معاني علامات الوقف في القرآن الكريم وهل يجب الالتزام بها؟
تُعين معرفة علامات الوقف في القرآن الكريم على قراءته بصورة صحيحة، التدبُّر في آياته، التعرف على معانيه الجليلة ونيل عظيم الأجر والثواب.
علامات الوقف في القرآن
عندما تُمعِن النظر في آيات القرآن الكريم متدبراً معاني كلام الله عز وجل، تجد أنه هناك علامات للوقف، تلك العلامات تساعد على تلاوة القرآن الكريم وفهم معانيه بصورة صحيحة، وقد ذكرها “الشيخ محمد ربيع” (الباحث في علوم القرآن) وهي:
1- حرف الميم (مـ)
الميم إن رأيتها هكذا (مـ) وليست هكذا (م) فإنها تدل على وجوب الوقف ليكون معنى الآية صحيحاً، ومثال على ذلك قول الله تعالى في الآية رقم 181 من سورة آل عمران:
"لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ۘ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ"
2- حرف الجيم (ج)
يدل حرف الجيم (ج) على جواز الوقف، فيما يعني أنه يجوز للمسلم أن يقف أو يصل ولن يختل المعنى، كما في قول الله تعالى في الآية رقم 107 من سورة يونس:
"وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"
3- علامة (لا)
هي العلامة التي تشير إلى ضرورة إكمال قراءة الآية وعدم التوقف كي يكتمل المعنى، كما في قول الله تعالى في سورة النحل الآية رقم 32:
"الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ"
4- علامة (قلى)
تدل هذه العلامة على أنه يجوز لقارئ القرآن الكريم حين رؤيتها أن يقف ثم يستكمل القراءة، وأيضاً يجوز له الوصل دون توقف، ولكن الوقف أولى (أرجح)، وقد وردت هذه العلامة في الكثير من الآيات القرآنية، كما في قول الله تعالى في الآية رقم 22 من سورة الكهف:
"قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِراً وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً"
5- علامة (صلى)
تشير هذه العلامة إلى جواز التوقف ثم استكمال القراءة أو الوصل دون توقف، ولكن الوصل هو الأولى، وقد وردت في العديد من المواضع القرآنية كما في قوله سبحانه في الآية رقم 14 من سورة آل عمران:
"زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ"
6- علامة التعانق (:. :.)
وهي عبارة عن نقاط مثلثة تتكرر مرتين ليقف القارئ عند واحدة منهما ولا يقف عند الآخرى، فيما يعني أنه لا يجب عليه الوقوف عند كليهما أو الوصل دون الوقف تماماً، وذلك حتى يكون معنى الآية صحيحاً، وقد وردت في قول الله تعالى في الآية الثانية من سورة البقرة:
"ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ"
حكم الوقف في القرآن الكريم
بحسب ما جاء في موقع “الإسلام سؤال وجواب” (المتخصص في المعلومات الدينية) فإن الوقف عند تلاوة آيات القرآن الكريم يكون بناء على علم القارئ بالمعنى، والالتزام بعلاماته ليس واجباً وعليه فإن مخالفة علامات الوقف ليست من الأمور المحرمة، على ألا يتسبب ذلك في الإخلال بالمعنى.
فعندما يتسبب الوقف عن قصد بدون ضرورة في الإخلال بمعنى الآية الكريمة يكون محرم قطعاً، كأن يقرأ المسلم “إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ” سورة البقرة الآية رقم 26، فيقف عند قوله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي”.
علامات القرآن الكريم الأخرى
خلال قراءتك لآيات الذكر الحكيم ستجد المزيد من العلامات، تعرف على دلالاتها:
حرف السين (س)
تُسمى هذه العلامة بعلامة السكت، وعند رؤيتها على الحرف الأخير من الكلمة يجب على قارئ القرآن الكريم أن يقف دون أن يتنفس في حالة الوصل، مثلما جاء في قوله تعالى في الآية السابعة والعشرين من سورة القيامة:
"وَقِيلَ مَنْ ۜ رَاقٍ"
أما إن كان حرف السين فوق حرف الصاد لا يعد علامة للسكوت، بل يدل على أن الحرف يُقرأ سيناً وليس صاداً كما في قول الله في الآية التاسعة والستين من سورة الأعراف:
"وَٱذْكُرُوٓاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍۢ وَزَادَكُمْ فِى ٱلْخَلْقِ بَصْۜطَةً ۖ فَٱذْكُرُوٓاْ ءَالَآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"
حيثُ تُنطق الكلمة بسطة.
