شخصيات تاريخية

من هي رفيدة الأسلمية أول ممرضة بالإسلام

تُعتبر رفيدة الأسلمية أول ممرضة بالإسلام وتنال قصتها الكثير من الاهتمام لنأخذ منها الحكمة والقدوة، فقد كانت خَيمَتُها تُمَثل المشفى الميداني المتنقل في الحروب والغزوات.

من هي رفيدة الأسلمية؟

هي رُفَيدَة بنت سعد الأنصارية (وقيل إن اسمُها كُعيبةُ بِنتُ سَعْد)، و اسم رفيدة معناه مُشتَق من العطاء والإعانة، وقد وُلِدَت رُفيدة في “قبيلة أسلم” إحدى “قبائل الخزرج” بداخل المدينة المنورة، وهي مُمرضة قد تعلمت التمريض على يد أبيها، وقد عاشت في أواخر العصر الجاهلي ثم عاصرت الإسلام وأسلمت وكانت أول ممرضة في الإسلام، وقد دخلت في الإسلام بعد هجرة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم مع أصحابه إلى المدينة المنورة، وقامت بمبايعته والذهاب في الغزوات معه لمداواة المرضى وجرحى الحرب.

وقد كانت رُفيدة كاتبة وقارئة أيضًا، بالإضافة إلى ذلك فقد كانت لديها ثروة كبيرة، حيث كانت تنفق على عملها من مالها الخاص بها، أي أنها كانت تتطوع بالجهد والمال في سبيل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

خبرة رفيدة في مداواة الجرحى

وقد اشتهرت رفيدة بخبرتها ومهارتها في مجال الطب وإعداد العقاقير والأدوية، وهذا بالإضافة إلى خبرتها في مداواة الجروح وتضميد الكسور وتجبيرها، وكانت تنقل معداتها وأدواتها الخاصة للتمريض على ظهور الجمال إلى أن تصل إلى أرض المعارك فتقوم بوضعهم بداخل خيمتها أمام المعسكر الخاص بالمسلمين، فهي تعتبر صاحبة الخيمة الطبية الأولى وأول مستشفى ميداني في التاريخ بأكمله.

مشاركة رفيدة الأسلمية في الغزوات

قامت رفيدة بالمشاركة في عدة غزوات مع الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كانت تذهب لتداوي الجرحى في الغزوات، كما قامت رفيدة بتدريب مجموعة من نساء الصحابة ليستطيعوا المساعدة في مداواة الجرحى ومنهم “عائشة بنت أبي بكر” رضي الله عنها وكان يعمل معها في التمريض أيضاً “أم عطية”، “الرُّبَيِّع بنت معوذ” و”أم سليم” وغيرهم من النساء الفاضلات، وأثناء غزوة الخندق قاموا بإقامة خيمة لها داخل المسجد النبوي وكان النبي صلى الله عليه وسلم يذهب إلى خيمتها ليتفقد الجرحى وعندما أُصيب “سعد بن معاذ” في الغزوة بسهم قام النبي بأمرهم بإرساله إلى خيمة رُفيدة وكان يذهب إليها للاطمئنان عليه، “وقد ذكر في البخاري أنه من حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه قال: لَمَّا أُصِيبَ أَكْحُلُ سَعْدٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَثَقُلَ، حَوَّلُوهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا: رُفَيْدَةُ، وَكَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرَّ بِهِ يَقُولُ: كَيْفَ أَمْسَيْتَ؟ وَإِذَا أَصْبَحَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ فَيُخْبِرُهُ” ويقال أن الأكحل هو الوريد المتوسط في اليد أو كوع اليد.

