ما هي قصة حادثة الإفك لأم المؤمنين عائشة
ذُكرت حادثة الإفك في القرآن الكريم لعِظمها وقوة تأثيرها على رسولنا الكريم وزوجته أم المؤمنين عائشة، لذا لنتعرف عليها بشكل تفصيلي من خلال السطور التالية.
ما هي حادثة الإفك؟
يقول الله عز وجل في سورة النور الآية رقم 11:”إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ”.
تلك الآية الكريمة قد نزلت في حادثة الإفك، وهي الحادثة التي تم فيها اتهام أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) باطلًا، حيث برّأتها تلك الآية، فكانت بمثابة ظهورٍ للحق بعدما أُشيع عنها كل ما هو افتراء وكذب.
تخّلُف السيدة عائشة عند الجيش (بداية القصة)
كانت السيدة عائشة (رضي الله عنها) في غزوة بني المصطلق مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقد كان ذلك بعدما فرض الله الحجاب على نساء المؤمنين، وفي طريق عودتهما، نَزَلت عائشة (رضي الله عنها) من الهودج الخاص بها.
وعند عودتها لم تجد عُقدها، فعادت إلى المكان الذي توجهت إليه بعد تركها الهودج في المرة الأولى، في تلك الأثناء، ظن الرجال أنها داخل هودجها، ولأنها كانت خفيفة الوزن، لم يلحظ أي منهم أنها ليست به، فحملوه ووضعوه على ظهر البعير وانطلقوا.
بينما لا تزال السيدة عائشة (رضي الله عنها) في الصحراء تبحث عما فقدت، وما إن وجدت العُقد، شرعت في أن تعود إلى الهودج، فوجدت أن الجميع قد رحلوا، ولم يعُد هناك سوى الصحابيّ الكريم صفوان بن المعطل (رضي الله عنه)، والذي تخلف عن الجمع بسبب كثرة نومه.
وعندما رأى الصحابيّ الجليل السيدة عائشة عرِفها على الفور، لأنه قد رآها سابقًا قبل أن يفرض الله الحجاب، فما كان من السيدة عائشة إلّا أن وضعت غطاءً على وجهها، ولم تُحدّثه مطلقًا، بل قامت بالركوب في راحلته كي يذهب بها إلى مكان الجيش.
التحدث عن السيدة عائشة بالمدينة
عندما وصلت السيدة عائشة إلى المدينة بدأت حادثة الإفك، إذ لاحظت السيدة عائشة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد تغير في معاملته لها، وأنه أُمّ مسطح تسب ولدها، حينها قالت لها السيدة عائشة: “أتسبّين رجلًا شهد بدرًا؟”
حينها أخبرتها أُمّ مسطح بما يتحدث به أهل المدينة قرابة شهرٍ كامل، إذ يتهمونها باطلًا، مما كان سببًا في أن يصيبها مرضًا علاوة على ما كانت مُصابة به من قبل، وعندما ذهبت السيدة عائشة إلى والدتها وسألتها عما سمعت، قامت والدتها بطمأنتها.
لكنها لم تهدأ، بل ظلت تبكي شهرًا كاملًا دون توقف، وكان النبي في تلك الأثناء قد ضاق ذِرعًا بما يُقال عن زوجته من قِبل المنافقين، خاصة وأن حادثة الإفك تداولت بين الكثيرين بمساعدة عبد الله بن أُبيّ بن سلول.
تحدُّث رسول الله مع عائشة
ذهب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى عائشة وأخبرها بحادثة الإفك وما سمع من المنافقين، إذ تشهّد ثم قال: “أمَّا بَعْدُ، يا عائِشةُ، فإنَّه قد بَلَغَني عنكِ كَذا وكَذا، فإن كُنْتِ بَريئةً فسَيُبَرِّئُكِ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ببَراءتِك، وإن كُنْتِ أَلْمَمْتِ بذَنْبٍ فاسْتَغْفِري اللهَ عَزَّ وجَلَّ وتُوبي إليه” (صحيح) رواية: عائشة أم المؤمنين.
فلم تستطع أم المؤمنين أن تُجبه، فطلبت من أبيها أن يجاوبه، لكّنه لم يعرف ما ينبغي عليه قوله، فهرعت إلى أُمّها تطلب منها أن تُجبه، لكنّها لم تعرف أيضًا ما الذي يُمكنها أن تقوله، لذلك قالت عائشة:
“إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ أنَّكُمْ سَمِعْتُمْ ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ، ووَقَرَ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، ولَئِنْ قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ -واللَّهُ يَعْلَمُ إنِّي لَبَرِيئَةٌ- لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ -واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ- لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا إلَّا أبَا يُوسُفَ إذْ قَالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}” (صحيح البخاري).
براءة السيدة عائشة من حادثة الإفك
أنزل الله عز وجل آيات كريمة برأت السيدة عائشة، وهي في سورة النور بدءً من الآية الحادية عشر، وحتى الآية الواحدة والعشرين، فهي براءة صريحة من الله عز وجل جعلت للسعادة مكانًا داخل قلب السيدة عائشة التي كانت على يقين بأن الله سوف يُظهر الحق.
وبعد نزول تلك الآيات، طلبت والدة السيدة عائشة من ابنتها أن تشكر النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولكن السيدة عائشة قالت:” لا أحمدُ إلّا الله”.
أهم الدروس المستفادة من حادثة الإفك
هُناك عدّة دروس رائعة يُمكن استخلاصها من حادثة الإفك؛ ألا وهي:
- أنه من الممكن أن تتعرض النساء العفيفات للاتهام الكاذب، مثل: مريم ابنة عمران، وعائشة بنت أبي بكر الصّديق.
- يجب على الرجل أن يُعامل زوجته بلُطف ولين، والتأني قبل إصدار أي من الأحكام.
- ينبغي على الرجل الأجنبي أن يتعامل باحترام تام مع النساء، وأن يحرص على غض البصر وعدم التحدث إليهن دون الحاجة، كما كانت معاملة صحابة رسول الله (رضي الله عنهم).
حادثة الإفك من القصص التي تحتوي بين طيّاتها على الكثير من التفاصيل التي كان من الضروري التعرف عليها واستخراج الدروس المستفادة منها، ولذلك حرصنا على أن نسردها لك بكافة أحادثها، كي تكون على علم بها وتأخُذ منها العبرة والعظة.