ما هو حكم تركيب الشعر الصناعي للنساء والرجال
تحتوي الشريعة الإسلامية على العديد من الأحكام التي يجب على النساء والرجال الانصياع لها، أهمها حكم تركيب الشعر، خاصةً وبعد أن انتشر الوصل مؤخراً بتقنيات متعددة.
حكم تركيب الشعر
أشار “موقع الدرر السنية” (المتخصص في الأحكام الدينية) إلى أن وصل المرأة أو الرجل الشعر بشعر آخر آدمي (طبيعي) مُحرّم لدى المذاهب الأربعة، وذلك استناداً لرواية أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنهما): “جاءت امرأةٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا رسولَ اللهِ، إنَّ لي ابنةً عُرَيِّساً أصابَتْها حَصْبةٌ فتمَرَّقَ شَعرُها، أفأصِلُه؟ فقال: لعَنَ اللهُ الواصِلةَ والمُستَوصِلةَ”.
ورواية عائشة أم المؤمنين في صحيح البخاري: “أنَّ جارِيَةً مِنَ الأنْصارِ تَزَوَّجَتْ، وأنَّها مَرِضَتْ فَتَمَعَّطَ شَعَرُها، فأرادُوا أنْ يَصِلُوها، فَسَأَلُوا النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: لَعَنَ اللَّهُ الواصِلَةَ والمُسْتَوْصِلَةَ”.
وقول الله تعالى في سورة النساء الآية رقم 119: “وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚوَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً”.
وبحسب ما جاء في “موقع الإمام ابن باز” (المتخصص في الفتاوى الدينية) فإن تركيب الشعر حرام سواء أكان آدمي أو صناعي، لرواية معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه) في صحيح مسلم: “زَجَرَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَنْ تَصِلَ المَرْأَةُ برَأْسِهَا شيئاً”.
حكم تركيب الشعر للشعر الخفيف
أشار “الشيخ عبد الله المنيع” (عضو هيئة كبار العلماء) إلى أن تركيب شعر طبيعي أو صناعي أمر محرم سواء أكانت من تود تركيبه تعاني من خفة شعرها أو قِصر طوله، لأنه يعد تغييراً لخلق الله، وأما زراعة الشعر فلا بأس بها.
أما “د/ عثمان الخميس” (محاضر جامعي في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الكويت) فقد أشار إلى أن الوصل محرم بكافة أشكاله حتى وإن كان بغرض التزيُّن للزوج، ولكن يستثنى من التحريم إن كانت المرأة تعاني من تساقط الشعر القوي الذي أدى إلى ظهور فراغات كبيرة برأسها أو إصابتها بالصلع.
حكم تركيب الشعر الصناعي المؤقت
قال النووي (المُحدّث الفقيه الشافعي): “ربط الشعر بخيوط الحرير الملونة ونحوها مما لا يشبه الشعر فليس بمنهي عنه”، كما قال ابن قدامة (الإمام الفقيه الحنبلي): “الظاهر أن المحرم إنما هو وصل الشعر بالشعر لما فيه من التدليس، واستعمال الشعر المختلف في نجاسته، وغير ذلك لا يحرم لعدم هذه المعاني فيه وحصول المصلحة من تحسين المرأة لزوجها من غير مضرة”.
كذلك قال سعيد بن جبير: “لا بأسَ بالقرامِلِ” والقرامل بحسب ما فسرها أبو داود (أحد علماء الحديث) هي عبارة عن خيوط مصنوعة من الحرير أو الصوف يتم جعلها ضفائر لوصلها بشعر المرأة، وعليه فإنه يجوز وصل الشعر بشعر صناعي بشكل مؤقت على ألا يكون في ذلك تدليساً استناداً لما جاء في موقع إسلام ويب.
حكم تركيب الباروكة للنساء
اختلف أهل العلم في حكم تركيب الباروكة للنساء لأنها ليست بالوصل المنهي عنه، وإنما تُوضع على الرأس، فـ المالكية أجازوا استخدام الباروكة، فقد قال النفراوي (الإمام الفقيه المالكي):
“أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَصِلْهُ بِأَنْ وَضَعَتْهُ عَلَى رَأْسِهَا مِنْ غَيْرِ وَصْلٍ لَجَازَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الْخُيُوطِ الْمَلْوِيَّةِ كَالْعُقُوصِ الصُّوفِ وَالْحَرِيرِ تَفْعَلُهُ الْمَرْأَةُ لِلزِّينَةِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهَا فِي فِعْلِهِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي النَّهْيِ، وَيَلْتَحِقُ بِأَنْوَاعِ الزِّينَةِ”.
كذلك المذهب الحنفي فإنه أجاز وضع الباروكة استناداً إلى رواية ابن الأشوع: “أن عائشةَ قالت: ليستْ بالتي تعنُونَ، وما بأسَ إن كانتْ المرأةُ زعراء، قليلا شعرَها، أن تَصِلَ شعرها، وإنما الواصلةُ التي تكونُ في شبيبَتها بغيّا، فإذا أسنّتْ وصلتْهُ بالقيادةِ” مع العلم أن إسناد ذلك الحديث ضعيفاً حسب ما جاء في “موقع الدرر السنية”.
أما الحنابلة فقد أفضوا إلى جواز تركيبها عند الحاجة فقط، كذلك أقرّ المذهب الشافعي بجواز استخدام الباروكة للمرأة المتزوجة ولكن بإذن زوجها، وبحسب ما جاء في قول الشيخ العثيمين رحمه الله، فإنه محرم على المرأة ارتداء الباروكة إن كان شعرها وافر وليست في حاجة إليها، أما إن كانت معيبة الرأس أو ليس لديها شعر على الإطلاق فيجوز لها وضع الباروكة لستر العيب، والأحوط عدم استخدامها.
كذلك ذكر “موقع الإسلام سؤال وجواب” أنه إن كانت المرأة تضع الباروكة بغرض إخفاء عيب لا للتجميل، فإن وضعها جائز كما تجوز زراعة الشعر عند فقدانه، وأشار إلى أنه محرم ارتداء الباروكة للتجميل حتى وإن كان ذلك بغرض التزين للزوج، وذلك استناداً لرواية معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه) في صحيح البخاري:
“أنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بنَ أبِي سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ علَى المِنْبَرِ، فَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِن شَعَرٍ، وكَانَتْ في يَدَيْ حَرَسِيٍّ، فَقالَ: يا أهْلَ المَدِينَةِ، أيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟! سَمِعْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَنْهَى عن مِثْلِ هذِه، ويقولُ: إنَّما هَلَكَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَهَا نِسَاؤُهُمْ”.