ما هو الفرق بين العقل والقلب والجدل القائم بينهما
رغم أنهما متضادان، إلا أنهما يكملان أحدهما الآخر، العقل والقلب والصراع الأزلي بينهما، فمن يحكم بينهما؟ تعرف الآن على العلاقة القائمة بينهما.
العقل والقلب
ما يميزنا كبشر هو امتلاكنا للعقل الذي خلقنا الله به من أجل التّفكر في الأمور من حولنا والتّعقل، وفي المقابل وضع لنا الرحمة والعاطفة في القلب ليكمل أحدهما الآخر، فهما عبارة عن قوة للتحكم واتخاذ القرارات بصرامة واللين الممتد من يد القلب العاطفية لتخفف من حدة الفرد في التصرف، لأنك لو تخيلت للحظة وجود شخص لا يستمع لقلبه أبداً ويترك عقله هو الطاغي الوحيد في توجهات الفرد وتسييره، ستجد أن هذا الشخص مشابهاً للحجر الصلب، لا يمكنه أن يتعاطف ولو بقيد أنملة، لذا وجبت الإشارة إلى أن القلب مسكناً للعقل ويعمل على تخفيف توافد أفكاره بعشوائية، لذا من المهم معرفة إن العقل والقلب هما الرفيقين اللذين ما أن تماشيت على الموازنة بينهما ستعيش حياةً سعيدة.
ويكمن مفهوم العقل في أنه يشير إلى حركة الخلايا والعمليات المختلفة التي تحدث في المخ، وقد سمي بالعقل لأنه يساعد على الحفاظ على الشخص من الوقوع في الخطأ.
أما بالنسبة لمفهوم القلب فهو العضلة التي تتوسد الجانب الأيسر في الصدر ويعمل على ضخ الدم، وقد سمي بالقلب لتقلبه الشديد وتغيره في الكثير من الأحيان.
الفرق بين القلب والعقل
يعمل العقل بناءً على نظريات وتحليلات وتقديم تفسيرات مقنعة لكل شيء يحدث حولنا، ولا يقتنع بالشيء بدون دلالات واضحة ودراسة وتمحيص عميق للأمور و يصل إلى حالة التصديق المطلق دون أن يتطرأ للشك، بينما القلب الذي يكمله يعمل بناءً على العواطف والانجذاب السريع نتيجة الشعور المفرط تجاه الأشياء، كما أنه يهدي العقل ورغم أن العقل والقلب متضادان إلا أنهما متكاملان، حيث أنك لا تستطيع أن تواجه جميع الأمور بتحكم عقلك وفي المقابل لا يمكنك أن تواجهها بواسطة قلبك فقط، بل عليك التكملة فيما بينهما والموازنة ووجوب الميل إلى طرف العقل في حال كان الموضوع يتطلب قراراً حاسماً أو كان عقلك يشكك في صحة هذه الخطوة التي تخطو حذوها فهو يحميك ويجعلك مسيطراً على كل شيء من حولك، وفي المقابل لا يمكن أن تستمتع لقلبك فقط لأنه لا يعمل إلا بالشعور الإنساني الغلّاب ودون تفكّر في مخاطر الأمور ومساوئها ويعرضك بهذا لأن يسيطر كل شيء عليك وتصل إلى حالة عدم الرضا أو حتى عدم الشعور بالسعادة مطلقاً.
العقل والقلب في الحب
تنبض القلوب بالألباب، فتجد القلب يهيم حباً عندما تتوافق العقول، والحب قائماً على الانجذاب العقلي الذي يجعل القلب يخفق حباً، ولكن الألباب لا يمكنها أن تنبض بالقلوب وذلك لكونها حكيمة لا تستمع لرأيٍ عاطفي لا يقوم على مبدأ الاستدلال والتقصي، مما يعني أن القلب عندما يحب يبدأ العقل في التعمق بدراسة حالة الحب تلك فيعمل على تحليل الأمور بأدق تفاصيلها ويضعها مكشوفة أمام الشخص مفتوحةً على طاولة تلافيف مخّه، وهنا تبدأ المعركة الحاسمة، المعركة الشرسة بين غلبة العاطفة وغلبة الحكمة، فمن منهما سينجو؟ ليأتي دور الشخصية الخاصة بكل فرد، فمن يحب أن يعيش دور الضحية التي غَلبت عليها عاطفتها سيجري وراء قلبه دون تفكّر، ومن يرغب في أن يعش متزناً وعارفاً للمخاطر التي هو مقبلاً عليها وللحقيقة المبنية على الدراسة العميقة للأمور، سيجري وراء عقله، وإني هنا لا أُصرح بأن العقل دائماً ما يكون على وفاق في انتقاء قراراته ولكنه قد يضعك على بيان أمام جميع المخاطر التي ستتعرض لها في حال إقدامك على أمرٍ ما.
