جامعة الخزي والعار العربية أفيقوا فالكلاب أشرف منكم!
جامعةُ الخِزْيِ والعَارِ العَرَبِيَّة، اجتمعتم ألفَ مرّة، فماذا غيّرتم؟! سوى عددِ الكراسي، وارتفاعِ السقفِ عن آلامِ الشعوبِ!
جامعةُ الخِزْيِ والعَارِ العَرَبِيَّة
واأسَفاهُ على أُمَّةٍ كانت تُرهبُ العالَم، فأضحت لا تُحرِّكُ دبابةً من خُرْدَة، ولا تُطلقُ رصاصةً إلّا على صدرِ أخيها! في زمنٍ لا يسمعُ فيه صدى الصراخِ إلّا في مآذنِ غزة، حيث يُستباحُ دم المسلمين، وتُذبحُ الطفولةُ على عتباتِ العجزِ والخيانة، أتَذكّرُ؟ آهٍ كم أتذكّرُ! عُمَرَ بنَ الخطّابِ، وأتذكّرُ صَلاحَ الدينِ يومَ شدَّ على أسنانِ الغدرِ، فخلعَ نواجذَه، وردَّ الأرضَ لأهلِها، والعِزَّ لأمتِه، والهيبةَ لمَن نُزِعَت منهم الهيبة.
واليوم؟! اليومَ نُحصي الدولَ العربيّةَ، دولةً بعد أُخرى، فإذا هنَّ اثنتانِ وعشرونَ لا تُحسنُ من النصرةِ غيرَ الشجبِ، ولا من المواساةِ إلّا البياناتِ، ولا من الغضبِ إلّا ما يُقالُ في الغرفِ المغلقةِ، على موائدِ الذلِّ والسياسةِ العقيمة.
فأينَ الجزائرُ التي علّمتنا الثورة؟
أينَ مصرُ التي خطبَ فيها الزمانُ طويلاً؟
أينَ العراقُ الذي كان السيفَ والرمحَ معاً؟
أينَ سوريا، لبنان، السودان، المغرب، تونس، اليمن، البحرين، الكويت، قطر، عُمان، السعودية، الإمارات، الأردن، ليبيا، موريتانيا، الصومال، جيبوتي، جزر القمر؟
كلّكم كنتم، فصرتم… لا شيء!
كلكم رفعتم رايةَ العروبةِ، فإذا بها مرقَّعةٌ مُمزَّقة، لا تُسترُ بها عورةٌ ولا تُحمى بها أرضٌ!
أين نخوتكم؟! ياحكام العرب؟
أُذَكِّرُكم، يا أهلَ الغفلةِ والمهانة، بتلكَ المرأةِ المُستغيثةِ إذ صاحتْ: “وامعتصماه!”، فزلزلتْ صوتُها مملكةَ الرومِ، فأتاها الجوابُ على صهوَةِ الخيلِ، لا على صَفَحاتِ التواصلِ ولا في نشراتِ الأخبار، فأينَ نساؤُنا اليوم؟ يُنتهَكنَ تحتَ الأنقاضِ، ويُسحبنَ من بينِ الركامِ، فلا يرتعدُ لكم جفن، ولا تتهدَّجُ لكم صدور؟!
أيُّ نخوةٍ بقيت فيكم، وقد صارَ الدمُ خبزَ الشاشاتِ، وصارَ صراخُ الأطفالِ موسيقى افتتاحياتِ القنوات؟! أتبكونَ لمشهدٍ مُمنتج، ثم تمضونَ إلى نومٍ دافئٍ كأنّ شيئاً لم يكن؟!
أين أنتم؟ والدمُ يصرخُ من بينِ الحجارةِ، والعظامُ تَكتبُ بقاياها على جدرانِ الصمتِ: “كنا هنا، ومضينا وحدنا…”
أنتم من تركَ السيفَ ليُلمِّعَ هاتفَه، ومن بدلَ الحصانَ بكرسيٍّ مريحٍ أمامَ نشراتِ النفاق.
فلا تسألوا لمَ لا ينزلُ النصرُ؟ لأنّ السماءَ لا تُسعفُ من تَخلّى، ولا تُجيبُ من باعَ ضميرَه تحت عنوان: “الحياد”.
