من هو عبد الرحمن بن عوف ومعلومات شاملة عنه
هو أحد الستة أهل الشورى، أحد أول ثمانية دخلوا دين الإسلام، أحد العشرة المبشرين بالجنة، والمُلقب الزهري القرشي، إنه عبد الرحمن بن عوف.
من هو عبد الرحمن بن عوف؟
اسمه عبد الرحمن بن عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، ويُقال إن اسمه قبل الإسلام كان عبد عمرو وقيل أيضاً عبد الكعبة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطلق عليه عبد الرحمن.
وُلد في عام خمسمائة وواحد وثمانين ميلادياً، الموافق للعام الثالث والأربعين قبل الهجرة، أي بعد عام الفيل بعشر سنوات، وهو من أشراف قريش، وقد كان من أوائل من دخلوا الإسلام، واشتهر عبد الرحمن بالتواضع على الرغم من أنه كان ثرياً، لذا لُقب بالغني الشاكر.
أمه الشفاء بنت عوف بن عبد بن الحارث، وأخوه الأسود بن عوف، أما زوجاته فهن: تماضر بنت الأصبغ، أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، أم كلثوم بنت عتبة بن ربيعة، أسماء بنت سلامة، بحرية بنت هانئ، غزال بنت كسرى، بنت أبي الخشاش، سهلة بنت عاصم، بادنة بنت غيلان، زينب بنت الصباح، أم حكيم بنت قارظ، أم حريث، ومجد بنت يزيد.
أبنائه من الذكور هم سالم الأكبر، سالم الأصغر، محمد، إبراهيم، إسماعيل، عبد الله، حميد، زيد، عثمان، معن، عمر، بلال، أبو بكر، مصعب، أُمية، سهيل، يحيى، عبد الرحمن، عروة الأكبر، وعروة الأصغر، وبناته، فهن أم القاسم، حميدة، أم يحيى، جويرية، مريم، أمة عبد الرحمن الكبرى وأمة عبد الرحمن الصغرى.
أهم صفات عبد الرحمن بن عوف
التواضع: فقد روى ابنه إبراهيم في صحيح البخاري: “أنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ، أُتِيَ بطَعَامٍ، وكانَ صَائِماً، فَقالَ: قُتِلَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ وهو خَيْرٌ مِنِّي، كُفِّنَ في بُرْدَةٍ: إنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وإنْ غُطِّيَ رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ، وأُرَاهُ قالَ: وقُتِلَ حَمْزَةُ وهو خَيْرٌ مِنِّي، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا ما بُسِطَ، أوْ قالَ: أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا ما أُعْطِينَا، وقدْ خَشِينَا أنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ”.
- الكرم: فقد قضى حياته يكرم من حوله ويتصدق على الفقراء والمحتاجين وفي سبيل الله.
- الشجاعة: كان رضي الله عنه مقداماً، لا يهاب الكفار والمشركين، كما كان مقاتلاً قوياً تخشاه المعارك.
- الحكمة: فقد كانت السبب في أن يكون مستشاراً في الكثير من الأمور، كما أنها ساعدته على النجاح في مجال التجارة.
إسلام عبد الرحمن بن عوف
قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، أسلم عبد الرحمن على يد الصحابي الجليل أبي بكر الصديق، وهاجر الهجرتين الأولى والثانية إلى الحبشة، وكذلك هاجر إلى المدينة المنورة تاركاً خلفه الثروة الطائلة التي حصل عليها من التجارة بمكة، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين الصحابي الكريم سعد بن الربيع، حيث روى عبد الرحمن بن عوف في صحيح البخاري:
“لَمَّا قَدِمْنا المَدِينَةَ آخَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَيْنِي وبيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيعِ، فقالَ سَعْدُ بنُ الرَّبِيعِ: إنِّي أكْثَرُ الأنْصارِ مالاً، فأَقْسِمُ لكَ نِصْفَ مالِي، وانْظُرْ أيَّ زَوْجَتَيَّ هَوِيتَ نَزَلْتُ لكَ عَنْها، فإذا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَها، قالَ: فقالَ له عبدُ الرَّحْمَنِ: لا حاجَةَ لي في ذلكَ، هلْ مِن سُوقٍ فيه تِجارَةٌ؟ قالَ: سُوقُ قَيْنُقاعٍ، قالَ: فَغَدا إلَيْهِ عبدُ الرَّحْمَنِ، فأتَى بأَقِطٍ وسَمْنٍ”.
