ما هي كفالة اليتيم في الإسلام وشروطها وفضلها

تفتح كفالة اليتيم باباً واسعاً للأجر والبركة في الدنيا والآخرة فهي من أعظم القُربات التي يحبها الله، فما هو فضلها؟ وشروطها في الإسلام؟

ما معنى كفالة اليتيم في الإسلام؟

تعني كفالة الأيتام أن يتولى شخص أو جهة مسؤولية رعاية الطفل الذي فقد أحد والديه أو كليهما وتلبية احتياجاته الأساسية من الغذاء والملبس والتعليم والحماية، ولا تقتصر الكفالة على الجوانب المادية فقط بل تشمل الجوانب العاطفية والنفسية أيضاً، حيث يسعى الكافل إلى تقديم الدعم في بيئة أُسرية أخلاقية ودافئة لليتيم.

ما هي شروط كفالة اليتيم في الإسلام؟

حث الإسلام على كفالة الأيتام وأشار إلى فضلها في الدارين، فهي من أرقى الأعمال الإنسانية ومن الأمور المحببة في الدين الإسلامي، ولذلك وُضِع لها عدة شروط وهي:

  • النية الصادقة: يجب أن تكون نية الكافل خالصة لوجه الله، بعيدة عن الرياء أو تحقيق مصالح شخصية.
  • العدالة والمساواة: إذا كان الكافل لديه أبناء، يجب عليه معاملة اليتيم بنفس المعاملة التي يعامل بها أبناءه دون تمييز.
  • عدم نَسب اليتيم للكافل: لا يجوز أن يُنسب اليتيم إلى الكافل من حيث النسَب أو الوراثة، بل يجب المحافظة على نسبه الأصلي.
  • توفير التربية الصالحة: من الضروري تربية اليتيم على القيم الإسلامية والأخلاق الفاضلة، وتوجيهه نحو الطريق الصحيح في الحياة.
  • الالتزام بتوفير الاحتياجات الأساسية: يجب على الكافل أن يضمن توفير كافة احتياجات اليتيم من مأكل وملبس ومسكن وتعليم.
  • إطعامه والإنفاق عليه من مال حلال واجتناب الحرام وشبهته.

ما الفرق بين كفالة اليتيم والتبني؟

أوضح الإسلام معنى التبَني المُتعارف عليه حالياً في المجتمع على أن الطفل المُتبنى يُنسب إلى أهله الذين تبنوه ويطعمونه ويصرفون عليه من مالهم كأنه من الأبناء الشرعيين، حيث يُسمى على اسم الأب (الكافِل) مما يُسبب إلغاء لوجود الأب الحقيقي للطفل معلوم النسَب وينتُج عنه فيما بَعد اختلاط أنساب، بالإضافة إلى أن الطفل المُتبنى يُعد شخصاً غريباً على أهل الكافِل وزوجته وبناته، وهو أجنَبي عنهم فلا يجوز مُعاملته كالأخ أو الابن الحَقيقي من حيث الضرورات والمحظورات، وهذا لا يجوز شرعاً ومُحرم في الإسلام ولذلك تم استبداله بمفهوم (كفالة الأيتام)، قال الله تعالى: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ)، أما كفالة الأيتام فقد ذكرها الله في القرآن ورغَبها وأوضح أنه عندما يبلغ اليتيم الحُلُم يجب أن تحجب عنه نساء وبنات الكافل ويفصلون عنه، وهنا يخرج من كونه يتيم ويصبح رجلاً مُكلفاً كما ورد في القرآن الكريم: (حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ).

ما هي أنواع كفالة اليتيم؟

تنقسم كفالة الأيتام إلى نوعين رئيسيين:

  • النوع الأول: أن يضم الكافل اليتيم إلى أسرته فيصبح جزءاً منها ويُعامل كأحد أبنائها، وفي هذا النوع يتكفل الكافل بتربية اليتيم والإنفاق عليه حتى يصل إلى سن البلوغ مما يجعله أحد أرقى أشكال الكفالة، حيث يُعامل الكافل اليتيم بنفس المحبة والرعاية التي يقدمها لأبنائه ويحرص على توفير كل ما يحتاجه لينمو في بيئة أسرية صحية.
  • النوع الثاني: يتمثل في تقديم الكفالة دون ضم اليتيم إلى الأسرة، وفي هذه الحالة يتبرع الشخص بمبلغ مالي محدد لمؤسسة مختصة برعاية الأيتام سواء كانت جمعية خيرية أو حتى تقديم الدعم لليتيم وهو مع والدته، يُعتبر هذا النوع أقل درجة من الكفالة المباشرة لكن يبقى له دوره الكبير في رعاية اليتيم وضمان توفير احتياجاته، ويشترط أن يكون المبلغ المقدم كافياً لتغطية احتياجات اليتيم ليُعتبر الشخص كافلاً بشكل فعلي.

