حقائق ومعلومات عن حضارات العراق القديمة بالتسلسل

على مر العصور كانت حضارات العراق موطناً لإنجازات حضارية وعلمية عظيمة، بدءاً من الزراعة وبناء المدن الأولى وصولاً إلى العصر الذهبي خلال الخلافة العباسية.

ما هو تاريخ حضارات العراق؟

في أرض العراق بدأت أولى الحضارات البشرية بالظهور في منطقة خصبة بين نهري دجلة والفرات، منذ آلاف السنين بنى السومريون والآشوريون والبابليون إمبراطوريات عظيمة جعلت من حضارات العراق مركزاً ثقافياً وحضارياً، ومع مرور الوقت تعاقبت على البلاد الإمبراطوريات الفارسية والرومانية حتى جاء الفتح الإسلامي في القرن السابع ليجعل العراق مركزاً للخلافة العباسية.

وفي العصور الوسطى تعرضت البلاد لغزو المغول لتدخل بعدها تحت سيطرة الدولة العثمانية لفترات متقطعة، ومع نهاية الحرب العالمية الأولى تحولت السيطرة إلى الإمبراطورية البريطانية، وأُعلن عن تأسيس المملكة العراقية الهاشمية عام 1921 ميلادياً، ثم نالت العراق استقلالها في 1932 ميلادياً ولكن توالت السنوت بل وبلغت عقوداً كاملة من الاضطرابات السياسية أدت إلى تحولات كبيرة كان آخرها سقوط نظام صدام حسين بعد الغزو الأمريكي في عام 2003 ميلادياً.

التسلسل الزمني لحضارات العراق

كانت حضارات العراق القديم أو حضارة بلاد ما بين النهرين من أوائل المجتمعات البشرية التي أسست أنظمة سياسية واقتصادية وثقافية، وتركت بصمة خالدة على تاريخ الإنسانية، وفيما يلي تفاصيل كل حضارة بالترتيب:

حضارة السومريين (4500 قبل الميلاد)

السومريون هي أول حضارات العراق بالإضافة إلى كونها أول من بنى المدن الكبيرة مثل مدينتي أور وأوروك، والتي كانت تتميز بمجمعات سكنية تحيط بها جدران عالية للحماية من الهجمات المفاجئة، كانت الحياة العامة في المدن السومرية تعتمد بشكل كبير على الزراعة حيث ابتكر السومريون أنظمة رَي متطورة جعلت من أرضهم خصبة، استخدموا الأدوات الزراعية مثل: المحراث وزرعوا الحبوب مثل الشعير والقمح، وكان الفلاحون هم العمود الفقري للاقتصاد.

لعبت الديانة دوراً محورياً في حياتهم حيث بُنيت المعابد الكبرى (الزقورات) في وسط المدن وكانت تُعتبر بيوتاً للآلهة ومراكز دينية وسياسية، وكان الناس يعبدون الآلهة المتعددة مثل إنليل (إله الهواء) و إنكي (إله الماء والحكمة)، كانت الحياة اليومية للسومريين تدور حول العمل في الحقول والتجارة في الأسواق المحلية كما أنهم أول من ابتكر نظام الكتابة المعروف بالكتابة المسمارية والتي ساهمت في تسجيل القوانين والأنشطة التجارية والدينية.

حضارة السومريين
حضارة السومريين

حضارة الأكاديين (2334 قبل الميلاد)

مع بروز الأكاديين بقيادة (سرجون الأكدي) أصبحت الحياة العامة أكثر تعقيداً، حيث تم تأسيس أول إمبراطورية موحدة في المدن الأكادية مثل مدينة أكد، اعتمدت حياة الأكاديين على التجارة بشكل أساسي حيث قام الأكاديون بتوسيع تجارتهم لتشمل المناطق المجاورة مثل الأناضول وسوريا، بالإضافة إلى تطور غير مسبوق في الفن والعمارة حيث استخدموا الطوب اللبن في بناء منازلهم، أما عن الجانب العسكري فقد شكل الجنود جزءاً هاماً من المجتمع الأكادي إذ كانت الإمبراطورية تعتمد على قوة الجيش لحماية أراضيها وتوسيعها، تميزت هذه الحضارة أيضاً بالشعر والأدب حيث تم كتابة العديد من الأساطير والملاحم ومن أبرزها ملحمة (سرجون الأكدي).

