قصص و روايات

ما هي قصة قيس وليلى الحقيقية كاملة

لقد سطّر التاريخ العربي قصة من أجمل قصص الحب وأكثرها هياماً، فكانا قيس وليلى أسطورةً للحب العذري ومثالاً للعشق الأبدي الذي لا ينتهي إلّا بموت العشّاق.

ما هي قصة قيس وليلى كاملة

تدور أحداث القصة في إحدى القبائل العربية ذات العادات والتقاليد الصارمة، حيث تنبع من بين كل هذه الصرامة والأجواء الصحراوية، قصّة حب خلدها التاريخ.

شعلة الحب الأولى بين قيس وليلى

في زمنٍ بعيد تحديداً في فترة الخلافة الأموية، ظهر من بين أهالي نجد في شبه الجزيرة العربية فتىً يُدعى (قيس بن الملوّح)، وقد كان لقيس ابنة عم اسمها (ليلى العامرية) يذهبان معاً كل يوم كعادة أهالي تلك القبيلة لرعي الأغنام والمواشي سوياً، فاشتعلت شرارة الحب في قلوبهم منذ نعومة أظفارهم، وبدأ هذا الحب يكبر معهم كلّما تقدّموا في العمر، إلى أن أصبحت ليلى صبيّة في عمر البلوغ، ووجب عليها التزام المنزل وعدم مخالطة الرجال إلى حين زواجها، وكانت هذه هي عادة العرب في ذلك الوقت، وامتنع قيس عن رؤية محبوبته.

مشاعر الشوق بين قيس وليلى

كان من الصعب على هذا العاشق الولهان تقبّل غياب حبيبته عنه بعد أن اعتاد رؤيتها كل يوم و تبادُل أحاديث الحب والغرام معها، فبدأ الشوق يحرق فؤاده و أخذ ينظم أبياتاً من الشعر يترجم بها أشواقه ومشاعر الحنين لرؤية ليلى، و قد كانت هذه الأبيات من أجمل أبيات الشعر العربي، فانتشرت قصة حب قيس وليلى بين أهالي القبيلة، وأصبح حبهم مُعلناً بين الناس، في هذه الأثناء قرر قيس الذهاب لخطبة ليلى من عمه بعد أن جمع مهراً يليقُ بها، وهو خمسين ناقة حمراء، فذهب قيس ووالده وطلبا يد ليلى من والدها.

رفض والد ليلى زواجها من قيس

كانت المفاجأة الغير مُتوقّعة بالنسبة لقيس هي رفض عمّه زواجه من ليلى، كيف يمكن لهذا أن يحدث وهو مَنْ لا يتخيّل حياته دونها!، حاولوا كثيراً إقناع والدها بقبول هذا الزواج، لكن عرضهم هذا قوبل بالرفض القطعي، وذكر والد ليلى أسبابه المُتعلّقة بتجاوز قيس لحدود الاحترام ونَشَر قصة حبه بين الناس، وكانت العادات في تلك القبيلة أنه لا يمكن لاثنين ذاع صيت حبهما بين الناس أن يتزوجا، فيكون هذا عارٌ لأهل الفتاة وفضيحةٌ كبرى لا يمكن نسيانها، لذلك كان القرار حاسم رغم كل المحاولات، و لبِسَ العشّاق ثوب الفراق منذ ذلك الحين.

زواج ليلى من ورد الثقفي

قرر والد ليلى تزويجها على الفور علّه يستطيع بذلك إنهاء تلك القصة وإطفاء نيران الحب المشتعلة بين ابنته وقيس، وبالفعل عندما تقدّم لخطبتها رجلٌ من الطائف من قبيلة ثقيف يُدعى (ورد)، وقد أطلق عليه العرب هذا الاسم نسبةً لاحمرار بشرته مثل الورود الحمراء، وقدّم لها مهراً كبيراً (عشر إبل وراعيها)، فوافق والد ليلى على تزويجها من ورد على الفور و أجبرها على الموافقة وإلّا سيعذّبها عذاباً لا تستطيع تحمّله، فوافقت ليلى وقلبها يبكي قبل عيناها حزناً على نهاية قصة حبهما و قهراً على فراقها الأبدي لقيس.

جنون قيس

عندما وصل خبر زواج ليلى إلى قيس لم يتقبّل عقله ذلك الخبر، ولم يحتمل قلبه فكرة أن تكون ليلى مع شخصٍ آخر، فخرج إلى الصحاري والبراري هارباً من كل ذكرى قد تجمعه بها في تلك القبيلة، و فقدوا أهله الأمل من عودته إليهم، وكان الناس يرونه بين الحين والآخر يجوب في الأماكن والطرقات، حيناً في بلاد الشام و حيناً في الحجاز و حيناً في نجد، وهو يُردد أبياتاً من الشعر في حب ليلى ويعبّر فيها عن حزنه وشوقه الكبير إليها، فأطلقوا عليه (مجنون ليلى)، هكذا إلى اليوم الذي عثروا فيه على قيس ميتاً بين كومةٍ من الأحجار التي تشبه قسوة القلوب التي فرّقتهم.

موت ليلى

ذلك الحزن والحنين الذي وصل بقيس إلى الجنون، زرع في قلب ليلى المرض والعلّة وانتهى حالها بالموت قهراً على فراق رفيق طفولتها و محبوب أيامها.

