قصة سيدنا إسماعيل عليه السلام مكتوبة بشكل مبسط

قال الله تعالى: “رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ” فإسماعيل هو الغلام الحليم الذي وهبه الله لنبيه إبراهيم، فما هي قصة سيدنا إسماعيل؟

قصة سيدنا إسماعيل عليه السلام

وُلد نبي الله إسماعيل في أرض الشام حسب ما ذكر كتاب “موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي” بالمكتبة الشاملة وقال ابن كثير إنه وُلد في القدس، وهو ابن خليل الله إبراهيم عليه السلام وأمه هاجر، ويرجع نسل إسماعيل إلى سام بن نوح عليه السلام، ومن ذريته جاء خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وتشتمل قصته على الكثير من الأحداث والمعجزات الربانية التي تستحق التدبّر والتأمل.

قصة زواج سيدنا ابراهيم بهاجر

تقدم العمر بنبي الله إبراهيم عليه السلام دون أن يُرزق من سارة زوجته بولد، فاقترحت عليه أن يتزوج من هاجر، وهي الخادمة التي وهبها ملك مصر إليهما، فرزقه الله منها بإسماعيل عليه السلام وكان عمر إبراهيم عليه السلام حينها ست وثمانين عاماً.

ولأن سارة زوجة نبي الله إبراهيم كانت شديدة الغيرة، كانت تحاول إلحاق الأذى بهاجر بعدما أنجبت، فأمر الله نبيه إبراهيم أن يصطحب زوجته هاجر وابنهما إلى مكة المكرمة، رأفة بقلب سارة، وتمهيداً لأن يكون إسماعيل نبي الله بهذا المكان فيخرج من نسله أُمة مسلمة.

فما كان من نبي الله إبراهيم إلا أن أطاع أمر ربه واصطحب هاجر وإسماعيل على البراق بحسب ما جاء في “كتاب شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام” للكاتب التقي الفاسي بالمكتبة الشاملة إلى وادٍ بجبال فاران (وجبال فاران هي مكة المكرمة في التوراة) وترك معهما سقاء ماء والقليل من التمر، وعندما هم بالرحيل عنهما ذهبت خلفه هاجر وسألته: “إلى من تتركنا يا خليل الرحمن؟ الله أمرك بهذا؟”، فأجابها خليل الله: “نعم”، ولأنها كانت شديدة الإيمان قالت له: “إذاً لن يضيّعنا”، ويقال إن عمر إسماعيل حينها كان عامين.

فرحل إبراهيم تاركاً زوجته وابنه وهو يدعو لهما، قال تعالى: “رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ”، ونفد الماء الذي كان مع هاجر فبدأ إسماعيل في البكاء لشدة عطشه، مما جعل أمه تهرول باحثة عن ماء تروي به ابنها.

فصعدت على جبل الصفا، فلم تجد ماءً، فنزلت ثم صعدت على جبل المروة فلم تجد ماءً فعادت تارة أخرى تصعد جبل الصفا وتنزل فتصعد جبل المروة دون جدوى، واستمرت على ذلك الحال لسبع مرات، ولذلك أصبح السعي بين الصفا والمروة (من شعائر الحج والعمرة) سبعة أشواط، وبعدما انتهت هاجر من السعي بحثاً عن الماء دون جدوى، سمعت من يقول: “جاء الغواث”، إنه جبريل عليه السلام قد أنزله الله لها على هيئة طائر.

فضرب جبريل الأرض بجناحه، وقيل بعقبه (جزء في نهاية القدم) فانفجرت عين زمزم التي ستظل تفيض بالماء إلى يوم الدين، وشربت هاجر وابنها حتى ارتويا، وقد أخبرها جبريل عليه السلام أن في هذا المكان سيُبنى بيت الله بيد ابنها وأبيه فلا تخشى ضياع الماء أو نفاده فسكنت هاجر وشعرت بالطمأنينة.

