من هو الشاعر عبد الرحمن الأبنودي وما هي أشهر قصائده

شاعر عامية استطاع أن يستقطب القلوب لفصاحته وقدرته على انتقاء الألفاظ اليسيرة التي تخترق القلب دون استئذان، كيف لا وهو الشاعر عبد الرحمن الأبنودي؟

من هو عبد الرحمن الأبنودي؟

الابنودي هو شاعر مصري ألقى الشعر بالعامية فكانت له جماهيرية لا يُستهان بها، وبحسب ما جاء في موقع “المجلس الأعلى للثقافة” (المتخصص في المعلومات الثقافية والأدبية) فإنه وُلد في الحادي عشر من أبريل عام 1938م، بقرية أبنود محافظة قنا بجمهورية مصر العربية، أي أنه صعيدي الأصل، مما كان سبباً في أن تكون لهجة أشعاره مميزة.

تربَ الأبنودى بصعيد مصري فتأثرت شخصيته بثقافة وعادات ذلك المجتمع ولأنه كان كثير الاستماع إلى السيرة الهلالية التي يتغنى بها دوماً أهل الصعيد؛ قام بإصدارها على هيئة خمسة أجزاء، بعدما حرص على جمع السيرة كاملة، وعاصر عبد الرحمن الأبنودي الكثير من التغيرات السياسية بمصر فتأثر بها وظهر ذلك في أشعاره.

درس الأبنودي في مدارس قنا، ثم انتقل إلى القاهرة الكبرى ليستأنف دراسته، فتخرج من كلية الآداب جامعة القاهرة ولأنه كان ضليعاً في اللغة العربية وعلى علم بفنون الشعر على مدار العصور، بدأ بكتابة الشعر بالفصحى بمقتبل فترة الستينات، حيث كوّن فرقة الثلاثي الإبداعي مع “يحيى طاهر” (شاعر مصري) و”أمل دنقل” (شاعرة مصرية)، ثم اتجه بعد ذلك إلى كتابة الشعر بالعامية، فكان له الكثير من الأعمال المميزة التي لا يزال صداها يتردد إلى الآن.

أهم إنجازات الشاعر عبد الرحمن الابنودي

(الأرض والعيال) هو أول ديوان شعري للأبنودي، أُصدرت طبعته الأولى عام 1964، وعقب إصدار ذلك الديوان بحوالي عامين تم اعتقال الأبنودي لمدة أربعة أشهر تقريباً بسجن القلعة لاتهامه بالانضمام إلى تنظيم شيوعي، ثم أصدر الأبنودي عام 1967م، ديوانه الثاني والذي يحمل اسم (الزحمة)، يليه ديوان (عماليات) عام 1968 وديوان (جوابات جراحي القط) عام 1969.

وفي فترة السبعينات أصدر المزيد من الدواوين مثل: (الفصول)، (أنا والناس) و(بعد التحية والسلام) وغيرها، كما هجى الرئيس الراحل “جمال عبد الناصر” إثر توقيعه معاهدة كامب ديفيد عام 1978 ومن أبرز قصائد ذلك الهجاء: (لا شك أنك مجنون)، ثم ألحق هذه الإنجازات بجمع السيرة الهلالية في فترة الثمانينات.

وفي عام 1991 أصدر الابنودي ديوان (الاستعمار العربي) ثم مختارات عبد الرحمن الأبنودي الشعرية (الجزء الأول) في عام 1994، كما نشر في هذه الفترة كتاب (أيامنا الحلوة) المكون من ثلاثة أجزاء، والذي يضم مجموعة كبيرة من القصص التي تحكي عن قرية أبنود والتي سبق نشرها تباعاً بملحق جريدة الأهرام.

لم تقتصر إنجازات عبدالرحمن الابنودي على القصائد الشعرية والكتب فقط، وإنما كتب الكثير من الأغنيات الشهيرة مثل: (وانا كل ما اقول التوبة)، (عدى النهار)، و(احلف بسماها وترابها) التي غناها المطرب الراحل عبد الحليم حافظ، وعديد من الأغنيات الأخرى التي قام بغنائها كبار الفنانين والفنانات مثل: فايزة أحمد، شادية، صباح، ووردة الجزائرية.

