قصة أسماء ذات النطاقين بنت أبي بكر
لأن ديننا الحنيف وضع المرأة بمكانة عالية، لا يزال لقب ذات النطاقين يتردد ليومنا هذا، مَن هي صاحبته؟ وما هو ملخص قصة أسماء ذات النطاقين؟
من هي ذات النطاقين؟
إنها أسماء بنت أبي بكر الصديق (رضي الله عنهما) والأخت الكبرى غير الشقيقة للسيدة عائشة، وأمها قيلة، ويُقال إن اسمها قتيلة، وهي أيضًا زوجة الصحابيّ الجليل الزبير بن العوام (رضي الله عنه) وأنجبت منه عبد الله، فيما يعني أنها والدة عبد الله بن الزبير بن العوام (رضي الله عنهما).
وُلدت أسماء بنت أبي بكر قبل هجرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بسبعة وعشرين عامًا، بينما كان عُمر أبي بكر الصديق حينها يزيد عن عشرين عامًا بقليل، مع العلم أن أسماء بنت أبي بكر كانت من أوائل من اعتنقوا الإسلام، إذ أنها فعلت ذلك بعدما التحق به سبعة عشر شخصًا فقط.
وقد أنجبت عبد الله بن الزبير أثناء الهجرة، في مدينة قباء قبل أن تصل إلى المدينة المنورة، فكانت سعادتها حينها مُزدوجة.
قصة اسماء ذات النطاقين
قامت أسماء بنت أبي بكر بإعداد الطعام لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ووالدها أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) أثناء الهجرة قبل الخروج من مكة المكرمة، ذلك الوقت كان عصيبًا، وعلى الرُغم من ذلك، كانت أسماء بنت أبي بكر تبذُل قصارى جُهدها كي يصل الطعام إلى رسول الله وصاحبه.
فعندما لم تجد ما تقوم بشدّ الطعام به، شقت خمارها (نطاقها) نصفين، فارتدت نصفًا وقامت بسحب الطعام بالنصف الآخر، وذلك هو سبب تسمية أسماء بذات النطاقين.
فقد رُويّ عن أسماء بنت أبي بكر في صحيح البخاري أنها قالت: “صَنَعْتُ سُفْرَةَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بَيْتِ أبِي بَكْرٍ، حِينَ أرَادَ أنْ يُهَاجِرَ إلى المَدِينَةِ، قالَتْ: فَلَمْ نَجِدْ لِسُفْرَتِهِ، ولَا لِسِقَائِهِ ما نَرْبِطُهُما به، فَقُلتُ لأبِي بَكْرٍ: واللَّهِ ما أجِدُ شيئًا أرْبِطُ به إلَّا نِطَاقِي، قالَ: فَشُقِّيهِ باثْنَيْنِ، فَارْبِطِيهِ: بوَاحِدٍ السِّقَاءَ، وبِالْآخَرِ السُّفْرَةَ، فَفَعَلْتُ، فَلِذلكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ”.
صفات أسماء ذات النطاقين
هُناك العديد من المواقف الرائعة التي تُشير إلى سمُو صفات أسماء ذات النطاقين وإيمانها القويّ، والتي نتعرف على القليل منها من خلال ما يلي:
ذات النطاقين وحُسن التصرُّف
عندما خرج أبو بكر الصديق مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للهجرة، أخذ معه كافة أمواله، والتي بلغت ما يقرُب من ستة آلاف درهم، فأتاها جدُّها لأبيها وهو (أبو قحافة) والذي كان كفيفًا، فقال لها: “والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه” أي أن أبي بكر الصديق قد رحل عنهم آخذًا معه أمواله كاملة.
قالت له أسماء: “كلّا يا أبتِ، قد ترك لنا خيرًا كثيرًا”، وأخذت تجمع الحجارة وتقوم بتغطيتها في مكان كان أبو بكر يضع به أمواله، وأمسكت يد جدّها ووضعتها على الحجارة وقالت له: “يا أبتِ، ضع يدك على المال”.
قال لها جدُّها: “لا بأس، إذا كان ترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا بلاغ لكم”، بعدها قالت أسماء بنت أبي بكر: “لا والله ما ترك لنا شيئًا، ولكنّي لأردت أن أسكن الشيخ بذلك” أيُّ مستوى من الإيمان قد بلغت ذات النطاقين، لتكون على يقين بأن الله لن يُضيّعها هي وأسرتها، حتى في عدم وجود والدها أو أمواله!.
شجاعة أسماء ذات النطاقين
تحمّلت أسماء بنت أبي بكر صفعة قوية كانت سببًا في سقوط قِرطها من أُذُنِها، تلك اللطمة كانت من قِبل أبي جهل بن هشام، إذ ذهب إليها عقب هجرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) ليسألها عن مكان والدها، فما كان منها إلا أن قالت له: “لا أدري والله أين أبي” وتلقت الصفعة القوية وتحملت ذلك الإيذاء؛ حتى يسلم رسول الله وصاحبه، ويصلا إلى المدينة المنورة دون التعرض للمخاطر.
وفاة ذات النطاقين
عندما أتى موعد وفاة ذات النطاقين، طلبت (رضي الله عنها) من أهلها أن يقوموا بتبخير ثيابها بالمجمر (أي العود) عقب وفاتها، ثم يقوموا بوضع الكافور، على ألا يضعوه على كفنها ولا يُتبعوها أيٍ من ثيابها، وكانت وفاتها عقب مقتل ابنها عبد الله بن الزبير بأيام قليلة، والذي كان في السابع عشر من شهر جمادى الأولى لعام ثلاث وسبعين هجريًا.
وقد عاشت أسماء بنت أبي بكر مائة عام، دون أن يسقط لها سنًّا أو تنسى شيئًا، فهي التي قامت بتكفين ابنها، لتلحق به وتكون آخر من تُوفيّ من المهاجرات والمهاجرين أيضًا.
أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين، هي قدوة المسلمات، وخير من يجب أن نسير على خطاه، عسى الله أن يجعل قلوبنا عامرة بالإيمان الذي سكن فؤادها، فجعلها من الصحابيّات الكرام