قصة رعب (عندما تخونك جدرانك بين الوهم والحقيقة) الجزء الثالث
كان الأمر يتفاقم أكثر بوقعه على قلبي، أناجي الله وحده فلا سبيل لي سواه، عندما تخونك جدرانك بين الوهم والحقيقة، الجزء الثالث والأخير.
تكملة قصة عندما تخونك جدرانك بين الوهم والحقيقة الجزء الثالث والأخير
عزمت الأمر على فهم ما يجري، فتوجهت إلى الخارج لتلك الشجرة التي أظن أنها تحمل ما يفك لغز هذا المنزل، حاولت أن اتلمسها، بحثاً عن التجويف ذاته، فوجدت شرخٌ صغير لذا أردت أن أمد يدي داخله لكنني لم استطع، فأحضرت المطرقة وبدأت بتوسيع الشرخ أكثر، واحد…. اثنان…. ثلاثة…. توسع الشرخ وأصبح مفتوحاً كأنما اللوحة أمامي ذاتها!!.
مددت يدي فالتقطت رسالةً تحمل طلاسم غريبة وعظمةٌ صغيرة لم أدرك إن كانت لإنسٍ أم لحيوان!!.
أخذت الأغراض ودخلت إلى المنزل وبحثت في الكتب عما يفكك تلك الطلاسم، فوجدت كتاباً يضع شرحاً كاملاً عن كل شيء، وبين صفحات الكتاب كان هناك رسالة!!.
“إن أردت أن تنقذيني، ستجدين مثلثاً في الرف الداخلي للمكتبة، ومعه مقص وبضعة شموع، ارسمي دائرة بالطباشير حولك واتركي الشموع مشتعلة، ثم ضعي المثلث في منتصف الدائرة واجلسي بجانبه، أنا بحاجتك ولم أعد احتمل تلك القيود أكثر!!”
هنا شعرت بشيءٍ يسحبني لكي أنفذ ما طلبته، ودون أدنى تفكير بدأت بفعل كل ما أُومرت به، فأمسكت تلك العظمة ووضعتها أيضاً بجانبي، ومسحت الدماء عن وجهي ثم نهضت لأنني تذكرت المقص، وبينما أنا أمد يدي لالتقاطه، رأيت انعكاس وجهي عليه!!
لقد كانت عيناي مبيضتين، ووجهي يخلو من ملامح ندى! إنني أشبه المرأة تلك، وشعري الأشقر تحول إلى اللون الأسود بتلقائية مرعبة!!.
نظرت خلفي ووجدت أنني مُسيّرة وكأنما هناك طاقة ملعونة تأخذ بي نحو الهاوية، توقفت لبرهة وتأملت ما يحدث!.
هل ما أفعله بدافع إنقاذ المرآة؟ أم أن هناك شيء يدفعني نحو الأمر بدافعٍ شيطاني؟، هل عليّ مغادرة هذا المنزل؟ أم أنه استوطنني للدرجة التي تجعلني لا أقوى على أن أهجره؟.
وإذ…….. حدث ما لم يكن بالحسبان!!.
صوت الأنفاس المتصاعدة يعود، وحرارته تخترق جسدي، هذا الصوت خلفي…….. التفت وإذ بها تظهر أمامي!!.
لكنني الآن لم أفقد وعيي، بل إنها كانت قريبة بشكلٍ مريب، نظرت نحوي وعيناها ممتلئتان بالدموع، وقالت: “زوجي رجلٌ شيطاني، كان يمارس السحر والشعوذة على عامة أهل القرية، لقد استخدم السحر الأسود ليبطل أي شيء أو ليقتل أي أحد!!.
وعندما خانه ذكاؤه، توجه نحو اختبار سحرٍ جديد، ليقدم به قرباناً لـ (تمريح)، وهو ملك الجن والشياطين، وكان القربان ابنتي!!.
وافقت مرغمة لأنه كان يقتادني نحو الموافقة عنوةً دون إرادتي، ثم عزم الأمر على تقديم دماء طفلتي سارة قرباناً لتمريح، ولكن هروبي من المنزل عند اليقظة، دفع به لأن يأسرني داخل جدران هذا المنزل، روحي لا زالت تسكنه، وإن وددتِ أن تساعديني فإنك بهذا تساعدين صغيرتي أيضاً، لأنه استخدم دماءها وأسرها داخل الجدران وبعد أن شعر بفجيعة خسارته، قتل نفسه!!.
لقد كانت تسرد تفاصيلاً يعجز العقل عن استيعابها، أيمكن لهذا أن يكون حقيقياً؟.
وقبل أن ترحل رمقتني بنظرة جعلتني أشعر بأنني سأندفع لفعل ما أُمرت به دون إرادةٍ مني، وقفت في منتصف الدائرة وجلست على ركبتي، ومسحت دمائي عن وجهي ولطخت بها الأرض، وبدأت بترديدي لكلمات الكتاب والورقة: “نتوسل إليك تمريح، تمريح ملك الجان، تمريح اقبل القربان، نتوسل إليك تمريح ونُستسلم لأمرك، تمريح ملك الجان، تمريح اقبل القربان”.
