تاريخ الشعوب

من هم شعوب المايا – كيف يعيشون ومعلومات شاملة عنهم

من قلب الأدغال إلى قمم الأهرامات ازدهرت شعوب المايا مبتكرة عمارة شاهقة وطقوس دينية غامضة تتحدى بها الزمن، فمن هم أهالي حضارة المايا؟ وكيف يعيشون؟

من هم شعوب المايا؟

اتسمت شعوب المايا بأنها أكثر شعوب الحضارات القديمة غموضًا وإثارة للإعجاب في تاريخ الإنسانية، حيث أنهم سكنوا أمريكا الوسطى لآلاف السنين تاركين خلفهم إرثًا عظيمًا في الثقافة والعلوم وغيرهم ولا زال هذا الإرث يُدهش العالم حتى يومنا هذا، فقد عاشوا في مناطق كثيرة تعرف اليوم باسم: (دول المكسيك، بليز، غواتيمالا، وهندوراس والسلفادور)، كما أنهم تميزوا في الكثير من المجالات مثل: (الزراعة والفلك والعمارة).

وبدأ شعب المايا في تكوين حضارته في الفترة (حوالي 2000 قبل الميلاد وحتى عام 250 ميلاديًا) والتي تُعرف باسم العصر القديم، وخلال هذه الفترة تأثروا بالعديد من الحضارات السابقة التي سكنت المنطقة، مثل: (الأولمك) والتي أعطت لهم أساسيات الكثير من المجالات مختلفة مثل: (الفنون والعلوم والطقوس الدينية)، ومع مرور الوقت تطورت حضارة المايا إلى أن أصبحت حضارة مستقلة ومزدهرة ليبدأوا في تطوير أنظمتهم الخاصة في الكتابة والفنون والهندسة المعمارية.

ما هي ديانة شعوب المايا؟

كانت ديانة حضارة المايا متعددة الآلهة حيث أنهم عبدوا مجموعات كبيرة من الآلهة والتي كانت مرتبطة بعناصر الطبيعة مثل: (الشمس والقمر والمطر)، وكان لكل إله طقوسه واحتفالاته الخاصة به وعادةً ما كان يتم التعبير عن التفاني في التضرع للآلهة من خلال تقديم القرابين التي قد تكون نباتية أو حيوانية وأحيانًا بشرية، وبرز دور الكهنة في المجتمع الماياوي حيث كانوا مسؤولين عن تنفيذ الطقوس الدينية والتنبؤ بالمستقبل من خلال تفسير حركات النجوم والكواكب، فكانت الطقوس الدينية ترتبط بشكل كبير بالحياة اليومية، مُعتقدين أن كل حدث طبيعي أو اجتماعي ما هو إلا انعكاس لإرادة الآلهة.

ديانة المايا
ديانة المايا

محطات هامة في حياة شعوب المايا

شهد شعوب المايا محطات هامة في الحياة ابتداءًا من ظهورهم وازدهارهم حتى انهيارهم وسقوطهم، فكل محطة كانت فارقة في طريقهم مشوارهم وكل واحدة كانت تؤثر على التي تليها، والتي يُمكن حصرها في عدة عصور مثل:

العصر القديم (2000 قبل الميلاد – 250 ميلاديًا)

بدأ العصر القديم باستقرار شعب المايا وتطورهم الزراعي حيث أنهم بدأوا في بناء القرى الصغيرة وزراعة المحاصيل مثل: (الذرة والفاصولياء).

العصر الكلاسيكي (250 ميلاديًا – 900 ميلاديًا)

يُعد العصر الكلاسيكي ذروة حضارة شعب المايا، حيث أنه خلال هذه الفترة ازدهرت مدنهم الكبرى مثل تيكال، وبالنكي، وكوبان، و تميزت هذه المدن بالهياكل المعمارية الرائعة مثل: (المعابد والأهرامات)، بالإضافة إلى التقدم الكبير في العلوم والفلك.

