ما هي الطائفية وكيف استغلها نظام الأسد للبقاء على الكرسي
غالباً ما يسعى كل طاغٍ على استعمال أسلوب (فرّق تسد) ليبقى، وهذا هو السيناريو المبتذل الذي حدث في سوريا، إذاً ما هي الطائفية؟ وهل كانت سلاح الأسد لضمان البقاء؟.
ما هي الطائفية؟
الطائفية هي نوع من الانتماء الديني والاجتماعي لمجموعة معينة أو طائفة ما لديها معتقدات دينية متشكّلة منذ القدم وقد عبّرت آنذاك عن تصوّر طبقي إيديولوجي للفئات المجتمعية المختلفة.
مما يعني أنها نوع من التعصب والانغلاق لفئات ليست بالضرورة عرقية، لأن الطائفة الواحدة قد تجمع أنواع مختلفة من الأفراد باختلاف أوطانهم ولغاتهم وقومياتهم.
والطائفة في اللغة تعني الجزء من الشيء أو الشيء من الكل، وهي مجموعة من الناس يجمعها مذهب أو رأي واحد فقط.
استثمار التيارات الطائفية من أجل سيادة الحكم
بتاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، بدأت الانتفاضات الثورية في الوطن العربي تشتعل، وتسعى لإعلاء صوت الحق دون خنوع، وبينما كانت الأوراق تنفتح وتنكشف على الملأ، والشعوب تثور شيئاً فشيئاً، شغل رأس (بشار الأسد) هذا التفاقم الثورجي والتتابع التأثري لمختلف البلدان.
همممم، دعه يفكر قليلاً، برأيك كيف يمكن لحاكم أن يترك السيادة لحكمه دون أن يطيح أحداً به؟.
أو كيف له أن يضمن حق البقاء دون أن تصيبه شرارة الثورة وتهدد (تبليطه) على الكرسي كما يقال بالعامية؟.
أتذكر سياسة المستعمر الفرنسي الذي يعمل على مبدأ (فرّق تسد)؟؟
هذا هو بالضبط ما سعى بشار الأسد لأن يفعله، لأن أنصاف الحلول هنا لا تفيده، والرد على الثورات بالسلم أيضاً لن يفيده.
إذاً فالحل الأفضل للبقاء في نظر بشار الأسد هو جذب مجموعة معينة كافية إلى صف الحكم السائد من خلال خلق نوع من التوجس والخوف في قلوب الأقلية بأن عقيدتهم ووجودهم مهدد، وأما عن البقية من الوطنيين والقوميين فإنه بالإمكان إقناعهم بأن وطنهم مهدد بالتقسيم والإرهاب وهذا خير اقتراح يمكن له أن يسعف الأمور ويضع الجميع في لُبّ المواجهة.
وبهذا يكون بشار الأسد قد (ضرب عصفورين بحجر واحد) واكتسب وجود قوة دفاعية سقاها وطنيات وقوميات بهدف إثراء روح حب الوطن والتمسك به أكثر والاندفاع لحمايته ولو كلفهم الأمر أرواحهم.
وفي المقابل قد اكتسب صوت الأقلية التي ترغب في بقاءه دون رضا ولكن فقط لكونها خشيت على وجودها من أن ينقرض أو يواجهه أحد، وهذا بالفعل ما حدث!!!…..
اشتعال الحرب الأهلية السورية
في مطلع عام 2011 وفي خضم توتر الأوضاع في الربيع العربي، انتقلت الثورات تدريجياً لتصل إلى (سوريا) وبالتأكيد كان (بشار الأسد) وكما قلنا سابقاً قد حضّر جعبة التحصينات والخطابات والتكتيكات التي يمكن لها أن تقلب الموازين وتصبّ في صالح بقاءه ولو على حساب تفرقة الشعب السوري وتحريضه ضد بعضه.
حيث أن كل شيء لا قيمة له أمام البقاء على عرش السيادة، وهنا لعب بشار الأسد لعبته في إثارة النعرات الطائفية وتوجيه خطابات فحواها أن ما يحدث مؤامرة كونية وليس صوت مطلب حق.
وأن الهدف وراء تلك الثورات هو نوع من التعدي للمس بهيبة الدولة وإثارة المشاكل وتدمير سوريا، وأن أولئك الثوار يرغبون في أن يدحضوا وجود الطائفة العلوية لأنهم (محسوبين على سيادتو)!.
وأنهم أيضاً يستعينون بالفصائل الغربية الأخرى لتحقيق أهدافهم ثم تقسيم سوريا وتدميرها.
