حِداد سوريا (سوريين قَرحت أشفار أعينهم من البكاء)
من جِبال الساحل لعودةٍ في التاريخ إلى درعا، سُفكت دماءً تكاد تُغرق الأرض حتى تَخفسها، حِداد سوريا على أولادها ترثيهم بـ دعاء أن يجعل الله كَيد المجرمين في نحورهم.
حِداد سوريا “الحزن أبلغ من أن يُوصف”
قد أينَع الحقد، فـ بلغَ حدّهُ عنان السماء والأرض، وأودعَ سيفَهُ في رِقاب الجِبال، فَكلٌّ يَحمل ألمه في رحاه، ويُدينُ الأبرياء بدلاً من ملامةَ أكتاف جلّاديهم، متوارين هم عن الإنسانية، ويبطشون في الأرض بطشاً لا يوفّر شجراً ولا مسناً ولا امرأةً أو طفلاً أو حتى جدران.
مالكم لا تفقهون؟ أبهذا نَدعو السلام؟، أدركت منذ الأزل أنهم مجموعة “كفّار” منذ عقدٍ من الزمن وتَشهد على أفعالهم حلب والبوكمال، إياكم وادعاء الإسلام، فـ نحن أعلم بكم من أبرياء اليوم المُغيبين عن بطشكم، نَذكر محافلكم على جثث الأطفال، لطالما اعتدنا عليكم بأنكم لا تُميزوا دينٍ من طائفة، بل إنكم كالجراد المبعوث، يحرق مافي الأرض من بشرٍ وزرعٍ ويبث الرعب في النفوس.
لطالما شوهتم طهارة الثورة ولوثتموها بما فعلت أياديكم ولكنكم لم ولن تلوثوها فأنتم الضالون، وكُنتم للخارج أعوان يشتريكم جميع الغيلان، ببضعة قروش تمسكها راحة كفوفكم، لـ تبادروا الضرب بالسوط بثاني الكفوف.
ولا يمكنني أن أغفل عن أولئك المكلومين، أولئك أبناء المعتقلين ومن أكلت المجازر أبناؤهم ورسم القصف على قلوبهم شَرخاً لا يتداوى ولا يزول، أنا منكم وتذوقت ألم ما حدث ولكني لا أداوي آلامي بـ جثث الأبرياء وأقول أن هذا هو الحق فـ مالكم لا تبصرون؟.
أنكم تُعيدون تاريخ المَجوس؟ أتحاكموهم على صمتهم وعلى قتلاكم بأن تُعيدوا وضع أياديكم على رقاب الأبرياء وتُقسمون أنكم بهذا مُحقون؟.
هل تذكرون؟ كَم كان الكلام تُهمةً آنذاك تضعك على حَدّ الموس؟ والمعتقلات تَحكي جدرانها، حيث يُقيم عليك الحداد أهلك وأقرباءك ولا يمكنهم حتى أن يُشيعوك؟، فبأي حَق تُعاقبون؟.
أمة محمد والماضون على سُنته حقاً هُم بَرَاء مما تفعلون، وإني أُقسم بأغلظ الإيمان أن أصحاب الحق منذ خمسة عشرَ عاماً ليسوا الحاقدون، نحن أخوة وعند الله تجتمع الخصوم، ومادامت أكتاف جلّاديكم أمامكم فعليها أقيموا الحق والعدل ولا تعتدوا لإن الله لايحب المعتدين.
أنت أكثر من تذوق المرارة من أذناب تركيا وأذناب النظام فكانوا جميعهم لكم يكيدون، فكيف تقتلون نفساً بغير حق ولا تعلمون أنكم بهذا توعدون، بعذابٍ من الله وسؤالٍ بأي حق كنتم لهذا عوناً وهل لكم حينها ما تبرروه؟.
ويا أهل الفتنة كيف لَكم أن تُلاحقوا تلك العقول؟ التي طمست هويتكم وتركتم جوعى لسنينٍ مضت، وشوهتكم فما أنت فاعلون؟، كَيف تُعيدوا تاريخاً أسوداً عاث فساده فيكم عندما ترككم جوعى ووضعكم في خانة اليَك فـ بأي حق تدّعون؟ أعلم أن من مَشى خلف تلك الفتنة وصدق أن هذا الأمر يُخلصه من أمرٍ جديد كرهَهُ، هم قلة قليلة ولكنهم بهذا وضعوا في رقابهم دماء الأبرياء فكان ذنبهم أعظم ممن قتل، وعليه يُحسم الجدل حول مانقول، فـ الفتنة أشد من القتل وإلى الله فـ ارجعون.
لا تتركوا تلك الأدلجة التي قام النظام بأدلجتكم عليها تأخذكم إلى مصيرٍ مجهول، هذا أخاك السوري فلا تتعالى على صفحه، فهو مثلك سيُقتَل بأيدي أولئك الكفّار الذين ينتظرون، ينتظرون تلك الفرصة التي تسمح لهم بأن يشربوا دماءً لا يميزوا فيها بين عِرقٍ ولا دين، ولا جنسٍ ولا عمر ولا شيء.
لقد أذاقونا الويلات منذ الأزل هم والنظام كانوا فينا يفتكون، فكيف تدخلوا أياديكم في وكر الأفعى لتخرج إلى الجميع وتأكل ما تأكل معتقدين أن لسُّمها تُرياق أفلا تعقلون؟.
نِداء لأصحاب الضمير الحي
يا أيها السوريون، استيقظوا من غفلتكم تلك، فتلك الفتنة والطائفية ستأخذ بالجميع إلى الهاوية، القاتل لا دين له، والأعداء عليكم يتكالبون، يستخدمون الضعفاء والساحل يَشهد على ما يحدث وما سيحدث والله أرحم الراحمين.