اهتزت جدران المنزل، وبدأت أصواتاً عالية تخرج منه، كأنه زلزال، ولكني لم أتحرك قيد أنملة، بل كنت بكامل القوة والطاقة، ارتجفت الأرض من تحتي وبدأت اللوحات تتساقط على الأرض، والكتب عن الرفوف، وكأن الدمار سيحل على العالم بأسره…………….. دق الجرس، وتكرر صوته كثيراً وهذا كان يُشير إلى (تمريح) ملك الجان، تمريح قبل القربان!!.
ثم نُفيت……!!.
أنا سارة، أبلغ من العمر ثلاثة وعشرين سنة، لقد عمل أبي طوال عمره بالسحر الأسود، إلى أن أصبح أهل القرية يلجأون إليه عندما يرغبون بالقضاء على شخصٍ ما، أو اقتياد امرأة لقلب رجل!!.
وبينما كنت ألعب بغرفتي التي يحتجزني بها أبي في العلية دائماً ولا يتركني أخرج منها إلا إن كان يأمرني بغسل الأطباق، سمعته ينادي لأمي ويُخبرها بأن (تمريح) يبحث عن قربان من أصل دمائنا، تعجبت لهذا القول فـ استرقت السمع أكثر وإذ به يُكمل حديثه قائلاً: سارة ستكون القربان!!.
ولكن مهلاً، حتى وإن كنت طفلة فلن أدعك تأخذ بي إلى عالمك السفلي هذا، لذا قرأت كتاباً يشرح أن القربان يتم تقديمه بواسطة الدماء، وعلى الدم أن يخرج من المعصم أو الرقبة!!.
لذا وبما أن أُمي لم تمنعه، ولم تتوسل حتى إليه، وذلك لكونها كانت تشاركه جميع الممارسات مقابل المال الذي كان يستهويها!.
فإن هذا دفعني لأن أكتب رسالة بـ اسم أمي وكأنها تتوسل لأحد لكي يحرر روحها من جدران هذا المنزل وخاصةً بعدما علمت أن الدماء جميعها تتأثر، خاصةً ذوي الدم الواحد!
ولكن التأثر سيكون بالأسر للتابع، والموت لصاحب الدم الأول!!.
اعذريني أمي، لكنني لن أكون قربانكم اليوم، بل أنتِ من ستكونين، لذا خططت لكيفية تنويمها لوقتٍ طويل، وكان السبيل بطبيعة الحال “المنوم”.
وبينما هي نائمة، أمسكت معصمها، ووضعت السكين عليه إلى أن أخذت بضع قطراتٍ من دمائها، ووضعتها على الدائرة التي سيقف عليها والدي، وبما أن والدي طلب منها سحب دمائي وتحضيره، فإن هذا كفيلاً لأن يتركه بسبب جشعه المادي وخذلانه لـ حق الأبوة الفعلي إلى أن يبدأ بإطلاق سيل التعاويذ لتقديم القربان دون التأكد من مصدر الدماء!!.
تمريح ملك الجان…… تمريح اقبل القربان.
ابيضت عيناه، ووجهه أصبح مخيفاً، ولكنه في لحظةٍ ما توقف عن إطلاق التعاويذ بعدما رآني أقف على السلم واضعةً يدي على اللوحة الجدارية التي تخصه!!.
أصابه الذهول من رؤيتي حية، وبدأ بمناداة أمي: (مريم…..مريم).
ولكن لقد فات الآوان، بدأ صوت الجان يعلو، وتبعه نظرات أبي المذهول!!.
تمريح ملك الجان…… تمريح قبل القربان!!.
سقط أبي ميتاً بعدما تم قبول القربان وعلم أن أمي ذهبت إلى العالم السفلي ولم يعد لوجودها أثر، وبما أنه كان أسير قلبها، فقد كان من الصعوبة عليه أن يتقبل فكرة رحيلها وبقاء ابنته تلك التي انجبها لكي يجعلها طعم لمصالحه المادية!!.
روحي دخلت الجدران، وكان من المفترض لكي أخرج من هذه الجدران، أن تتحرر روحي بفعل شخصٍ ما يمكن تسييره بأوامر تمريح، وهذا ما عزمت على فعله قبل تسليم روحي للجدران!!.
وبما أن تلك الشجرة التي اعتدت أن ألعب على أرجوحتي المعلقة على أغصانها كانت مكاني الذي استظلّ به، فإنها أيضاً كانت السبيل لكي أضع مقتنيات السحر داخلها برفقة بضع قطرات من دمائي على عظمة كلب أسود.
لا تتعجبوا لكوني صغيرة وقادرة على عمل كل هذا، إن أبي ولّد داخلي شيطاناً يقتص من أرواح كل من يحاول الفتك به!!.
كانت ندى هي الضحية الشهية، بما أنني دخلت شروخ هذه الجدران وأنا في عمر الستة سنوات، فقد كان عمرها مماثلاً لعمري بعد مضي سبعة عشر عاماً!!.
لذا فإنه من المفترض أن اقتادها لتحريري، وادخل جسدها الهزيل هذا……….
حمقاءٌ ندى…… لقد آمنت أن هذا سيحرر والدتي……..
ورغم أن شعرها الأشقر هذا لا يعجبني، إلا أنه أفضل من أن أرث ملامح أمي…. أليس كذلك؟.
تمت بحمد الله.
تنويه: هذه القصة من وحي خيال الكاتبة.