من هو مازن الحمادة الناشط الذي ضحى بحياته لفضح سجون الأسد

هل لك سر عند الله لكي يهتف بـ اسمك الآلاف؟ شهيد الحق وشهيد الثورة السورية، الذي أحدث موته ضجة في الشارع السوري، مازن الحمادة، إليك قصته بشكل مفصّل.

من هو مازن الحمادة؟

هو شابٌ سوري من مدينة دير الزور تولد عام 1977م، وقد تخرّج من معهد النفط، وسطع اسمه في الآونة الأخيرة بعد الأحداث السورية الفاصلة، ورغم أنه كان أحد الناشطين السوريين الأوائل الذين سعوا بكل جهودهم لفضح ما يحدث في السجون السورية إلا أن قصته ألهمت الكثير وأشعلت في قلوبهم نيراناً لن تخمد مهما مر عليها من الزمن.

شارك مازن الحمادة في المظاهرات التي انتشرت في سوريا منذ بداية الانتفاضة الأولى، وكان ممن يطمحون لإعلاء صوت الحق ضد القمع والتسلط.

ولكن مصير هذا الشاب كان مشابهاً لمصير الكثير، إذ تم اعتقاله في خضم تلك المظاهرات عام 2011 لمدة خمسة عشر يوماً في فرع أمن الدولة، ثم أُعيد اعتقاله بعد عدة شهور من قبل فرع الأمن العسكري في مدينة دير الزور السورية، تبعها نقله إلى فرع الأمن العسكري في دمشق.

ثم تم إطلاق سراحه عندما تم إصدار عفو عام، إلى أن تم اعتقاله مجدداً سنة 2012 وبقي في السجون لمدة أطول مما سبق، تعدت السنة وسبعة أشهر حتى إطلاق سراحه سنة 2013م.

سبب اعتقال مازن الحمادة

كان مازن قبل اعتقاله لآخر مرة، يجلس في مقهى في حي (الساروجة) في دمشق، ومعه علبة من حليب الأطفال، إذ كان على موعد مع طبيبة من مدينة درعا وأراد توصيل الحليب لها وبدورها عليها أن تنقله إلى مدينة (داريا) في دمشق حيث تسكن.

إلى أن وقع في قبضة الأمن هو وأولاد خالته في المقهى، وأخذه لفرع المخابرات الجوية في مطار المزة، ووضعه في مبنى (الدراسات) لفترة من الزمن دون تحقيق إلى أن تم وضعه ضمن زنازين لا يتعدى طولها متراً واحداً وعرضها كذلك الأمر، وكان يقبع داخل تلك الزنزانة مع أحد عشر شخصاً آخر.

السجون السورية علامة فارقة في حياة مازن الحمادة

بعد أن تم إطلاق سراح مازن، عَزم الأمر على الخروج من سوريا، نظراً لكون بلاد الياسمين يحكمها شيطانٌ لا يمتّ للإنسانية بصلة، مما يجعل فكرة تواجدك فيها مهددٌ بالانقراض!!.

وعليه لجأ مازن إلى هولندا وهو يحمل في جعبته جملة من القصص المؤثرة لما كان يُقاسيه في السجون السورية، بدأ مازن حديثه منذ لحظة التحقيق معه في مطار المزة فرع المخابرات الجوية!.

يقول مازن: تم إغلاق عيني من أجل تحويلي للتحقيق، ثم وصلت إلى غرفة لم أدرك جدرانها وركعت على ركبتي ثم بدأ سيل الأسئلة يقع علي.

  • ما اسمك؟ -مازن الحمادة.
  • ما الذي كنت تفعله في المظاهرات؟ -كنت أطالب بدولة ديمقراطية مدنية وأقوم بتصوير المظاهرات السلمية.

فـ قطب المحقق بحاجبيه وتمتم بالرفض، تبعه أمره لمازن بأن يعترف بشيءٍ آخر يرضي نزعة المحقق التسلطية.

  • وسأل مازن: ما نوع السلاح الذي كان بحوزتك؟ أجاب مازن بقوة: كاميرا تصوير!!!.

