قصة رعب (عندما تخونك جدرانك بين الوهم والحقيقة) الجزء الأول

قصة رعب “أشعر كأنما اللعنة حلّت بي، منذ أن وطأت قدمي أعتاب هذا المنزل، تلك حقيقة أم أنها مجرد ترهات من عقلٍ متهالك؟ سأترك لكم مهمة إخباري بالأمر”.

قصة رعب الجزء الأول (جدرانٌ وأبواب تتكلم)!!

كُنت أدنو من تلك الشجرة دائماً لأستظلَّ بها، أحب الإتكاء أسفلها، أمام منزلي الصغير هذا، رغم أن الأشجار تكسو الغابة وجوانب المنزل، إلا أن تلك الشجرة كان لها رمزيةً خاصة في قلبي، وبين جذوعها كنت أجد ضالتي في الكتابة وأنا أرتشف الصمت من حولي وأنقله بسيلٍ من المشاعر على الورق!!.

أنا ندى وعمري ثلاثةً وعشرين عاماً، تم نقلي إلى مدينة (ايت ملول) في المغرب من أجل إكمال مسيرتي في تدريس الأطفال داخل مدارس هذه المدينة غريبة الأطوار!!

ورغم تخوفي من فكرة الاستقلالية في منزلٍ لوحدي إلا أنني ايقنت أن شغفي لهذه المهنة عليه أن يكتمل، لذا عزمت الأمر على الانتقال إلى منزلٍ بسيط يتوسط الغابة، وبما أن إيجار المنازل باهظ الثمن إلا أنني اخترت هذا المنزل بالتحديد لأن ايجاره بسيط للغاية.

بل وإن الغالبية من السكان تعجبوا من أمري ورمقوني بنظرةٍ تحمل من الغموض الكثير، مما جعل قلبي ينتفض لكنني تجاهلت الأمر واعتبرته نوع من التعالي والغرور الذي جعلهم يرونني بسيطة الحال لكوني قمت باستئجار هذا المنزل!!.

صورة منزل مهجور في غابة مرعبة

فتحت باب المنزل القديم المهجور، فأصدر صريراً مزعجاً، وضعت قدمي على عتبته فوجدته غارقاً ببيوت العناكب والغبار المزعج للدرجة التي جعلتني أُصاب بالكحة.

قلتُ في نفسي: لا بأس عزيزتي، أنتِ فتاةٌ مناضلة، لن تخسري عملك لمجرد فكرة وجودك في هذا المكان الغريب والمزعج!.

بدأت العمل بنشاط، ها أنا ذا انطلق نحو حياتي المهنية بصدرٍ رحب، تناولت المكنسة لتنظيف المكان وقمت بوضع الزهور واللوحات التي سبق لي أن حملتها في حقائبي بغية جعل ديكور المنزل مشابهاً لغرفتي في مدينة الرباط.

وبينما أن أتابع التنظيف، وصلت إلى باب خشبي خاص بغرفة تتوسط العلية، تعجبت لأمرها لأن المنزل من الخارج لم يمتلك نافذة في العلية تدل على وجود غرفة، فتحت بابها الموصد بقوة للدرجة التي جعلتني أشعر بأن خلفها أغراض تجعل فتحه مستحيلاً.

فُتح الباب بعد معاناة، فـ اندفعت الرياح بقوة على وجهي مصحوبةً بصوت صفيرٍ غريب، ولكن مهلاً!!

كيف هناك هذا الكَم من الرياح دون وجود نافذة أو مصدر لوصولها إلى الغرفة؟.

تساءلت وتجاهلت، فأنا في هذا المكان في حالة تجاهل تام من أجل بلوغ أهدافي!!.

كانت الغرفة تضم مشغّل أسطوانات كلاسيكي (الفونوغراف) مصحوباً بأسطوانات قديمة للغاية، وكرسي خشبي هزاز مهترئ يتحرك لوحده في حالة من الغموض والغرابة التي أثارت غثياني!.

ربطت أمر اهتزازه بالرياح الغريبة تلك، فاجتماع الغرابة سوياً أمراً شبه روتيني في هذا المنزل على ما يبدو، لذا وضعت أسطوانة داخل المشغل وتمنيت لو أنها تحمل أغنية قديمة من الزمن الجميل، لربما تساعدني على الاسترخاء بينما أُكمل التنظيف!.

بدأ صوت الفونغراف يصدح في الغرفة، ولكن الموسيقا كانت شديدة الهدوء وتُرسل ترانيماً غريبة، وصوتها استوطن أذنيي للدرجة التي أثارت شهيتي للاستماع أكثر………. (أشنو كتعمل يا محمد، هادشي غادي يدينا للهاوية!!).

كان هذا صوت امرأةً مرافقاً لصوت الموسيقى الغامضة تلك، حيث تخبر شخصاً ما يدعى “محمد” بلهجتها المغربية عن أن فعله هذا سيأخذ بهم نحو الهاوية.

أردفت في نفسي قائلة: لا داعي للقلق يا ندى، إنها تسجيلات صوتية لعائلة ما كانت تسكن أرجاء هذا المنزل، ثم أكمل الصوت كلامه بشكلٍ يُثير القلق أكثر قائلاً: سكتي ولا غادي نخلي تمريح يقرصوك حتا تموتي.