العصر المتأخر (900 ميلاديًا – 1500 ميلاديًا)

بدأت مرحلة التدهور تعصف بشعوب المايا وحضارتهم خلال العصر المتأخر، حيث تعرضت مدنها الكبرى للانهيار وبالرغم من ذلك استمر المايا في بعض المناطق حتى وصول الأسبان في القرن السادس عشر.

شكل شعوب المايا
شكل شعوب المايا

كيف كانت الحياة اليومية عند شعوب المايا؟

تمكن شعب المايا من بناء إمبراطوريات عظيمة وأبدع في الكثير من المجالات والفنون، فهو شعب تفرد بالمعرفة وحب الازدهار في شتى أنحاء الحياة لينقش بصماته في التاريخ بأساليب لم تندثر وتظل مُلهمة لكل الباحثين حتى اليوم، وهذه بعض من لقطات الحياة الخاصة بهم:

التنظيم الاجتماعي

كان التنظيم الاجتماعي عند شعوب المايا هرميًا بشكل واضح حيث تربع النبلاء والكهنة على قمة الهرم الاجتماعي، وكانت السلطة تتركز في يد الحاكم الذى اُعتبر أنه وسيطًا بين الآلهة والبشر، كما تميز المجتمع أيضًا بوجود طبقة من المحاربين والتجار والحرفيين بالإضافة إلى طبقة كبيرة من الفلاحين الذين كانوا يشكلون العمود الفقري للاقتصاد.

الزراعة

وتُعد الزراعة هي النشاط الرئيسي لشعب المايا الذي اعتمد بشكل كبير على زراعة الذُرة والتي كانت تُعتبر الغذاء الأساسي في نظامهم الغذائي، وبجانب الذرة كانوا يزرعون الفاصولياء، والقرع، والفلفل، والطماطم، مُستخدمين تقنيات زراعية مبتكرة مثل: (تقنية القطع والحرق لتحسين إنتاجية الأراضي)، كما أن الزراعة كانت متصلة بشكل وثيق بالطقوس الدينية فكانوا يَعتقدون أن الخصوبة الزراعية مرتبطة بإرضاء الآلهة لذلك حرصوا على قيام الطقوس الدينية المختلفة ليضمنوا حصادًا جيدًا.

الهندسة والمعمار

واشتهرت حضارة المايا بهندستها المعمارية المذهلة التي تعكس تميزهم الفني والديني، فكانت مدنهم تحتوي على هياكل ضخمة مثل: (المعابد والأهرامات)، والتي كانت تستخدم كأماكن للعبادة وأيضًا كمراكز للسيطرة السياسية، وتُعد أهرامات (تيكال) التي تقع في (جواتيمالا) هي واحدة من أبرز الأمثلة على العمارة الماياوية، حيث أنها بُنيت بعناية ودقة، وكانت غالبًا مغطاة بالنقوش والزخارف التي تعكس الأساطير الدينية.

الفنون والنحت

أما عن الفنون، فقد كانت قبيلة المايا تشتهر بالكثير من الفنانين الماهرين في النحت والرسم حيث إنهم ابتكروا تحفًا فنية مذهلة من الحجر والخشب والعاج كان أغلبهم يعبر عن الطقوس الدينية والأساطير، كما قاموا بتطوير الكتابة الهيروغليفية وكانوا يسجلون الأحداث التاريخية والطقوس الدينية على جدران المعابد وعلى المخطوطات المصنوعة من لحاء الشجر.

حضارة المايا
حضارة المايا

العلوم التي برع فيها أحفاد المايا

تميزت شعوب المايا بالبراعة والإبداع في كافة المجالات حيث أنهم تركوا إرثًا كبير لهم حتى يومنا هذا ليبقى شاهدًا عليهم مدى الحياة ويخلد انجازاتهم، ومن أمثلة هذه العلوم:

الفلك

كان علماء المايا من أبرز علماء الفلك في العالم القديم فقاموا بتطوير تقاويم دقيقة للغاية استنادًا إلى مراقبة حركات الشمس والقمر والكواكب، وكانت تقاويمهم تُستخدم لتحديد الأوقات المناسبة للزراعة والاحتفالات الدينية، ويُعتبر التقويم الطويل أحد أهم إبداعاتهم، فهو نظام معقد يُستخدم لحساب الفترات الزمنية الكبيرة وكان يتألف من دورات زمنية تتداخل مع بعضها البعض، مما يسمح بتحديد تواريخ دقيقة للأحداث.

