مناهضة خطاب الكراهية “فضفضة نسوية”

أردت لها أن تكون حواراً ناشئاً أضع تساؤلاتي به، وأهاجم بها تلك العقول المربعة، لا لخطاب الكراهية ضد المرأة، وتلك “ثرثرتي” النسوية كما تراني!!.

مناهضة خطاب الكراهية “ثرثرة أو فضفضة نسوية”

هي قصة قصيرة عن زمنٍ أغبر عمل على تحديد التوجه الأساسي لطرفٍ واحد، عمل على وضع الرجل متربعاً على العرش كقوة عظمى مسيطرة!!.

كان ياماكان في قديم الزمان، بينما كانت النساء تبحثن عن معتصماً متوارياً حضر من متون التاريخ فارس الأحلام الذي ينتشلها ويضعها على جانبيه، فلا هو أعلى منها، ولا هي أسفل منه، أي أنها ببساطة بموازاة متشابهة، وتختلف عنه فقط في جنسها لكونه لطيف!!..

وفيما تحاول جاهدة لأن تلتمس العطف ذاك، والعماد الذي يسندها، وجدت ضالتها في صوتٍ نادى بحرية الفَمُ الأبكم، وأخبرها نكتةً طريفة فحواها “المساواة”، رقصت… فرحت… تمايلت بخصرها الأعوج، حتى خرجت، بإشراقةٍ مفعمة متأملة بأنها ستحقق المستحيل وستعمل جاهدة على أن تترك بصمتها، فهل البصمات وجدت فقط للرجل؟.

لا… وألف لا، في تلك المساواة، البصمة من حقي وحقك يا هذا!!
وعندما خرجت صُدمت بواقعٍ مرير، هرولت إلى عملها، لتجد نظراتٍ دونية تتساقط عليها كسيل حجارةٍ من سجيل، خارت قواها، ولكنها أبت التذلل، فتوجهت إلى السوق، وبينما هي تحاول أن تشتري شيئاً وتساوم البائع على خفض أسعاره، رمقها بنظرةٍ توحي بأن هناك مقابل لكل شيء، نظرةً تخفي نواياها خلف الكواليس ابتسامةٌ صفراءٌ شهوانية.

خارت قواها من جديد، وحملت نفسها وتوجهت إلى منزلها الدافئ، حضّرت الطعام، وجلست تمازح أولادها، فتعالت أصوات ضحكاتهم، وفجأة طُرق بابها بطرقاتٍ أخرجت قلبها من مضجعه، فتحت، فوجدت زوجها مزمجراً والنار تتوقد من عينيه فوبخها على صوت ضحكاتها تلك، إن صوتها هذا “عورة”!!

أتخبرني ياهذا بأن النساء اللاتي شاركنّ في غزوات النبي كنّ خُرساً؟، ومع هذا حاولت العودة للوقوف بثبات، وبكل شجاعة واظبت على المثابرة، إنها مكادحة، تعمل وتربي وتعلم وتنشئ جيلاً يافعاً سوياً، وتعترف بأنها تحاول على قدر الإمكان أن توازن بين جميع تلك الأشياء ولكن من أجل تحقيق هذا.

عليها ترتيب أولوياتها، مما يعني أنها حقاً منتظمة وتعمل جاهدة لأن لا تترك ثغرة دون سدّها، لكنها في النهاية أيقنت، وأدركت تلك الحقيقة المرّة التي تحاول رفضها وعلمت أن الجهل لا يزال يعتكف بعض العقول، وأن كلمة أنثى هي وصمة عار بحد ذاتها، وأن كلمة ضلع، وصلت بالفهم المغلوط للعقول تلك بأنها وصفاً مؤكداً يدل على أن المرأة هشة وضعيفة، وقواها لا تتجاوز حدود الطبخ والتربية والإنجاب!!.

لتبصر النور عليك أن تخترق دهاليز الأرحام

أممم الإنجاب، يا له من أمرٍ مذهلٍ، يثبت لك أن كل جميل لا يأتي بسهولة، أيها الرجل هل تحتمل ثاني أقوى ألم بعد الحرق؟… الولادة!!، واعذرني لهذا السؤال، أعلم أنك ستقول أننا خُلقنا ووضع الله هذه القدرة بنا، ولكن أرغب في إسقاط الضوء على تلك القدرة الإلهية العظيمة لولادة طفلٍ يبصر نور الحياة، فما بالك بالقدرات الخارقة الأخرى التي بداخلنا؟.

أين نكبت تلك القوى؟، كيف نقيدها ونكبّلها فتنفجر أحشائنا بها؟
تفيض نفسي بأحلامٍ وطموحات، احتاج لها ألف حياة حتى أحققها، فكيف لك أن تَرجُمني بصوتك العالي هذا وفكرك الساذج ذاك؟
بصوتي أنا وصوت جميع النساء نناهض لمواجهة خطاب الكراهية الموجه ضدنا، ونعلم بأننا قادرين، وبأن التشارك بكل شيء أمراً واجباً وحقاً معقوداً بالذهب في سبيل النهوض بمجتمعنا، جميعنا نحلم بأن ندير عجلة التطور في مجتمعنا.

غير راغبات بتبني الأفكار السطحية للغرب، إنما تبني المكانة التي عظّموا بها النساء ومدى قدراتهم، تبني تعظيم الإسلام لمكانة المرأة، وجعلها ترياقاً نستعمله في وجه السموم التي تخرج من ألسنة الجاهلين، ارفعوا أصواتكم حتى وإن كانت أصواتكم لا تسمعها آذان ألباب الجاحدين والذكور، اجعلن أصواتكنّ كصوت تكبير المآذن مرفوع، صوتاً جهورياً يصرع ذا اللب بحقه المعهود، إنه حقٌ شرعيٌّ لنهوض أمةٍ قد مللت ذاك الركود.

إنه حقٌ لإعلاء مكانة المرأة التي أوصى رسولنا الكريم بها خيراً لا الجمود، فكفى وأد الروح ودفنها حية، كفى بالله عليكم وأد تلك العقول، ايقظوا شعوركم في سبيل النهوض، فآن لنا أن نتسلق ونخرج من قعر تلك القوقعة، ونبصر نوراً لشمس مجتمعٍ بلغ النجوم، الغصة في صوتي بلغت الحلقوم، فـ بالله عليكم ارفعوا عن النساء ذاك السوط، لتنبض الحياة من جديد بكل روح.

هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكراً لملاحظاتك.

فريال محمود لولك

الكتابة هي السبيل للنجاة من عالمٍ يسوده الظلام، ننقل بها سيل المعلومات لتوسيع مدارك القارئ المعرفية، أنا فريال محمود لولك، من سوريا، خريجة كلية التربية اختصاص معلم صف، وكاتبة منذ نعومة أظفاري، من وحي المعاناة وجدت في الكتابة خلاصي، ورأيت بها نور الله الآمر بالعلم والمعرفة، فاقرأ باسم ربك الذي خلق. فإن القراءة هي الطهارة لعقلك من كل جهل.
زر الذهاب إلى الأعلى