من حماية الوطن إلى مجرد أرقام – مأساة شهداء الأمن العام
بينما يعاني الشعب السوري من ويلات الحرب والصراع، لا يزال شهداء الأمن العام والجيش السوري يضحون بأرواحهم، ومع ذلك تُنسى تضحياتهم ويتحولون إلى أرقام في سجلات الحرب.
شهداء الأمن العام تضحيات تُختزل إلى أرقام
في خضم الصراعات والأزمات التي تعصف بسوريا، تبرز قضية الشهداء كواحدة من أكثر القضايا إيلاماً وإثارة للجدل، هؤلاء الشهداء الذين يُفترض أن يكونوا رمزاً للتضحية والفداء، يتحولون في عيون البعض إلى مجرد أرقام، خاصة إذا كانوا ينتمون إلى طائفة معينة، هذه الحقيقة وإن كانت غير جذابة للبعض، تفرض نفسها بقوة على طاولة النقاش، خاصة في ظل الأحداث الأخيرة التي شهدتها سوريا.
الساحل السوري
في الآونة الأخيرة، شهد الساحل السوري عمليات قتل غادرة استهدفت مدنيين من الطائفة العلوية، مما أثار موجة واسعة من التراحم والتعاطف مع الضحايا، هذا التراحم وإن كان مشروعاً في ظل أي عمل إجرامي يستهدف الأبرياء، لم يكن بنفس الحجم أو الحرارة عندما كان الضحايا من الطائفة السنية.
في أحداث الساحل الأخيرة سقط أكثر من 300 شهيد من رجال الأمن العام والجيش السوري الجديد، وهم من الطائفة السنية، هؤلاء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل حماية الوطن، تحولوا في عيون البعض إلى مجرد أرقام، دون أن يحظوا بنفس القدر من الاهتمام أو التراحم، رغم أن تضحياتهم كانت في سبيل الدفاع عن الأمن والاستقرار.
هذه الأحداث أعادت إلى الأذهان المشاهد التي عاشها السوريون طوال 14 عاماً من الثورة، مشاهد كانت أكثر وحشية وطائفية، لكنها لم تحظَ بنفس القدر من الاهتمام الإعلامي أو السياسي.
الظلم التاريخي واستهداف الأكثرية السنية
على مدار عقود من حكم نظام الأسد، تعرضت الأكثرية السنية في سوريا لظلم وقهر وقمع، حيث دُمرت قراهم ومدنهم ومُحيت بعضها عن وجه الأرض، الغالبية العظمى من الذين يعيشون في المخيمات داخل سوريا ودول الجوار هم من السنة، و99% من المدنيين الذين قتلهم النظام كانوا من السنة، و99% من المعتقلين والمختفين قسراً في السجون هم أيضاً من السنة، وهذه الأرقام ليست مجرد نتيجة طبيعية لكونهم الأكثرية، بل هي نتيجة لاستهداف ممنهج وطائفي.
الصمت المطبق وتجاهل معاناة السنة
ما يزيد الألم هو الصمت المطبق من قبل بعض شركاء الوطن تجاه معاناة السنة، والمجازر التي تعرضوا لها والمقابر الجماعية التي يتم اكتشافها حتى اليوم، لم تحظَ هذه المعاناة بنفس القدر من الاهتمام أو الاعتراف، بينما يتم الترحم على ضحايا الأقليات، ويتم التعامل مع ضحايا السنة وكأنهم مجرد أرقام، هذا الصمت والتجاهل يزيد من جراح الماضي ويعمق الشرخ الطائفي.