وإن كان حرف السين أسفل الصاد وليس أعلاه، فإن القراءة الأشهر لهذه الكلمة هي بحرف الصاد وليس السين كما في قوله تعالى في سورة الطور الآية السابعة والثلاثين:
"أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ ٱلْمُصَۣيْطِرُونَ"
حرف الميم المقلوب (م)
هي علامة الإقلاب، أي عند رؤيتها تُقلب النون الساكنة إلى حرف ميم، وكذلك التنوين عندما يكون أي منهما قبل حرف الباء، مثلما في قول الله تعالى في الآية الثامنة عشر من سورة البقرة:
"صُمُّۢ بُكۡمٌ عُمۡيٞ فَهُمۡ لَا يَرۡجِعُونَ"
علامة الدائرة البيضاوية القائمة
تدل هذه العلامة على أن الحرف الذي وُضعت عليه يُنطق عند الوقف، ولا يُنطق عند الوصل، مثل قوله تعالى في سورة الإنسان الآية الخامسة عشر:
"وَيُطَافُ عَلَيۡهِم بِـَٔانِيَةٖ مِّن فِضَّةٖ وَأَكۡوَابٖ كَانَتۡ قَوَارِيرَا۠ * قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٖ قَدَّرُوهَا تَقۡدِيرٗا"
علامة الدائرة المتساوية
هي العلامة التي تشير إلى أن الحرف الذي وُضعت عليه لا يُنطق، سواء في حالة الوقف أو الوصل، كما في قول الله عز وجل في سورة الإنسان الآية السادسة عشر:
"قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٖ قَدَّرُوهَا تَقۡدِيرٗا"
علامة السكون
إن علامة السكون في القرآن الكريم تُكتب كرأس حرف الحاء، وتدل على أن الحرف غير مفتوحاً، مضموماً أو مكسوراً، أي أنه حرف ساكن، وسُمي بذلك لأن الشفاه حين نُطقه تكون ساكنة لا تتحرك، وهو لا يأتي في أول الكلمة، مثلما في قول الله تعالى في سورة الإنسان الآية التاسعة عشر:
"وَيَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ وِلۡدَٰنٞ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيۡتَهُمۡ حَسِبۡتَهُمۡ لُؤۡلُؤٗا مَّنثُورٗا"
علامة همزة الوصل
هي عبارة عن رأس حرف الصاد ويوضع على الألف ليدل على أن هذه الهمزة هي همزة وصل وليست قطع، كما في قوله تعالى سورة القيامة الآية العاشرة:
"يَقُولُ ٱلۡإِنسَٰنُ يَوۡمَئِذٍ أَيۡنَ ٱلۡمَفَرُّ"
علامة المد (~)
عند رؤية هذه العلامة يجب على قارئ القرآن الكريم أن يمُد الحرف زيادة عن مقدار المد الطبيعي، حيث يكون المد مع وجود هذه العلامة بمقدار من أربع لست حركات والحركة هي مقدار قبض الإصبع إلى باطن اليد بدون تعجُّل أو تأخُّر، وتظهر هذه العلامة في العديد من المواضع القرآنية كما في قوله تعالى في سورة القيامة الآية الثالثة والثلاثين:
"ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ يَتَمَطَّىٰٓ"
التنوين المتتابع
التنوين المتتابع هو الذي يُقرأ مع غُنّة على أن تكون بمقدار حركتين، والغُنّة هي صوت له رنين يُخرجه القارئ من الخيشوم (الفتحة الواصلة بين أقصى الحلق وأعلى الأنف)، ويكون شكل التنوين المتتابع في حالة الفتح كما في قوله تعالى في سورة البقرة الآية الحادية والخمسين:
"وَإِذۡ وَٰعَدۡنَا مُوسَىٰٓ أَرۡبَعِينَ لَيۡلَةٗ ثُمَّ ٱتَّخَذۡتُمُ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَنتُمۡ ظَٰلِمُونَ"
وأما التنوين المتتابع في حالة الكسر يكون كما في قوله في الآية الستين من سورة البقرة:
"قَدۡ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٖ مَّشۡرَبَهُمۡۖ كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ مِن رِّزۡقِ ٱللَّهِ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ"
بينما يكون التنوين المتتابع في حالة الضم كما في قول الله تعالى في سورة البقرة الآية الرابعة والخمسين:
"ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ عِندَ بَارِئِكُمۡ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ"
التنوين المتراكب
يكون شكل التنوين المتراكب في الفتح هكذا ( ً) وفي الكسر هكذا ( ٍ) وفي الضم يكون عبارة عن ضمة وفوقها نصف دائرة، ويشير التنوين المتراكب إلى أنه يُقرأ بدون زيادة في الغُنّة، مثل قوله تعالى في الآية السادسة والثلاثين من سورة البقرة:
"فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيۡطَٰنُ عَنۡهَا فَأَخۡرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِۖ وَقُلۡنَا ٱهۡبِطُواْ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ وَلَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَرّٞ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٖ"
الألف الخنجرية ( ٰ )
عند رؤية علامة الألف الخنجرية، فإنها تُقرأ ألفاً، وذلك لأنها تدل على حرف ألف لم يُكتب، وقد وردت هذه العلامة في الكثير من الآيات القرآنية كما في قوله عز وجل في الآية الثالثة من سورة آل عمران:
"نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ"
إذ تُقرأ الكلمتين الكتاب والتوراة.
