ماذا تعرف عن السجون السورية – مدن أخرى تحت الأرض

أقولُ وقد ناحت بقربي حمامة، أيا جارتا هل تشعرين بحالي؟، تلك أفواه الشعراء الناطقة بمعاناة المسجون، فما كانوا سيقولون لو شَهدوا ما كان يحدث في السجون السورية؟.

ما تخفيه السجون السورية

بعد سقوط حكم الأسد وانتصار الثورة السورية بتاريخ 8 ديسمبر/كانون الأول عام 2024م، بدأت الصورة السرية التي كان يخفيها النظام تنكشف على الملأ أكثر، والذي كان من شأنه أن تبقى تلك الحقائق تحت ظلال السماء والأرض، لكيلا يعرف العالم بأسره كيف كان التسلّط قائماً تحت سياسة (اخرس لتسلم)!!.

هل يمكن لك أن تتحمل مجرد فكرة تخيل ما ستقرأه الآن؟

في مقابلة أجرتها شبكة أخبار الـ “BBC” مع السجناء الذين خرجوا من سجن صيدنايا بعد تحرير سوريا من رجس الديكتاتور، قال أحد السجناء أنهم أُجبروا على ضم ركبهم باتجاه جباههم في وضعية الجلوس ومن ثم كان يتم وضع إطار السيارات فوق أجسادهم!.

فيما أن البعض الآخر أشار إلى تعرض الكثير من المساجين للاغتصاب الشرجي باستخدام العصي، وفيما كان الجوع يخترق أحشائهم للحصول على المزيد من الطعام، كان العديد من السجناء يعرضون (الجنس الفموي) على الحراس في رغبةٍ منهم لملء بطونهم بما يسعف خوائها!!.

ومنهم من خسر أسنانه بعدما تم ضربهم بواسطة عصا، وأما عن بعض المشاهد التي تم ذكرها من قبل المعتقلين الذين تحرروا من تلك السجون، فقد حدث ذات يوم أن قام الحراس بتغطية وجه أحد المساجين “بالزبادي” وأجبروا البقية على لعقه في محاولة منهم للتلذذ بالذل الذي يدفع بالإنسان الجائع لأن يبحث عن أي لقمة تسد رمقه وجوعه.

لقد اعتاد السوريون البقاء في كنف تلك الجدران حتى وإن كانوا خارج السجون وفوق الأرض، لأن النظام قد عَمل على منهجة السوري إيديولوجياً ليكون بمثابة العبد الأبكم الذي لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم، وما إن حاول أن ينبس ببنت شفة، فسيكون مصيره بدلاً من السجن تحت ضوء الشمس، هو أن يقبع في سجونٍ تحت الأرض لا يخرج منها حتى صوت السوط الواقع على الجلود!!.

أهم السجون السورية (المسالخ البشرية)

من أبرز السجون التي كان يخاف السوري من نطق اسمها على لسانه المُرتاع ذاك، لأن مجرد الحديث عنها كان يضعه تحت تهديد النفي إلى أسفل السافلين:

  • سجن صيدنايا في ريف دمشق.
  • سجن دمشق المركزي (عدرا).
  • سجن النساء بدوما (دمشق).
  • سجن فرع الخطيب 251.
  • سجن فرع فلسطين في دمشق.
  • سجن 248 التابع للأمن العسكري.
  • سجن حلب المركزي.
  • سجن البالونة في حمص.
  • سجن تدمر في مدينة تدمر الصحراوية.
  • سجن المزة (دمشق).

وهذا جزء صغير من السجون السورية حيث أن هناك العديد من السجون التابعة لكل محافظة منها ما هو مركزي وفروع محلية أخرى، إذ وثّقت “لجنة العدالة والمساءلة الدولية” المئات من تلك السجون، ولكن قصتنا اليوم تتمحور حول تلك السجون التي كانت أغلبها تخفي أرواحاً تحت الأرض!.

غالبية تلك السجون، كانت مُشيدة لهدف أساسي وهو مواجهة السياسيين المناهضين للحكم مثل سجن صيدنايا والذي بدأ عهده منذ حكم الديكتاتور حافظ الأسد، وعمل على تحضير ذخيرته من مجموعة تلك السجون التي من شأنها أن تجعل الجميع في حالة من الرهبة ليعيدوا حساباتهم قبل أن تُطلق أفواههم حروفاً تعارض هذا الحكم، فضلاً على أن الهدف من بناء سجن صيدنايا بالتحديد كان هدفه اعتقال المعارضين السياسيين والإرهاب!.