وبحسب ما ذكرت جريدة “بوابة الأهرام الإلكترونية”، فقد حصل الأبنودي على جائزة الدولة التقديرية عام 2001، ليكون أول شاعر عامية يحصل عليها، ثم حصل عام 2014 على جائزة محمود درويش للإبداع.

ما هو لقب عبد الرحمن الأبنودي؟

أطلق المصريون على الأبنودي لقب (الخال)، وأثناء الاحتفال بعيد ميلاده عام 2014 بمؤسسة الأهرام قال الروائي المصري جمال الغيطاني: “إن الشعب المصري عندما كان يحب أحداً ويثق فيه، كان يسميه الخال، لأن الخال لا يرث وليس لديه أية مطامع شخصية، ولذا فقد أطلقوا على الشاعر عبد الرحمن الأبنودي لقب الخال”.

أشهر قصائد عبدالرحمن الابنودي

ذكر موقع “بوابة الشعراء” (المتخصص في الشعر) أن عبد الرحمن الأبنودي من شعراء العامية في العصر الحديث وهو الحارس على التراث القروي المصري حسب ما يعتبر نفسه، وله الكثير من القصائد من أشهرها:

العمة يامنة

والله وشبت يا عبد الرُّحمن، عجّزت يا واد؟ مُسْرَعْ؟ ميتى وكيف؟،
عاد اللي يعجّز في بلاده، غير اللي يعجز ضيف، هلكوك النسوان؟،
شفتك مرة في التلفزيون، ومرة، وروني صورتك في الجورنان،
قلت: كبر عبد الرحمن، أمال انا على كده مت بقى لي ميت حول،
والله خايفة يا وليدي القعدة لتطول،
مات الشيخ محمود، وماتت فاطنة ابْ قنديل، واتباع كرم ابْ غبّان،
وانا لسة حية، وباين حاحيا كمان وكمان،
عشت كتير، عشت لحد ماشفتك عجّزت يا عبد الرحمن،
وقالولي قال خَلَّفت، وانت عجوز خلَّفت يا اخوي، وبنات؟،
أمال كنت بتعمل إيه، طيلة العمر اللي فات؟،
دلوقت مافقت؟، وجايبهم دِلْوكْ تعمل بيهم إيه؟،
على كلٍّ، أهي ريحة من ريحتك ع الأرض، يونسُّوا بعض،
ماشي يا عبد الرحمن، أهو عشنا وطلنا منك بصة وشمة،
دلوك بس ما فكرت ف يامنة وقلت: يا عمة؟،
حبيبي انت يا عبد الرحمن، والله حبيبي، وتتحب،
على قد ماسارقاك الغربة، لكن ليك قلب، مش زي ولاد الكلب،
اللي نسيونا زمان،
حلوة مرتك وعويْلاتك، والاّ شبهنا؟، سميتهم ايه؟،
قالولي: آية ونور، ماعارفشي تجيب لك حتة واد؟،
