قصة رعب (عندما تخونك جدرانك بين الوهم والحقيقة) الجزء الثاني

كيف لي أن أُصدق أنني سأُحجز داخل تلك الجدران؟ هل جزاء الإحسان هكذا؟ عندما تخونك جدرانك بين الوهم والحقيقة الجزء الثاني.

تكملة قصة عندما تخونك جدرانك بين الوهم والحقيقة الجزء الثاني

أكادُ أُقسم أنني أسمع ضربات قلبي داخل رأسي، فعزمت على معرفة ماهية الشيء الماثل ورائي، وفيما أنا التفت بهدوء……….. رأيت وجهها!!.

صباح السابع من فبراير سنة 1990م، متهالكةٌ أنا بجسدي المرتمي على الأرضية الخشبية الرثة، ورأسي الثقيل يكاد يسقط مجدداً في كل مرة أحاول بها إدراك ما يحدث، وجهت نظري على مدار الغرفة، فرأيت نفسي مرمية على الأرض وعلى ما يبدو أني قد تقيأت، أو على الأقل تلك البقع الصفراء على فمي وملابسي تُثبت صحة ظنوني!!.

نهضت بتروٍ وتأملت الغرفة مجدداً، فهل كان ما يحدث محض خيالات؟ توجهت نحو الغرفة المظلمة تلك فوجدتها مغلقة وساكنة جداً، والشمس في الخارج تخترق شروخ المنزل، وتعكس جمال الألوان في الخارج بتمازجها مع اللون الخشبي الجميل هذا.

قررت أن أحضّر كوباً من القهوة لعلي استجمع أفكاري وأفهم ما يحدث، وعندما وضعت يدي على المغسلة رأيت وجهها مجدداً!!.

صورة فتاة شابة شاحبة
صورة فتاة شابة شاحبة

حدث هذا بلحظةٍ واحدة فقط، وكأن روحها تسكن هنا، وتخرج كلما لامست يدي صنبور المغسلة، كررت ملامستي تلك فاهتز جسدي مجدداً وأُغلقت عيني قسراً راسمة وجهها داخل هذا السواد الذي تكتسي به العيون التي تتمنع عن النظر!!.

كانت فتاةً بيضاء بشعرٍ أسود طويل، وأنف مدبب وثُغر وردي صغير، جميلةٌ هي وساكنة، تنظر لي ببراءة مفرطة، تكاد تقتلع قلبي من شدة اليأس الذي يعلو وجهها، إنها حزينة، بل إنها تبدو كمن يموت بشكلٍ بطيء………..!

رفعت يدي عن الصنبور وتوقفت لبرهة، لأتعمق أكثر في جمع التفاصيل، كتاب، تعاويذ، صوت امرأةٍ بلهجةٍ مغربية قروية، وصورة امرأة جميلة تخرج بين حينٍ وحين؟.

تناولت دفتري وكوب القهوة، وذهبت إلى الخارج لكي استنشق بعض الهواء العليل، جلست على جذع الشجرة الذي يقف وحيداً بين أكوام الشجر الهزيل، وبينما هو وحده يقف شامخاً، رأيت فيه السكينة كمن يتكئ على صدر رجلٍ صنديد، لذا اخترت هذا الجذع لأرتكي عليه وأكتب ما أفكر فيه.

(7/فبراير (ايت ملول) على جذع الشجرة المناضلة تلك بين أقرانها من الأشجار، وأمام المنزل المهجور الغريب، حفنة من الغبار المكدس استطاعت أن تخترق أنفاسي، وتضرب ألباب العقل بحيرةٍ وشكٍ مريب، صورة امرأة تعبر الذهن في حالة من العجب الغريب، وموقدٍ يشتعل بكتابٍ كُتب بيد دجالٍ هزيل، ورياحٌ قوية تنبعث من أكوام غرفة لا تجد منفذاً لنسمات ربيع، جميعها تضعني أمام السؤال الأكبر والشديد، إلى أين أنا ذاهبة؟ وهل سأبحث لأفهم هذا السر العجيب؟).

صدح صوت الفونوغراف من داخل المنزل، فرفعت رأسي وتوقفت عن الكتابة، نظرت إلى باب الكوخ الذي كان يترنح كرجلٍ ثملٍ وهزيل، نهضت وتوجهت إلى المنزل وصوت الفونوغراف يعلو أكثر فأكثر.

وعندما وطأت قدمي عتبة الغرفة، كان الصوت يُرسل كلاماً مريب، “خصك تبعدي بعيد باش ما تولي حالك بحالي، أنا مازال سجينة فهاد الدار ومسخرة شيطان، حذري من صوت الجرس، هو كيقول ليك بلي كاين شي حاجة غالطا”.

تلك كانت رسالة تحذير واضحة، بصوت المرأة نفسها وعلى ما يبدو أنها موجهة لي!!.

كانت تقول أنه يتوجب علي الحذر من هذا المنزل حتى لا يكون مصيري كمصيرها، لأنها أصبحت أسيرة تحت أغلال الشياطين، ثم ختمت قولها بتحذيري من صوت الجرس الذي يُنذر بخطرٍ كبير؟.