ونزل بالقرب من مكانها قبيلة نازحة من اليمن تدعى جُرهم، ولما رأت هذه القبيلة أنه هناك طيور تطير حول مكان بالقرب منهم قالوا لبعضهم البعض إن الوادي الذي نزلوا به ليس به ماء، وإن هذه الطيور تحوم حول ماء، فاتخذوا منها مُرشداً وأرسلوا رسولهم ليتقين من وجود الماء، فلما فعل وأخبرهم بعين زمزم أقبلوا نحو هاجر واستأذنوا منها بالمكوث عندها، فوافقت ولكنها قالت: “لا حق لكم في الماء عندنا”، فقالوا لها: “نعم”، وفرحت هاجر بقدوم هذه القبيلة لأنها وجدت من يؤنس وحشتها في ذلك الوادي.

وبعد مرور فترة زمنية قام أفراد جُرهم باستقدام عائلاتهم وبناء عدة منازل، فصار الوادي آهلاً بالسُكان، وحسب ما جاء في موقع “إسلام ويب” (المتخصص في قصص الأنبياء) فإن إسماعيل عليه السلام تربَ ونشأ في ذلك المكان وتعلم اللغة العربية من الجراهمة (حيث ذكر “كتاب المختصر في أخبار البشر” للكاتب أبو فداء بالمكتبة الشاملة أن لغته الأصلية كانت العبرانية).

قصة ذبح سيدنا إسماعيل

منذ أن ترك إبراهيم زوجته وابنه في الصحراء، وهو يتردد عليهما بين الحين والآخر، وعندما بدأ إسماعيل في أن يشب ويعاون أبيه في مصالحه، رأى إبراهيم في منامه أنه يذبح إسماعيل، ويقال إن عمر إسماعيل حينها كان سبعة أعوام وقيل ثلاثة عشر عاماً وقيل أربعة عشر.

ولأن رؤيا الأنبياء وحي، ظل إبراهيم يتروّى (يفكر) في أمر رؤياه، فرآها في الليلة التالية، وقيل إن هذا اليوم هو الثامن من شهر ذي الحجة ولذلك سُمي بيوم التروية، وقيل إن ذلك الاسم يرجع لحمل الحجاج الماء قبل أن يخرجوا لأداء مناسكهم، وتكررت الرؤيا في اليوم التالي للمرة الثالثة، فعرف نبي الله أن عليه الامتثال لأمر ربه والقيام بذبح ابنه، وقيل لذلك سُمي اليوم التاسع من ذي الحجة بيوم عرفة، وقيل لأنه يوم تعارف آدم وحواء في الأرض بعدما هبطا من الجنة.

وقد ذكر الله عز وجل استجابة إسماعيل الحليم في محكم التنزيل، قال الله تعالى في سورة الصافات الآية رقم 102: “فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ” فأخذ نبي الله إبراهيم ابنه وذهب به إلى المنحر بـ وادي مِنى، ثم أضجع إبراهيم ابنه إسماعيل على وجهه، كي لا تأخذه به رحمة الأب، فبدأت دمعاته في النزول ولكنه أمر الله فما عليه سوى الانصياع له، فسمى الله وبدأ في تمرير السكين على عنق ابنه، لكنه لم يقطع.

فغيّر إبراهيم عليه السلام وضعية اضطجاع ابنه، فجعله على ظهره، وحاول ذبحه مرة أخرى، لكن السكين لم يفعل ما هو معهود منه، فكانت المعجزة أن نودي إبراهيم كما في قوله تعالى في سورة الصافات الآيات من 104 وحتى 107: “وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ” إذ أن الأمر بالذبح كان اختبار لإبراهيم وإسماعيل، وفدى الله عز وجل إسماعيل بكبش سمين.

قيل إن كبش إسماعيل كان القُربان الذي قدمه هابيل إلى الله فتقبله وكان مخزوناً إلى تلك الحادثة، وقيل هو كبش أقرن رُعي في الجنة أربعين عاماً، وقيل كان بجوار إبراهيم، وقيل كان تيساً وقيل وعلاً وقيل غير ذلك، وأصبحت الأضحية سُنّة باقية إلى يوم الدين.