حضارة الأكاديين
حضارة الأكاديين

حضارة الآشوريين (2500 قبل الميلاد)

اتخذ الآشوريين من شمال العراق سكناً لهم وقاموا بتأسيس مدن قوية مثل مدينتي (نينوى وآشور)، تميزت الحياة العامة في الإمبراطورية الآشورية بالقوة العسكرية غير المعهودة حيث اعتمدت على جنودها بشكل كامل فقد كان الآشوريون يشتهرون بجيشهم المنظم واستخدامهم لأسلحة حديثة مثل العربات الحربية والحديد، كانت المدن الآشورية محاطة بجدران ضخمة لحمايتها من الغزوات وداخل هذه المدن كان هناك نشاط تجاري واسع حيث كانت الأسواق تضج بالبضائع المستوردة والمحلية.

أما عن الحياة الدينية فقد مثلت المعابد مركز الحياة الدينية وكان الملك نفسه يلعب دور الكاهن الأعلى، ولا ننسَ الدور المهم للزراعة في دعم الحياة ولكن القوة العسكرية وفرض الضرائب على الدول المجاورة كانت تشكل جزءاً كبيراً من الاقتصاد دون غيرها، ولم تتوقف انتشار حضارة الآشوريين عند ذلك فقد تميزت بجانب فَني هام حيث تميزت الفنون الآشورية بالنقوش الضخمة التي تروي قصص الملوك وانتصاراتهم الحربية.

حضارة الآشوريين
حضارة الآشوريين

الحضارة البابلية (1894 قبل الميلاد)

في عهد البابليين وخاصة في فترة حكم (الملك حمورابي) أصبحت مدينة بابل مركزاً حضاريًا رئيسياً في بلاد ما بين النهرين، كانت الحياة اليومية في بابل تتمحور حول القانون حيث وضع حمورابي أول قانون مكتوب في التاريخ يعرف باسم (شريعة حمورابي) وهو مجموعة قوانين تنظم الحياة العامة من حقوق الملكية إلى الزواج والجرائم والعقوبات.

تميزت الحياة في بابل بالتقدم الحضاري الهندسي حيث تورت الهندسة المعمارية وذاع صيتها فقد قاموا ببناء معابد وقصور ضخمة مثل حدائق بابل المعلقة التي اعتبرت واحدة من عجائب الدنيا السبع، ازدهرت كلاً من الزراعة والتجارة وكانت بابل تربط طرق التجارة بين الهند وسوريا ومصر، أما عن الحياة اليومية فقد كان الناس يرتدون ملابس مصنوعة من الصوف أو الكتان، بالإضافة إلى ممارسة شعائرهم هم الدينية في معابد عظيمة مكرسة للآلهة مثل مردوخ (إله السماء).

الحضارة البابلية
الحضارة البابلية

حضارة الكلدانيين (القرن السابع قبل الميلاد)

كانت حضارة الكلدانيين آخر حضارة عظيمة في حضارات العراق، وازدهرت في بابل خلال عهد الملك (نبوخذ نصر الثاني)، اعتمدت الحياة العامة في بابل الكلدانية على التجارة والزراعة حيث استخدم الكلدانيون أنظمة رَي متطورة لجعل أرضهم خصبة، أما عن الثقافة والفنون فقد بلغَت مكانة عظيمة وكانت في أوجها حيث قام نبوخذ نصر ببناء العديد من المعالم المعمارية مثل الجنائن المُعلقة التي قيل إنها بُنيت لإرضاء زوجته، كان المجتمع الكلداني متقدماً في علوم الفلك حيث اهتموا بدراسة النجوم وحسابات الوقت مما جعلهم رواداً في هذا المجال، أما عن الديانة البابلية فقد كانت عقيدة راسخة في حياتهم اليومية وكان معبد مردوخ في بابل يمثل مكاناً رئيسياً للتعبد والاحتفالات الدينية الكبرى.

