ماهو التخبيب وما هو إثمه ومعلومات شاملة عنه
إثم عظيم يقع فيه الكثيرون دون وعي بنتائجه، إذ تبدأ المرأة في أن تُخبب الزوج على زوجته ويسعى الرجل في تخبيب الزوجة على زوجها، فما هو التخبيب؟
ماهو التخبيب؟
حسب ما جاء في موقع إسلام ويب (المتخصص في الفقه والفتاوى الإسلامية) فإن التخبيب هو إفساد الزوجة على زوجها، وكذلك إفساد الزوج على زوجته بشتى الطرق، وقد نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، فما بالكم بمن يسعى في التفريق بين الزوجين، سواء من الرجال أو النساء؟
والتخبيب نوعان، النوع الأول هو تخبيب مُعين، بمعنى أن يُخبب الرجل امرأة مُعينة على زوجها، أو تخبيب رجل بعينه على زوجته، والنوع الآخر من التخبيب هو العام، مثال: أن تقول امرأة: “مَن تطيق العيش مع رجل حاد الطباع؟” فهي في تلك الحالة ودون أن تدري أصبحت تُخبب من تُحيط بها من النساء على أزواجهن إن استمعت إليها أي منهن وشعرت بأنها تبغض زوجها لذلك السبب، ولكن النوع الأول هو الأكثر انتشاراً، لذا نتطرق إلى سرد عدة معلومات حوله.
عِظم إثم التخبيب
التخبيب إثم عظيم، إذ ينتج عنه التفرقة بين الزوجين وهو من أفعال السحرة والشياطين لقول الله تعالى في سورة البقرة الآية رقم 102: “وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ”.
ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية جابر بن عبد الله بصحيح مسلم: “إنَّ إبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ علَى الماءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَراياهُ، فأدْناهُمْ منه مَنْزِلَةً أعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: فَعَلْتُ كَذا وكَذا، فيَقولُ: ما صَنَعْتَ شيئاً، قالَ ثُمَّ يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: ما تَرَكْتُهُ حتَّى فَرَّقْتُ بيْنَهُ وبيْنَ امْرَأَتِهِ، قالَ: فيُدْنِيهِ منه ويقولُ: نِعْمَ أنْتَ”.
لذلك يُعد التخبيب إثماً مبيناً، يجب التوقف عن ارتكابه، فقد روى عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ عَبْداً عَلَى سَيِّدِهِ”، ولا يأثم المخبب فقط، وإنما تأثم الزوجة كذلك إن انساقت وراء التخبيب وطلبت الطلاق من زوجها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أيُّما امرأةٍ سأَلَت زوجَها طَلاقاً في غيرِ ما بأسٍ فحَرامٌ عليها رائحةُ الجنَّةِ” والأمر ينطبق على الرجل أيضاً إن طلق زوجته بدون وجه حق اتباعاً لمن قام بتخبيبه سواء من الرجال أو النساء.
كيف يتوب المخبب؟
يقول الله عز وجل في سورة الزمر الآية رقم 53: “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ”، فعلى المخبب أن يتوب إلى الله عز وجل، وينوب إليه ويسأله العفو والغفران، ولكن مع الحرص على رد المظالم إلى أهلها.
فإن كان التخبيب قد تسبب في هجر الزوجة زوجها أو الرجل زوجته، فعلى المخبب أن يُصلح ما أفسد كي يقبل الله توبته، فإن الله عز وجل يقبل التوبة عن عباده، وإن غفر فإنه جل في علاه يُسقط حقه، ولكن لا يُسقط حق من وقع عليه الظلم من العباد، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية أنس بن مالك: “بينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالسٌ إذا رأيناه ضحِك حتَّى بدَتْ ثناياه، فقال له عمرُ: ما أضحَكك يا رسولَ اللهِ بأبي أنت وأمِّي؟ قال: رجلان من أمَّتي جثَيا بين يدَيْ ربِّ العِزَّةِ، فقال أحدُهما: يا ربِّ خُذْ لي مظلمتي من أخي، فقال اللهُ: كيف تصنعُ بأخيك ولم يبقَ من حسناتِه شيءٌ؟ قال: يا ربِّ فليحمِلْ من أوزاري، وفاضَتْ عينا رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالبكاءِ، ثمَّ قال: إنَّ ذلك ليومٌ عظيمٌ يحتاجُ النَّاسُ أن يُحمَلَ عنهم من أوزارِهم”.
وتشمل التوبة أن يبتعد المخبب عن حياة الزوجين كلياً، وألا يتبع خطوات الشيطان التي تُصغّر الذنب في عينه حتى يصل إلى أبواب الكبائر، فالتخبيب قد يبدأ بمراسلة الزوج أو الزوجة والتحدث بصورة تُثير عواطف الطرف الآخر، أو إبداء الاهتمام به، مما يجعله يفكر بصورة سلبية تجاه شريك الحياة الفعلي، فقد قال الله تعالى في سورة النور الآية رقم 21: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”.
حكم الزواج من المخبب
اختلف كبار الفقهاء في حكم الزواج من المخبب، إذ ذهب عدد كبير منهم إلى جواز ذلك النكاح مع الإقرار بإثم التخبيب، أما المذهب المالكي فإنه يرى أن الزواج من المخبب باطلاً، وإن وقع فإنه يجب التفريق بينهما كعقوبة لمعصية التخبيب وجزاء للمخبب على تفريقه بين الزوجين، ولكن الراجح هو ما أقر به جمهور الفقهاء، فيما يعني أنه زواجاً صحيحاً إن اشتمل على الضوابط الشرعية، وأن التخبيب الذي كان سبباً في حدوثه لا يُبطله، وأن إقرار المالكية ببطلان ذلك الزواج هو تعزيز للإثم كي لا يقع فيه المسلمون.
ولكن ليعلم كل منهما أن الزواج الذي يبدأ بمعصية الله عز وجل لا تكون نهايته محمودة، وعليهما التوبة عما اقترفاه من إثم بالغ، والإخلاص لله تعالى والعزم على عدم الوقوع في هذه المعصية مرة أخرى، عسى الله عز وجل أن يتوب عليهما ويغفر لهما.