كيفية الاغتسال من الجنابة للرجال والنساء بطريقة صحيحة

لأن الدين الإسلامي هو دين الطهارة والنظافة، فإنه على المسلم أن يتعرف على كيفية الاغتسال لرفع الحدث الأكبر، فتكون له القدرة على أداء عباداته اليومية.

كيفية الاغتسال من الجنابة

يقول الله عز وجل في الآية السادسة من سورة المائدة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”.

فالاغتسال من الجنابة فريضة على كل مسلم ومسلمة مع الحرص على القيام به على نحو صحيح، إذ أن الغُسل نوعان، أولهما الغُسل الواجب وهو عبارة عن تعميم الماء على سائر الجسد بعد أن ينوي المسلم الاغتسال من الجنابة، فالغسل الواجب يرفع الحدث، والنوع الثاني هو الغُسل الكامل وهو يجمع بين الواجب والمُستحب في الاغتسال، إذ تكون خطواته بالترتيب كما يلي:

1- النية

يجب على المسلم أن ينوي قلباً بالتطهر من الجنابة، دون أن يتفوه بما نوى لرواية عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في صحيح البخاري عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: “إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى”.

2- التسمية

استناداً إلى ما جاء في “موقع إسلام ويب” (المتخصص في الفتاوى الدينية) فإن التسمية قبل الغُسل مستحبة وليست واجبة، لقول ابن قدامة (الفقيه الإسلامي): “فأما التسمية فحكمها حكم التسمية في الوضوء على ما مضى، بل حكمها في الجنابة أخف؛ لأن حديث التسمية إنما تناول بصريحه الوضوء لا غير”، فالأولى بالمسلم أن يسمي فيقول: “بسم الله الرحمن الرحيم” خارج المرحاض قبل أن يغتسل، أما إن دخل المرحاض، فالأرجح ألا يُسمي لما في ذلك من كراهة.

3- غسل اليدين

يبدأ المسلم الاغتسال بغسل كفيه ثلاث مرات جيداً، مع الحرص على وصول الماء إلى كافة أجزائهما وبين الأصابع.

4- الاستنجاء

روت عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها): “كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُجنِبُ، فيوضَعُ له الإناءُ فيه الماءُ، فيُفرِغُ على يَدَيْه، فيَغسِلُهما قَبلَ أنْ يُدخِلَهما في الماءِ، ثم يُدخِلُ يَدَه اليُمنى في الإناءِ، فيُفرِغُ بها على يَدِه اليُسرى، فيَغسِلُ فَرجَه، ثم يُمَضمِضُ، ويَستَنشِقُ ثَلاثاً، ويَغسِلُ وَجهَه وذِراعَيْه، ثم يَغرِفُ ثَلاثَ غَرَفاتٍ، فيَصُبُّها على رَأْسِه، ثم يَغتسِلُ”.

وعليه فإنه على المسلم أن يقوم بالاستنجاء (غسل الفرج وما حوله) وإزالة الأذى باليد اليسرى، وإن نسي واغتسل بدون استنجاء، فعليه القيام به ثم الوضوء مجدداً بعد الاغتسال.

5- الوضوء

بعد قيام المسلم بالاستنجاء، عليه أن يتوضأ وضوءه للصلاة، لرواية عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) في صحيح الترمذي: “كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا أرادَ أن يغتَسلَ منَ الجَنابةِ بدأَ فغسلَ يديهِ قبلَ أن يُدْخِلَهما الإناءَ، ثمَّ غسلَ فرجَهُ، ويتوضَّأُ وضوءَهُ للصَّلاةِ، ثمَّ يَشرِّبُ شعرَهُ الماءَ، ثمَّ يُحثي على رأسِهِ ثلاثَ حثياتٍ”.

6- غسل الرأس

حيث يملأ المسلم كفيه بالماء ويغسل به رأسه ثلاث مرات، بحيث يصل الماء إلى كافة أصول الشعر وليس فقط جعل الرأس مبتلاً.

7- إفاضة الماء على الجسم بالكامل

لكي تتحقق طهارة المسلم عليه أن يفيض بالماء على الجسد بالكامل، فهذا هو الركن الأساسي في الاغتسال من الجنابة، على أن يبدأ بالشق الأيمن من الجسم، فيقوم بتدليكه بيده، ثم ينتقل إلى الشق الأيسر لقول عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) في صحيح البخاري: “كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ، في تَنَعُّلِهِ، وتَرَجُّلِهِ، وطُهُورِهِ، وفي شَأْنِهِ كُلِّهِ”.

