تطوير الذات

كيفية السيطرة على العقل الباطن للإنسان

إن غرفة خزينتك تتكور ضمن عقلك وتعمل على حفظ ذكرياتك ومواقفك بأكملها، وتتموضع جميعها ضمن العقل الباطن، تعرف الآن على قدراته وماهيته.

ما هو العقل الباطن؟

هو عبارة عن قوة داخلية تحرك السلوك البشري، وبحسب فرويد فإنه يعد أفضل منطقة سيكولوجية بإمكاننا قياس السلوك البشري بناءً عليها سواء الشاذة منها أو السوية، وذلك لأنه المخزن الأساسي لكل ما يحدث معنا ولكن دون أدنى شعورٍ منا بأننا نخزن الكَم الهائل من المواقف القديمة والحديثة ضمن بؤرة العقل اللاواعي والتي تبرمج تلك الحصيلة المخزنة على هيئة سلوكيات وردات أفعال على المواقف العشوائية التي نتعرض لها، ولكن بالإمكان دائماً أن نسيطر ونبرمج عقلنا اللاواعي بحيث يعكس سلوكياتنا بصورة أفضل وذلك من خلال البرمجة الذاتية للتفكير الإيجابي والتي سنتحدث عنها في مقالنا هذا.

العقل الواعي واللاواعي

يمثل العقل الواعي حالة الشعور الحاضر والإدراك والفعل والسلوك والاختبار، أي أنه كل ما هو ناتج عما يحدث الآن مثل التفكير واتخاذ القرارات ومتاحٌ لك أن تتحكم به نظراً لكونك قادر على اتخاذ القرار الأنسب لك بما يرضيك، أما بالنسبة للعقل اللاواعي فإنه عبارة عن الخزينة التي تجمع شتات الأحداث والمواقف والذكريات التي تعتقد أنك نسيتها، ولكنها تتجوف باطنه دون أن تعلم وتبرمج على هيئة ردة فعل أو سلوك مثل إحساسك بالكسل، خجلك، تناولك الشره للطعام، حساسيتك اتجاه أمرٍ ما، وكان أول من عمل على تمييز العقل الواعي عن اللاواعي هو سيجموند فرويد والذي عمل على تشبيه العقل بالجبل الجليدي حيث ينقسم هذا الجبل إلى:

  • رأس قمة الجبل الجليدي تمثل العقل الواعي وهو الجزء المختص بالعمليات التي ندركها ونفكر بها.
  • منتصف الجبل يشكّل العقل الما قبل اللاواعي أي الأفكار والمشاعر التي بالإمكان استحضارها إلى الوعي مباشرةً مثل أغنيةٍ ما تسترجعها لدى سماعك أول كلمة منها.
  • قاعدة الجبل تمثل العقل اللاواعي وهي التجارب والذكريات التي مررنا بها والتي لا ندركها أو نتذكرها ولكنها تكون المسبب لبعض ردات فعلنا تجاه بعض المواقف أو سلوكياتنا التي تظهر بوضوح مدى تأثرنا بوضعٍ ما تعرضنا له منذ الطفولة حوّل السلوك ليكون بهذه الصورة دون ادراكٍ منا.

قدرات العقل الباطني

إن آلية عمل العقل اللاواعي مثيرة للاهتمام بشكلٍ كبير فهو الجوهرة التي تصقل خزينة المعارف والذكريات وتنقلها على هيئة ردات فعل وسلوك، حيث أن قدرات العقل اللاواعي تتمحور في أنه يستطيع أن:

  • يخزن جميع المعلومات والمواقف والذكريات التي تشكل نسبة 90% من سلوكياتك.
  • يقوم العقل الباطني بتخزين المعلومات والمواقف التي تبرمج على هيئة سلوك عفوي صادر عنك، مثل قيادتك لطائرة على وضع الطيار الآلي والتي بدورها تطير دون أن تفعل أنت شيئاً وكل هذا نتيجة محصلة التخزين الهائل للمواقف السابقة والمعلومات التي ساعدت في قيادة الطائرة بفضل عقلك اللاواعي والذي يعد الطيار الآلي بالنسبة لك.
  • إن الجهاز العصبي اللاإرادي يحافظ على التوازن بين مئات المواد الكيميائية في مليارات الخلايا لديك مما يجعل آلتك الجسدية تعمل بوئامٍ وتوافقٍ تام.
  • يستطيع العقل الباطني أن يحقق التوازن الداخلي في عالمك العقلي بطريقة تجعل تصرفاتك مشابهة لتصرفاتك في الماضي فتحافظ بهذا على وتيرة أفعالك وردات فعلك.
  • يعطيك عقلك الباطني تنبيهاً متمثلاً بعد الراحة أو الانزعاج لدى قيامك بأمرٍ لم تعتده ومغاير تماماً لأنماط سلوكك الراسخة به.

