الممثلة نور علي بين التهويل والواقع
في فيديو مؤثر، زعمت الممثلة نور علي تعرضها لهجوم، ولكن لم يمض وقت طويل قبل أن تنكشف الحقيقة حول مكان وجودها، مما يثير تساؤلات حول صدق روايتها.
الممثلة نور علي – دموع التمثيل أم صرخة الحقيقة؟
ظهرت الممثلة نور علي في مساء يوم الخميس، السادس من مارس/آذار في مقطع فيديو أثار جدلاً واسعاً، حيث ظهرت باكيةً، تتحدث عن تعرض منزلها للهجوم وإطلاق النار عليها وسرقة سيارتها، زاعمةً أن الفاعلين كانوا من “التكفيريين” القادمين من الشيشان وأفغانستان مع الدولة السورية، الفيديو سرعان ما انتشر كالنار في الهشيم، ليحصد ملايين المشاهدات، وسط حالة من التعاطف الشعبي والتضامن مع ما وصفته بالمأساة.
لكن كما يقول المثل السوري: “لحاق الكذاب لورا الباب”، لم يلبث أن انكشفت الخيوط الواهية لهذه الرواية، حيث خرج عدد من الأشخاص المقربين منها ليؤكدوا أنها لم تكن أصلاً في جبلة، بل كانت في لبنان مشغولةً بتصوير مسلسل درامي، فكيف لممثلة متواجدة خارج سوريا أن تدّعي وقوع هذه الأحداث عليها؟
التلاعب بالرأي العام وإثارة الفتنة
لم يكن توقيت ظهور نور علي بهذه الرواية صدفةً، بل جاء في لحظةٍ حرجة، ليتم استغلاله في خلق موجة من التهويل الإعلامي حول ما يجري في الساحل السوري، إذ إن الادعاء بأن هذه الأحداث وقعت ضمن “حملة تطهير” تستهدف طائفة معينة، لم يكن سوى محاولة رخيصة لبث الفرقة والفتنة بين السوريين.
الغريب في الأمر أن من يرفعون أصواتهم اليوم بالبكاء والعويل، لم نسمع لهم همساً عندما كان الشعب السوري يذبح ويقصف، ويساق إلى المعتقلات، حيث سقط أكثر من مليون شهيد، ومئات الآلاف من المختفين قسراً، ومدن بأكملها تحولت إلى ركام، هؤلاء لم يتحرك لهم ضمير آنذاك، لكنهم فجأة صاروا مدافعين عن الإنسانية!
وبعد الضجة الإعلامية التي أحدثها الفيديو، ظهرت نور علي في مقابلة، إلا أن موقفها كان مترنحاً، وإجاباتها غارقة في التناقض، حيث تهرّبت من الأسئلة المباشرة وقالت أنها لم تكن تتحدث عن نفسها بشكل شخصي وقالت أنها كذبت قليلاً في الفيديو، مما كشف زيف روايتها أمام الجميع.
ممثلة بامتياز… تستحق الأوسكار!
نور علي أثبتت أنها ممثلة محترفة، لكن ليس على خشبة المسرح أو أمام كاميرات المسلسلات، بل في استغلال المآسي وإثارة النعرات الطائفية، فكيف لها أن تطلق على رجال الدولة صفة “التكفيريين” وتزعم أنهم شيشانيون؟ هل أصبح الدفاع عن الوطن إرهاباً؟ أم أن المقصود هو شيطنة أي طرف لا ينسجم مع أجنداتها الطائفية؟
لا يجب أن ننسى أن هناك أشخاصاً فقدوا عائلاتهم وتأذوا بشكل كبير من الطوائف المعينة في سوريا، حيث كان النظام المخلوع يركز على هذه الطوائف لقتل الشعب السوري، وكان هؤلاء يستمتعون بتعذيب وقتل الشعب، وهو أمر لا يمكن تصوره، لأن بشار الأسد لم يكن يقتل بيديه أو يسجن بيديه، بل كان لديه العديد من العبيد والموالين الذين ما زالوا يعبدونه حتى الآن، لهذا السبب قام بعض الأشخاص ببعض الانتهاكات، ولكن الدولة سيطرت على الوضع وحاسبتهم واحداً تلو الآخر.
كذلك، لا يمكننا أن نغفل أن فلول النظام المجرم كانوا وراء قتل العديد من الناس في الساحل، لكن هذا الأمر لا يذكرونه، لأنهم لا يرون الحقيقة كاملة، بل يقتصرون على رؤية ما يريدون أن يروه ويتجاهلون الجرائم التي ارتكبها النظام وأعوانه.
نعم هناك انتهاكات حدثت في الساحل السوري، لكن ما جرى لا يتجاوز 5% مما تعرضت له سوريا ككل، وهذه النسبة تعتبر مبالغاً فيها مقارنةً بحجم المجازر والجرائم التي ارتكبت على مدار السنوات الماضية.
إن من يدعون اليوم تمثيل المظلومية، هم أنفسهم من كانوا صامتين حينما كان الظلم يعم البلاد، وما رواية نور علي وغيرها من الإنسانيين الجدد إلا محاولة لخلق بطولة وهمية على حساب الحقيقة، لكن الحق لا يضيع، والتاريخ لا يرحم.