8- غسل القدمين

الخطوة الأخيرة في الاغتسال من الجنابة أن يقوم المسلم بغسل قدميه إلى الكعبين، وبذلك يكون قد أتم الغسل، قال ابن قدامة (الفقيه الإسلامي) في الاغتسال الكامل من الجنابة:

“الكامل يأتي فيه بعشرة أشياء: النية، والتسمية، وغسل يديه ثلاثا، وغسل ما به من أذى، والوضوء، ويحثي على رأسه ثلاثاً يروي بها أصول الشعر، ويفيض الماء على سائر جسده، ويبدأ بشقه الأيمن ويدلك بدنه بيده، وينتقل من موضع غسله فيغسل قديمه، ويستحب أن يخلل أصول شعر رأسه ولحيته بماء قبل إفاضته عليه”.

الاغتسال من الجنابة للنساء

روت أم سلمة أم المؤمنين (رضي الله عنها) في صحيح مسلم: “قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي امْرَأَةٌ أشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي فأنْقُضُهُ لِغُسْلِ الجَنَابَةِ؟ قالَ: لَا، إنَّما يَكْفِيكِ أنْ تَحْثِي علَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ المَاءَ فَتَطْهُرِينَ”.

لكي تغتسل المرأة من الجنابة الغسل الواجب، عليها أن تفيض الماء على جسدها بالكامل بعدما تصب الماء على رأسها ثلاثاً كي يصل إلى كافة منابت الشعر بدون أن تحل ضفائره إن وُجدت، وذلك استناداً لما أتى بموقع “الإمام ابن باز” (المتخصص في الأحكام الدينية).

أما الغُسل الكامل للمرأة هو أن تبدأ بغسل ما يظهر من الفرج، ثم تتوضأ كما تفعل للصلاة، ثم تغسل رأسها بالماء، وإن كان شعرها مُضفر، لا يجب عليها فك الضفائر إن كانت مرتخية تسمح بوصول الماء إلى منابت الشعر، ثم تغسل الجسم كله بالماء، مبتدئة بالجانب الأيمن ثم الأيسر، ثم تغسل قدميها.

حكم الاغتسال في رمضان

روت عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها): “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كان يُصبِحُ جُنُباً في رمضانَ من أهلِه، ثمَّ يَغتَسلُ، ويصومُ”، وعليه فإنه يجوز للمسلم الصوم على جنابة والاغتسال بعد الفجر، ولكن الأولى عدم تأخير الغسل لكي يؤدي صلاة الفجر في وقتها قبل طلوع الشمس.

كيفية التيمم للجنابة

التيمم هو أن يضرب المسلم التراب الطاهر ضربة واحدة بيديه الاثنتين ثم يمسح بهما وجهه وكفيه، ويجوز أن يقوم به عوضاً عن الاغتسال في حالة عدم قدرته على الحصول على ماء (على أن يغتسل عندما يجد ماء فيما بعد) أو لإصابته بمرض يمنعه من استخدامه.

لقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في رواية عمران بن الحصين: “يا فلان، ما منعكَ أن تُصلّي مع القومِ؟ قال: يا رسولَ اللهِ، أصابتني جنابةٌ ولا ماءَ؟ قال: عليكَ بالصعيدِ فإنّه يكفيكَ، فلما وجدوا المرأةَ المشركةَ بين مزادتينِ من ماءٍ قال للناسِ: اشربُوا واستقَوا، وأعطى الذي أصابتهُ الجنابةُ إناءً من ماءٍ، فقال: اذهبْ فأفرغهُ عليك”.

الغسل من الجنابة مع وجود جبيرة

حسب ما جاء في موقع “الإمام ابن باز” فإنه يجوز للمسلم الاغتسال مع وجود جبيرة من خلال القيام بخطوات الغُسل على أن يُمسح فقط على الجبيرة برفق كي لا يصل الماء إلى الجرح فيتسبب في تلوثه أو إلحاق الضرر به، إذ يكفي فقط أن يمر الماء عليها، وأما إن كانت الجبيرة ضعيفة يُخشى وصول الماء إلى الجرح من خلالها، فإنه على المسلم أن يتيمم عوضاً عن غسل مكان الجرح أو الإصابة.