والاّ أقولك: يعني اللي جبناهم نفعونا في الدنيا بإيه؟،
غيرشي الانسان مغرور،
ولسه يامنة حاتعيش وحاتلبس، لمّا جايب لي قطيفة وكستور؟،
كنت اديتهمني فلوس، اشتري للركبة دهان،
آبّاي ما مجلّع قوي يا عبد الرحمن،
طب ده انا ليّا ستّ سنين، مزروعة في ظهر الباب،
لم طلّوا علينا أحبة ولا أغراب،
خليهم ينفعوا، أعملهم أكفان، كرمش وشي،
فاكر يامنة وفاكر الوش؟،
إوعى تصدقها الدنيا، غش ف غش،
إذا جاك الموت يا وليدي، موت على طول،
اللي اتخطفوا فضلوا أحباب، صاحيين في القلب،
كإن ماحدش غاب،
واللي ماتوا حتة حتة، ونشفوا وهم حيين،
حتى سلامو عليكم مش بتعدي، من بره الأعتاب،
أول مايجيك الموت، افتح، أول ماينادي عليك، إجلح،
إنت الكسبان، إوعى تحسبها حساب،
بلا واد، بلا بت، ده زمن يوم مايصدق، كداب،
سيبها لهم بالحال والمال وانفد، إوعى تبص وراك، الورث تراب،
وحيطان الأيام طين، وعيالك بيك مش بيك عايشين،
يوه يا رمان، مشوار طولان،
واللي يطوِّله يوم عن يومه يا حبيبي.. حمار،
الدوا عاوزاه لوجيعة الركبة، مش لطوالة العمر،
إوعى تصدق ألوانها صفر وحمر،
مش كنت جميلة يا واد؟، مش كنت وكنت،
وجَدَعَة تخاف مني الرجال،
لكن فين شفتوني؟، كنتوا عيال،
بناتي رضية ونجية ماتوا وراحوا،
وأنا اللي قعدت، طيِّب يا زمان،
إوعى تعيش يوم واحد بعد عيالك، إوعى يا عبد الرحمن،
في الدنيا أوجاع وهموم أشكال والوان،
الناس مابتعرفهاش، أوعرهم لو حتعيش، بعد عيالك ماتموت،
ساعتها بس، حاتعرف إيه هوّه الموت، أول مايجي لك.. نط،
لسه بتحكي لهم بحرى حكاية، فاطنة وحراجي القط؟،
آ.. باي ماكنت شقي وعفريت، من دون كل الولدات، كنت مخالف برّاوي،
وكنت مخبي في عينيك السحراوي، تمللي حاجات،
زي الحداية، تخوي ع الحاجة وتطير،
من صغرك بضوافر واعرة ومناقير، بس ماكنتش كداب،
وآديني استنيت في الدنيا، لما شعرك شاب،
قِدِم البيت، اتهدت قبله بيوت وبيوت، وأصيل هوه، مستنيني لما أموت؟،
حاتيجي العيد الجاي؟، واذا جيت، حاتجيني لجاي؟، وحتشرب مع يامنة الشاي؟،
حاجي ياعمة وجيت، لالقيت يامنة ولا البيت.

