ما هي عقوق الوالدين وأنواعها وصفات الابن العاق
يُقال رضى الله من رضى الوالدين وأنّ طاعتهما باب من أبواب الجنّة فماذا عن عقوق الوالدين الذي اعتبره الإسلام من الكبائر والمحرّمات؟
ما هي عقوق الوالدين؟
كلمة عقوق تحملُ في طيّاتها كل معاني العصيان والنكران وعدم البر للوالدين فبالتّالي هي تعني كل تصرّف أو لفظ من شأنه أن يؤذي الوالدين و يجرحّهما وممكن للنظرة أن تكون سبب في انكسارهما، والعقوق يعني عدم الإحسان للوالدين وتركهما في وقت الحاجة، وأن يشعران بحزنٍ أنت السبب فيه وقهرٍ من تصرفات أنت صاحبها، والعقّ يعني القطع ولهذا فإن عَقّ والديه أيْ قطعَ وصْلهما وابتعدَ عنهما، ولطالما كانت صفة العاق من أبشع الصفات على مر العصور والتاريخ، وعقوق ضدها البر والإحسان.
ما هي أنواع العقوق بالوالدين؟
لعقوق الوالدين أنواع ومظاهر كثيرة لا تختلف في أثرها النفسي ولكن تختلف في شكلها العام بين لفظي وجسدي وشعوري و منها:
- توبيخ الوالدين بكلمات مسيئة ومهينة تْقلل من شأنهما.
- نكران كل ما قدموه على مر السنوات وعدم الاعتراف بفضلهما.
- تشويه سمعتهما والتحدّث عنهما بالسوء وفضح اسرارهما أمام الناس.
- عدم الإنفاق على الوالدين بما يُلبّي حاجتهم فيكبرون و لا يجدونك عكازاً يرتكزون عليه.
- التكبّر على الوالدين والاستهزاء بهم والخجل من تصرفاتهم.
- أن تكون السبب في حزن الوالدين وذرف دموعهم، والتأفف من طلباتهم.
- ترك الوالدين وقت حاجتهم إليك و أن يشعران بالوحدة في وجودك وأن يمرضون ولا تكون سنداً لهما.
- مخاصمة الوالدين وقطع وصل الرحم بينك وبينهم وعدم زيارتهما عن قصد.
- الدعاء عليهم وتمني الموت لهم.
- كثرة مجادلتهم ولو بالحق وأن تكون نداً لهم.
- أمّا عن أبشع أشكال العقوق فهو أن تتعدى عليهما بالضرب.
ما هي صفات الابن العاق؟
هناك العديد من الصفات التي يتسم بها الولد العاق، وإليكم أهمها:
- يحاول تكّذيب والديه ويقطع حديثهما.
- يتهجّم على والديه بالصوت العالي والشتائم.
- لا يتقبّل نصيحة الأبوين.
- النظر إليهما باشمئزاز وبطريقة دونيّة مما يجعلهم يشعرون بالحزن والإهانة.
- رفض مساعدتهم فيما يقومون به من أعمال.
- يتبرأ من والديه ويقطع وصالهما.
- يكون سبباً في بكاء والديه وشعورهم بالقهر.
ما هي أسباب عقوق الوالدين؟
ليس هنالك ما يُبرر العقوق بالوالدين ولكن يمكن إرجاع الأمر إلى بعض الأسباب التي تؤدي إلى هذا الفعل المشين منها:
- الابتعاد عن الله سبحانه وتعالى والجهل بما أوصانا به تجاه الوالدين، والجهل بعواقب العقوق ونتائجه.
- سوء تربية الآباء لأبنائهم وعدم تشجيعهم على الإحسان وعمل الخير، وإن لم ينشأوا على تقوى الله والخوف مما نهى عنه يؤدي إلى العقوق بهما.
- أصدقاء السوء الذين يُحرضون على الأفعال الشيطانية والمشينة لذلك علينا كآباء التدّخل في اختيار أصدقاء أبنائنا، فالمرء على دين خليله.
- إذا كان الوالدين عاقين بوالديهما فسيكون أبنائهم عاقين بهم، كما تُدين تُدان.
- الطلاق بغير ما أمر الله من إحسان بين الطرفين أحد أكثر الأسباب التي تؤدّي للعقوق بالوالدين وهذا لأن كل طرف يتحدث عن الآخر بالسوء أمام الأولاد مما يُولّد الضغينة والكره تجاه أحد الأبوين.
