لا شيء أسوأ من نظام الأسد على الإطلاق

لا شيء أسوأ من نظام الأسد الذي دمّر سوريا، وجعلها ساحة للدماء والدمار، لا يجد فيها المواطن مكاناً للسلام أو الأمل.

لا شيء أسوأ من نظام الأسد

حين سُحق الوطن تحت بساطير الطغيان، وحين تشققت جدران الذاكرة بصدى الرصاص، لم يبقَ للحقيقة إلا صوت الصراخ المكبوت خلف جدران المعتقلات، والدموع التي جفّت من فرط النزيف، لكن ذلك الزمن ولّى وسقط النظام الذي زرع الموت في كل زاوية، ومع ذلك لا يزال هناك من يتباكى عليه، كأنهم لم يروا الجحيم الذي خلفه وراءه.

لسنواتٍ طويلة حُكمت سوريا بالحديد والنار ليس باسم الوطن وليس لحمايته، بل لتمكين طغمة عائلية لا تؤمن بشيء سوى البقاء، من مذابح الثمانينات إلى حرب الإبادة من سجناء تدمر إلى مسالخ صيدنايا، من مجازر الكيماوي إلى البراميل المتفجرة، سلسلة متصلة من الجرائم التي لا تنتهي.

اليوم وقد انتهى هذا الكابوس لا يزال البعض يحنّ إلى تلك الأيام المظلمة، متناسين أن سوريا لم تكن بلداً بل كانت سجناً مفتوحاً يقتل فيه الإنسان مرتين: مرة برصاصة الجيش اللاسوري، ومرة أخرى حين يخونه من يدّعون الحنين إليه.

آلة القمع التي انهارت

الاستبداد في سوريا لم يكن مجرد هيكل حكم، بل كان نظاماً متكاملاً صُمّم ليحطم أي صوت معارض، وليقمع أي محاولة للتفكير خارج إطار الطاعة العمياء، السجون لم تكن يوماً أماكن إصلاح بل مصانع للموت، غرف تعذيب نُحت فيها الألم على أجساد المعتقلين، وارتُكبت فيها كل الجرائم الممكنة، الجوع، الفقر، التشريد، والنهب، كلها كانت أدوات في يد الطاغية.

لكن الشعب لم يستسلم وقد انتهى هذا الاستبداد، ولكن اليوم هناك من يحنّ إليه وكأنهم لا يدركون حجم الخراب الذي زرعه، لقد جعل النظام السوري الفقر عقيدة، والتبعية ديناً، والخوف قانوناً، ومن لا يزال يتحسر عليه، فإنه يحنُّ إلى العبودية لا إلى الاستقرار.

أولئك الذين يتباكون على النظام ويصورون سوريا كأنها كانت جنة قبل زواله، فإنهم إما أغبياء لا يفقهون ما يقولون، أو متواطئون معه، أو عبيد له، هؤلاء لم يفهموا أن ما حدث في سوريا لم يكن كارثة طبيعية، بل نتيجة طبيعية لاستبداد طال أمده، إن الحنين إلى القمع هو مرض نفسي خطير، سببه العجز عن تخيل الحرية.

وأولئك الذين يرددون أن الأوضاع كانت أفضل تحت حكم الطاغية هم أنفسهم الذين اعتادوا الانحناء أمام الحذاء العسكري، والعيش على فتات الطغاة، وكانت فئة منهم مستفيدة من هذا الوضع، حيث وجدوا في النظام القمعي مصلحتهم الشخصية، فاستمروا في دعمه للحفاظ على امتيازاتهم الخاصة، دون أن يدركوا أن ذلك على حساب مبادئ الحرية والعدالة.

لا عودة إلى الظلام فلقد انتهى زمن الصمت ولم يعد مقبولاً أن يساوي أحد بين الثورة والنظام، أو أن يحاول أحد تلميع الطغيان بحجة الفوضى التي تلته، لا شيء أسوأ من نظام الأسد، وقد أصبح من الماضي، ومن يحنّ إليه أو يظن إمكانية التعايش مع إرثه، فهو يطعن في تضحيات الأحرار، ويتنكر لحقّ الوطن في الكرامة.

إن الثورة لم تكن مجرد رد فعل بل كانت قدراً لا مفر منه وحين يشرق نور الحرية تتهاوى عروش الطغاة، لأن الأرض التي أنجبت الأبطال لا يمكن أن ترضخ للعبودية مجدداً، وسوريا التي تحررت بدماء أبنائها لن تعود أبداً إلى قيود الاستبداد.

هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكراً لملاحظاتك.

حسيب أورفه لي

مؤسس ومدير المحتوى النصي والمرئي في موقع برو عرب وخبير في مجال الويب وساهمت في تطوير وتنمية العديد من المواقع الإلكترونية وأعمل بجد لتقديم محتوى ذو جودة عالية ومعلومات قيمة للقارئ العربي.
زر الذهاب إلى الأعلى