قصة ابراهيم وابنه اسماعيل وزوجتيه

شب إسماعيل عليه السلام وذاع صيته بين العرب، وتزوج من نسائهم امرأتين، وقد توفيت هاجر في تلك الآونة، وأشار أهل السير إلى أن أول زوجتي إسماعيل هي عمارة بنت سعد بن أسامة بن أكيل العماليقي، وعندما أراد إبراهيم أن يزور ابنه بعد زواجه منها، لم يجده، فسأل زوجته عنه، فأخبرته بأنه قد خرج ليصطاد لهم، فسألها خليل الله عن عيشهم فشكت إليه سوء أحوالهم.

فرد عليها إبراهيم وأمرها أن تقول لابنه “غيّر عتبة بيتك” بعدما تُقرئه السلام، فلما عاد إسماعيل أخبرته زوجته بما حدث، فقال لها إن ذلك الرجل هو والده وإنه يأمره بأن يطلقها، وقد فعل إسماعيل ما أمره به إبراهيم وطلقها وتزوج بغيرها وهي رعلة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي، وأنجب منها اثني عشر رجلاً وهم: نابتا، قيذر، أذبل، مبشا، مسمعا، ماشي، دما، أذر، طيما، يطور، نبش، وقيذما.

فحضر إبراهيم بعد فترة زمنية إلى بيت ابنه إسماعيل تارة أخرى وسأل زوجته عنه، فأخبرته إنه خرج ليصطاد، فسألها عن أحوالهم، فشكرت الله تعالى ولما سألها عن طعامهم قالت له إن طعامهم هو اللحم، فسألها عن شرابهم، فقالت له الماء، فدعا لهم قائلاً: “اللهم بارك لهم في اللحم والماء”، ثم طلب منها أن تُقريء زوجها السلام وتأمره أن يُثبت عتبة بيته، فعندما عاد إسماعيل إلى منزله أخبرته زوجته بما حدث، فقال لها إن ذلك الرجل هو أبيه ويطلب منه أن يمسك زوجته ولا ينفصل عنها.

النبي ابراهيم وابنه اسماعيل يبنيان الكعبة

بعد مرور فترة زمنية أتى إبراهيم عليه السلام إلى إسماعيل حيث كان في مكان قريب من عين زمزم يُصلح نبلاً، فلما رآه ابنه قام إليه وعانقه، فأخبره إبراهيم إن الله أمره ببناء الكعبة، فقال له إسماعيل: “فاصنع ما أمرك ربك”، قال إبراهيم: “وتعينني؟” قال إسماعيل: “وأعينك”، قال إبراهيم: “فإن اللَّه أمرني أن أبني بيتاً ههنا” وأشار خليل الله إلى مكان مرتفع كالتل.

فبدأ كل منهما الحفر في مكان الكعبة ورفعا القواعد، وأخذ نبي الله إسماعيل ينقل الأحجار ويعطيها لوالده فيبني بها الكعبة وهما يرددان كما جاء في قوله تعالى بسورة البقرة الآيات من 127 وحتى 129: “وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ”.

وعندما ارتفع البناء فأصبح إبراهيم غير قادر على بلوغ أعلاه، وضع له إسماعيل حجراً قام إبراهيم عليه (ولذلك سُمي بمقام إبراهيم) فارتفع فأعانه على استكمال البناء، وكرّم الله عز وجل ذلك الحجر حيث قال تعالى في سورة البقرة الآية 125: “وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ”.

وفاة إسماعيل عليه السلام

بعث الله إسماعيل إلى العماليق، جرهم وقبائل اليمن، وهو ابن أربعين عاماً، ليؤمن به من كتب الله له النجاة ويكفر من كفر، وتوفي وهو ابن مائة وسبع وثلاثين عاماً، ودُفن في الحِجر عند قبر والدته هاجر.

هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكراً لملاحظاتك.

مروة جمال أحمد

بالرغم من أنني خريجة قسم الترجمة الإنجليزية إلا أن ذلك لم يحُل بيني وبين عشق اللغة العربية بكافة معانيها، ولذلك فأنا مروة جمال كاتبة المحتوى بمنصة برو عرب.
زر الذهاب إلى الأعلى