- التمييز والتفرقة في التعامل بين الأبناء يجعلهم يشعرون بالكثير من المشاعر السلبيّة والحقد الذي يؤدي في النهاية إلى العقوق.
- وصول الوالدين إلى مرحلة العجز والشيخوخة وعدم قدرة الأبن على تحمّل المسؤولية و تقديم الرعاية لهما فيلجأ إلى وضعهم في دار رعاية المسنين.
ما هي عقوبة عقوق الوالدين؟
يُعدّ العقوق بالوالدين من الأفعال المذمومة في جميع الأديان والرسالات السماويّة وخاصةً الإسلام الذي اعتبر العقوق من الكبائر والمحرمات وأوصى ببر الوالدين والإحسان لهما وأمرنا بطاعتهما في كل ما يُرضي الله سبحانه وتعالى فالإيمان لا يكتمل دون بر الوالدين ولذلك كانت عقوبة العقوق شديدة فإن العاق يُعاقب في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا يُقطع رزقه وتَكثُر أمراضه ولا يُستجاب دعائه وأعماله لا تُرفع إلى السماء فضلاً عن أنه سيُسقى بما سقى وسيكون أبنائه عاقّين به، أمّا عن عقوبته في الآخرة فهي أنّه سيكون من أهل النّار ويُحرم من دخول الجنة.
كفارة عقوق الوالدين
إن عقوق الوالدين من أكثر الأمور بُغضاً وكرهاً في الإسلام، واعتباره من الكبائر جعله في مرتبة مساوية للزنا وهذا أمر ليس له كفّارة سوى التوبة النصوحة الصادقة وكثرة الاستغفار والابتعاد عن المعاصي والذنوب، فالتوبة الصادقة تعني الندم الواضح وعدم تكرار ما قمت به من ذنوب ومعاصي مرة أخرى، ويتوجّب على الشخص التائب كثرة الدعاء لوالديه وإخراج الصدقات عنهما والاستقامة على تقوى الله عزّ وجلّ والعمل الصالح والله غفورٌ رحيم.
آيات عن عقوق الوالدين
لقد تم ذكر ضرورة بر الوالدين وفضل الإحسان لهما في الكثير من الآيات القرآنية التي شدّدت على هذا الأمر ونهت عن العقوق بهما من هذه الآيات قوله تعالى:
- (إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا* وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا).
- (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا* وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا).
- (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا).
- (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّـهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).
- (وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُۥ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍۢ وَفِصَٰلُهُۥ في عَامَيْنِ أَنِ ٱشْكُرْ لِى وَلِوَٰلِدَيْكَ إِلَىَّ ٱلْمَصِيرُ).
أحاديث عن عقوق الوالدين
تُعد السنّة النبويّة الشريفة من الدعائم الأساسية ومن أهم المرتكزات التي نستند عليها ونستدل من خلالها عن ما يجب القيام به في كل أمور حياتنا، وهناك الكثير من الأحاديث التي روّيَت عن لسان النبي صلى الله عليه وسلّم لتحثّنا على برّ الوالدين منها:
- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أي العمل أحب إلى الله قال: الصلاة على وقتها، قال ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قال حدثني بهن ولو استزدته لزادني)، رواه البخاري.
- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رضا الله في رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد).
- سأل رجل اسمه جاهمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (يا رسولَ اللَّهِ إنِّي كنتُ أردتُ الجِهادَ معَكَ أبتغي بذلِكَ وجْهَ اللَّهِ والدَّارَ الآخرةَ، قالَ: ويحَكَ أحيَّةٌ أمُّكَ؟ قُلتُ: نعَم، قالَ: ارجَع فبِرَّها، ثمَّ أتيتُهُ منَ الجانبِ الآخَرِ، فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ إنِّي كنتُ أردتُ الجِهادَ معَكَ أبتغي بذلِكَ وجهَ اللَّهِ والدَّارَ الآخرَةَ، قالَ: وَيحَكَ أحيَّةٌ أمُّكَ؟ قلتُ: نعَم يا رسولَ اللَّهِ، قالَ: فارجِع إليْها فبِرَّها، ثمَّ أتيتُهُ من أمامِهِ، فقُلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، إنِّي كنتُ أردتُ الجِهادَ معَكَ أبتغي بذلِكَ وجْهَ اللَّهِ والدَّارَ الآخرةَ، قالَ: ويحَكَ أحيَّةٌ أمُّكَ؟ قُلتُ: نعَم يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: ويحَكَ الزَم رِجلَها فثمَّ الجنَّةُ).
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ)، أخرجه مسلم.