بالأمسِ، كنّا إذا انسكبتْ دمعةٌ من طفلٍ مسلمٍ، ارتجّتْ لها قلوبُنا، وسارتْ جيوشُنا تُرعدُ وتُبرقُ، حتى تُطفِئ لهيبَ الظلمِ بنصلِها، وتُقيمَ الميزانَ بالقسط، واليومَ يُحاصَرُ أهلُ غزة، وتُسلَبُ أرواحُهم على مرأى ومسمعٍ، ويُقطَعُ نَفَسُ الأقصى، فلا نرى منكم إلا تواقيعَ الشجبِ، وموائدَ الصمتِ، وألقاباً نُقشتْ على صدورٍ جوفاء، وبدلاتٍ مذهّبةٍ لا تصدُّ صاروخاً، ولا تردُّ ظلماً، فبئسَ ما تفعلون، وبئسَ الميراثُ الذي تخلّفونه.
أتعجبون إنْ قلتُ إنّ الكلابَ أشرفُ منكم؟
نعم، أشرفُ منكم، لأنّها لا تخونُ جِلدَها، ولا تبيعُ صغارَها، ولا تُصالحُ من عضَّها، أمّا أنتم؟ فخُيِّرتُم بين الشرفِ والعارِ، فاخترتم العارَ، وحينَ جاءكم الشرفُ ثانيةً، رفضتموه!
أسلحتُكم صدأت، دباباتُكم تحوّلت إلى هياكلَ صمّاء، طائراتُكم لا تُحسنُ غيرَ قصفِ الصحارى في تدريباتٍ عبثيّة، فأينَ أنتم يا حُكّامَ العار؟
أأُعجِزْتُم عن صاروخٍ؟
أم أُعجِزْتُم عن كلمةِ غضبٍ؟
أم أنّ خزائنَ النفطِ أثقلَتْ قلوبَكم، فصارتْ من رصاصٍ لا من لحمٍ؟
يُقتلُ الفلسطينيُّ على مرأى العالمِ، فلا تتحرَّكُ لكم شَفَة، وكأنّ الشهيدَ ليسَ من نسلِكم ودينكم، وكأنّ الطفلَ الذي تُهشَّمُ عظامُه، ليسَ من قِبْلتكم!
أما آنَ لكم أن تهتَزّوا؟
أما آنَ لكم أن تغضبوا؟
أما آنَ لأعينِكم أن تدمع، ولقلوبِكم أن تخشع، ولأيديكم أن تُرفعَ لا للدعاءِ فقط، بل للسيفِ أيضاً؟
لقد سئمنا خُطَبَ الجمعةِ التي لا تُرعبُ عدواً، وسئمنا مؤتمراتِ القمّةِ التي لا تُحرّرُ أسيراً، وسئمنا وجوهَكم التي شبِعَتْ من الخيانةِ حتى انتفختْ وتصلَّبتْ!
أين أنتم من قَسَمِ العروبة؟ أين أنتم من آياتِ الله؟ أين أنتم من تاريخٍ كنتم فيه ملوكَ الأرض، وها أنتم اليومَ عبيدَ الكراسي؟
أما سمعتم قولَ الله تعالى: “وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين”؟
أما خشيتم دعوةَ أمٍّ ثكلى؟
أما خجلتم من شهيدٍ يبتسمُ في كفنه، وأنتم في نعيمِ القصور؟
فيا جامعةَ العرب، يا خزيَ الأمم، يا صَنَمَ الزمان، ما نفعُ اجتماعاتِكم، وأنتم لا تجتمعون على موقفٍ؟
وما فائدةُ أعلامِكم، وأنتم ترفُلون تحتَ راياتِ أمريكا وإسرائيل؟
أين الجُندُ؟ أينُ الغَيرةُ؟ أينُ الغَضبُ؟
لا تسألوا عن فلسطينَ ما دُمتم تخشَونَ من ذكرِها في حضرةِ أسيادِكم، ولا تقولوا لنا: “نُدينُ ونستنكرُ” فقد شبعنا إداناتٍ حتى أضحى الاستنكارُ نكتةً بينَ الأطفالِ!
يا من كنتم سادةَ الدنيا، أما آنَ لكم أن تعودوا رجالاً؟
يا من باعوا أقصاهم بثمنِ الكراسي، أما استحييتم من الموتِ واقفاً؟
إنّ فلسطينَ لا تريدُ خطاباتِكم، بل سواعدَكم.
وإنّ القدسَ لا تُحرَّرُ بالبكاءِ، بل بالفداءِ.
فانتفضوا، أو تنحَّوا، فإنّ التاريخَ لا يرحمُ المتخاذلين، ولا يرفعُ في صفحاتهِ إلّا الأبطال.
وإلّا، فابقوا في قمامةِ الذلِّ… تأكلون وتشربون، وتغنّون، وتُراقُ دماءُ إخوانكم في غزةَ… دون أن يرتجفَ لكم جفنٌ واحد!