هل قصة قيس وليلى حقيقية؟

لقد أثارت هذه القصة الكثير من التساؤلات حول صحّتها أم أنها مجرد خيال، وهنا نخبرك عزيزي أن أغلب المصادر التاريخية أكّدت أن هذه القصة حقيقية ولا يمكن أن نشك فيها كما أوضح الدكتور (محمد عليوة)، ولكن الشك هو في بعض الأشعار التي نُسبت إلى قيس وفي نفس الوقت نُسبت إلى غيره من الشعراء، و تحدّث الدكتور (محمد عليوة) أيضاً عن رأي الدكتور (طه حسين) في أن هذه القصة خيالية و مصطنعة، و أخبرنا أن هذا الرأي خاطئ و أن المصادر لم تُثبت صحّته.

أين يقع قبر قيس وليلى؟

يقع قبر قيس بن الملوّح و قبر ليلى العامرية في المملكة العربية السعودية، في مدينة الأفلاج التي عاصمتها الإدارية هي (مدينة ليلى)، تحديداً في قرية (الغيل) خلف جبل (التوباد)، لكن لا يمكن تحديد القبرين على وجه الدقّة من بين آلاف القبور هناك في مقبرة (العامريين).

العبرة من قصة قيس وليلى؟

لقد علّمتنا هذه الكثير من الدروس والعبر منها:

  • أن لا تستسلم في وجه الصعوبات والعقبات التي تقف في طريق حبك.
  • الحب العذري البريء يعيش دائماً في القلوب ولا يمكن نسيانه.
  • التعبير عن الحب بالكتابة أو الفنون الآخرى من الممكن أن يترك أثراً خالداً في النفوس.
  • تعلّمنا القصة دروساً في الوفاء والإخلاص للمحب.

شعر قيس وليلى

تعتبر قصائد قيس بن الملوّح في حب ليلى من أجمل قصائد الحب والحنين في الشعر العربي، إليك بعض هذه القصائد:

قصيدة وزادني كلفاً في الحب أن منعت:

ما بالُ قَلبِكَ يا مَجنونُ قَد خُلِعا،
في حُبِ مَن لا تَرى في نَيلِهِ طَمَعا،
الحُبُّ وَالوُدُّ نِيطا بِالفُؤادِ لَها،
فَأَصبَحا في فُؤادي ثابِتَينِ مَعا،
طوبى لِمَن أَنتِ في الدُنيا قَرينَتُهُ،
لَقَد نَفى اللَهُ عَنهُ الهَمَّ وَالجَزَعا،
بَل ما قَرَأتُ كِتاباً مِنكِ يَبلُغُني،
إِلّا تَرَقرَقَ ماءُ العَينِ أَو دَمَعا،
أَدعو إِلى هَجرِها قَلبي فَيَتبَعُني،
حَتّى إِذا قُلتُ هَذا صادِقٌ نَزَعا،
لا أَستَطيعُ نُزوعاً عَن مَوَدَّتِها،
وَيَصنَعُ الحُبُّ بي فَوقَ الَّذي صَنَعا،
كَم مِن دَنيءٍ لَها قَد كُنتُ أَتبَعُهُ،
وَلَو صَحا القَلبُ عَنها كانَ لي تَبَعا،
وَزادَني كَلَفاً في الحُبِّ أَن مُنِعَت،
أَحَبُّ شَيءٍ إِلى الإِنسانِ ما مُنِعا،
اِقرَ السَلامَ عَلى لَيلى وَحَقَّ لَها،
مِنّي التَحيَّةُ إِنَّ المَوتَ قَد نَزَعا،
أَماتَ أَم هُوَ حَيٌّ في البِلادِ فَقَد،
قَلَّ العَزاءُ وَأَبدى القَلبُ ما جَزِعا.

قصيدة ألا أيُّهَا الشَّيْخُ الَّذِي مَا بِنَا يَرْضَى:

ألا أيُّهَا الشَّيْخُ الَّذِي مَا بِنَا يَرْضَى،
شقيت ولا هنيت في عيشك الغضا،
شقيت كما أشقيتني وتركتني،
أَهيمُ مع الهُلاَّك لا أُطْعَمُ الْغَمْضَا،
أما والذي أبلى بليلى بليتي،
وأصفى لليلى من مودتي المحضا،
لأعطيت في ليلى الرضا من يبيعها،
ولو أكثروا لومي ولو أكثروا القرضا،
فكم ذاكر ليلى يعيش بكربة،
فَيَنْفُضَ قَلْبِي حين يَذْكرُهَا نَفْضَا،
وحق الهوى إني أحس من الهوى،
على كبدي ناراً وفي أعظمي مرضا،
كأنَّ فُؤادِي في مَخالِبِ طَائِرٍ،
إذا ذكرت ليلى يشد به قبضا،
كأن فجاج الأرض حلقة خاتم،
عليَّ فما تَزْدَادُ طُولاً ولاَ عَرْضَا،
وأُغْشَى فَيُحمى لي مِنَ الأرْضِ مَضْجَعِي،
وَأصْرَعُ أحْيَاناً فَألْتَزمُ الأرْضَا،
رَضيتُ بقَتْلي في هَوَاها لأنَّني،
أرَى حُبَّها حَتْماً وَطاعَتَها فَرْضَا،
إذا ذُكِرَتْ لَيْلَى أهِيمُ بِذِكْرِهَا،
وكانت مُنى نفسي وكنت لها أرضى،
وأن رمت صبراً أو سلواً بغيرها،
رأيت جميع النّاس من دونها بعضا.

سمر درويش

كان قلمي هو صديقي الذي يشاركني كل لحظاتي منذ طفولتي ويشجعني لقول كل ما يجول في خاطري من أفكار يمنعني خجلي من قولها، أنا سمر درويش من سوريا خريجة كلية الآداب قسم اللغة العربية.
زر الذهاب إلى الأعلى