فأخذ عبد الرحمن بن عوف يبيع ويشتري مرة أخرى، حتى أغناه الله عز وجل في وقت قصير خاصةً وأنه كان من ذوي الخبرة في مجال التجارة، فتزوج بعد ذلك، فقد روى أنس بن مالك في صحيح البخاري: “رَأَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ أثَرَ صُفْرَةٍ، فَقالَ: مَهْيَمْ، أوْ مَهْ قالَ: قالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً علَى وزْنِ نَوَاةٍ مِن ذَهَبٍ، فَقالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أوْلِمْ ولو بشَاةٍ”.
ثروة عبد الرحمن بن عوف
كانت تجارته رضي الله عنه سبباً في أن يجمع ثروة طائلة، فكان كثير التصدق، إذ أخرج شطر ماله في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أربعة آلاف دينار آنذاك، فقد روى أبو هريرة: “تصدَّقوا فإنِّي أريدُ أن أبعثَ بعثاً قالَ: فجاءَ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عوفٍ فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ عندي أربعةُ آلافٍ ألفانِ أقرضُهما ربِّي وألفانِ لعيالي، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ: بارَكَ اللَّهُ لَكَ فيما أعطيتَ وبارَكَ لَكَ فيما أمسَكتَ”.
فبارك الله لعبد الرحمن بن عوف في ثروته حتى تصدق بأربعين ألف، وأتبع ذلك بعدد لا يُستهان به من الراحلة، فقد روى أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عن عبد الرحمن بن عوف:
“فكثُرَ مالُهُ، حتى قدمَتْ لهُ سبعُمائَةِ رَاحِلَةٍ تَحْمِلُ البُرَّ، والدَّقِيقَ، والطَّعَامَ، فلمَّا دخلَتِ المدينةَ سُمِعَ لأهلِ المدينةِ رَجَّةٌ، فبَلغَ عائشةَ فقالتْ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: عبدُ الرحمنِ لا يدخلُ الجنةَ إلَّا حبواً، فلمَّا بَلغَهُ قال: يا أُمَّهْ إنِّي أُشْهِدُكِ أنَّها بِأَحْمالِهِا وأَحْلاَسِها في سَبِيْلِ اللهِ، وفي لَفْظٍ لأحمدَ: فقالتْ سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: قد رأيْتُ عَبْدَ الرحمنِ يدخلُ الجنةَ حَبْواً، فقال: إِنِ اسْتَطَعْتُ لأَدْخُلَنَّها قائِماً، فجعلَها بِأَقْتَابِها وأَحْمالِهِا في سَبِيْلِ اللهِ”.
وقبل وفاته رضي الله عنه، أوصى بخمسين ألف دينار تُنفق في سبيل الله، كذلك ألف فرس، وأوصى أيضاً بحديقة لأمهات المؤمنين، وسهماً من تركته لمولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر.
جهاد عبد الرحمن بن عوف
شارك في الكثير من الغزوات وجاهد في سبيل الله بكل ما أوتي من قوة ومال:
فقد روى عبد الرحمن بن عوف في صحيح البخاري: “بيْنَا أَنَا واقِفٌ في الصَّفِّ يَومَ بَدْرٍ، فَنَظَرْتُ عن يَمِينِي وعَنْ شِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بغُلَامَيْنِ مِنَ الأنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا، تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بيْنَ أَضْلَعَ منهما، فَغَمَزَنِي أَحَدُهُما فَقالَ: يا عَمِّ، هلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قُلتُ: نَعَمْ، ما حَاجَتُكَ إلَيْهِ يا ابْنَ أَخِي؟ قالَ: أُخْبِرْتُ أنَّهُ يَسُبُّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لَئِنْ رَأَيْتُهُ لا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حتَّى يَمُوتَ الأعْجَلُ مِنَّا، فَتَعَجَّبْتُ لذلكَ، فَغَمَزَنِي الآخَرُ، فَقالَ لي مِثْلَهَا، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إلى أَبِي جَهْلٍ يَجُولُ في النَّاسِ، قُلتُ: أَلَا إنَّ هذا صَاحِبُكُما الذي سَأَلْتُمَانِي، فَابْتَدَرَاهُ بسَيْفَيْهِمَا، فَضَرَبَاهُ حتَّى قَتَلَاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَرَاهُ، فَقالَ: أَيُّكُما قَتَلَهُ؟ قالَ كُلُّ واحِدٍ منهمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقالَ: هلْ مَسَحْتُما سَيْفَيْكُمَا؟ قالَا: لَا، فَنَظَرَ في السَّيْفَيْنِ، فَقالَ: كِلَاكُما قَتَلَهُ، سَلَبُهُ لِمُعَاذِ بنِ عَمْرِو بنِ الجَمُوحِ، وكَانَا مُعَاذَ ابْنَ عَفْرَاءَ، ومُعَاذَ بنَ عَمْرِو بنِ الجَمُوحِ”.
