قصة طائفة الحشاشين – من هم ولماذا سميت بهذا الأسم

أثاروا جدلاً واسعاً عبر التاريخ، وأصبحت قصتهم مصدر للروايات الخيالية، وعنصر إلهام للمسلسلات والأفلام السينمائية، تعرّف على طائفة الحشاشين فدائيي قلعة ألموت والاغتيال.

ما هي قصة طائفة الحشاشين؟

يعدّ الحشاشون طائفة إسلامية انبثقت من فرقة الاسماعيلية، تم تأسيسها على يد الحسن بن الصباح، وأعلنوا ولائهم إلى حكم الفاطميين، حيث بدأ الصباح بنشر المذهب الباطني الإسماعيلي النزاري في ولايات إيران وحشد الأنصار لدعوته، وفي عام 483هـ الموافق لـ 1090م استطاعوا الاستيلاء على قلعة أَلَموت غرب بحر قزوين في بلاد فارس، مما ساهم في إضعاف السلاجقة والعباسيين، وتشكيل خطر كبير على الأيوبيين والخوارزميين، ثم انتشروا للسيطرة على المناطق المجاورة وعُرفوا حينذاك بالحشاشين، واستطاعوا الاستيلاء على (قلعة لمبسر) الاستراتيجية في إيران، ودام حكمهم فيها حوالي 20 سنة، وهذا ما دفع السلاجقة لمواجهتهم عام 485هـ الموافق لـ 1092م، عبر إرسال الفرق العسكرية لكنهم باءوا بالفشل.

وصول الحشاشين بلاد الشام

في عام 498هـ الموافق لـ 1105م ظهرت طائفة الحشاشين الاسماعيلية لأول مرة في بلاد الشام بعد أن نشر الحسن الصباح دعاته فيها، وحاول بث الخلاف بين أبناء تُتش بن ألب أرسلان السلجوقي، وهما دقّاق حاكم دمشق ورضوان حاكم حلب، حيث نجح الصباح في استمالة رضوان إلى المذهب الإسماعيلي، وبدأت دعوته في حلب، إلى أن استلم ألب أرسلان الأخرس الحكم بعد موت رضوان، حيث انقلب عليهم وقتل رئيسهم آنذاك أبي طاهر الصائغ.

سبب تسمية الحشاشين

تعددت التفسيرات حول أسباب تسمية طائفة الحشاشين بهذا الاسم، حيث فسّر البعض ذلك بسبب قيامهم باغتيال معارضيهم عبر الاختباء وسط الحشائش في الطبيعة، حيث عُرف الحشاشون باتباع أساليب الخداع والمؤامرة لتحقيق النصر في معظم معاركهم، وأحياناً أخرى الأساليب الدموية والمجازر، كما ورد أن سبب هذه التسمية يعود إلى تناولهم مادة الحشيش قبل البدء بعمليات الاغتيال، لدفعهم إلى تنفيذ هذه العمليات تحت تأثير مادة الحشيش المخدرة.

ما سبب تسمية الحشاشين بالنزارية؟

في اتجاه آخر عُرف الحشاشين بإسم الإسماعيلية النزارية، بسبب تأييدهم الحق الشرعي لولاية نزار للخلافة وهو الابن الأكبر للمستنصر الذي توفي عام 487هـ الموافق لـ 1094م، وخاصةً بعد أن تم تنصيب الابن الأصغر للمستنصر والذي كان لقّبه المستعلي بالله، كما لُقب الإسماعيلية بالباطنية، بسبب ادعائهم فهم الحقائق والإشارات لبواطن القرآن والتي لا يدركها سوى العقلاء والأذكياء، وإن ادراك هذه الحقائق يُسقط عنهم التكليف.

قصة حسن الصباح

يعدّ الحسن بن الصباح الإسماعيلي مؤسس طائفة الحشاشين، وهو من مواليد 430هـ الموافق لـ 1039م في مدينة الري في إيران ويُقال أنه من مواليد مدينة قم، بدأ بدراسة الطريقة الإسماعيلية الفاطمية عندما بلغ عمره 17 عام، وحرص على نيل معارفه من علماء الإسماعيلية، ثم ما لبث أن أثبت انتمائه عبر تأدية يمين الولاء إلى كبير الدعاة الإسماعيليين عبد الملك بن عطاش، والذي وافق بدوره على انضمام الصباح للدعوة الإسماعيلية.