وعند رؤية هذه العلامة فوق حرف الواو، فإن حرف الواو يُنطق ألفاً كما في قوله تعالى في الآية رقم مئتان وخمس وسبعين من سورة البقرة:
"ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ ٱلرِّبَوٰاْ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِى يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيْطَٰنُ"
إذ تُقرأ الكلمة الربا.
علامة ( ۦ )
تدل هذه العلامة على حرف ياء لم يُكتب، قال الله تعالى في الآية الثانية من سورة قريش:
"إِۦلَٰفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ"
حيثُ تُنطق الكلمة إيلافهم.
الحروف الصغيرة
حرف النون الصغير يدل على وجود حرف نون لم يُكتب، كما في قول الله تعالى في الآية الثامنة والثمانين من سورة آل عمران:
"فَٱسْتَجَبْنَا لَهُۥ وَنَجَّيْنَٰهُ مِنَ ٱلْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُۨجِى ٱلْمُؤْمِنِينَ"
حيثُ تُنطق الكلمة نُنجي، كذلك حرف الواو الصغير يشير إلى حرف واو لم يُكتب كما في قوله عز وجل في الآية الثامنة والسبعين من سورة آل عمران:
"وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُۥنَ أَلْسِنَتَهُم بِٱلْكِتَٰبِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ"
حيثُ تُنطق الكلمة يلوون.
علامة نهاية الآية ({1})
في كل آية من آيات الذكر الحكيم يجد القارئ علامة توضح له رقم الآية وتدل على انتهائها، وتكون عبارة عن شكل دائري وبمنتصفها رقم الآية.
علامة (۩)
تدل هذه العلامة على سجود التلاوة وعندما يمر القارئ بها ينبغي أن يُكبّر ثم يسجد ويقول في سجوده كما قال الترمذي: “سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته” ويمكن أن يضيف كما أضاف الإمام الحاكم (أبرز علماء الدين): “فتبارك الله أحسن الخالقين”، وقد اختلف أهل العلم في وجوب سجود التلاوة فمنهم من أفضى إلى أنه واجب ومنهم من أشار إلى أنه سُنّة وأيضاً اختلفوا على اشتراط الطهارة لمن يقوم به، وقد وردت علامة سجود التلاوة في أربعة عشر موضعاً بالقرآن الكريم مثل قول الله تعالى في سورة العلق الآية التاسعة عشر:
"كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ۩"
علامة (۞)
تشير هذه الآية إلى انتهاء جزء، ربع حزب، نصف حزب، أو حزب، وعلى أحد جانبي الصفحة تجد ما تدل عليه، حيثُ يُكتب عدد الجزء الذي ستنتقل إليه أو أي من أرباع الحزب، كما في قوله تعالى في سورة البقرة الآية الرابعة والأربعين:
"۞أَتَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبِرِّ وَتَنسَوۡنَ أَنفُسَكُمۡ وَأَنتُمۡ تَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ"
فبقراءة هذه الآية يبدأ القارئ الربع الثالث من الحزب الأول في الجزء الأول.
فيديوهات توضيحية لفهم علامات القرآن بشكل مفصل أكثر
الفيدويهات مأخوذة من القنوات التالية:
- قناة الشيخ: “أيمن المحمد”.
- قناة: “كل ما أعرف”.
- قناة: “محمد ابو السعود”.
- قناة: “دقيقة قرآنية”.