امرأة امتلكت قوة البصر و البصيرة، عرفت بجمالها و حَسَبِها و نسبها، وكانت نهايتها اقتلاع عينيها و صلبها، فما هي زرقاء اليمامة؟ و أين عاشت؟
من هي زرقاء اليمامة؟
هي شخصية عربية من العصر الجاهلي، ورد ذكرها في العديد من كتب التاريخ، يُقال أنها من أهل (اليمامة)، وكان يُضرب بها المثل في حدِّة النظر وجودة البصر، وقيل عنها أنها كانت تُبصر الأشياء من مسيرة تبُعد ثلاثة أيام، و كأنها امرأة خارقة للطبيعة، وبسبب قدرتها الخاصة في النظر أنذرت قومها بخطر سوف يأتي إليهم ولكن لم يُصدقها أحداً، فما هو أصل الحكاية؟
ما هي قصة زرقاء اليمامة؟
ذكر المؤرخين بأن اسم زرقاء اليمامة الحقيقي هو (عنزة بنت لقمان بن عاد)، و يعود أصلها لـ (جديس) وهي أحد قبائل العرب البائدة الذي يرجع نسبها إلى (لاوذ بن إرم بن سام بن نوح) عليه السلام، فـ مثلما ذكرنا من قبل بأن زرقاء كانت تستطيع أن ترى على مسيرة يومين، فيقال بأنّ هناك رجلاً كان يُدعى (رياح بن مرة) و الذي كان وزيراً لـ ملك يُدعى (حسان)، وفي يوم من الأيام قال رياح لـ الملك: (أيها الملك إن لي أختاً متزوجة في مدينة جديس، وتدعى زرقاء تقدر على رؤية شخص من مسيرة تعادل يوماً وليلة كاملة، وإنّي أخاف أن تنظرنا وتُحذّر قومها، فيستعدوا لنا)، ولهذا أمر الملك رجاله بأن يقطعوا أغصان الأشجار ويتخفوا وراءها، من أجل الاحتيال على زرقاء لكي لا تراهم، وعندما رأت زرقاء رجال الملك حذرت قومها من قدومهم، ولكن قومها كذّبوها بل وسخروا من كلامها، و حدث ما لا يُحمد عقباه و دخل رجال الملك للمدينة وقضوا على كل من كان فيها.
ما هو شكل زرقاء اليمامه؟
يُقال أن زرقاء كانت مرأة جميلة تشبه القمر في ليلة البدر، فـ امتلكت عينان فاتِنَتين بلونهما الأزرق، لذا سُميت الزرقاء نسبة لـ لون عينها.
هل زرقاء اليمامة مسلمة؟
لا، كونها عاشت في العصر الجاهلي، وقبل نزول الإسلام و انتشاره في الجزيرة العربية.
ما هي العبرة من قصة زرقاء اليمامة؟
تَكمُن العبرة الكبرى في قصة (زرقاء اليمامة)، بضرورة الاستماع لنُصح من يمتلك الخبرة والاستفادة منه، حتى لا نقع فريسة الكِبر و تقضي علينا أحد المواقف التي اعتقدنا في يوم أن تأثيرها ليس كبيراً لهذا الحد، و نُقابل نفس مصير قوم زرقاء الذين هَلِكوا جميعاً بسبب كِبرّهم.
قصيدة زرقاء اليمامة
كتب الكثير من شعراء العرب عن زرقاء، المرأة التي امتلكت خواص خارقة لم يمتلكها بشر في عصرها، ومن أشهر القصائد التي ذكر فيها حدة نظر زرقاء، هي قصيدة الشاعر (ميمون بن قيس بن جندل)، والذي يُعد من أشهر شعراء الجاهلية، والقصيدة هي كـ الآتي:
نظرتْ نظرةً ليست بكاذبة،
إذ يرفّعُ الآلُ رأسَ الكلب فارتفعا،
قالت أرى رجلاً في كفِّه كتِ،
أو يخصِف النعلَ، لهفي أيّةً صنعا!
فكذّبوها بما قالت فصبّحهم،
ذو آلِ حسّانَ يُزْجي الموتَ والشِّرَعا،
فاستنزلوا أهلَ جوّْ من منازله،
وهدّموا شاخصَ البنيان فَاِتَّضَعا،
وَبَلدَةٍ يَرهَبُ الجَوّابُ دُلجَتَها،
حَتّى تَراهُ عَلَيها يَبتَغي الشِيَعا،
لا يَسمَعُ المَرءُ فيها ما يُؤَنِّسُهُ،
بِاللَيلِ إِلّا نَئيمَ البومِ وَالضُوَعا،
كَلَّفتُ مَجهولَها نَفسي وَشايَعَني،
هَمّي عَلَيها إِذا ما آلُها لَمَعا،
بِذاتِ لَوثٍ عَفَرناةٍ إِذا عَثَرَت،
فَالتَعسُ أَدنى لَها مِن أَن أَقولَ لَعا،
تَلوي بِعِذقِ خِصابٍ كُلَّما خَطَرَت،
عَن فَرجِ مَعقومَةٍ لَم تَتَّبِع رُبَعا.
كيف توفت زرقاء اليمامة؟
بعدما دخل رجال الملك لـ اليمامة وتخلصوا ممن كان فيها، أمسك رجال الملك بـ زرقاء و سألها الملك: (ماذا رأيتي؟ فقالت زرقاء رأيت الشجر خلفها بشر، فما كان من الملك إلا أن قلع عينيها لتجنب خطرها، كما أمر بصلبها على باب المدينة، ومنذ ذلك الحين و تغير اسم المدينة من (جديس) إلى (اليمامة)، وأصبحت زرقاء اليمامة أسماً لامعاً في تاريخ العرب القديم، كما أصبحت رمزاً للحكمة والرؤية الثاقبة في الثقافة العربية، ويُضرب بها المثل في حدة البصر وقوة الملاحظة.
