سقوط الأسد أيقظ الشارع السوري من جديد

تداعيات سقوط الأسد وما يحدث خلف الكواليس، أموراً توجب التعمق بها من أجل حفظ وحدة سورية المتكاملة بنسيجٍ متوازن من مختلف مكوناته العرقية والطائفية!!.

سقوط الأسد يُعيد صياغة مستقبل جديد لسوريا

بين وَعيد (بنيامين نتنياهو) وتهديداته الصريحة لبشار الأسد ببيان له أكد فيه: “أن الأسد يلعب بالنار”، تبعها قرارات وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي (جو بايدن) بقبول الطرفين لهذا القرار، كان هناك خلف الكواليس سيناريو جديد يُحاك ليرسم مستقبل سوريا الجديدة!!.

بينما كان الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) يصرّ على لقاء الأسد في محاولة منه للوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، كان الأسد يرفض ويوضح بكل شفافية أن هذا اللقاء لن يتم إلا بانسحاب القوات التركية من سوريا مع التعهد بعدم تقديم الدعم (للإرهاب) بحسب وصفه!!.

لكن الأسد يدور حول نفسه في دائرة مغلقة تعطي برهاناً بليغاً عن أن مقولة أينشتاين تنصفه جداً: الشيئان اللذان ليس لهما حدود، الكون وغباء الإنسان، مع أني لست متأكداً بخصوص الكون!!.

كان الأسد يسعى دائماً للنظر إلى الأمور من زاوية واحدة والابتعاد عن كل ما قد يهدد وجوده وكيان سيادته السلطوية منذ عهد أبيه!!.

لكن تفكيره المحدود والإقصائي، أودى به لأن يسقط حكمه بسهولة خلال أيامٍ معدودة، فكما هي الحال دائماً، أن البلاد العربية جميعها أشبه بأحجار دومينو يتحكم بها أصحاب القوى العظمى بحسب مصالحهم الاقتصادية والسياسة، وخاصةً أن الأمور كانت على وشك أن تدق ناقوس الخطر وتهدد بحرب عالمية ثالثة بين روسيا وأوكرانيا.

كل هذا وذاك مع سياسة الأسد التسلطية والدكتاتورية جعل حكمه يسقط سقوطاً تتحدث به الألسنة ويتآرخ على أوراق الزمان.

ولكن ماذا بعد؟ سؤال يطرحه الشارع السوري بين مخاوف البعض وتفاؤل الآخر!!.

إطاحة الأسد وما يحدث في الشارع السوري

بعد الإطاحة بحاكم بعثي، وفرحة السوريين العارمة التي كانت واضحة المعالم على الملأ، ووجود بعض الفاسدين ممن كانوا يأخذون ما هب ودب من البلاد، ويستفيدون من حكم الطاغي والذين بقوا على عبوديتهم للأسد، واستمروا في محاولاتهم لإثارة الفتن.

دخل الشعب السوري في دوامة مجهولة المستقبل، فهل من أطاح بالأسد قادر على إدارة الحكم على الوجه الأمثل؟، إذ أنهم يتمتعون ببعض الخبرة في الحكم، ولكن فكرة أن بلد كاملة كانت مسلوبة الخيرات ومُحتكرة من قبل الكثير، يجعل المهمة عليهم شاقة بعض الشيء وهذا ما يثير الذعر في قلوب السوريين.

خاصةً وأن بعض الشخصيات تحاول إثارة الفتن والنعرات الطائفية وإعادة الحرب “فلاش باك” إلى بداية اندلاعها عام 2011، مع وجود الكثير ممن يحملون في قلوبهم ضغينة ويحاولون بهذا انتزاع حقوقهم بأيديهم مستغلين بهذا فكرة عدم سيادة الأمان بالشكل الكامل!!.

ولكن في ظل معرفة أن هزيمة الأسد تعتبر هزيمة استراتيجية لروسيا وإيران ومصالحهم وطموحاتهم الإقليمية، وتعتبر نقطة تحول هائلة على الصعيد السياسي والاقتصادي في سوريا، وإن تلك الهزيمة تُشكّل أيضاً انتكاسة للملكية الخليجية العربية التي حاولت أن تعمل على تطبيع الأسد وهذا عرضها لخسارة نفوذها بشكلٍ كبير.

إلا أن المستفيد الأكبر كان (تركيا) خاصةً وأنها منذ الأزل تعمل على دعم قوات المعارضة وكان لها يدً مساعدة في إطاحة هذا الحكم.