وعن مشاركة عبد الرحمن بن عوف في غزوة تبوك يروي المغيرة بن شعبة: ” تَخلَّفتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوةِ تَبوكَ، فتَبرَّزَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ رَجَعَ إليَّ، ومعي الإداوةُ، قال: فصَبَبتُ على يدَيْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ استنثَرَ، قال يَعقوبُ: ثُمَّ تَمضمَضَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجهَه ثلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أرادَ أنْ يَغسِلَ يدَيه قبلَ أنْ يُخرِجَهما مِن كُمَّيْ جُبَّتِه، فضاق عنه كُمَّاها، فأخرَجَ يدَه مِن الجُبَّةِ، فغَسَلَ يدَه اليُمنى ثلاثَ مَرَّاتٍ، ويدَه اليُسرى ثلاثَ مَرَّاتٍ، ومَسَحَ بخُفَّيه ولم يَنزِعْهما، ثُمَّ عَمَدَ إلى النَّاسِ، فوَجَدَهم قد قَدَّموا عبدَ الرَّحمنِ بنَ عَوفٍ يُصلِّي بهم، فأدرَكَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إحدى الرَّكعتَينِ، فصَلَّى مع النَّاسِ الرَّكعةَ الآخِرةَ بصَلاةِ عبدِ الرَّحمنِ، فلمَّا سَلَّمَ عبدُ الرَّحمنِ قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يُتِمُّ صَلاتَه فأفزَعَ المُسلمينَ، فأكثَروا التَّسبيحَ، فلمَّا قَضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلاتَه، أقبَلَ عليهم، فقال: قد أحسَنتُم، وأصَبتُم، يَغبِطُهم أنْ صَلَّوُا الصَّلاةَ لوَقتِها”.
دور بن عوف في سرية دومة الجندل
في رواية عبد الله بن عمر: “دعا رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عبد الرحمن بن عوف فقال تجهز فإني باعثك في سرية من يومك هذا أو من الغد إن شاء الله قال ابن عمر فسمعت ذلك فقلت لأدخلن ولأصلين مع رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الغداة ولأسمعن وصية عبد الرحمن، قال فقعدت فصليت فإذا أبو بكر وعمر وناس من المهاجرين فيهم عبد الرحمن بن عوف وإذا رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قد كان أمره أن يسير من الليل إلى دومة الجندل فيدعوهم إلى الإسلام، فقال رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لعبد الرحمن ما خلفك عن أصحابك قال ابن عمر وقد مضى أصحابه من سحر وهم مغتدون بالجرف وكانوا سبعمائة رجل قال أحببت يا رسول الله أن يكون آخر عهدي بك وعلي ثياب سفري قال وعلى عبد الرحمن عمامة قد لفها على رأسه فقال ابن عمر فدعاه نبي الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فأقعده بين يديه فنفض عمامته بيده ثم عممه بعمامة سوداء فأرخى بين كتفيه منها ثم قال هكذا يا ابن عوف يعني فاعتم وعلى ابن عوف السيف متوشحه ثم قال رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أغز بسم الله وفي سبيل الله قاتل من كفر بالله لا تغلل ولا تغدر ولا تقتل وليدا قال فخرج عبد الرحمن بن عوف حتَّى لقي أصحابه فصار حتَّى قدم دومة الجندل فلما دخلها دعاهم إلى الإسلام فمكث ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام وقد كانوا أبوا أول ما قدم أن يعطوه إلا السيف فلما كان اليوم الثالث أسلم أصبغ بن عمرو الكلبي وكان نصرانيا وكان رأسهم وكتب عبد الرحمن إلى النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يخبره بذلك وبعث رجلا من جهينة يقال له رافع بن مكيث فكتب إلى رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنه أراد أن يتزوج فيهم فكتب إليه النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أن يتزوج ابنة الأصبغ تماضر فتزوجها عبد الرحمن وبنى بها ثم أقبل بها وهي أم أبي سلمة بن عبد الرحمن”.
وتذكر السيرة النبوية أن عبد الرحمن بن عوف من الذين ثبتوا يوم أُحد ولم يتراجع قط، بل أبلى عظيم البلاء فأصيب بعدة جروح في أماكن متفرقة من جسده، مما جعله يعرُج إلى نهاية حياته، إضافة إلى أنه شارك في غزوة بني المصطلق، الخندق، بني النضير، ذي قرد، وكان أحد رؤساء غزوة خيبر، كما أنه كان واحداً مما شهدوا صلح الحديبية.