خايف أموت من غير ما اشوف تغيير الوشوش

خرج الشتا وهلِّت روايح الصيف، والسجن دلوقتى يرد الكيف،
مانتيش غريبة يا بلدي ومانيش ضيف، لو كان بتفهمي الأصول،
لتوقفى سير الشموس، وتعطلي الفصول،
وتنشفي النيل في الضفاف السود، وتدودى العنقود، وتطرشي الرغيف،
ما عدتي متمتعة وانتى في ناب الغول، بتندغي الذلة وتجتري الخمول،
وتئني تحت الحمول، وتزيفي في القول، وبأي صورة ماعادش شكلك ظريف،
دوس يا دواس، ما عليك من باس، واكتم كل الأنفاس، الضهر مليئ بالناس،
إللى حبيتهم دون ما يبادلوني الإحساس، وأنا عارف إني ما باملكهمش، لأني ما مضيتهمشي في الكراس،
الناس اللي دمغها الباطل دمغ، اللي بتنضح كدب وتطفح صمغ، اللى بتحشش، وما بتحسس، واللي بتضحك كل ما تنداس،
الجامعة طالعة رايتها ضلتها، هدارة، جبارة، صادقة في نيتها، بتتجه يم الوطن والموت،
وشبرا زاحفة تأكد التهديد، وتجمع التبديد، وصلت ميدان الفجر، في المواعيد،
النهر والضفة، نبت هلال العيد، ومالت الكفة وصحيت الرجفة، مصر اللي لا لحظة ولا صدفة،
ثورة فضمير النور بتتكون، رايات، بدم البسطا تتلون، سدوا الطريق، كيف المؤامرة تموت؟،
فلتسقط الخيانة، والقيادات الجبانة، ندّاغة الإهانة، كريهة الريحة، كريهة الصوت،
الغضب، بيوالي إنشاد البيان، والوجوه الصامدة في وش الزمان،
والرحابة، في الصدور، وفي الليمان،
غابت الأسر الصغيرة في الوطن، استوى ع الأرض وعي، صحيت الأمة ف هدير السعي،
الوطن مفهوم وحلو ويتحضن،
التفت صاحبى يقولي لسه نايم؟ مش مظاهرات، دي حاجات يفهمها شعبك،
إقفل العقل القديم، وافهم بقلبك، رقصة الزار القديمة،
الفرعونية، ع الخصيبة السندسية، لما يجتاحها الألم،
لما تغمرها الإهانة، والقدم، تسحق الإنسان، وتدهس القيم،
ابتسمت، رقصة الزار القديمة، الحميمة، العظيمة، لحد فكرناها ثورة،
فرق بين رقصة، وثورة، لا هيَّ جاية فوق حصان ولا في لحظة زمان،
حتهب نابتة في الغيطان، ولا رقصة، برجل حافية، ف مهرجان،
دكهه هادية، تيجي هادية، وصوتها دامي، تعزل الكداب، وتقبض ع الحرامى،
تعرف الناس مش كتل، تعرف الناس بالوجوه وبالأسامى،
تيجى فاتحة القبر، نادغة الصبر، قابضة الجمر، تنصب محاكم الشعوب في كل قصر،
تغير العصر، إلى آخر الصفحات في سفر الثورة،
ابتسم صاحبي وقالي: حاذر م الارتفاع، سيبك م الاندفاع، حفر حكومتك وساع،
ابتسمت، جفت الرقصة الحبيسة، عادت الأمة التعيسة،
اختفى كل اللى كان، اختفى كل البشر، واختفى كل المكان تحت سنوات الهوان،
تتعسني فكرة إني هموت، قبل ما اشوف لو حتى دقيقة، رجوع الدم لكل حقيقة، وموت الموت،
قبل ما تصحى، كل الكتب اللى قريت، والمدن اللي ف أحلامى رأيت، والأحلام اللي بنيت،
والشهدا اللي هويت، والجيل اللي هدانى، والجيل اللي هديت،
قبل ما أملس ع الآتي، وادفن كل بشاعة الماضي، في بيت،
حاقولها بالمكشوف: خايف أموت من غير ما اشوف،
تغير الظروف، تغير الوشوش، وتغير الصنوف،
والمحدوفين ورا، متبسمين في أول الصفوف، خايف أموت وتموت معايا الفكرة،
لا ينتصر كل اللي حبيته، ولا يتهزم كل اللى كنت أكره، اتخيلوا الحسرة،
مأساتنا إن الخونة بيموتوا بدون عقاب ولا قصاص،
مأساتنا إن الخونة بيموتوا وخلاص، بدون مشانق في الساحات ولا رصاص،
على كل حال، صدقي مازال،
صدقي على قيد الحياة بيفجر الدم النبيل، ويبطش بالاستقلال،
ويمرغ الجباه، تحت الجزم والخيل، ويفتح الكوبري علينا، كل صبح وليل،
والإنجليز مازالوا بيقهقهوا ويضربوا ويسجنوا الشباب،
على كوبري عباس أو في معرض الكتاب.

وفاة الشاعر عبد الرحمن الأبنودي

تزوج الخال مرتين، فكان زواجه الأول من (عطيات الأبنودي) والتي رغم انفصاله عنها لم تتخل عن لقبه، ثم تزوج من (نهال كمال) حتى وفاته في الحادي والعشرين من أبريل عام 2015 وقد أثمر ذلك الزواج عن إنجابه ابنتين، وهما (آية) و(نور).

مروة جمال أحمد

بالرغم من أنني خريجة قسم الترجمة الإنجليزية إلا أن ذلك لم يحُل بيني وبين عشق اللغة العربية بكافة معانيها، ولذلك فأنا مروة جمال كاتبة المحتوى بمنصة برو عرب.
زر الذهاب إلى الأعلى