فلاش باك إلى زمن حافظ الأسد

زمن الديكتاتور الأعظم والذي ورّث ابنه سلطة الإبادة في وجه كل متعدٍ مناهض لحكمه، إذ برع حافظ الأسد في مواجهة انتفاضة الأخوان المسلمين في عام 1981م، بأسلوب الإبادة الجماعية في ظل التعتيم الإعلامي آنذاك، وخاصةً بعد حملة الاغتيالات التي طالت العديد من السياسيين والضباط في محاولة لمواجهة الطائفة التي يتبع لها حافظ الأسد.

وقد عمل على قتل ما يقدر بنحو عشرين ألف شخص في مدينة حماة السورية سنة 1982م، وحينها بدأت أسوار تلك السجون تُفتح من جديد لنجد آنذاك اللبنة الأولى لـ سجن صيدنايا الذي يعتبر رمزاً لسطوة نظام حزب البعث وقد تم إنشاؤه سنة 1987م، ثم سجن تدمر الذي تم تشييده منذ عهد المستعمر الفرنسي واستعمله حافظ الأسد لاعتقال وتعذيب المعتقلين بأشنع الطرق.

وسجن المزة الذي قام الفرنسيون ببنائه سنة 1923م، واستغله الأسد لاعتقال المعارضين له من العسكريين والسياسيين وجماعات الإخوان.

وسجن عدرا وسجن حلب المركزي وسجن السويداء وسجن حمص ووو… إلى ما لا نهاية!!

وكأن السلطة عندهم قد وصلت إلى درجة جنون العظمة الذي كان من شأنه أن يدفع بهم لأن يبنوا أسواراً حول المدينة بأسرها ويحولوها بهذا إلى سجنٍ عظيم لو استطاعوا ذلك!!

ما يحدث خلف القضبان

بُقرّت قلوب السوريون بعدما تم فتح تلك السجون، والتي كشفت عن المستور ووضعته أمام العامة فأصابتهم بالذهول والخيبة واليأس والحزن الأعمق.

لقد كان التعذيب يتمثّل باستخدام طرق القتل البطيء حتى الموت، من الصعق الكهربائي، إلى تهشيم العظام والضرب وحرق الأجساد واغتصاب الرجال قبل النساء، ووضعهم على الخوازيق وتعليقهم بالأغلال في الأسقف لساعات، إلى سياسة التجويع والترهيب والذم والقدح بأفظع الشتائم وغيرها من الذل التي قضاها المعتقلين داخل تلك السجون.

وعندما كان التلذذ يصل إلى أشده في التعذيب، كان النظام يلجأ لطريقة عرض الإعدامات الجماعية في باحات السجن أمام فئة من المعتقلين ليكون مصيرهم مشابهاً لمن يُعدم ولكن بدلاً من موت الروح، كانوا يموتون نفسياً!!.

كانت جدران الزنازين تحمل رسومات ورسائل تبوح بصوتها الأبكم عن حشرجة أرواح ونفوس أولئك المعتقلين، والذي وصل بهم المطاف إلى أن يخرجوا إما مرضى نفسيين أو أموات أو أحياء بقدرة قادر.

فـ ويلٌ لحكّامٍ عَبدوا الكرسي ونسوا أن هناك ربٌ عظيم، ويلٌ لمن عاث في الأرض فساداً وظن أن عهد سياسة الترهيب والتجويع والتسلط ستدوم إلى أبد الآبدين، أمام الشعب الضعيف الذي لجأ إلى الخنوع مخافة الموت بيد الطاغوت الكريه، فجاءهم لأشباه الإنس أمرُ الله بأن يكونوا من المنسيين وتوضع أسماءهم في مزابل التاريخ!!.

المصدر: BBC + NPR + The Guardian.

فريال محمود لولك

الكتابة هي السبيل للنجاة من عالمٍ يسوده الظلام، ننقل بها سيل المعلومات لتوسيع مدارك القارئ المعرفية، أنا فريال محمود لولك، من سوريا، خريجة كلية التربية اختصاص معلم صف، وكاتبة منذ نعومة أظفاري، من وحي المعاناة وجدت في الكتابة خلاصي، ورأيت بها نور الله الآمر بالعلم والمعرفة، فاقرأ باسم ربك الذي خلق. فإن القراءة هي الطهارة لعقلك من كل جهل.
زر الذهاب إلى الأعلى