وصول حسن الصباح إلى أصفهان

في سنة 467هـ الموافق لـ 1075م وصل الصباح إلى مدينة أصفهان لنشر الدعوى تحت إشراف ابن العطاش، وفي عام 471هـ الموافق لـ 1079م وصل إلى مصر وسرعان ما نال رضا المستنصر، الذي أبدى رغبته بنيل ابنه نزار الولاية من بعده، ومن هنا بدأ ولاء ابن الصباح لنزار بن المستنصر، وفي سنة 473هـ الموافق 1081م عاد إلى مدينة أصفهان، وانطلق في دعوته للإسماعيلية النزارية ضمن عدد من ولايات إيران، وكان يتنقل لكسب الأنصار والفرار من مطاردة السلاجقة له، إلى أن استطاع الاستيلاء على (قلعة ألموت) المنيعة في 7 رجب سنة 483 هـ الموافق ل1090م.

قلعة ألموت
قلعة ألموت

أشهر اغتيالات الحشاشين

اشتهرت طائفة الحشاشين باستراتيجية قوية في استهداف الخصوم، وعُرفوا تاريخياً بتنفيذ سلسلة طويلة من الاغتيالات، غالباً ما كانت تتم عملية الاغتيال في أماكن مزدحمة، عبر التنكر على هيئة متسولين أو الاختباء بين الحشائش، يعود ذلك لعدم امتلاكهم قوة عسكرية كبيرة، وعُرفت عملياتهم بكونها شديدة الجرأة والدموية، يعدّ أشهر هذه العمليات اغتيال الوزير الشهير نظام الملك الطوسي عام485هـ الموافق لـ 1092م.

نهاية حسن الصباح

اتخذ الحسن الصبّاح من قلعة ألموت الحصينة مكان لسكنه لمدة 35 عام، وقضى جلّ وقته في نشر الفكر الإسماعيلي النزاري، وتوسيع نفوذ هذه الدعوة عبر إرسال الدعاة إلى مناطق جديدة، واستطاع فرض السيطرة على قلاع كبيرة في أقاليم مختلفة، كما كلف آخرين بشؤون إدارة القوات الإسماعيلية قُبيل وفاته، وطلب منهم التعاون والتآزر، إلى أن توفي عام 518هـ الموافق لـ 1124م، حيث خلفه في زعامة طائفة الحشاشين نائبه بزرك أميد (برزجميد).

من قضى على الحشاشين؟

في سنة 500هـ الموافق لـ 1107م استطاع السلطان محمد السلجوقي قشاه دُز قتل كبير دعاة الحشاشين ابن العطاش وولده، وذلك بعد وفاة مؤسس الحركة حسن الصباح، كما قتل السلجوقي عدد كبير من اتباعهم، وأصبح وجودهم محصور ضمن عدد قليل من القلاع أبرزها قلعة ألموت المنيعة، وفي عام 616هـ الموافق ل 1219م استولى المغول على إيران وعمل الإسماعيلية النزارية الحشاشية على توثيق العلاقات في بادئ الأمر، لكن سرعان ما طلبوا المساعدة من الصليبين أعداء السلاجقة لصد خطر المغول بسبب توسع مطامعهم في البلاد، ثم لجأ آخر زعماء الإسماعيلية في إيران ركن الدين خُورشاه إلى الاعتصام في (قلعة ميمون) الحصينة لتجنب الغزو المغولي.

كيف كانت نهاية طائفة الحشاشين؟

في سنة 654هـ الموافق لـ 1256م، أجبرت تهديدات (هولاكو خورشاه) للإذعان وتم تسليم قلعة ألموت في نفس العام بعد قتال قصير، وتم الاستعانة بخورشاه لتسليم آخر قلاع الاسماعيلية للمغول، وبعد إخضاع كافة الحشاشين صدر أمر بقتل خورشاه مع جميع أصدقائه، كما قتلوا أعداد كبير من أقاربه وأتباعه من طائفة الحشاشين، وانتهى وجودهم في إيران بعد وجود دام حوالي القرن والنصف من الزمن، كم استطاع البيبرس القضاء على وجودهم في بلاد الشام سنة 1273م، أما اليوم ينتشر أتباع الإسماعيلية النزارية في عدد من دول العالم ويُقدّر عددهم بحوالي العشرة ملايين شخص في جميع أرجاء العالم.

هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكراً لملاحظاتك.

رشا محمد

مهندسة مدنية اختصاص عام مترجمة وكاتبة مقالات في عدد من المواقع العربية.
زر الذهاب إلى الأعلى