تعلمنا نحن من تجربتنا، بأن نَصبر ولا نوقظ مجموعة حثالى عمدت منذ الأزل على تشويه صورة الثورة بأن تطمسها بجرائم لا حصر لها، وتعلمنا مما أقامه النظام من حَدٍّ على رِقاب الأبرياء، فبتنا نعرف أن أعداءنا كُثر، وعليه عَلمنا ما يمكن للفتنة أن توصلنا له وهذا ما حدث فـ الرحمة لأولئك الأبرياء.
وبالله عليكم استفيقوا من غفلتكم وتحابوا، دعونا نترك الأحقاد جانباً ونحاول أن نجمع شتات أنفسنا بعد ضياع طال أمده، وإن الغد لناظره قريب، ستفهمون فيما بعد ما أحاول أن أقول.
بعد أن يتم تقاسم الكعكة بمنطق طائفي واستخدام الأبرياء لدفعهم نحو الهاوية وقتل ماتبقى منهم وتقويض مصالح الكثير لتحقيق المطلوب.
ها هي سهام الموت اخترقت جبال الساحل وملأت أرضه دماءً، وسابقاً امتلئت جميع المحافظات دماءً فما نحن بفاعلون؟، بالله عليكم كفى شماتة وكفى شتيمة، وكفى كلاماً طائفياً سيودي بنا نحو المجهول.
نحن كتلةٍ واحدة، وأما أولئك الشامتون، فهم عند الله حسابهم عسير وربك أعلم مافي الصدور، وأما عمن يبرر القتل اليوم بأنه الكأس نفسه فإنه يقلب حقه السابق باطلاً وبهذا يضع في ميزانه ذنب أولئك الشهداء، من الأمن والجيش إلى الأبرياء العزّل والمساكين.
ومن أوقد نار الفتنة وانجرّ خلف البطولات والشهامة و اعتقد أنه بهذا يُحرر نفسه من قَيد حكمٍ لم يعجبه، فإنه المذنب الأكبر في نظري لأن يديه ملطخة بالدماء كذلك هم القاتلون.
تلك شهادتي وعليها أوصيكم أن تتحابوا قُبيل توسع رقعة الشطرنج وإحداث فجوة كبيرة بين الأعراق والأديان فعليها يلعب الطامعون، إياكم والطائفية فهي الثغرة التي يُدخلون أياديهم غائرة فيها ويتلاعبون بالأفراد كأنهم بيادق فلا يهمهم أرواحكم ومالكم لا تفقهون؟.
كفى دماءً بالله عليكم وإلا فإنهم المنتصرون، ذاك كان مخططهم من نصوص التوراة وعلى كلامي فاشهدون، تلك كلمات إنسان علّه يُذكر أو لا يُذكر وعلّه يوقظ قلوبكم فتتحابون، كونوا عوناً وسنداً لمن يموتون، فأولئك الأبرياء يُعيد المجوس التلاعب بهم ويستخدمونه طُعماً ونحن من رحمة الله لسنا بقانطون.
لا أعلم إن كُنت سأحيا لأرى بلادي سالمة وسوريتي بخير، وأفرادها جميعاً بخير ومتحابون، لإنني الآن أكتب كلماتي وقد تكون تلك الأخيرة فأريد إنهائها بصوتي المبحوح.
بأن أقول: تحابوا واستفيقوا، وتابعوا وقائع التاريخ وتكالب الدول عليكم ومخططاتهم تلك التي تُحاك بـ اسمكم، وبدمائكم وبإحداث المجازر بكم لتنجح وأنتم بتلك العقول ستَفنون، أنا وأخوتي في الساحل، أولئك الذين احتضنونا عندما هُجّرنا نعدّ أيامنا القليلة منتظرين الموت المحتوم، أنا وكل شريف لا نقبل بمثل هذا الفعل مهما كان الألم كبيراً في الصدور، أتفهم أوجاعهم وأوجاعكم فـ دعونا بالسلم ننهي ذاك الحقد والغل ونَقفل الصندوق.
لربما نموت غداً من بطش أولئك الكفار الذين لا يعرفون دين ولا عرق وما حدث ويحدث اليوم شاهداً على ما أقول، لقد مات الجميع ومن جميع المكونات وحي القصور وتنوعه يشهد على هذا القول، وجبلة وريفها وما تحتضنه من شعوب شاهدة أيضاً على ما أقول، نحن أعلم بأن أولئك المرتزقة منذ سنين كانوا يقتلون.
ولا أعلم لِمَ لا يمكن حلّهم أو ضبطهم أو على مايبدو ننتظر فرصة لأن نقول كَش ملك يا أطماع العصملي والمغول فـ الله أعلم ما هو المكنون، في الختام أقول: اذكرونا كما ذكرتم شهداء الثورة الكِرام إن متنا، واستودعوا الله في أخوتكم وكفى بغضاً وحقداً لن يثمر شيء سوى الدم وهذا ما لا نطيق وتذوقنا منه ما يكفي فـ دعونا نموت بسلام مثلما اعتدنا أن نموت.
لا نريد موتاً بالرصاص والمدافع والسكاكين، نريد موتاً هنيئاً على فراشنا البارد وبطوننا حتى وإن كانت خاوية فلا بأس بهذا أمام كل هذا الدم والحروب.
قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}.
كذلك قوله تعالى: {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}.
اذكرونا بالخير……
من ذاكرة سوريا المكلومة منذ الأزل وحتى اليوم.
تم التدقيق بواسطة: فريال محمود لولك.