوكرانيا تشن هجمات وتُقيم مجازر بحق القوات الروسية!!.
يا للحماقة والسذاجة، أيمكن لأوكرانيا أن تُعرض نفسها للغزو الروسي ثم تقوم بشن جملة من المجازر الجماعية بحق الروس؟ أيعقل مثل هذا القول؟.
إن خطة موسكو تتلخص بتسويق “النظام العالمي المتعدد الأقطاب” متخفية برداء وذريعة الحرب ضد “الهيمنة الأميركية” والغرب الجماعي.
وأما عن أوكرانيا فإنها أيضاً ولكي تستطيع إكمال الصراع فإنها احتاجت بالتأكيد إلى يدٍ داعمة بذريعة القتال من أجل “الديمقراطية”.
والداعم الكبير لأوكرانيا كان “الولايات المتحدة الأميركية” وأما بالنسبة لروسيا فإنها اجتذبت الكثير من الدعم من أعداء واشنطن وأهمهم “كوريا الشمالية”.
ولكن مواسم “المسلسل الهوليودي” من شأنها أن تضع المُشاهد والمنتج في حالة من الفتور والملل أليس كذلك؟ وهذا بالضبط ما حدث، عندما بدأت مواسم الحرب تستمر بعد الاعتقاد بأن الحرب ستنتهي بعد موسم واحد فقط، وهذا ما جعل أوكرانيا تبدأ بخسارة داعميها.
كذلك الأمر كانت روسيا أيضاً في وضع انسحاب بعض الداعمين لها، خاصةً وأن أميركا بالتأكيد تضع هدفاً أمامها صوب عينيها وهو ألا تدخل في حرب نووية مع روسيا بالإضافة إلى مراهنتها على فوز أوكرانيا السريع على روسيا.
والذي تبيّن فيما بعد بأنه محض اعتقادات وأبعاد مرسومة في الأذهان، لأن الصراع لا يزال مستمراً مع فقدان المعنويات من قبل الجانبين وحشدهم للجنود من المناطق الفقيرة بعد خسارة الكثير من قواتهم.
وفي النهاية كشف مصدر عسكري أوكراني ان روسيا استعادت أكثر من 60% من الأراضي التي قامت أوكرانيا باحتلالها في مقاطعة (كورسك) الروسية بعدما شنّت هجوم برّي بهدف وقف الهجمات الروسية على الأراضي الأوكرانية الشمالية والشرقية.
اعتقد أنه من الممكن أن نَشهد صراعاً للقوى التي تمتلك أسلحة نووية وقد تجد أن روسيا تشد قبضتها بعدما شُدّ عضدها من قبل إيران والصين، وفي المقابل فإن أوكرانيا وفي حال استمرار الدعم لها، فإنها ستشدّ قبضتها بفضل دعم حلف الشمال الأطلسي لها، وهذا يُشير أن انسحاب الحلف عن مساعدة أوكرانيا من شأنه أن يمحيها عن الوجود أو يُلغي استقلاليتها!.
وبالنسبة لروسيا، فإن بكين إن سحبت يديها من الدعم الروسي فإن هذا من شأنه أن يُثبط شهية روسيا الجشعة لضم مناطق أخرى من أوكرانيا إليها.
ما حدث لروسيا بعدما أرسل بوتين رسائل مبطنة تُفيد بردّه القوي في حال تصعيد الحرب ودعم أوكرانيا
أما بالنسبة لآخر المستجدات فإنه وقبل دخول “قوات ردع العدوان” لسوريا، فإن الإشارات كانت تقول أن موجة الحرب العالمية الثالثة تدق ناقوس الخطر في شأن الحرب الروسية الأوكرانية، خاصةً بعد التصريحات التي كانت تخرج من ألسنة الرؤساء الذين يُرسلون تهديدات حازمة اللغة في حال حشد الدعم أكثر وتصعيد الموقف.
ولكن دخول “قوات ردع العدوان” وإسقاط نظام الأسد بسرعة هائلة وسحب روسيا لقواتها من داخل الأراضي السورية، يؤكد أن روسيا لم تكن قادرة على فتح جبهتين في وقت واحد!!.
كما أن بعض المصادر أفادت بأن روسيا صرّحت بوجود ارتباط بين المعارضة السورية وأوكرانيا، والتي حاولت تجنيد مقاتلين سوريين في حربها ضد الكرملين وهذا بحسب ما جاء في قناة “BBC” الإخبارية، والتي استلهمت تقريرها هذا بحسب ما جاءت به (صحيفة واشنطن بوست) للكاتب “ديفيد إجناتيوس”.
مع الإشارة إلى أن اوكرانيا لم تكن فعلتها تلك جديدة بل إنها سابقة حيث عملت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية دائماً على محاولاتها لمضايقة العملاء الروس، وهذا الفعل أدى إلى إسقاط أكبر عميل لروسيا في الشرق الأوسط!.
المصدر: RT + الجزيرة + BBC + The Guardian.