رغم أن هذا الأمر لا يمت للحقيقة بصلة، بل إن أصوات الثوريين الهائجة كانت حقيقية ومطالبها صريحة وواضحة، بل كانوا أفراداً عُزّل إلا ما رحم ربي، ولكن للأسف الطمع والجشع وحب البقاء عند بشار الأسد جعله يستعمل هذا الكرت لصالحه!!…
وهنا بدأت النزاعات تعلو شيئاً فشيئاً، بين مصدقٍ لتلك الأقاويل ومكّذب، وقد غاب عن ذهن العامة ممن صدقوا، أن هناك مطالب حقيقية هي لهم قبل كل شيء وهي حق الوجود، حق الحرية، حق الرأي والقول!!.
حتى الحق في العيش بسلام دون التعامل بفوقية أو طائفية من قبل الجميع وليس أحداً دون آخر، ورغم أني أكره استعمال مصطلحات طائفية إلا أنني مجبرة على تحديد الطوائف بتسمياتها لتوضيح الأمور.
لذا سأكمل قولي وأزيد من الشعر بيت بأن أقول، أن (العلوي) نفسه كان يتعرض للتعامل بفوقية، بل وإنهم كانوا (مضروبين بحجر كبير) لأنك ما إن فكرت أن تزور المناطق الساحلية، فإنك ستكتشف أنهم يعانون من الفقر الأعمى، بل إنهم يكرهون فكرة أن ميلشيات (بشار الأسد) تضع يدها على أرزاقهم عنوة، ويكرهون حتى فكرة وجودهم!.
ولكن كيف لهم أن يرفعوا أصواتهم ويقولوا لا للنظام وبشار الأسد سبق له أن أقنعهم أن هذه الحرب ما هي إلا حرب وجود وحرب أرض؟.
حرب تهدد الطائفة العلوية بالأخص!!.
وهنا كان الحل أن يُبقي الشعب الساحلي على روحه حتى وإن كان المقابل أن يعيش دون حريته، والقيد مشدوداً على عنقه، وذلك لكونهم اعتادوا الفقر فلا مشكلة في البقاء على على نفس الوتيرة، واعتادوا الصمت فلا مآل أو فائدة للكلام الذي أيضاً سيهدد وجودهم.
وفي الجانب الآخر، كان الثوار قد تأثروا أيضاً بتلك الفكرة التي عمل بشار الأسد على زرعها، إذ أن التهديد كان قائماً عليهم أيضاً بسبب الصد والرد والتعامل بتفرقة وفوقية جراء بعض الأقلية من النظام الذين كانوا يشوهون صورة القوة العسكرية لسوريا!!.
إذاً نستخلص أن كلا الطرفين (أكلوا المقلب) وكلا الطرفين عانا وتجرعا من المرّ ما يكفي، وقدموا شهداء بقي منهم صوراً على الجدران فقط.
والفائز الوحيد كان بشار الأسد وميليشياته ممن استطاعوا أن يستفيدوا من بقاء هذا النظام حتى يأكلون الأخضر واليابس ويملؤون جيوبهم بكل ما هو من حق الشعب فقط.
حتى قبل سقوط بشار الأسد، بقي على أفعاله وترك البلاد دون حتى أن يصدر قراره بالتنحي، لعله يترك القليل من ماء وجهه ويحفظه، بل إنه أراد الخروج لعل وعسى يصيب البلاد حروباً تشتعل من بعده ليقول آنذاك (هذه هي الحياة من بعدي) ولكني أقولها وبقوة قلب، تبّت يداك بما فعلت، وما تسعى له لأن يحدث حتى بعد هروبك فإنه وبالتأكيد لن يحدث.
لأن الشعب السوري شعبٌ عريق وواعٍ وقد شَبع منك ذلاً ودماً وحروباً لكي تحافظ على مرقدك فوق الكرسي، والشعب السوري الآن بمختلف مكوناته، يشكّل نسيجاً متماسكاً لا يمكن له أن يتفكك، إذ أن نجاح فصائل الثورة السورية بقيادة (أحمد الشرع) أثبت أن الشعب السوري بأكمله كان يرفضك ويطأطئ برأسه لك مخافة ميلشياتك المتوحشة التي كانت تأخذهم إلى حيث لا يعلم بهم أحد.
والشعب السوري سيعود كما كان، بفضل التماسك العقائدي واللحمة الوطنية التي سيسعى جاهداً على أن يساهم بتقويتها أكثر ولا يترك لمحرضي الفتن فرصة لأن يأثروا عليها.
وفي النهاية سورية جميلة بتلّونها ووجود العديد من الطوائف، إنها البلد الذي يحتضن الجميع، والمباركات الآن ستكون للشعب السوري الحر والجيش السوري الحر الذي وصل لهدفه وفهم أن الجميع كان بيد الطاغي عبارة عن حجر دومينو يلعب بهم كما يشاء ويحرضهم على بعضهم البعض ويؤثر على أفكارهم.
ولكننا الآن أكثر يقظة ووعي، وبفضل القيادة الحكيمة الجديدة سنصبح بلداً أفضل بإذن الله، والرحمة لشهداء سوريا الشرفاء والسلام لبلدي ولشعبه الكريم اينما كان.