بينما القلب هو أعمى البصر والبصيرة، لا يمكنه التفكّر أبداً ويمشي على هواه ويُسيّر الجسد بما يغذي له كل شعور بأنانية مفرطة رغبةً منه لأن يجعلك ضحية تتلذذ بالموت البطيء وذلك لأنك استمعت له، إنه يحب أن يُجلد بالسوط، أن يستدرج أي خطوة تجعله يغذي فائض الشعور لديه ويدفعه لأن يبالغ أكثر، لتجده يحاول الإقرار بأن هذا الشخص هو الأنسب، إنه جميل الهندام، تسريحة شعره لطيفة، يقول لي كلاماً معسولاً، سأعيش معه دون تفكير، دون حاجة للمال، دون تطلع لخطورة عصبيته المفرطة، إلى أن يجعلك تصدم بواقعٍ مرير يرميك على أعتاب عدم التحمل، وهنا يبدأ القلب بالتلذذ بالشعور الحزين إلى أن يضيع في فيض المشاعر تلك فينبذها.
ايهما اصدق حب القلب أم العقل؟
الحب المبني على العقل والفكر يعد أصدق أنواع الحب وذلك لكونه بُني على دراسة وتفكر وتحليل وأيضاً لكونه لم يأتي بشكلٍ عبثي بل أتى نظراً لأنك مقتنعٌ تماماً بأن هذا الشخص هو ضالتك وهو متوافقاً مع رغبات عقلك قبل قلبك، لأن قلبك هو من سينعش تلك العلاقة بالشعور بينما عقلك هو من سيحكّمك لتوجيه تلك المشاعر للشخص الأصح.
ايهما اقوى حب القلب أم العقل
الحرب الضروس القائمة بين العقل والقلب تجعلك تائهاً وتدور رحاها في نفسك فلا تعلم أيهما أشد قوة في الحب؟ وتكمن الإجابة فقط عندما تحلل فكرة أطرحها عليك، ألا وهي أنك في حال غدوت تحب بعقلك فقط وتتصرف بناءً على عقلك دون قلبك، ماذا ستكون؟
ستكون محض جماد يتحرك ليس لديه ذرة إحساس، كما هو الحال إن كنت تغدو راكضاً وراء قلبك فقط ستكون عبارة عن كتلة من المشاعر التي تتجول فيسيطر كل شيء عليها ولا تسعد بأي شي، إذاً تكمن الإجابة في ألا تميل لأحدهما دون آخر، وتبني مشاعر الحب تلك في نفسك بناءً على اقتناع عقلك ونبض قلبك حباً، فمثلاً إن كنت عاشقاً وتجد أن محبوبك لا يشابهك في شيء بل وإنه يمتلك شخصية لا تستطيع تقبلها إلا أن قلبك يغفر لها ذلّاتها وتعلم أنك من الممكن أن تتعرض للتعنيف في تلك العلاقة وكل ما هو سيء سيحدث لك في حال وافقت فقط على إقرار الحب النابع من قلبك، ستصبح حينها على مشارف الهاوية بعدما يصحو القلب من غفلته وتموت لهفة البداية تلك ورغبته الملحة في التغلغل لفهم بواطن هذا الشخص وتفريغ جُم المشاعر عليه.
كذلك هو الأمر في حال اخترت أن ترتبط في شخصٍ ما بناءً على اقتناعك به فحسب، ستجد حينها فجوة كبيرة في قلبك تبحث دائماً عمن يسدّها ويملؤها بالحب، ذلك لأننا مهما كنا صلبين ونتبع ألبابنا فإننا في المقابل نملك قلباً ينبض بالمشاعر التي تحتاج من يغمس يديه فيها ويأخذ منها ويعيد إليها أضعافاً، لذا الأفضل لك أن توازن بين العقل والقلب فتحب من تقتنع به فقط وإن لم تتمكن من ذلك ف ابتعد على قدر الإمكان إلى أن تجد من يتوافق مع متطلبات عقلك وفي المقابل قلبك ينبض حباً له.