لا، لن أدع تلك الترهات تسلب مني عقلي، هذه محض تخيلات أو خرافات أو أنها حقيقة لكن لشيء لا يخصني، عليّ أن أبدأ بفهم الأحداث أكثر واعتقد أن هذه الغرفة تحمل جواباً واضحاً لتساؤلاتي.

دخلت الغرفة وبدأت ابحث بين زواياها عما يسدّ رمقي ويعطيني جواباً صريحاً لكل ما يحدث، وقعت مجموعة صور بين يدي، كان الكوخ الذي أسكنه في غالبها، وأمام هذا الكوخ هناك عائلة بسيطة مؤلفة من رجل وامرأة وطفلة صغيرة، ولكن الغريب في الأمر هو أن ملامح تلك المرأة تشبه إلى حد التماثل المرأة التي أراها!!.

وصورة أخرى للرجل الذي كان معها وهو حامل كتاب به صور غريبة لم أتمكن من التقاط تفاصيلها أكثر، لكن في ظل انتشار الشموع بجانبه ووضعه لرسم دائري وهو يتوسط هذا الرسم يدل على أن هذا الشخص كان يعمل بالسحر بالتأكيد!!.

انقبض صدري عندما رأيت أن الليل قد خيّم بظلاله على أجواء المكان، للدرجة التي جعلتني لا أرى حتى اصبعي، وبما أن هذا المنزل لم أتمكن من توصيل الكهرباء فيه، فقد كان عليَّ أن أخطو بحذر لكي أصل إلى الشموع دون أن أتعثر…..

وطأت بأصابع قدمي على الأرض بتروٍ وأنا بالكاد أتحسس الجدران، وفيما أنا أحاول النزول على السلالم حتى أصل لصالة المنزل، وقعت يدي على جدارٍ يبدو أنه متهالك كثيراً، إلا أن الأمر الغريب أن ملمسه يشبه ملمس الغراء اللزج.

وقد تلطخت يدي به، لذا بقيت اتسلل برؤوس أصابعي على السلالم إلى أن وصلت الصالة وأشعلت شمعةً واحدة لكي اكتشف شيئاً جعلني أتخدر من شدة الذهول، لقد كانت يدي ملطخة بالدماء وليس الغراء!!.

ركضت سريعاً إلى السلم لكي أحاول الكشف عن مكان الجدار الملطخ، فلم أجد شيئاً يُسعف ما في جعبتي من حيرة، لكن الجدار كان يحمل صورة مرسومة بالألوان الزيتية، لظلٍ أسود يبدو أنه ظل رجل عريض المنكبين ينظر إلى شجرة تحمل وريقاتها قطعُ قماشٍ أبيض، وعندما تمعنت الصورة أكثر تبين لي أن هذه الشجرة هي ذات الشجرة في الخارج، ولكنها في الصورة هنا يخترقها تجويفاً بداخله ضوءٌ أحمر خافت أو دماء…… لا أدري!!.

صورة رجل ينظر إلى المنزل مرعبة

في تلك اللحظة، بدأت أصواتاً مزعجة تخرج من العدم!!.

عويل ونحيب وصراخ، يصاحبهم صوت طقطقة أصابع، وصوتٌ آخر يبدو أنه ضربٌ من الجنون، إلا أنه صوت خطوات وقع أقدام تتجه نحوي!!.

وضعت يدي على أذني والصوت لا يتوقف، ركضت باتجاه الموقد وبحثت بين الرفوف عن شيء ما يساعدني لأوقف هذا الضجيج، وفيما أنا أنتزع الكتب بقوة على الأرض وقع كتاب وفُتحت وريقاته وظهر مكتوب مفاده: “لعنةٌ ترافق لعنة، بين وعيد وانتقام، لقد تلاصقت أرواحكم بأرواحنا، كنا لكم ولم تكونوا لنا إنما علينا، أفكاركم باتت تعذبنا، ولعنة أبليس تلاحقكم إلى أبد الأبدين”.

ثم تلا قراءتي لهذا الكلام المبهم، تردد صدى أصوات تصرخ بالكلمات تلك على تسلسلٍ واحد، وكأنه كورال ولكن الرعب فيه أضعاف!!.

شعرت بأن أحداً يمسك بذراعي ورأيت علامات يديه على معصمي، لقد اسوّد معصمي، وبدأت عيناي تقطر دماً وصرخت يا الله…….

ناديتها بصوتي المرتجف، ناديت بأعلى صوتي الله، ثم بدأت بقراءة المعوذات، وهي على لساني تخرج بصعوبة، قرأتها بصوتٍ أعلى، رددتها وأنا أقول ارحلوووووا.

ثم هدأ كل شيء وسَكَن!!!!

يُتبع… في “الجزء الثالث”.

تنويه: القصة من وحي خيال الكاتب.

هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكراً لملاحظاتك.

فريال محمود لولك

الكتابة هي السبيل للنجاة من عالمٍ يسوده الظلام، ننقل بها سيل المعلومات لتوسيع مدارك القارئ المعرفية، أنا فريال محمود لولك، من سوريا، خريجة كلية التربية اختصاص معلم صف، وكاتبة منذ نعومة أظفاري، من وحي المعاناة وجدت في الكتابة خلاصي، ورأيت بها نور الله الآمر بالعلم والمعرفة، فاقرأ باسم ربك الذي خلق. فإن القراءة هي الطهارة لعقلك من كل جهل.
زر الذهاب إلى الأعلى