وقد ورد في مغازي الواقدي: “كانت كعيبة بنت سعد بن عتبة (ويقال أيضًا رفيدة) تُدَاوِي الْجَرْحَى، وَتَلُمّ الشّعَثَ، وَتَقُومُ عَلَى الضّائِعِ وَاَلّذِي لَا أَحَدَ لَهُ، وَكَانَ لَهَا خَيْمَةٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ سَعْدًا فيها”، كما قامت بعض المصادر بذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أسهم لها سهم رجل، اعترافاً منه وتقديراً لخدماتها بعد اشتراكها في غزوة خيبر، وهذا لأنها جاءت أثناء استعداد الرسول للذهاب إلى المعركة مستعدة، ومعها مجموعة كبيرة من نساء الصحابة لكي يذهبوا مع الرسول صلى الله عليه وجيشه إلى الغزوة، لكي يداوون الجرحى فقام الرسول بمباركة ذهابهم معه وانطلقوا معاً، وقاموا بعمل عظيم في هذه الغزوة مع الجرحى والمصابين، مما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي لرفيدة سهم من الغنائم الخاصة بالمعركة مثلها مثل أي رجل مقاتل قام بالقتال معه في الغزوة، تقديراً لجهادها ومجهودها العظيم في الغزوة، كما قام الرسول صلى الله عليه وسلم بإعطاء نساء الصحابة المتفوقات في تمريض الجرحى والتعامل مع الجروح ومداواة المصابين قلادات شرف تقديراً لهم ولجهودهم العظيمة، وقد شعروا بالفخر بهذه القلادات بشكل كبير وقالت إحداهن أنها كانت لا تترك هذه القلادة أبداً بعيداً عنها سواء ليلاً أو نهاراً.

وقد قامت قصة رفيدة العظيمة بإخبار العالم بأسره أن الإسلام يحترم النساء ويقدرهم بعكس ما كان يُشاع من البعض، بل أثبتت أنها كان لها مكانة في الحروب وليس الرجال فقط من يتم تقديرهم، وقد أجاز الإسلام للمرأة الأجنبية أن تقوم بمداواة الجرحى والمرضى من الرجال مادام ذلك في الضرورة، كما يتضح أن الإسلام أجاز التطوع للسيدات في الحروب والجيش للمساعدة في التمريض أو أي مجال آخر.

وقام بعض الأشخاص بطرح خلاف حول مسمى أول طبيبة وممرضة في التاريخ، حيث تقوم الشعوب الغربية بإنساب هذا اللقب إلى فلورنس نايتينجيل التي أصبحت معروفة برائدة التمريض الحديث ولكن الكثيرون يؤكدون أنها رفيدة هي أول طبيبة وممرضة في التاريخ حيث كانت رفيدة تداوي الجرحى في عام 620 ميلادياً أي قبل فلورنس نايتينجيل بـ 1200 عام، لذلك فلا جدال أن رفيدة هي مؤسسة التمريض داخل العالم الإسلامي والعالم بأسره أيضًا.

التكريمات المهداة لرفيدة

ومن عظمة دورها الذي قدمته أثناء الحروب والغزوات قامت العديد من الدول بتكريم أسمها وتسمية العديد من المباني وبعض الجوائز وغيرها على أسمها تيمنًا بها ومن هذه التكريمات ما يلي:

  • تم إطلاق اسمها في دولة الأردن على كلية تسمى “كلية رفيدة الأسلمية للتمريض والقبالة” تقع في مدينة الرصيفة التابعة لمحافظة الزرقاء، ثم تم دمج بعض الكليات معاً ليصبح أسمها “كلية رفيدة الأسلمية للتمريض والقبالة والمهن الطبية المساندة”.
  • كما تم إطلاق اسمها على مبنى كلية التمريض في جامعة الآغا خان في دولة باكستان.
  • بالإضافة إلى ذلك قامت المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر بطرح وسام، يسمى “وسام رفيدة الأسلمية”، وقد منحته للمرة الأولى داخل المملكة العربية السعودية.
  • كما قام عميد كلية العلوم الطبية التطبيقية بطرح “جائزة رفيدة الأسلمية” داخل جامعة الملك عبد العزيز، وتعطى هذه الجائزة لمن يقدم أفضل بحث علمي في مجال التمريض للطالبات داخل الجامعة.
  • وفي جامعة البحرين بالتعاون مع كلية الجراحين الملكية في ايرلندا يتم منح “جائزة رفيدة الأسلمية” إلى الطلاب المتميزين.
  • أطلق المجلس التمريضي الأردني جائزة الأميرة منى الحسين، التي تنقسم إلى 3 مستويات “قلادة شرف، قلادة رفيدة الأسلمية، قلادة نسيبة المازنية” تُمنح للمتميزين في المجالات الخاصة بالتمريض.
  • كما تأسست “جمعية رفيدة لصحة المرأة” في دولة الرياض، وهي تتبنى الخدمات التي تهتم بصحة المرأة.

الاء مخلص امين

أنا آلاء مخلص، بالرغم من كوني مُعلمة في مجال علم النفس، إلا أن شغفي الأول هو تقديم الكثير من المعلومات من خلال كتاباتي.
زر الذهاب إلى الأعلى