الرياضيات والعلوم

أبدع شعب المايا في مجال الرياضيات حيث طوروا نظامًا عدديًا يستند إلى الرقم 20، وكانوا يستخدمون الصفر كجزء من هذا النظام وهو ابتكار نادر في الثقافات القديمة، حيث استخدموا الرياضيات لتصميم مبانيهم وتحديد الأوقات المناسبة للطقوس الدينية.

عادات وتقاليد شعوب المايا

تميز شعوب المايا واشتهروا بعادات وتقاليد غريبة، فكان أبرزها: (قيامهم بخلع جميع أسنانهم، فيما عدا الطبقة العليا والنبلاء فقط هم من كان لهم حق الاحتفاظ بأسنانهم، بالإضافة إلى قيامهم بأشياء أخرى مثل:

  • حرق جثث المتوفين من طبقة النبلاء وتحنيط رؤساء القتلى من النبلاء واللوردات في بعض الفترات الزمنية.
  • دفن الجثث في المنزل أو بجواره ووضع الاصنام التي كانوا يعبدونها معهم.
  • الاستحمام بالبخار بهدف علاج بعض الأمراض.
  • ارتداء النساء والرجال الحُلي والمجوهرات.

انهيار حضارة المايا

بالرغم من عظمة حضارة المايا إلا أنها شهدت تدهورًا كبيرًا في نهاية العصر الكلاسيكي، وكان لهذا الانهيار الكثير من الأسباب أبرزها:

  • النزاعات الداخلية: أدت الحروب بين المدن المختلفة إلى استنزاف الموارد وانهيار البنية التحتية.
  • التغيرات البيئية: أدت التغيرات المناخية مثل: (الجفاف) الذي أثر بشكل كبير على الزراعة وأدى إلى نقص الغذاء وانتشار المجاعات بالنهاية إلى انهيار حضارة المايا.
  • الضغوط الخارجية: ساهم وصول الشعوب الغازية من الشمال مثل: (التولتك)، في زعزعة استقرار المايا.

هل مازالت حضارة المايا قائمة حتى الآن؟

نعم، لا يزال أحفاد المايا يعيشون في مناطق مختلفة من أمريكا الوسطى محافظين على الكثير من تقاليد أسلافهم وذلك بالرغم من تعرضهم للضغوط الثقافية والاقتصادية على مر العصور، إلا أن هويتهم الثقافية لا تزال قوية، حيث يتمسكون بلغاتهم الأصلية وطقوسهم الدينية.

الجدير بالذكر أنه لا تزال شعوب المايا حاضرة في الذاكرة الإنسانية حيث تركوا إرثًا ثقافيًا وعلميًا استمر تأثيره حتى بعد انهيار حضارتهم و تأثرت الكثير من الحضارات اللاحقة لهم بإنجازاتهم في مجالات مثل: (الفلك، والرياضيات، والعمارة) فكانت حضارة المايا من أعظم الحضارات التي عرفها التاريخ، نظرًا لتميزهم وقدرتهم على الدمج بين العلم والدين والفن في نظام متكامل استمر لقرون عديدة ولا يزال تأثيرها محسوسًا حتى اليوم.

جيهان جهاد محمد

أنا طَير حُر طَليق في رِحاب الحياة يبحَث عن المَعنى والحِكمة والحُب والصَبر وكُلها معاني تتجلى في الكِتابة والعلم والمعرفة، فهُم أسلِحة مَن لا سلاح له، أنا چيهان جهاد من مَصر، أُحب التعلُم وتوصيل رِسالتي لِمن يقرأ.
زر الذهاب إلى الأعلى