السيطرة على العقل الباطن

بما أن العقل اللاواعي أو الباطني هو المخزن الرئيسي الذي يعمل على توجيه سلوكياتنا في بعض المواقف وردات أفعالنا، مما ينتج عنه شعوراً بالحزن لدى فشلنا في أمرٍ ما فيكون هذا ناتج عن موقفٍ سابقٍ تعرضنا له منذ الطفولة وخزّنه العقل اللاواعي دون ادراك منا حتى تبرمج على هيئة رد الفعل الحزينة التي أصبتنا تلك، فإن هذا يشير إلى أن سلوكياتنا وشعورنا وردات أفعالنا بإمكاننا التحكم بها عندما نعمل على برمجة العقل الباطني من جديد بحيث نشكل له مخزون جديد من الأفكار والمواقف والسلوكيات الإيجابية حتى نجعله يتبرمج على هيئة ردة فعل حديثة إيجابية، وتكون السيطرة على العقل الباطني كما يلي:

  • التفكير بإيجابية مفرطة تجاه جميع المواقف، بحيث نحاول معالجتها بدلاً من التذمر، ونحاول أن نلتمس بؤرةً إيجابية في المواقف حتى نلّطف وقعها على أنفسنا وعقولنا.
  • تجنب الشكوى على قدر الإمكان، لأن العقل اللاواعي يتبرمج بسلبية مبالغة عندما يراك تتذمر وتشتكي مما يحرضه على أن يرسخ مفهوم الشكوى والتذمر وحالة اللا رضا الدائمة الناتجة عن شكواك السابقة تجاه بعض المواقف.
  • ضع أهدافاً محددة واحرص على الاستمرار في محاولاتك لتحقيقها، وعليك أن تعلم أن الفشل هو أمراً جيداً لأنه يثبت لك أمراً ما من ضمن ثلاثة أمور وهي إما أن الهدف الذي وضعته أمامك لم يكن لك منذ البداية، أو أنك تصرفت بشكلٍ خاطئ لذا عليك إعادة المحاولة بطريقة مختلفة، أو أنه يعطيك خزينة تجربة تدفع بك للأمام للتطور أكثر والتعرف على كيفية معالجة المشاكل بشكلٍ أفضل.
  • احرص على تكرار الكلمات الايجابية على نفسك، أي أنه عليك محادثة نفسك بإيجابية وتعزيز شعورك بالإيجابية دائماً، فالعقل الباطني يعمل على مبدأ التكرار مثل فكرة سقوطك من الدراجة وأنت صغير، وتكرار الواقعة لأكثر من مرة مما جعل عقلك الباطني يبرمج لك شعور الخوف من ركوب الدراجة مجدداً لذا يعد التكرار من أهم السبل التي ترسخ في العقل اللاواعي فاحرص على تكرار الكلمات الجميلة، وتكرار الأحداث التي تسعدك.
  • اعمل على التخيل الدائم لأن الخيال يساعدك على تركيز أفكارك أكثر ولهذا اتبع أسلوب التأمل في الأمور الإيجابية والتفكير في أهدافك ومخططاتك وسيرورة تحقيقها بإيجابية مع وضعك في الحسبان أنه بالإمكان أن تتعرض لأزمةٍ ما تحبط أهدافك لذا عليك تجهيز حتى عتاد الخطة الصحيحة للتصرف الملائم.
  • عندما تتعرض لموقفٍ مؤلم، تعلم معالجته من خلال مواساة نفسك بالخروج في نزهة أو مشاركة ألمك مع أصدقائك من أجل معالجته ومحاولة تحويله إلى أمرٍ يجعلك تطور من نفسك لا أن يحبطك ويثبط عزيمتك.

فريال محمود لولك

الكتابة هي السبيل للنجاة من عالمٍ يسوده الظلام، ننقل بها سيل المعلومات لتوسيع مدارك القارئ المعرفية، أنا فريال محمود لولك، من سوريا، خريجة كلية التربية اختصاص معلم صف، وكاتبة منذ نعومة أظفاري، من وحي المعاناة وجدت في الكتابة خلاصي، ورأيت بها نور الله الآمر بالعلم والمعرفة، فاقرأ باسم ربك الذي خلق. فإن القراءة هي الطهارة لعقلك من كل جهل.
زر الذهاب إلى الأعلى