من هم قبائل الباجاو (غجر البحر) الذين لا يعرفون اليابسة
شعبٌ لا يحبذ الحياة سوى تحت الماء أو عليها، لوهلةٍ ستعتقد أن هذا ضربٌ من الخيال، تعرف على قبائل الباجاو الذين لا يعرفون اليابسة.
قبائل الباجاو
شعب الباجاو هو الشعب الذي يعيش في سواحل جنوب شرق آسيا، وتحديداً في منطقة (أرخبيل سولو) في جزيرة (بورنيو)، وهي سلسلة من الجزر التي تقع في المحيط الهادئ، في جنوب غرب الفلبين، حيث يتميز هذا الشعب بأنه يعيش في المياه أكثر من اليابسة وبيوتهم عبارة عن أكواخ خشبية بسيطة مشيّدة فوق سيقان خشبية عالية على المياه، كما أنهم يمتلكون زوارق خشبية تساعدهم في التنقلات بدلاً من توافر المواصلات، ويطلق عليهم اسم (غجر البحر) أو (بدو البحر).
كيف تم اكتشاف شعب الباجاو؟
تم اكتشاف قبائل الباجاو، من قبل الرحالة الإيطالية (أنطونيو بيجافيتا) وذلك في عام 1521م، حيث ذكر في كتابه (رحلة ماجلان حول العالم) أن شعب الباجاو يشتهر في القرصنة وتجارة العبيد وخصوصاً في فترة الاحتلال الاوروبي لآسيا، ولا يتعدى تعدادهم أكثر من مليون نسمة.
من هم بدو البحر؟
بدو البحر هم قبيلة الباجاو، ويعود سبب تسميتهم ليس فقط إلى أنهم يسكنون على المياه، بل بسبب قدراتهم المتميزة وتنقلاتهم السلسة في المياه، فهل لك أن تتخيل أن أفراد قبيلة الباجاو لديهم القدرة على النزول في عمق المياه إلى ما يتعدى 200 قدم تحت سطح الماء؟ والأغرب من هذا أنهم يمارسون طقوس السباحة هذه دون استخدام أي معدات سوى نظارات خشبية ورماحاً يصنعونها بأنفسهم، وما يجعلك متعجبٌ أكثر هو قدرتهم على حبس أنفاسهم تحت الماء إلى مدة تصل إلى 13 دقيقة، تخيل هذا!.
ما هي لغة شعب الباجاو؟
تتحدث قبائل الباجاو أكثر من لغة من ضمن اللغات الأسترونيزية، كما أنهم يشكّلون مجموعات خاصة تسمى (سيناما) و (باهاسا) ويفهمون لغة بعضهم البعض، ولكنهم لا يعترفون بحدود جغرافية لأنهم بمعزلٍ عن الجميع، وليس لديهم أوراق ثبوتية أو هويات تثبت شخصيتهم لدرجة أنك تعتقد أنها قصة من قصص الخرافات الشهيرة من شدة غرابة تلك القبيلة وأسلوب حياتها المغاير للنمط المعيشي السائد.
أسطورة بداية الباجاو
هناك الكثير من الأساطير التي تنتشر فيما يخص قبائل الباجاو وإحدى الأساطير مفادها أن هناك رجل يدعى (باجاو) كبيرٌ جداً في السن، دخل في مرة إلى الماء وتبعه شعبه لاعتقادهم بأن كتلة جسمه ستحل ما يكفي من الماء بحيث يفيض النهر ويسهّل على الناس الاصطياد وهو ما يفسر أسلوب حياتهم، وأسطورة أخرى أيضاً تقول أن تلك القبيلة كانت تعيش على اليابسة تحت حكم ملك له ابنة قد ضاعت، ويرجح السبب إما لاختطافها أو بسبب جرف البحر لها، فانتشرت القبيلة في البحر باحثةً عن ابنة الملك ولكن بحثها باء بالفشل مما أجبرهم على البقاء في البحر خوفاً من الملك وغضبه.
ما هي ميزات قبائل الباجاو؟
تلك القبيلة مغايرة تماماً للبشر الطبيعيين، فهم على عكس البشرية، إذ أنهم من هواة العيش في البحر والصيد، ويصابون بدوار اليابسة بدلاً من دوار البحر، ولا تطأ أقدامهم اليابسة إلى في حالة مقايضة الأسماك لأنهم لا يتعاملون بالنقود إنما يعيشون من خلال المقايضات القائمة على اصطياد الأسماك واستبدالها بالأطعمة الغذائية، وأيضاً يخرجون لليابسة من أجل النوم فقط، حتى الزوجات منهن، لا يمكنها أن تكون أم وربة منزل فقط، بل عليها الغوص والاصطياد بتساوٍ مع واجبات زوجها في الصيد وحتى أطفالها، فهم لا يعملون أطفالهم المشي بل يبدئون بتعليمهم السباحة على الفور، وأيضاً يقومون بثقب طبلة أذن الفرد منهم في سنٍ مبكرة من أجل تسهيل الغوص دون شعور بالألم.
جينات شعب الباجاو مختلفة عن الجينات الطبيعية!
الأبحاث العلمية توصلت إلى ما يوضح السبب الكامن وراء تلك القدرات الخارقة لهذه القبائل، والسبب يعود إلى تركيبهم الجيني المختلف، فقد تبين أنهم يمتلكون سمة وراثية تميزهم عن أقرانهم من البشر وهي متغير جين PDE10A و جين BDKRB2، والتي تتحكم في هرمون الغدة الدرقية لهم كما يعتقد، وساعدهم أكثر هو أنه ومع مرور الوقت كان الانتقاء الطبيعي قادر على تطوير تلك الجينات بما يتكيف مع بيئتهم المنعزلة عن الآخرين والمفارقة تكمن في امتلاكهم لطحال أضخم بنسبة 50% عن طحال الإنسان العادي مما يفسر قدراتهم على الغوص في هذا العمق.