وقد يكون الكافل من أقارب اليتيم مثل الأجداد أو الأعمام أو شخصاً لا تربطهم صلة قرابة، والجميع يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة)، مما يدل على عظمة الأجر الذي يناله الكافل سواء كان يقدِم من ماله الشخصي أو كان يتولى مسؤولية إدارة أموال اليتيم بشكل شرعي.

ما هو أجر كفالة اليتيم؟

ذكر القرآن الكريم فضل كفالة الأيتام وجعلها من أعظم أوجه البر والإحسان، حيث قال الله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)، وفي آية أخرى دعا الله إلى الرفق باليتيم وأمر بعدم قهره فقال: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ)، كما جعل الله سبحانه وتعالى كفالة الأيتام سبباً من أسباب النجاة من أهوال يوم القيامة، إذ قال تعالى: (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ)، إضافة إلى ذلك ينال كافل اليتيم البركة في حياته وزيادة في رزقه.

وقد شجع النبي صلى الله عليه وسلم على كفالة يتيم واحد أو أكثر بشرط حُسن المَعشر والتربية فقال في الحديث الشريف: (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ)، وأشار بالسبابة والوسطى، مما يدل على القرب الشديد لكافل اليتيم من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة، وهذا يُعتبر تكريماً كبيراً لكافل اليتيم على هذا العمل العظيم، ولم يقتصر فضل الكفالة على ما تم ذكره فهناك الكثير من الأفضال لهذا العمل أبرزها:

  • الرأفة بأبناء مَن مات من المسلمين والإحسان إليهم وقضاء حوائجهم.
  • الأجر المضاعف إذا كان اليتيم من الأقارب، فيحصل على أجر الصدقة وأجر القرابة.
  • الدلالة على الاتِسام بالطيبة، والتعامل بأصل الفطرة السليمة.
  • نشر الأُلفة والمودة بين أفراد المجتمع المسلم، والبعد عن الحقد والكراهية.

في أي سن ينتهي أجر كفالة اليتيم؟

تستمر كفالة الأيتام تحت رعاية الأسرة التي تكفله حتى يتمكن من الاعتماد على نفسه أو يصبح قادراً على الاستغناء عنهم، وهذا يتحقق عند إنهاء مرحلة التعليم والحصول على وظيفة أما البنت المكفولة فتستمر الكفالة حتى زواجها وقد قال الله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ)، وتظل الكفالة قائمة حتى يصل اليتيم إلى سن البلوغ تقريباً عند سن الثامنة عشر، وبعد ذلك إذا كان محتاجاً أو فقيراً يُمنح من المال على سبيل الصدقة وليس الكفالة.

الجدير بالذكر أن كفالة اليتيم ليست مجرد واجب إنساني وإسلامي بل هي فرصة عظيمة لنيل الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى، فهي عمل نبيل يساهم في تقوية المجتمع وتحقيق التكافل الاجتماعي، فمن خلال هذه الكفالة ننقذ حياة طفل ونوفر له فرصة للنمو في بيئة آمنة ومستقرة تُمكِنه من تجاوز محنة اليُتم ليصبح فرداً نافعاً لنفسه ولمجتمعه.

جيهان جهاد محمد

أنا طَير حُر طَليق في رِحاب الحياة يبحَث عن المَعنى والحِكمة والحُب والصَبر وكُلها معاني تتجلى في الكِتابة والعلم والمعرفة، فهُم أسلِحة مَن لا سلاح له، أنا چيهان جهاد من مَصر، أُحب التعلُم وتوصيل رِسالتي لِمن يقرأ.
زر الذهاب إلى الأعلى