فما كانت عاقبة مازن على اعترافه الصريح الذي لم يُرضي غرور المحقق؟

للأسف، تم أخذ مازن وتعذيبه بدايةً عن طريق تكسير ضلوع صدره ويقول مازن أنه كان يسمع صوت طقطقة الأضلاع في كل ضربة كان يتلقاها!.

أما عن بقية تفاصيل التعذيب فإنني أتحفظ عن ذكرها لكونها شديدة الإيلام عند تفصيلها بشكلٍ واضح للقارئ، لكن يكفيني قول أن أقل أسلوب تعذيب كان الاغتصاب بواسطة (خوازيق) ومحاولة لتشويه الأعضاء الذكورية!!.

عدا عن الضرب بأشنع الطرق وأفظعها، لذا وبعد فضحه لما يحدث في السجون السورية بما في ذلك أمام محكمة العدل الأوروبية في (لاهاي)، كان النظام يتحضّر لاصطياده من جديد والقضاء عليه هذه المرة، خاصةً وبعد عرض عدة مقابلات مع مازن كناشط سياسي في المنفى مما دفع بالنظام وذلك بحسب بعض المصادر والتي تم تأكيدها من قبل عائلة مازن، أن عدة أشخاص من السفارة السورية ممن يوالون حكم الأسد قد قاموا باستدراجه لسوريا وإعطائه الأمان والتأكيد على حفظ سلامته، وتهديده بقتل عائلته ما لم يعد، لذا رضخ مازن وعاد إلى سوريا وعند وصوله تم اعتقاله مباشرةً عام 2020.

مصير مازن الحمادة بعد سقوط الحكم

بعدما تم الكشف عن ويلات السجون السورية، وُجدت جثة مازن ضمن مسلخ سيء السمعة، ألا وهو سجن صيدنايا حيث تم تعذيبه بأبشع الطرق لدرجة تشويه وجهه وكسر أنفه، علاوة على ذلك فقد بيّن الطبيب الذي قام بفحص جثة مازن عن وجود كسور وكدمات وحروق في جسد مازن كما وضح أنه قد تم قتله قبل أيام قليلة من سقوط الحكم!!.

وبهذا تنتهي قصة بطل من أبطال الثورة السورية، رغم أن الأمر لا يقف عند مازن فحسب، لأن آلاف المعتقلين قد قضوا نحبهم داخل تلك السجون، وعندما وُجدت جثة مازن تبين أن هناك العديد من الجثث منها ما هو مقطوع الرأس ومنها ما هو مشوّه بالكامل وآخرون هم عبارة عن عظام فحسب!!.

وتم تشييع جثمان الشهيد البطل إلى مثواه الأخير مع نحيب وصراخ الكثيرون ممن ألهمتهم قصة مازن الذي حاول أن يفضح ما في السجون لكي ينقذ ما تبقى من المعتقلين إلا أن النظام المخلوع قد أفسد مخططاته وقضى عليه ببساطة، ليكون رقماً بجانب آلاف الأرقام للموتى والمعتقلين والشهداء ممن قضوا نحبهم في ظل الحكم الديكتاتوري السوري الذي كان سائداً.

قصة مازن الحمادة بالفيديو كاملة

قصة الشهيد مازن الحمادة عبر قناة “Syrian Emergency Task Force” على اليوتيوب، وهي قناة تهدف لوضع حد للفظائع المرتكبة بحق المدنيين في سوريا:

فريال محمود لولك

الكتابة هي السبيل للنجاة من عالمٍ يسوده الظلام، ننقل بها سيل المعلومات لتوسيع مدارك القارئ المعرفية، أنا فريال محمود لولك، من سوريا، خريجة كلية التربية اختصاص معلم صف، وكاتبة منذ نعومة أظفاري، من وحي المعاناة وجدت في الكتابة خلاصي، ورأيت بها نور الله الآمر بالعلم والمعرفة، فاقرأ باسم ربك الذي خلق. فإن القراءة هي الطهارة لعقلك من كل جهل.
زر الذهاب إلى الأعلى