خاطرة غزة تموت والعروبة نائمة

عندما تسأل عن الترياق لهذا السم، ستجد أن لا ترياق عربي أو غربي له، إنه سمّ يحرق كل شيء أمامه دون أن يوقفه أحد، خاطرة غزة تموت والعروبة نائمة.

خاطرة غزة تموت والعروبة نائمة

قد أحكم الغيلان قبضتهم على رقاب الأبرياء، وأوقدوا في قلوب الناس جذوةً لا تنطفئ، وإذ بها تحرق القلوب والأجساد والأحجار والأشجار، إلى أن ماتت تلك الأرض بعد أن مات ما بها!!.

غزة… ماذا أقول؟ قد أحجز لكلماتي مكاناً في طابور الكلمات، وأحاول البحث جاهدة عمّا يُنصف مَصابك، ويُصاغ بكلماتٍ يمكن لها أن تنقل مأساتكِ، لكني وعلى ما يبدو لن أجد كلمة واحدة يمكن لها أن تحرك قلب عربيٍّ ميت رآك، وشَهد على أوجاعكِ وموت أطفالكِ ولكنه غضّ بصره وأدار ظهره طواعية لا يبالي!!.

عجيبٌ أمر غزة، تتشابه هي والشجر في طول عمرها، وتتشابه مع الحجر بصلابتها، ومع الجبال في مقاومتها، ومع البشر في كرامتها، وتنساب من بين سيول الألم بأقدامها، وكأنه لم يجد طريقاً له بين ثغراتها، رغم أن غزة لم يبقى منها شبرٌ واحد إلا وقد أكلت منه يد الغدر والصهيونية.

أيُّ منطق هذا، ذاك الذي يحمله هذا الأرعن الصهيوني، فيجد أن له حق في أرض فلسطين على الرغم من أنها ليست له ولا لأجداده، كيف يُقسم بالتوارة تلك التي حُرّفت كلماتها، وحملت رسالة تقديم قربان هذه الأرض لهم مكرمة لما عانوه منذ زمن فرعون؟.

أتؤمن بهذا أيها الأحمق؟ أن تلك الأرض هي هبة الله لك!!

عن أي رب تتحدث؟ من هذا الرب الذي بأمرك بأن تقتل وتغتصب وتحرق وتبيد وتميت أهل أرض في مقابل اجتهادك الشخصي للحصول على ما وهبك “الله” إياه كما تدّعي؟، أتقول أنها أرض أجدادك؟، تبت يداك بما فعلت وماتفعل.

يا أهل العرب، إن هذا الحق واضح وضوح الشمس، حق الفلسطيني بأرضه وحده، حقه في أن يعيش بسلام، وعليه أن يدرك أن الصمت العربي لا يعني أن فلسطين تهمشت واعتدنا مشهد موتها، لا تبالي بنا نحن الجبناء الآخرون، وانتظري وعد الله إليك بتخليص رقبتك على صهوة حصانٍ ويد نبي.

ولله أعلم أن الانتظار قاتل، وأن موت أطفالك كل يوم يزيد، وأن تلك الحروف لن تضع بلسماً على جراحك، لكنني ومع هذا سأخرج مافي جوفي من قهر وحزن عليكِ علِّ أرتاح قليلاً، أو الأفضل أنني سأسرد كلماتي وأرشقها رشقاً كالرصاص…!!

فيضي ياعين بدمع الوريد، غزة ترحّل عنها الكُّل شهيد، أرِثي أولادك وانعيهم على الملأ، واحتسبيهم عند الله شهداء وهذا هو حق الوعيد، بكَى طفلك أحمد ينعي والدته تحت الثرى، وأقسم أخاه أن يأخذ بالثأر وللتاريخ يُعيد، مالك لا تُجيدين النحيب؟ دعي عويلك يفيض، ولا تقولي هذا مُعيب، كلّا إن هذا النحيب قد يوقظ أموات القلوب أموات الضمير!.

دُعاة الإسلام، دُعاة الإنسانية وأشباه البشر، أيكم من العروبة؟، على قارعة الطريق وتحديداً في غزة هناك أطفال تُقتل ونساء تُذبح ورجال تموت، ولم يبقى في تلك الأرض لا حجر ولا شجر ولا بشر وإني ولله أشتم رائحة دماء شهدائكم وكأن الأرض تعطّرت بالياسمين، تلك الرائحة المُثيرة للبكاء، تحمل في طيّاتها عويل ونحيب الغزاويين يناجون رب العباد وعباده الصالحين.

أعلم أنكم قد مللتم هذا الحال، مللتم صوت الصواريخ ودفن موتاكم كل يوم، أعلم أنكم مللتم الجوع والقهر والغدر واللا انسانية، ولكن ولله ما باليد حيلة، إن الضمير العربي في حالة سبات دائم لا يمكن له أن يستيقظ يوماً!!.

كَم لبثت هذه الأرض في هذه المحنة؟ سنين وهي على هذا الحال، كم لبث العربي أن استيقظ؟ مراتٍ قليلة ولم يضع حدّ لتلك التعديات، لربما شاء الله أن يُطفئ ضمائرنا حتى إشعارٍ آخر لأن نجدتكم بأيادي الصالحين من أنبيائه وهم وحدهم القادرين على إفشال جميع تلك المخططات.

أرى هذا اليوم قريب للغاية، لا يسوده أي عثرات إنه بات قريب قُرب العبد من ربه عند تأدية الصلوات، والآن سأكتفي من السرد العبثي الذي أقوم به وأقول:

أعانك الله على مصابك غزة، ولأهلك السلام أينما كانوا، والرحمة لشهداءكِ.
سامحيني لأنني رميت كلماتي تلك بهذا الشكل العبثي الغير تراتبي، سامحيني لأنني لا أمتلك حروفاً تعبر عن مدى حزني ويأسي مما تمرّين به، سامحونا يا أهل فلسطين لعلّ الله يرضى علينا ذات يوم!!.

هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكراً لملاحظاتك.

فريال محمود لولك

الكتابة هي السبيل للنجاة من عالمٍ يسوده الظلام، ننقل بها سيل المعلومات لتوسيع مدارك القارئ المعرفية، أنا فريال محمود لولك، من سوريا، خريجة كلية التربية اختصاص معلم صف، وكاتبة منذ نعومة أظفاري، من وحي المعاناة وجدت في الكتابة خلاصي، ورأيت بها نور الله الآمر بالعلم والمعرفة، فاقرأ باسم ربك الذي خلق. فإن القراءة هي الطهارة لعقلك من كل جهل.
زر الذهاب إلى الأعلى