وهذا كان ردّ “محمد” والذي دفع بي لأن أركض نحو الفونوغراف وأوقف هذا التسجيل الأحمق الذي رفع من حدة ذعري، وأما عما قاله محمد، فقد قدم تهديداً واضحاً للفتاة بأن يُسلّط عليها (تمريح) حتى يُرديها قتيلة!! ولكن من هو تمريح؟

خرجت من الغرفة سريعاً وتوقفت عن رغبتي بإتمام تنظيفها، وأعدت إغلاقها خشية أن يفوق الخوف حد الوصف في قلبي!!.

أصوات رعب اخترقت صدري ورأسي دون رحمة

انتهيت من تنظيف المنزل، وارتميت على كرسي وضعته أمام المدفأة التي تُنير أرجاء المنزل الخشبي هذا، وبدأت بقراءة كتاب (فراشهد)، وسبب اختياري لهذا الكتاب من على رف المكتبة التي تعلو المدفأة، هو غرابة عنوانه التي دفعتني بفضولٍ مفتوح الشهية لأن التقطته وابدأ بالقراءة.

فوجدته يتحدث عن السحر والشعوذة وغيرها، لذا لم أرغب في التعمق بقراءته أكثر، وحينها تناولت كتاباً آخر اسمه (حساركموت) تبع الكتاب كلمات غريبة من نوعها وغير مفهومة: “السبعة أحرف حرفان وثلث………

توقفت لبرهة، وأدركت أن هذا المنزل مليئاً بالأسحار وأسرار العالم السفلي، وبينما أنا شاردة في طيف التفكير صدر صوت صريراً بعيداً في المنزل!!.

انتفض قلبي من مكانه، ووقفت على رؤوس أصابعي لتَتَبُع الصوت، بقي صوت الصفير مستمراً وكلما تحركت أكثر كان يعلو أكثر….. وقلبي ترتفع نبضاته أكثر….. وعقلي يتيه في غيمة الأفكار التي تتساقط في رأسي وتشكّل ضجيجاً يعلو صوت الصرير……!

وصلت إلى العلية، فوجدت أن الصوت يخرج من بابها الخشبي ذاك، اقتربت أكثر، ورأيت أن الباب الذي سبق لي أن أوصدته، مفتوحاً على مصراعيه بشكلٍ مرعب يتخلله الظلام والرياح القوية التي تخرج منه بقوة……… أوه، يا إلهي، هل هذه مجرد خدعة أم أنني أحلم؟.

هل هذا بسبب مشقة السفر والجهد المبذول في تنظيف هذا المنزل المتصدع؟.

ربي، نجّيني مما أنا به…….. وبعد أن قمت بترتيل سلسلة من التلاوات، وقفت بقوة أمام الباب وتنفست شهيقاً عميقاً ثم أغلقت الباب مجدداً بقوة……. وحينها عدت إلى مضجعي أمام المدفأة والخوف قد خرج من قلبي…… ولكنني وفي لحظةٍ خاطفة، وجدت أن الكتاب الذي كنت أقرأه موضوعاً على الأرض ومفتوحاً على صفحة تحمل كلمات مكتوبة بالخط اليدوي الكبير تكاد تقتلع عينك من شدة وضوحها.

والجملة التي لمعت أمام عيني كانت: أتاك الدور يا من وضعت قدميك على عتبة هذا الدار، إن مثولك هنا تهديداً صريحاً لوجودنا، إن لم تكن معنا فأنت بالتأكيد علينا……!!!

صورة مرأة شريرة مشعوذة

ارتجف قلبي أكثر وبدأت الأصوات من حولي تتصاعد أكثر، حاولت أن أفهم إن كان هذا ضجيج رأسي أم حقيقة، ولكن الأصوات كانت تعلو شيئاً فشيئاً بين صراخ وكلمات مبهمة تجعل عقلي يضجّ بالتساؤلات.

انتفضت من مكاني، وأمسكت الكتاب ورميته داخل المدفأة، وفي تلك اللحظة توقفت الأصوات جميعها بشكلٍ مريب، وفي لحظة كُنت فيها أحاول تنفس ما تبقى لي من الهواء لعله يهدئ من روعي، شعرت بأن هناك يدً موضوعة على كتفي يتبعها أنفاساً حارة تخترق رقبتي…………. بدأ صوت قلبي يصدح بقوة في رأسي، وحاولت أن التفت إلى الوراء وبينما أن أُوجه رأسي بهدوء إلى الخلف، لمحت شيئاً جعلني أتقيأ من شدة الذعر……!!.

يُتبع… في “الجزء الثاني“.

تنويه: القصة من وحي خيال الكاتب.

هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكراً لملاحظاتك.

فريال محمود لولك

الكتابة هي السبيل للنجاة من عالمٍ يسوده الظلام، ننقل بها سيل المعلومات لتوسيع مدارك القارئ المعرفية، أنا فريال محمود لولك، من سوريا، خريجة كلية التربية اختصاص معلم صف، وكاتبة منذ نعومة أظفاري، من وحي المعاناة وجدت في الكتابة خلاصي، ورأيت بها نور الله الآمر بالعلم والمعرفة، فاقرأ باسم ربك الذي خلق. فإن القراءة هي الطهارة لعقلك من كل جهل.
زر الذهاب إلى الأعلى