حضارة الكلدانيين
حضارة الكلدانيين

حقائق تاريخية لحضارات العراق

تُعد هذه الحقائق والإنجازات دليلاً على تطور الفكر والابتكار في العراق القديم وأثرها الواسع على الحضارات اللاحقة وعلى العالم حتى اليوم، ومن أهمها:

  • أنظمة الري المتطورة: ابتكارات في نظم الري ساهمت في تحسين الزراعة على ضفاف دجلة والفرات.
  • أول زراعة الحبوب: تطبيق تقنيات زراعية مبكرة لزراعة الحبوب مثل القمح والشعير.
  • أقدم نظام كتابة: تطوير نظام كتابة مسماري على الألواح الطينية، الذي يُعدّ أول شكل من الكتابة.
  • محراث البذور الأول: تطوير أداة لزراعة البذور بطريقة أكثر كفاءة.
  • أول مركب شراعي: بناء أول سفن مزودة بشراع، مما مهد لتطوير النقل البحري.
  • تقسيم الدائرة إلى 360 درجة: ابتكار تقسيم الدائرة إلى 360 درجة، مما أسهم في تقدم علم الفلك والملاحة.
  • الخدمات المصرفية: تطور أدوات وخدمات مصرفية مبتكرة لدعم التجارة والاقتصاد.
  • تسجيل الأدب: تدوين الأعمال الأدبية والتاريخية، بما في ذلك واحدة من أقدم الملاحم الأدبية.
  • التقويمات المبكرة: تطوير نظم تقويمية لقياس الوقت وتنظيم الأحداث.
  • اختراع خطوط الطول والعرض في الملاحة الجغرافية: وضع نظام خطوط الطول والعرض الذي سهل الملاحة والتحديد الجغرافي.
  • استخدام الملكية الخاصة: تطوير مفاهيم الملكية الفردية والتعاملات العقارية.
  • نظام الرياضيات العددي 60: ابتكار نظام عد يعتمد على القسمة إلى 60، وهو أساس تقسيم الوقت والدائرة.
  • أبجدية مقطعية كاملة: نظام كتابة مقطعي ساهم في تسجيل اللغة والأدب.
  • ممارسات المحاسبة بالقيد المزدوج: استخدام طرق محاسبية متقدمة لتوثيق المعاملات المالية.
  • حفظ السجلات التجارية: إدارة وتوثيق المعاملات التجارية من خلال السجلات المدونة.
  • نظام الكهنوت البيروقراطي: تنظيم الإدارة الدينية ضمن هيكل بيروقراطي منظم.
  • أقرب قانون قانوني شامل (قانون حمورابي): وضع مجموعة قوانين مفصلة لتنظيم المجتمع وإدارة العدالة.
  • أول استخدام متطور للعلوم الطبية: تطبيق تقنيات طبية متقدمة للعلاج وفهم الأمراض.
  • المعادلات الجبرية واختراع الصفر: تطوير المعادلات الجبرية وإدخال مفهوم الصفر، مما أسهم في تطور الرياضيات.

كانت حضارات العراق القديمة تشكل نسيجاً غنياً من الثقافة والفن والعلم، ولا تزال آثارها باقية حتى اليوم لتشهد على إنجازاتها العظيمة في تطوير البشرية.

جيهان جهاد محمد

أنا طَير حُر طَليق في رِحاب الحياة يبحَث عن المَعنى والحِكمة والحُب والصَبر وكُلها معاني تتجلى في الكِتابة والعلم والمعرفة، فهُم أسلِحة مَن لا سلاح له، أنا چيهان جهاد من مَصر، أُحب التعلُم وتوصيل رِسالتي لِمن يقرأ.
زر الذهاب إلى الأعلى