فهل سوريا تجري نحو طريق التقسيم؟
هل فكرة التقسيم ستكون من أسفل الطاولة أم على الملأ؟.

أو هل من الممكن أن تُثار الحرب الطائفية مجدداً؟ أم أن الشعب السوري تعلّم من تجربته السابقة، وعليه أن يكون أكثر يقظة من أن يجعل الخارج يتلذذ بفكرة التقسيمات الجغرافية، بينما الشعب السوري يوجه نظره نحو القتال الطائفي ويغفل عن التنبه إلى الخطر الأكبر؟… (إسرائيل)!!.

الوحش المتخفّي بحجه الواهية

المنطقة العازلة، كانت تلك هي الحجة الأكبر لإسرائيل للتوغل البري نحو الأراضي السورية، وقصف مناطق الأسلحة الاستراتيجية بعد أن تم توصيف المعارضة المسلحة بالـ (الإرهاب) مما أعطاهم الكرت الأخضر من بطون الكفوف بأن يستخدموا هذا التوصيف لحماية منطقتهم العازلة وبالتالي التوغل ببساطة إلى (جبل الشيخ) في دمشق والسيطرة عليه، وإكمال التوجه نحو القنيطرة وما خُفي أعظم!!.

خطة ينون

هل سبق لك أن سمعت بحلم صهيون؟ أو إسرائيل الجديدة؟، إليك قصة خطة ينون التي تُشير إلى مقال سبق له أن نُشر في المجلة العبرية (كيفونيم) أو (الاتجاهات) عام 1982م، وقد تم كتابة المقال من قبل (عوديد ينون) وهو مستشار سابق (لأرييل شارون) ومسؤول سابق في الوزارة الخارجية الإسرائيلية.

حيث شرح في المقال الاستراتيجية الصهيونية ومشاريعها السياسية في الشرق الأوسط بمنطق الانقسامات الطائفية!!.

علاوة على ذلك فإن المقال تم الاستشهاد به في تحليل النزاعات من قبل العديد من الباحثين والذين رأوا فيه مصدراً موثوقاً لتوضيح معالم نظرية المؤامرة التي تخطط لأحداث عظمى في الشرق الأوسط.

غزو العراق سنة 2003، وإسقاط صدام حسين والحرب الأهلية السورية عام 2011 ودخول داعش!!.

وقد تم تبني المقال من قبل أعضاء (معهد الاستراتيجيات الصهيونية) في الإدارة الأميركية، من أجل إسعاف إسرائيل لتحقيق مصالحها (الحلم الصهيوني) وبناء الشرق الأوسط الجديد، من “نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات في سوريا”!!.

كل هذا يجعلنا محشورين في زاوية واحدة، يُثيرها تساؤلاً واحد، إلى متى سيبقى الشعب السوري في حالة حروب وانقسامات ونزاعات متناسياً بهذا أن أرضه تتفكك؟؟.

الشعب السوري في حالة انتفاضة الآن وتوجس من تطبيق الشريعة الإسلامية في سوريا وإغفال حق الديانات والطوائف الأخرى في العيش بسلام وترك الدين لله، ولكن في خِضم تلك الدوامة والتفكير بالمصالح الشخصية، يتناسى البعض أن التوغل الإسرائيلي وصل لأشده!!.

وأن المنطق الأول والأكثر سيادة الآن هو البحث حول ختام الأمور فيما يخص الأراضي السورية، وهذا هو أهم شيء على الشعب السوري أن يُفكر فيه، ولكن يبقى للحديث تتمة بعد زوال تلك المخاوف ومعرفة حقائق الأمور المبنية في المخططات الإسرائيلية!!.

تم نسخ الرابط

هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكراً لملاحظاتك.

فريال محمود لولك

الكتابة هي السبيل للنجاة من عالمٍ يسوده الظلام، ننقل بها سيل المعلومات لتوسيع مدارك القارئ المعرفية، أنا فريال محمود لولك، من سوريا، خريجة كلية التربية اختصاص معلم صف، وكاتبة منذ نعومة أظفاري، من وحي المعاناة وجدت في الكتابة خلاصي، ورأيت بها نور الله الآمر بالعلم والمعرفة، فاقرأ باسم ربك الذي خلق. فإن القراءة هي الطهارة لعقلك من كل جهل.
زر الذهاب إلى الأعلى