منزلة عبد الرحمن بن عوف عند الرسول
روى سعيد بن زيد: “عَشَرةٌ في الجَنَّةِ: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الجَنَّةِ، وأبو بَكرٍ في الجَنَّةِ، وعُمَرُ في الجَنَّةِ، وعُثمانُ في الجَنَّةِ، وعليٌّ في الجَنَّةِ، وطَلْحةُ في الجَنَّةِ، والزُّبَيرُ بنُ العوَّامِ في الجَنَّةِ، وسعدُ بنُ مالكٍ في الجَنَّةِ، وعبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ في الجَنَّةِ، ولو شِئتَ لسَمَّيتُ العاشِرَ، قال: فقالوا: مَن هو؟ فسكَتَ، قال: فقالوا: مَن هو؟ فقال: هو سعيدُ بنُ زَيدٍ”.
وروت أم سلمة أم المؤمنين: “سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَقولُ لأزواجِه: إنَّ الذي يَحنو عليكُنَّ بَعدي لهو الصَّادقُ البارُّ، اللَّهمَّ اسقِ عبدَ الرَّحمنِ بنَ عوفٍ من سَلْسبيلِ الجنَّةِ”، فقد كان لعبد الرحمن بن عوف المنزلة العظيمة في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أبرز مواقف عبد الرحمن بن عوف في عهد الخلفاء
كان يُفتي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولأنه كان العدل الرضيّ كما وصفه عمر بن الخطاب، فإنه استمر في الفتوى في عهده أيضاً، علاوة على أنه كان يحمي زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء أداء فريضة الحج من الخلف، حيث كان عثمان بن عفان يحميهن من الأمام، فلا يجعلان أحداً يقترب منهن.
كذلك كان عمر بن الخطاب يأخذ برأي عبد الرحمن بن عوف، فتذكُر سيرة الصحابة الكرام أنه عندما خرج الفاروق ليغزو بلاد الشام، وصل إلى مسامعه خبر انتشار أحد الأوبئة، فاستشار الأنصار والمهاجرين وعندما وصل إلى عبد الرحمن بن عوف، أخذ ينعته بالصدق والأمانة واستمع إلى رأيه، والذي أفاد بعدم الخروج، حيث روى عبد الرحمن بن عوف في صحيح البخاري: “إذَا سَمِعْتُمْ به بأَرْضٍ فلا تَقْدَمُوا عليه، وإذَا وقَعَ بأَرْضٍ وأَنْتُمْ بهَا فلا تَخْرُجُوا فِرَاراً منه فَرَجَعَ عُمَرُ مِن سَرْغَ”.
وعندما ظهرت على عمر بن الخطاب علامات الاحتضار، طلبوا منه أن يُولي من بعده خليفة، فاختار ستة من المبشرين بالجنة هم أهل الشورى، وكان من بينهم عبد الرحمن بن عوف، وبعدما توفي عمر بن الخطاب عقد الستة اجتماع بمنزل أحدهم، وتشاوروا في أمر الخلافة، فتنازل عنها عبد الرحمن، مما جعلهم يتركون أمر اختيار الخليفة له، وبعد ثلاثة أيام استغرقها في استشارة الكبير والصغير في الأمر، وقع اختياره على عثمان بن عفان.
وفاة عبد الرحمن بن عوف
روى إبراهيم بن قارظ: “سمِعْتُ عَليّاً يَقولُ: حينَ ماتَ عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفٍ: أدرَكْتَ صَفْوَها وسبَقْتَ رَنْقَها”، فقد توفي عبد الرحمن من عوف في العام الاثنين والثلاثين هجرياً عن عمر يناهز خمس وسبعين عاماً وكان ذلك هي عهد خلافة عثمان بن عفان.
وتذكُر سيرة الصحابة الكرام أن السيدة عائشة أم المؤمنين قد أرسلت إلى عبد الرحمن بن عوف وهو على فراش الموت، كي يتم دفنه بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر بن الخطاب رضوان الله عليهما بغرفتها، لكنه أبى، كي لا يكون سبباً في أن تضيق عليها حجرتها، ويقال إنه دُفن في مقابر البقيع بجوار صديقه عثمان بن مظعون، إذ تعاهدا على ذلك.
وترك رضوان الله عليه بعد وفاته ذهباً كثيراً لم يقدروا على حصره، حيث كانوا يقومون بتعبئته في أشولة، وأيضاً خلف من بعده فرساً وبعيراً، وحوالي ثلاثة آلاف من الشاة، وقيل إن كل زوجة من زوجاته الأربعة حصلت على ثمانين ألفاً، وفي أقاويل أخرى مائة ألف، وترك دار القضاء لأبنائه.